الجنس ودوائر التوجيه
الثقافة الجنسية، المغريات الجنسية، الجنس الحرام، الضغوط الجنسية، القنوات الإباحية، العلاقة والصداقة بين الجنسين، العادة السرية، كلها مواضيع مهمة بحثها كتاب ( الجنس في حياة الشباب )، للشيخ عبد الله أحمد اليوسف، الذي طبعته أطياف للطباعة والنشر .
وقبل أن أبدأ مقالي، أود القول ـ ولا بأس أن أعتبره دعاية للكتاب ـ : إنه كتاب مهم لكل شاب وشابة، لا لأنه يعالج كل مشاكلهم، فهذه جزئية بسيطة مما يعانيه الشباب، بل لأنه يتحدث معهم بشفافية ووضوح لا تنقصهما العفة والاتزان، ليسلط الضوء على الكثير من الأمور المسكوت عنها كمشكلة فضلا عن علاجها.
في مقال سابق لي أكدت أننا مشغولون عن الشباب وهمومهم بالقضايا العقدية أو الأمور السياسية، وكأنها التحدي القائم أمام الشباب، وقلت : إننا نكتب وكأننا في خوف ووجل على شبابنا، من تحولهم عن العقيدة أو غير ذلك، بينما كلنا يعرف العشرات من الشباب من أبناء منطقته وحارته في متاهات المخدرات والفساد والبطالة وغيرها.
لقد زاد إصرارنا على التسمر في موقع الدفاع عن العقيدة، فرحنا ندلل ونناقش، ونثبت ونفند، ونسينا في الكثير من الأحيان أن من نخاف عليهم من السقوط في البحر راحوا يتهاوون إلى أسفل سافلين في أودية لا دين لها ولا مذهب، ولا حلال أو حرام، بل ولا إنسانية كما في عالم المخدرات والعياذ بالله.
ليس هذا نقدا لما يكتب دفاعا عن العقيدة، بل هو قطع بعدم التناسب بين الخطر المحيط بأبنائنا من هذه الناحية وبين الجهود الجبارة التي نصرفها بعد أن ضخمنا هذا الخطر، فأصبحنا نتحدث ونكتب في واد، والكوارث تداهم شبابنا من مكان آخر، ودعوتي فقط هي أن ينبري إلى جانب ذلك العدد الهائل من المدافعين عن العقيدة، عدد آخر يفوقه كما وكيفا أو يساويه للوقوف مع الشباب في محنهم الحقيقية والضاغطة.
هل يتفق معي الكثيرون مثلا على أن خطر (النت) ومحاذيره على أولادنا أكثر من تحولهم عن عقيدتهم إلى شيء آخر؟ وهل يتفقون معي في أن عصابات الإجرام والمخدرات المتواجدة في كل أحياء بلادنا بنسب مختلفة ترعبنا جميعا وفي كل لحظة أكثر من أي خطر آخر على أولادنا.
لك أيها القارئ الكريم بعض الأرقام والإحصائيات :
أكد مدير عام المختبرات وبنوك الدم بوزارة الصحة الدكتور إبراهيم العمر أن كشف فحوص الزواج فقط وليس كل المواطنين وللعام 1429 هـ ، وفي مدينة الرياض وحدها كشف عن 60 حالة إيدز جديدة ( جريدة عكاظ، الخميس4/6/1430هـ ).
وإحصائية البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز تقول : إن في المملكة 12 ألف مصاب بالإيدز، 86بالمائة منهم أصيبوا نتيجة علاقات غير شرعية، و10بالمائة أصيبوا نتيجة تعاطي المخدرات، و 4 بالمائة مواليد انتقل إليهم الفيروس عن طريق الأم .. الذكور 77 بالمائة وبقية النسبة لنساء انتقل إليهن الفيروس إما عن طريق نقل الدم الملوث أو عن طريق أزواجهن.
وكشفت جريدة المدينة في نفس التاريخ دراسة ميدانية حديثة مفادها ( أن 74بالمائة من متعاطي المخدرات في مجمعات الأمل تعاطوا أول جرعة قبل سن الخامسة عشرة ).
وهناك إحصائية تقول : إن «278 لقيطا تم الإبلاغ عنهم رسميا، طبقا لسجلات الأمن العام ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية لعام 2002م، إلا أن إحصائيات غير رسمية ألمحت إلى أن إجمالي عددهم في العقود الثلاثة الماضية اكثر . في حين أن مسؤولي وزارة الشؤون الاجتماعية أشاروا إلى أن التقديرات الأولية لعدد الأيتام مجهولي النسب الذين تشرف عليهم الوزارة يتراوح بين 12 ـ 17ألف يتيم، فيما سجلت منطقة مكة المكرمة أعلى نسبة في عدد اللقطاء.
وحسب المصادر نفسها كانت النسبة العظمى منهم من ذوي الملامح الأفريقية» (عكاظ 6/5/2009).
فمتى تصبح هذه الهموم جزءا من حياتنا التوجيهية والارشادية ؟ مع كل التقدير لأي جهد آخر.