اسكت فالستر عافية
مازلت أتابع قضية المجاهر، والسخط العارم على فضائية LBC بسبب برنامجها (أحمر بالخط العريض) لقد أغلق مكتبها، وهناك إشاعات عن توقف الإعلانات عنها، ومازلت أتابع تعليقات المواقع الالكترونية على الحدث السيئ، وهي تعتبر ما حصل في برنامج القناة نشرا للغسيل، ودافعا للشماتة على شعب بأكمله ، وإشاعة للفاحشة، وما إلى ذلك من الموال الذي لا ينتهي.
لكني لا أعتقد أن السبب هو أن الفضائية أو الشاب جاهرا بالمعصية بل لأنها مستنا نحن، وتحدثت عن واقع موجود في بعض شبابنا كبقية بقاع الأرض التي لا تخلو من الطالح والفاسد والنطيحة والمتردية.
لست ضد ما حصل للمجاهر وللفضائية، إذ كان لابد من ذلك ردعا للمجاهرة ولكن لم يظهر زعلنا على تلك الفضائية لأنها تنتهك القيم، ولا لأنها تتقصد مجتمعنا ببرامج تخالف أسسه الأخلاقية، ولا لأنها كغيرها في شهر رمضان تبعد المشاهدين عن أجوائهم الرمضانية، بل برزت ردة الفعل هذه لأنها تناولت شيئا من خصوصيتنا (الصمت)، فما دامت المياه على وجه البحر هادئة، فنحن لسنا معنيين بما يتحرك تحت الماء من حيوانات مفترسة.
على ضفاف تلك القضية توقعت أن يكون بحثنا جادا في فضائياتنا وجرائدنا حول رفع مستوى الوعي الحياتي وتعزيز الفهم للأمور، بحيث يصل المجتمع بشبابه وفتياته إلى مستوى أرفع من مستوى السذاجة والبساطة التي يعيشها الواحد منا، فالفتيات يضحك عليهن بكلمة بسيطة والسائح منا يسلب ويعرى بهبالة لا تصدق، والشباب يقعون في مصائد لا يقع فيها حتى الطفل الصغير من بعض الشعوب العربية الأخرى، وآخر ما قرأت هو ما كتبته جريدة الجزيرة السعودية يوم السبت 11/8/2009 عن ((13 سعوديا بجاكرتا وقعوا ضحية سماسرة زواج حيث أكد مسؤول الرعايا السعوديين في السفارة السعودية بجاكرتا خالد العراك لـ(الجزيرة) قائلا: إن حادثة نصب واحتيال وقعت خلال الأيام القليلة المنصرمة لشاب سعودي، حيث كان قد التقى لدى وصوله للمطار بأحد السماسرة طارحاً عليه الزواج من فتيات إندونيسيات وأعطاه كرته الشخصي والذي يحوي كافة وسائل الاتصال، مضيفاً أن الشاب بعد أن حجز الفندق وفي الليلة نفسها اتصل على صاحب الكرت راغباً بالزواج، فحضر السمسار ومعه عدة فتيات حيث اختار إحداهن وبعد أن أجريت مراسيم الزواج وخلا بزوجته، قامت بتخديره لمدة يومين متتاليين وسلب كافة أمواله وبطاقاته وأجهزته الإلكترونية وهواتفه النقالة)).
ما هذه الثقافة؟ ما هذا الوعي؟ ما هذه العقول؟ ما هذا الذكاء والنباهة!!!
وعلى ضفاف تلك القضية توقعت أن ينشغل إعلامنا بفضائياته وصحفه للحديث التوعوي عن ذهاب الفتاة بمفردها إلى المجمعات والمراكز التجارية لا لغرض أو حاجة إلا التمشية، والتنقل من محل لآخر، ليشرح للفتيات بعض المشاكل التي تترصدهن هناك جراء حركة المسعورين من الشباب، وليبث الوعي في أولياء الأمور ليتفهموا ما يجري في تلك المجمعات من مصائب، خصوصا حين يوصل السائق الخاص الفتاة بمفردها، فتدخل المجمع التجاري وتبدو للأعين الراصدة أنها قادمة للتسلية فقط، وسأنقل هنا استبانة أجرتها «الوان الوسط» في 4 من المجمعات التجارية والتي شملت عينة عشوائية في البحرين ((اعتراف 49 في المائة من الفتيات اللاتي طبقت عليهن الاستبانة بأنهن وإلى حد ما تعرضن للمضايقات والمعاكسات، فيما نفت 36 في المائة منهن تعرضهن لمثل هذه المواقف، بينما 15 في المئة ذكرن أنهن يتعرض للمضايقات والمعاكسات دائما)). جريدة الوسط البحرينية،السبت 24 فبراير 2007م.
ربما كان الصمت أيضا هو ما جعلني لا أعثر على استبانة أو جهة رصد في بلدي فلجأت لهذه الدولة الجارة.