أولادنا لا يعيشون فراغا
في مقالي السابق ربما تسرعت وأشرت إلى أن ثقافة العيب التي لا تفارق ذهنيتنا، جعلتنا نتحفظ كثيرا على تعليم أولادنا وبناتنا بعض ما يحتاجون إليه، فأنزلق بعضهم للخطأ بسبب الفراغ الذي تركناه عندهم.
وهنا أعود لأقول ان أولادنا لا يعيشون فراغا في ثقافتهم الجنسية وتصوراتهم عن الكثير من الأمور والمواضيع، فحين حرمناهم الإجابة ونأينا بأنفسنا عن محادثتهم خجلا وحياء، تصورنا أنهم في فراغ صعب وانتظار مقلق لإجاباتنا، لكن الواقع يقول انهم يتلقون الكثير من عروض المساعدة وتقديم الخدمات، الأمر الذي يجعل تصورنا للفراغ عن أولادنا هو تمنيات نعيشها كآباء ومربين.
أصدقاء المدرسة وأصدقاء الحي، وزملاء اللعب قد يملؤون الفراغ الذي توهمناه، هناك من الأولاد المهملين الذين لم يتلقوا قدرا كافيا من التوجيه الديني والأخلاقي، ولم تتوفر لهم الظروف التربوية والعائلية السليمة يلتقون بأولادنا في نقاط عديدة، وهؤلاء لا يتحرجون عن التلفظ بالكلمات المخجلة، ولا يتورعون عن ممارسة التصرفات الجنسية القبيحة، أمام زملائهم وأصدقائهم، ولا يتلكؤون في تقديم دعوتهم لمن يلتقونه للانضمام إليهم.
هؤلاء الرفاق لهم أثر كبير على كل من احتك بهم, وصاحبهم إذا وصلوا إليه بانحرافهم قبل أن يصله أبواه بثقافتهم ووعيهم، فلديهم الوقت الكافي للغواية، وعندهم تحفز كبير للتشجيع والإغراء.
بما تحمله من أفلام ومسلسلات إباحية، ومشاهد دافئة أو كلمات ذات دلالات مثيرة، ويكاد المرء يجزم أن الأفلام والمسلسلات الخالية من هذه المشاهد والكلمات لا تحقق أرباحا لمنتجيها ولذلك يزهدون فيها، ويوفرون ما يطلبه المشاهد ويتمناه.
كل شيء في الفضائيات إلا ما ندر يدفع لإثارة الغرائز، حتى دعايات معجون الأسنان و(بطارية) السيارة، وصولا لمأكولات الأطفال ووسائل لعبهم.
حتى العام الماضي كان عدد المواقع الإباحية على النت أربعة ملايين ومائتي ألف موقع (4200000)، هذا الرقم متداول وكأنه من المسلمات، وعلى فرض المبالغة فإن ربع هذا العدد من المواقع أي (مليون) (1000000) فهو كارثة بمعنى الكلمة، وطامة كبرى تستدعي توجيها جادا وحقيقيا يتقدمه الآباء قبل أي أحد، وتستدعي تواصلا منهم مع أبنائهم يأخذ طابع الوضوح والعفة سعيا وراء حمايتهم.
يقول الدكتور إبراهيم بن حسن الخضير (إنني أعتقد بأنه لو ناقش رجال العلم مع رجال التعليم والتربية تدريس بعض المعلومات الجنسية التي تهم كل جنس (بنين وبنات) بطريقة علمية جدية فربما يكون في ذلك خير من تركهم يتيهون في الظلام بحثاً عن شمعة لتُضيء لهم الطريق في موضوع مهم تتوقف عليه حياتهم..! جريدة الرياض 2/2/2007).
لكني أتصور أنه لا أحد أحق بتربية الأولاد من آبائهم وأمهاتهم، وأعتقد أن البداية هي من المنزل ومن الوالدين تحديدا، إلا إذا كانا غير قادرين.
التوعية الجنسية، وبيان مواطن الخلل فيها كانت مهمة أساسية من مهام نبي الله لوط (عليه السلام)، مما يعني أن الحديث فيها وعنها مهم وضروري خصوصا في مثل الظروف التي نعيشها والتي أشرنا إلى بعض المؤثرات فيها، يقول الله سبحانه وتعالى : ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ﴾.