رسالة الأخ / أبو زهراء (ما شاء الله تبارك الله يعني أنا لست الوحيد)
السلام عليك يا شيخنا الفاضل ورحمة الله وبركاته...
من أكثر من عشر سنوات كنت أحسب نفسي الوحيد المصاب بمرض الوسواس القهري، وبعد زياراتي المتواصلة لموقع سماحة الشيخ الفاضل حسن الصفار تفاجأت بأن هناك الكثيرين المصابين بنفس المرض الذين يسألون الشيخ عن مرضهم من عدة زوايا سواء الشرعية أو التعاملية مع الناس أو غيره وأصبحت متأكدا الآن بأن هناك الكثيرين المصابين الذين لم يفصحو عن مرضهم حتى للقريبين منهم خجلا من كلام الناس.
وأنا أتكلم عن تجربتي مع مرض الوسواس القهري لعلها تفيد وتعين من يسألون أو لمن هم مصابون ويخجلون من الإفصاح لأحد.
فأنا عرفت بأن الوسواس القهري يأتي على عدة أشكال ذكرها بعض الذين سألوا الشيخ، وأنا واحد من المصابين بالوسواس القهري الذي هو مرض ينبغي له علاج سريع ولا يمكن التخلص منه بسهولة أبدا أبدا، فأنا عانيت منه من أكثر من ثلاثة عشر سنة وأنا الآن عمري اثنان وثلاثون سنة ويضحك من لا يعرف قوة سيطرة المرض على المريض حيث أنه بسهولة يقول للمريض لا توسوس وينتهي المرض ولكن الصحيح ليس كذلك فأنا شخصيا أضحك على نفسي من الوسوسة التي تصيبني وأقول لماذا أفعل ذلك وأشعر أنه سهل التخلص منها لكن سرعان ما تعود لي الحالة بعد دقائق عندها أبكي من ألمها وأحس بأن رأسي سينفجر منها، لكني بعد عشر سنوات من المرض قررت الذهاب للمستشفى وذهبت لأحد المستشفيات الكبيرة المعروفة في الخبر فكانت نقطة التحول في حياتي كلها بل عندها بكيت على نفسي وعلى السنوات التي ضيعتها وتكتمت على مرضي ولم أخبر به أحدا ولم أتجرأ للذهاب للطبيب النفسي حيث الحالة العامة عندنا هناك نظرة للذين يراجعون الطبيب النفسي بأنهم مضحكون وأنهم مرضى نفسيون مثل المجانين، عكس الدول الغربية الذين يراجعون الطبيب النفسي حتى في أبسط الأشياء.
فعندما زرت الطبيب النفسي وأخبرته بحالتي ضرب على رأسه مازحا وقال لي لماذا صبرت 13 سنة ولم تراجع الطبيب فقلت له تعرف المجتمع ونظرته المزرية للمرضى النفسيين.
عندها بدأ يسألني عدة أسئلة ثم قال لي هل عندك أشياء مقلقة في حياتك فأخبرته مسرعا أنا أخاف من ركوب الطائرة وأفكر في ذلك دائما فعندها مباشرة عرف سبب إصابتي بالوسواس القهري وأنه بسبب رعبي من ركوب الطائرة عندها أعطاني أدوية لمدة شهر وحبوب أشربه عند ركوبي الطائرة فواظبت على العلاج مدة شهر وخلالها ركبت الطائرة دون خوف، وعندما تخلصت من خوفي من ركوب الطائرة بدأ مرضي من الوسواس القهري يتلاشى شيئا فشيئا حتى انتهى المرض من حياتي وطبعا خلالها تدربت على التخلص من الوسوسة أيضا وقد ذكر الشيخ الصفار لأحد السائلين عن مسألة التدريب للتخلص من المرض.
المهم أنا إلى الآن وأنا أندم كل يوم على تأخري لزيارة الطبيب النفسي وأني ضيعت سنوات كثيرة أعاني من هذا المرض مع أن علاجي كان سهلا ومتوفرا بالقرب مني ولكن الخوف من نظرة المجتمع أخرتني عن علاجي كل هذه السنوات، بل وصرت أنصح غيري بأن يراجعوا الطبيب النفسي كلما أحسوا بالحاجة لذلك ولا يتركون أنفسهم فريسة للمرض في حين أن المرض النفسي كما أخبرني الدكتور يأتي لك فجأة مثل الأنفلونزا لا تعرف السبب الرئيسي لإصابتك به دون غيرك، فلماذا نذهب مسرعين للطبيب عند إصابتنا بالأنفلونزا ونتوانا بل ونتجاهل عند إصابتنا بمرض نفسي الذي هو أخطر وأولى لمراجعة الطبيب لأنه يتطور ويصبح خطيرا، وأنا على يقين بأن هناك كثيرين ممن تتطورت حالاتهم النفسية ووصلت حد الجنون أنا على يقين بأن مثل هذه الحالات لو تداركوها أصحابها من الداية وزاروا الطبيب لتخلصوا منها ولو كانت هناك حالة عامة في المجتمع بأن زيارة الطبيب النفسي ليست عيبا أنا على يقين بأن معظم الحالات المرضية يتم تداركها وعلاجها من وقت مبكر.
في النهاية أشكر سماحة الشيخ حسن الصفار الذي كل سنة يفتح لنا آفاقا وأبوابا جديدة تفيدنا في دنيانا وآخرتنا، وأسال الله أن يحفظه لنا وللمسلمين جميعا بل وللبشرية كلها إن شاء الله.
ولا تنساني يا شيخ من خالص دعائكم وتحية طيبة لكم والشكر الجزيل.