كارثة بمنزل الخال
كم كانت صدمة الأب قاسية حين عرف السبب الحقيقي لبكاء ابنه وتذمره النفسي كلما هم بأخذه إلى منزل خاله ليلعب مع بعض أولاده المتقاربين معه في العمر، لأكثر من 3 سنوات والأب كما الأم لا يلتفتان لشيء سوى الوجوم الذي يرافق الطفل حين عودته للمنزل، وببساطة متناهية يفسرونه بالدلع والعناد وفرض الرأي عليهما ليذهب لأماكن وبيوت أخرى غير آمنة.
هي صفعة على الوجه تلقاها الوالدان حين تيقنا أن التحرش الجنسي كان يطال صغيرهما من أحد أبناء خاله، هناك في المكان الذي تصوراه آمنا وبعيدا عن تصرفات الشوارع، ولكن بعد 3 سنوات حفرت في نفس طفلهما أخاديد وتشوهات تحتاج للعديد من عمليات التجميل
بين يدي الآن دراسة تقول: ((أن ربع الأطفال السعوديين يتعرضون للتحرُّش بكافة أشكاله، وأن أكثر من 70% من المعتدين على هؤلاء الأطفال من المحارم (أب، أخ، عم، خال). كما بينت الدراسة التي أعدها د. علي الزهراني، في رسالته للدكتواره «في سوء معاملة الأطفال والمراهقين» من قسم الطب النفسي بجامعة أدنبرة باسكتلندا، أن 62.1 % رفضوا الإفصاح عن الأشخاص الذين أساءوا إليهم لحساسية العلاقة التي تربطهم بهم، بينما صرح 16.6% منهم أن الأقرباء هم الذين أساءوا لهم جنسيا، بينما قال 4.8 % أن إخوة هم من فعل بهم ذلك، و12.3% أصدقاء و 2.1 % معلمين، بينما تنخفض النسبة إلى 1 % لكل من الآباء والأمهات.
كما أكدت دراسة أخرى أجريت في مركز الرعاية الاجتماعية بالرياض أن 80% من المعتدين على الأطفال من الأقارب، وأن 8 من كل 10 حالات يكون المعتدي شخصا يثق فيه الطفل أو يحبه، فيستغل المعتدي هذه الثقة أو الحب ويغري الطفل للانخراط في ممارسات لا يعرف الطفل حقيقتها وينخدع بها في البداية.إسلام أون لاين 13/ابريل/2009.
لقد قلت في مقالي السابق لا توجد بيئة آمنة لأولادنا 100%، هذا ما يجب أن يدركه الأبوان، وهو أول الطريق لتحصين أولادنا وتحقيق مستويات عليا من السلامة لهم، لأن مجرد التصور لبيئة آمنة يدفع للترهل والاسترخاء والطمأنينة، وهذا لا يبعث على تقديم أي نصيحة أو توصية من الوالدين لصغارهما، كما لا يدفعهما عن السؤال عن أجواء تلك البيئة.
وهل تدفعنا تلك احتمالات الخطر إلى منع أولادنا من التواصل مع الناس؟ أقول: لا يمكننا عزل أولادنا عن الاختلاط بالناس، من أصدقاء وأقارب وجيران، لذلك لا مناص لنا من الحديث معهم وتوعيتهم بمختلف الأخطار المحيطة بهم والتي قد يتعرضون لها وعلى رأسها التحرش، هذا هو التوازن وهذه هي التربية السليمة.
إن الطفولة والبراءة والقابلية للإغراء والخداع وأحيانا التخويف والابتزاز، يجب أن تدفع للمزيد من الانفتاح على الأبناء وتبصيرهم وإن كنا نكره ذلك ونخجل منه ، ونحاول الفرار من كل موقف من هذا النوع نحشر فيه، فللضرورة أحكام وللمشاكل التي طفت على السطح ردود فعل مدروسة وسليمة تنبع من محبتنا لأولادنا وخوفنا عليهم.
ولنقرر حقائق ثلاث: الأولى ليست هناك بيئة آمنة، والثانية أن صمتنا وسكوتنا سيجعل أطفالنا أكثر عرضة للخطر، والثالثة لن يبدأنا أولادنا بالحديث حتى وإن تعرضوا لبعض المشاكل والتحرشات بسبب الخوف والخجل.