في استقبال شهر رمضان
قال الإمام الرضا لأبي الصلت في آخر جمعة من شهر شعبان: «ا أبا الصلت إن شعبان قد مضى أكثره، وهذا آخر جمعة فيه، فتدارك فيما بقي تقصيرك فيما مضى منه»، هذه الرواية وروايات كثيرة جاءت لتهيئة الناس في آخر شعبان لشهر رمضان فلماذا؟
لأنه شهر يكون فيه الإنسان في ضيافة الله تعالى: (شهر دعيتم فيه لضيافة الله). وحينما يدعى الإنسان إلى أن يكون ضيفًا عند شخصية بارزة فإنه يفتخر بهذه الدعوة، وينتظرها بفارغ الصبر، ويهيئ نفسه حتى يكون في أكمل صورة. فإذا كان الداعي هو الله عزّ وجل؟ وهل هناك أعز وأجل من الله تعالى؟ فكيف ستلقاه؟ وكيف ستهيئ نفسك للولوج إلى ضيافته؟
هناك ثلاثة أمور ينبغي أن تُعد لذلك:
أولًا: التهيؤ الروحي. «وأكثر من الدعاء والاستغفار، وتلاوة القرآن» كما أوصى الإمام الرضا .
ثانيًا: التهيؤ النفسي. تؤكد الروايات تطهير النفس من الأحقاد في شهر رمضان، فلماذا؟ ذلك للاقتراب من الله والفوز بضيافته. حينما تريد الاقتراب من شخص ما فإنك تتعطر وتتزين، وتلبس الأجمل، فكيف إذا كنت تريد الاقتراب من الله تعالى؟، الأحقاد والأضغان تعتبر أوساخاً وقاذورات تحمل روائح كريهة نتنة، فعليك بتطهير نفسك منها ولذلك يؤكد الإمام الرضا : (وفي قلبك حقدًا على مؤمن إلا نزعته). الحقد يعرّف بأنه الإبقاء على العداوة في القلب. قد يغضب الإنسان للحظة، ولكن عليه أن ينسى تلك اللحظة وينسى ذلك الغضب، حتى لا يتحول إلى حقد ينتن نفسه.
ومن أسوأ أنواع الأحقاد أن تحمل حقدًا على شخص لأنه يخالفك، كأن تحقد على شخص للباسه، أو شكله، أو فكره، أو انتمائه! لكل شخص اجتهاداته وقناعاته وتوجهاته، فلماذا الحقد؟ وهل يقبل الله هذه الأسباب؟
علينا أن نرفض الأحقاد حتى مع من يخالفنا في الدين أو المذهب، بل علينا هدايتهم، وتغيير انطباعاتهم. الدين لا يسوّغ لنا الحقد والكراهية لاختلاف الناس معنا في الفكر والتوجه. أمير المؤمنين يقول: «الحقد الأم العيوب».
ثالثًا: التهيؤ العملي. إذا أردت أن تحظى بضيافة الله تعالى وقربه، فلا تترك عليك أي حق للآخرين. فهو من أصعب المواقف في المحشر. وشهر رمضان محطة مباركة لذلك كما يوصي الإمام الرضا : «ولا تدعنّ أمانة في عنقك إلا أديتها».