الشيخ الصفار يتساءل: المال هدف أم وسيلة؟

مكتب الشيخ حسن الصفار

قال الشيخ حسن الصفار إن الإسلام يحث الإنسان على العمل وكسب المال، وليس ذلك من أجل الحاجة فقط وإنما حسب القدرة.

وأضاف: إنما يكسب الإنسان المال من أجل أن يسيّر أمور حياته، والإسلام حثّ على ذلك، وجعله أمراً مستحباً يثاب المرء عليه.

وتوقف الشيخ الصفار في مجلسه الأسبوعي ليلة الجمعة (25 شوال 1433هـ) عند أسئلة يطرحها الكثير: لماذا نكسب المال؟ ولماذا يسعى الإنسان للحصول على الإمكانات؟ وماذا نفعل بالفائض عن الحاجة من المال؟

وأجاب: قرّر الإسلام عبر نصوص كثيرة أن كسب المال لا يكون حسب الحاجة، وإنما حسب القدرة، وأي جهد يبذل في ذلك فيه ثواب وأجر.

وقال: إن الهدف الأساس من العمل والكسب هو أن يلبي الإنسان احتياجاته، ولا يوجد أي إشكال في الادخار لحاجات متوقعة، لكن لا ينبغي ان يكون جمع المال من أجل الجمع فقط.

وأضاف سماحته: هناك البعض من الناس يصابون بمرض جمع الأرقام، فقمة السعادة عندهم أن يرو أرقام أرصدتهم تزداد، وهم لا ينعمون بها، ولا ينعم بها محيطهم، فهي أرقام في البنوك فقط.

وعن مصير هذه الأرقام استشهد سماحته: بقول رسول الله : يقول ابن آدم: مالي مالي، (قال): وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت.

وعن الطريق الأفضل للتصرف في الفائض من المال قال سماحته: المال ليس لتسيير أمور الحياة الشخصية فقط، وإنما هو لتسيير الأمور الاجتماعية، لذا يجب أن يجد الغني نفسه مسئولا عن مجتمعه وحاجاته.
وأوضح انه لا يصح لأحد أن يجمع المال ويراكم الثروة وفي مجتمعه محتاج، فالمال الذي يكدسه هذا أو ذاك هو رزق من عند الله، ويجب أن ينعم به المجتمع كما ينعم به الفرد.

وعدد سماحته الحاجات التي لو التفت لها الأغنياء لتحسّن وضع المجتمع، فالمجتمع يحتاج إلى بنية تحتية في المجال العلمي والثقافي والاجتماعي، و بدون البذل لن يستطيع المجتمع تجاوز هذه المشاكل.

وضرب سماحته مثالاً بأثرياء الغرب الذين يتجاوز عطاؤهم بلدانهم ليقيموا مؤسسات وجمعيات تخدم البشرية، وتساعد الإنسان للتخلص من مشاكله.

وقال: إننا بحاجة إلى أن نربي أنفسنا بالتفكير في حاجات مجتمعنا، والإنفاق فيما يحتاجه، وإقامة المؤسسات التي تهتم كل واحدة بحاجة من حاجات المجتمع.

وأضاف: إن الله يدعوا للإنفاق في سبيله، الذي يعني كل ما يحتاجه الإنسان والمجتمع، ويساعد في سد ثغرات النقص، والنهوض والتقدم.

ودعا سماحته إلى التأمل في النصوص الشريفة التي تبين فضل المنفق، وتوضح أفضل أساليب الصرف، كقول الإمام علي : من آتاه الله مالا فليصل به القرابة وليحسن منه الضيافة، وليفك به الأسير والعاني، وليعط منه الفقير والغارم، وليصبر نفسه على الحقوق والنوائب ابتغاء الثواب، فإن فوزا بهذه الخصال شرف مكارم الدنيا، ودرك فضائل الآخرة، إن شاء الله.

وحذر من تحول المال إلى حسرة في نفس الإنسان، فهو مفارقه، وتاركه للورثة، وخير له أن يقدم لآخرته ما ينفعه يوم الوقوف أمام الله، قال الإمام الحسين : مالُك إن لم يكن لك كنت له ، فلا تُبقِ عليه فإنه لا يُبقي عليك، وكُلْه قبل أن يأكلك.