الشيخ الصفار يدعو لإنشاء بيوت خبرة بالشأن الاجتماعي

دعا سماحة الشيخ حسن الصفار كفاءات المجتمع إلى تدوين وكتابة تجاربهم، والمهتمين بالشأن العام إلى الاستفادة من تجارب من سبقهم وعدم إهمالها، وإلى إنشاء بيوت خبرة في الجانب الاجتماعي على غرار الموجود في الجانب الاقتصادي.

وقال سماحته: إننا بحاجة إلى الاستفادة من تجارب السابقين لنا في العمل الاجتماعي، واستثمار تجاربهم التي بذلوا من أجلها الغالي والنفيس، ودفعوا ثمناً لها المشاكل والمعاناة والآلام، وذلك استجابة لقول أمير المؤمنين : عليك بمجالسةِ أصحابِ التجارب؛ فإنّها تُقَوَّم عليهم بأغلى الغَلاء، وتأخذُها منهم بأرخَصِ الرُّخْص.

جاء ذلك خلال حفل التأبين الذي أقامه مركز نبأ الثقافي لتأبين الأديب السيد عبدالرضا بن السيد باقر الشخص  (1352هـ - 1434هـ) في مجلس الرضا بسيهات يوم الاثنين (27/9/1434هـ الموافق 5/8/2013م).

وأبان سماحته: أن في الأمم المتقدمة يستفاد من الطاقات والكفاءات في مختلف المجالات، ومن امتلك خبرة أو تجربة فإن تلك الأمم تهتم بالاستفادة من خبرته وتجربته، أما في الأمم المتخلفة فإن الطاقات تهدر، والكفاءات تتجاهل، ومن أهم الكفاءات التي ينبغي أن يستفاد منها تلك الكفاءات التي تمتلك التجارب، وتمتلك الخبرة الاجتماعية.

وتابع يجب أن نستفيد من رجالات المجتمع المخضرمين المعايشين للأوضاع، علينا أن نستشيرهم، وأن نأخذ برأيهم، ونستضيء بتجاربهم، ففي واقعنا الاجتماعي نجد شخصيات لها معرفة وخبرة، قد لا تتصدى للشأن العام لسبب أو لآخر، لكن لا ينبغي تجاهل أو إهمال خبرتها.

وقال: إننا نجتمع اليوم لتأبين هذا السيد الفقيد (أبي عدنان) ويمكننا أن نتحدث عن جوانب عدة من شخصيته، حيث كان أديباً، وناشطاً اجتماعياً، وعالماً حضر عدداً من الدروس الحوزوية، وقد حضر البحث الخارج عند كبار العلماء كالسيد الخوئي، كما أنه قدّم للمجتمع أبناءً أبراراً أخيارا.

وأضاف: لكنني أحب أن أتحدث عن جانب خبرته، فقد استفدت منه على هذا الصعيد، فقبل حوالي ربع قرن من الزمن كنت مجاوراً لمقام عقيلة الطالبيين زينب بنت أمير المؤمنين ، وكان الفقيد يتردد على تلك المنطقة ويقيم فيها في كل عام بضع شهور، وهناك تعرّفت عليه ، فوجدت فيه كنزًا من الخبرة الاجتماعية.

وأشار سماحته إلى أن المجتمع الديني يحتاج إلى خبرة مثل الراحل؛ لأن التجارب لم تكن مكتوبة، ويفتقد الكثيرون منابع الاستفادة من الخبرة، عن واقع المجتمع الديني، إلا من أتيحت له الفرصة أن يقترب من أحد منابع تلك الخبرة والمعرفة، كالراحل أبي عدنان رحمه الله.

وعن سبب تكوّن الخبرة عند السيد عبدالرضا الشخص قال الشيخ الصفار إن ذلك يرجع إلى انتماءه إلى بيت أحد كبار العلماء الذي كان محوراً في النشاط الديني والعلمي في النجف الأشرف، وكان ثقة العلماء والمراجع، فقد كان الحجة السيد باقر الشخص متداخلاً ومنفتحا على بيوتات المراجع، لذا أصبح مجلسه مجلس خبرة استفاد منه الراحل، فنسج خيوطاً من العلاقة والمعرفة العميقة مع بيوتات الشخصيات والزعامات والمرجعيات.

وقال الشيخ الصفار: كنت أبحث عن شخص له خبرة بأبعاد الأحداث في مجتمعنا الشيعي، وفي الحوزة العلمية، وفي المجال المرجعي، والمجال الاجتماعي؛ لأن الإنسان يرى عناوين وأوضاع وشخصيات، لكنه لا يرى أو يدرك ما خلفها أو أبعادها وتكونها وخريطتها.

وأعرب سماحته عن إعجابه بشخصية الراحل لأنه كان موضوعيّاً متزناً في نقله وتحليله للأحداث، وقال: كنت ألحظ في طرحه وعرضه للأمور الكثير من الموضوعية، والكثير من التقوى، فالمحك المهم في معيار التقوى أن يكون صادقاً وموضوعياً عند حديثه عن الآخرين، فلا يقلل ولا يغالي ولا يستنقص من الآخرين وان اختلف معهم في الاتجاه و المصلحة.

وفي مجال آخر تحدث سماحته عن تمتع الفقيد بالاهتمام بنشر المحبة بين الناس، وقال: إننا نرى لونين من الناس، لونا يبشرون بثقافة المحبة، يقربون القلوب إلى بعضها بعضا، ويدفعون الناس نحو التآخي والتآلف والتعاون والتقارب، وعلى النقيض من ذلك نرى أشخاصا يقومون بدور سلبي، ينشرون ثقافة الكراهية، يوغرون قلب هذا على هذا، ويستثيرون هذا على ذاك، وينقلون الكلام السيئ بين الناس، وهذا دور قذر.

وأضاف: الإنسان المؤمن لا ينبغي أن يسمح لنفسه أن يكون ناشرا للكراهية والبغضاء بين الناس؛ لأن هذا الدور دور شيطاني ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ، وما يريده الله وتثاب عليه أن تؤلف بين الناس وتقرب بين القلوب.

وقد حضر الحفل عدد من العلماء والأدباء والشخصيات الاجتماعية من الدمام والقطيف والأحساء.