دعا إلى احترام الإنسان من دون النظر إلى انتمائه العرقي والديني
الشيخ الصفار من جنوب أفريقيا يُبرئ الأديان من تهمة العنصرية: جاءت رحمة للعالمين
قال الشيخ حسن الصفار إن رسالة كتاب "التنوع والتعايش" هي للتأكيد على براءة الأديان الإلهية من التوجهات العنصرية والتعصبية والإرهابية. مؤكدًا أن الدين "جاء رحمة للعالمين، ودعوة للعدل والإحسان والألفة والمحبة بين بني البشر".
جاء حديث الشيخ الصفار ضمن كلمة له في حفل تدشين ترجمة كتاب سماحته «التنوع والتعايش – بحث في تأصيل الوحدة الاجتماعية والوطنية» إلى اللغة الإنجليزية الذي أقامته مؤسسة أهل البيت في جنوب افريقيا مساء يوم الأربعاء الماضي، بمشاركة عدد من الشخصيات والعلماء والمسؤولين.
وأضاف أن "نشر ثقافة التسامح واحترام إنسانية الإنسان، دون النظر إلى انتمائه العرقي والديني والقومي والاجتماعي، أمر بالغ الأهمية والضرورة، في مجتمعاتنا التي عانت طويلاً من ويلات الحروب والصراعات بسبب تعدد الانتماءات فيها".
النفوذ الأجنبي
وأضاف "لقد عطّلت هذه الحروب والصراعات مسيرة التنمية في أوطاننا، وعوّقت تقدمها، وجعلتها ساحة مفتوحة للنفوذ الأجنبي".
واعتبر أن الأسوأ أن "تأخذ هذه الحروب والنزاعات المأساوية صبغة دينية، وأن يصبح الدين مبررًا للعدوان والتعصب والإرهاب على يد حركات ومنظمات متطرفة تنتسب للإسلام".
ومضى يقول: "مع التقدم الكبير والإنجازات الهائلة التي حققتها البشرية في هذا العصر، إلا أن داء العنصرية والتمييز بين الناس لا زال يفتك بالمجتمعات الإنسانية، في شرق الأرض وغربها، وفي الدول الصناعية المتقدمة كما في الدول النامية. وإن كان يختلف في مستوياته ومظاهره".
الممارسات العنصرية
الصفار أشار إلى انبثاق حركة "حياة السود مهمة" في الولايات المتحدة الأمريكية، ردًا على اتساع رقعة الممارسات العنصرية، وقال: "كان لتلك الحركة صدى في عدد من الدول الأوربية التي تعاني مجتمعاتها من هذه الاتجاهات العنصرية البغيضة".
وتابع إن "انتشار مدّ "إسلام فوبيا" أثار القلق من وجود المسلمين وعموم الأجانب واللاجئين في تلك البلدان".
وأبدى أسفه لما تعانيه الأقليات المسلمة من "الحيف على حقوقها وحرياتها الدينية كأقلية الإيغور في إقليم شينغيانغ الصيني، وأقلية الروهينجا في ميانمار حيث أدى وواقعهم المأساوي إلى نزوح عشرات الآلاف منهم عن بلادهم في ظروف صعبة قاسية".
وأشار إلى أن الشعب الفلسطيني "لا يزال يرزح تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي، وسياساته القمعية الاستيطانية والعنصرية على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي".
النضال المشرّف
وأشاد الصفار بالنضال "المشرّف" الذي خاضه شعب جنوب أفريقيا ضد نظام الفصل العنصري البغيض، وأبدى الاجلال والتقدير للسيد نيلسون مانديلا، الذي "أصبح رمزاً وايقونة إنسانية خالدة، واصفًا إيها بـ "بطل التسامح والنضال السلمي ".
وتابع مخاطبًا شعب جنوب أفريقيا: "إن تجربتكم الثرية في مقاومة توجهات العنصرية والتمييز بين المواطنين مصدر إلهام للشعوب".
برنامج الحفل
شمل برنامج الحفل كلمة الترحيب والتعريف بالكتاب وشركاء الحفل، قدمها محمد خالد سيد، الناشط الاجتماعي في جنوب افريقيا، ورئيس رابطة الشباب لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي «الحزب الحاكم».
ثم تحدث الدكتور ايلان بوساك، رجل الدين في الكنيسة الإصلاحية الهولندية في جنوب افريقيا، والناشط المناهض للفصل العنصري، وزعيم التحالف العالمي للكنائس ضد العنصرية، عن مدى علاقة كتاب الشيخ الصفار بالوضع الحالي في جنوب أفريقيا فيما يتصل بالتمييز العنصري والهوة بين الاغنياء والفقراء.
التعايش انجليزي
كما تحدث عن دور رجال الدين في مواجهة التحديات وركز على اهمية التنوع والوحدة في جنوب افريقيا وثقافة التسامح معتبرا ان الكتاب "يوفر الاساس النظري والعملي لكل هذه المفاهيم".
ختم قائلًا: إنه "كتاب رائع؛ ليس لما يمثله من دعوة متجددة للدين فحسب، بل أيضا لأنه يتضمن دعوة للعمل المشترك للأديان السماوية في مواجهة أشكال التمييز الجديدة التي تظهر في العالم كمفهوم القومية الضيقة. كما قدم شكره للشيخ الصفار على هذه الهدية الرائعة".
وفي الفقرة الثالثة؛ تحدّث سعادة السفير إبراهيم رسول الداعية الإسلامي، وسفير جنوب افريقيا لدى الولايات المتحدة الأمريكية بين عامي 2010 و2015م، عن كيفية انعكاس مفاهيم الكتاب على النضال ضد الفصل العنصري في جنوب افريقيا من منظار ناشط إسلامي.
وتابع أن "أهدافنا يجب أن تعكس كلام الشيخ الصفار"، وخصوصًا عندما يقول: "إن الحروب بين المسلمين قد كلفتنا عددًا أكبر من القتلى من الحروب ضد العدو"، وذلك بالحرص على التعايش فلا نعزل أنفسنا كمسلمين، وإذا كنا نحرص على عدم التخلي عن قيمنا فإن علينا احترام قيم الآخر والتعايش معه. فالأمر لا يتعلق فقط بالتسامح بل يتعدى ذلك الى قبول الآخر، والدفاع عن حرية معتقده، ومحاربة فوبيا الاسلام وكل انواع التمييز.
بعدهما، عرّف سيد افتاب حيدر، وهو عالم دين ورئيس مؤسسة أهل البيت في كبتاون بجنوب افريقيا، بالشيخ حسن الصفار، وشخصيته ودوره في تأصيل الوحدة الاجتماعية في المملكة العربية السعودية، ونشر ثقافة التسامح والتعايش.
وأوضح أن الدين - بحسب الكتاب - "عامل موحد، ويجب الا يستغل كما يحدث حاليا". مشددا على استمرار الحاجة إلى الدور التوحيدي للدين في مرحلة ما بعد الفصل العنصري.
وتابع: "تهدف برامجنا واعمالنا في جامع أهل البيت إلى التقارب والوحدة وتقبل الآخر مهما كانت المهمة صعبة، كما كانت مهمة الشيخ الصفار في كسر الجليد مع قيادات التيار السلفي".
ترجمة الكتاب
صدر الكتاب مترجمًا إلى اللغة الانجليزية بعنوان: (Diversity & Coexistence)، وقد عنيت بنشر مؤسسة أهل البيت في كيب تاون - جنوب أفريقيا. وطُبع الكتاب باللغة العربية 6 طبعات منها الطبعة الصادرة عام 1420هـ ـ1999م عن دار الساقي، لندن ـ بريطانيا.
كما ترجم إلى اللغة السواحيلية بعنوان: (KUTOFAUTIANA NA KUISHI PAMOJA) المترجم: شافع محمد نينا، الطبعة الأولى، 2018م، مؤسسة العترة، دار السلام – تنزانيا.
وترجم إلى اللغة الآذرية بعنوان: (Fərqlilik və birgəyaşayış)، المترجم: زاعور صادقوف، دار نورلار للنشر، باكو –الطبعة الأولى، 2021م.