الشيخ الصفار يحذّر من ثقافة تناوئ الكيان الأسري وتسعى إلى اضعافه
حذّر سماحة الشيخ حسن الصفار من انتشار ثقافة مادية تبشر بها الحضارة الغربية تناوئ الكيان الأسري بشكل واضح، وتسعى إلى اضعافه في مختلف المجتمعات، لتصبح ساحة مفتوحة للفساد الأخلاقي، والشذوذ الجنسي، والعلاقات غير المشروعة.
وتابع: علينا أن نهتم بتثقيف بناتنا وتوعيتهن بالمبادئ الدينية والأخلاقية، وأن نحصّنهن من تأثير الإعلام المنحرف الفاسد. وأن نهيئ الأجواء لإنجاح تجارب الحياة الزوجية.
جاء ذلك في خطبة الجمعة 10 جمادى الأولى 1445هـ الموافق 24 نوفمبر 2023م بمسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: المرأة والوظيفة الأرقى.
وكشف سماحته عن محاولات تسعى لنشر ثقافة تدفع الفتيات للعزوف عن الزواج.
وتابع: إن الذين يبثون فكرة عزوف الفتيات والنساء عن الزواج يثيرون مبررات يجب الوقوف عندها ومعالجتها.
وناقش سماحته فكرة أن الأهم للمرأة أن تسعى لتحقيق ذاتها، وبلورة شخصيتها وكفاءتها، عبر الدراسة والوظيفة واكتساب الثروة والدور الاجتماعي، بدل أن تنشغل بالحياة الزوجية وأعبائها.
وقال: في الواقع ليس هناك تناف بين المسارين، وفي الحياة المعاصرة نجد كثيرًا من الفتيات والنساء حققن التميز والتفوق في دراستهن الاكاديمية، وعملهن الوظيفي، ودورهن الاجتماعي، ولم يكن الزواج والأمومة مانعًا، أو عقبة أمامهن.
وتابع: بل إن الزواج يحقق للمرأة جزءًا هامًا من ذاتها وشخصيتها، بالاستجابة لمتطلباتها البيولوجية والعاطفية والنفسية والاجتماعية.
وأجاب عن فكرة أن الزواج يقيّد حرية المرأة، ويجعلها مرتبطة بإرادة زوجها، والتزامات حياتها العائلية.
وموضحًا أن هذا المبرر يتجاهل هدفية الحياة، والإيمان بالقيم الإنسانية والدينية. التي تؤكد على مسؤولية الإنسان في هذه الحياة، وتسمو به عن الحالة الأنانية الضيقة.
ومضى يقول: قد تعزف بعض الفتيات عن الزواج، بسبب تشددها في مواصفات شريك الحياة، وخاصة في المستوى التعليمي، أو الملاءة المالية.
وبيّن أن المواصفات الأهم في شريك الحياة بعد السلامة الصحية، هي الاستقامة النفسية والأخلاقية.
مستشهدًا بما ورد عن رسول الله : «إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، ﴿إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾».
وتابع: إن المبالغة في الاهتمام بالتكافؤ التعليمي، أو الوظيفي، أو المالي لا تستند على مبرر حقيقي.
وأشار إلى أن من أقوى العناصر المتداولة في ثقافة العزوف عن الزواج هو حالات الفشل، والمشاكل التي تحصل في تجارب الحياة الزوجية حاضرًا، حيث تكثر المشاكل وترتفع أرقام حالات الطلاق.
ولفت إلى أن هذه الفكرة يجب أن تدفع لتوفير الضمانات والمعالجات على المستوى الفردي والاجتماعي، وليس العزوف عن الزواج، إن ذلك يشبه حصول المشكلات في كل بعد من أبعاد الحياة.
وأبان أن الزواج يمثل استجابة لحاجات أساسية في شخصية الإنسان ذكرًا أو أنثى. فهو الطريق المشروع لتلبية الحاجة الغريزية الجنسية والعاطفية، وهي حاجة شديدة الالحاح على الإنسان، خاصة في مرحلة شبابه وقوته، فإما أن يواجهها بالكبت والعزوف، وهذا ما قد يسبب عسرًا وضررًا.
وتابع: إما أن يدفع الحاح الغريزة الإنسان لطرق الحرام، خاصة في هذا العصر مع وسائل تحريض الشهوة، وعوامل إثارة الغريزة، وتوفر فرص العلاقات العاطفية غير المشروعة.
وأضاف بالزواج يصبح الإنسان أكثر حصانة ومناعة تجاه الانحرافات السلوكية، والمفاسد الأخلاقية.
وذكر أن بالزواج يتشكل كيان الأسرة الاجتماعي الذي ينتمي إليه الإنسان، ويتفيأ ظلاله، ويرزق من خلاله الولد والذرية التي تمثّل امتدادًا لوجوده.
وتابع: بالنسبة للمرأة فإن الزواج يمنحها الفرصة لنيل أرقى وظيفة إنسانية، هي وظيفة الأمومة، حيث هيأها الله تعالى بيولوجيًا ونفسيًا لهذا الدور العظيم.
وأضاف: إنها مهمة ترتبط بإنتاج الإنسان، وصنع شخصيته، ولا تدانيها أي مهمة أخرى. مستشهدًا بما روي عن رسول الله : «اَلْجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ اَلْأُمَّهَاتِ».
وأوضح أن القرآن الكريم حين يتحدث عن فضل الوالدين ومكانتهما، يخص دور الأم بالذكر، والتركيز على أهميته.
وتابع: إن كل إنسان مهما عظم شانه مدين بالفضل لهذه الأم أكثر من فضل أي رجل حتى أبيه.
وأضاف: إن كل عظماء الإنسانية من أنبياء وعلماء ومفكرين وقادة، مروا من أحضان أمهاتهم، وتأثروا برعايتهن.