الدور الاجتماعي ومسؤولية التبليغ
سأتحدث عن التبليغ في البعد الاجتماعي والحياة الميدانية العملية، وسأترك الحديث عن التبليغ في البعد الفكري والنظريات البحثية الأكاديمية، لِأني في هذا المقال استهدف الطرح الأول وليس الثاني.
إن التبليغ هو البلوغ والبلاغ، وهو بلوغ أقصى المقصد، وليس أول المقصد. فالمبلغ مصطلح أعمق وأشمل وأوسع من المُوجِّه والعالم والخطيب والكاتب وغيرهم، فالتبليغ هو الوصول إلى أقصى المقصد وأقصى الحقيقة، وهو منهج وأسلوب للعاملين الفاعلين في الدعوة إلى اللَّه، والتبيلغ عملية تغييرية وعملية جذرية وليس عملية معلوماتية أو قناة إعلامية!!
ويتجلى واضحًا المعنى الحقيقي للتبليغ في أية التبليغ التي نزلت على رسول اللَّه محمد صلى الله عليه وآله وسلم في غدير خم في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾. [سورة المائدة: 67]
لقد أمر اللَّه تعالى نبيه أن يُقيم عليًّا إمامًا وعلمًا للناس، ويبلغّهم ما نزل فيه من الولاية وفرض الطاعة، وكان أوائل القوم قد تقدموا في سيرهم باتجاه الجحفة، فأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أن يرّد من تقدَّم منهم ويحبس من تأخَّر عنهم في ذلك المكان، فلما اجتمع الناس نُودي لصلاة الظهر، فصلى
النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهم، فلما انصرف من صلاته قام فيهم خطيبًا وسط القوم على أقتاب الأبل وأسمع صوته جميع من كان حاضرًا، فاجتمع بين يديه ما لا يقل عن سبعين ألفًا وقيل مائة وثمانين ألفًا تحت لهيب الشمس الحارقة، وخطب خطبته التاريخية التي لم يذكر التاريخ خطبة مثلها في تاريخ الأنبياء، أجمع في اجتماع هذه الكثافة البشرية، وهذا الحشد الضخم، واستخدام أحدث الوسائل في التأثير والبيان والإقناع والإعلان كما تشير الدراسات في علم التأثير ولغة الجسد اليوم. لقد قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم عرضًا أستوريًّا عالميًّا عن دوره التبليغي في إعلان الولاية لعلي عليه السلام ليبقى في ذاكرة الأمة حيًّا لا يموت، وفعل ما لم يستطع أحد أن يفعله من قبل ولا من بعد.
لقد قرَّب عليًّا عليه السلام منه وأمر بوضع أقتاب الإبل ليشكّل بها مرتفعًا يقف عليه خطيبًا يسمعه كل من كان حاضرًا، وأمر علي عليه السلام أن يعتلي المنصة بجانبه، وقد وضع يده الكريمة على كتف ابن عمه وقرَّبه منه وقال مقولته الخالدة:
«من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله».. ورفع يده عاليًا حتى بان بياض أبطيهما في أجواء استثنائية واحتفالية عالمية حضرها خمسة أصحاب الكساء بأجمعهم.
لقد قام رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم بدوره التبليغي كأروع ما يكون التبليغ، وأنهاه بأجمل صورة وأروع كيفية، ونزلت الآية الكريمة: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾. [سورة المائدة: 3]
فالتبليغ إذن هو الاستمرار والاستقامة في خط الدعوة وعدم التراجع للوصول إلى قمة المقصد ومنتهاه، باستحداث كل وسائل التأثير والإقناع، ثم الاستمامة من أجل تحقيق الأهداف المرجوة والمنشودة.
فحتى يكون المرء مُبلغًا لا يكفي أن يكون عالمًا، فقد يكون عالمًا ولكنه في الحقيقة غير مؤهَّل للقيام بدور التبليغ!!
فالمقصود بالتبليغ ليس التنظير، وليس السفسطائية، وليس نقل المعلومات للآخرين؛ لأن العلم بهذه الكيفية لا يحقق التبليغ، إنما يتحقق التبليغ بالقدرة على التأثير، والقدرة على البناء، والقدرة على التغيير. فالتبليغ هو الانخراط مع الناس ومع يومياتهم، فالمُبلغ يعيش آلامهم وآمالهم وأفراحهم وأتراحهم، ويجتهد ويعمل على إصلاح أمور الناس وتغيير وضعهم وتحسين أحوالهم، والأهم من ذلك هو: ترسيخ القيم الأخلاقية والمفاهيم الحضارية والمرتكزات الدينية في المجتمع.
وهنا في هذه السطور المتواضعة سأتحدث عن سماحة الشيخ حسن موسى الصفار ودوره التبليغي ومسؤوليته الاجتماعية.
لقد قام الشيخ الصفار بدور المبلّغ الرسالي في خط الدعوة إلى اللَّه وفق أبجديات العمل الاجتماعي في مسيرته الثقافية والجهادية بما يلي:
الأبجدية الأولى: الاستمرارية في رحلة التبليغ وعدم التراجع:
إن المبلغين لرسالات اللَّه في الأرض يمارسون التبليغ في كل أوقاتهم، فهم لا يفترون ولا يتراجعون ولا يضعفون ولا ينهزمون، إنهم يبلغون في كل وقت وفي كل مرحلة وفي كل مكان، فأبرز صفة من صفاتهم أنهم يبلغون ويصرّون على عدم التوقّف وعدم التردّد وعدم الانسحاب.
والأنبياء عليهم السلام مثال حي لتبليغ الرسالة، إذ نقف على نماذج حية متجسّدة في حركتهم التبليغية، وهذه النماذج وهذه الشواهد من الآيات الكريمة تمثل وثائق تاريخية تكشف الواقع المرير والطريق الشائك المليء بالعقبات والمحن والخطوب، التي واجهها الأنبياء في طريق التبليغ والدعوة إلى اللَّه، ولم تزدهم تلك الآلام والمحن إلَّا ثباتًا وإصرارًا واستقامة، لقد كانت رحلتهم الجهادية مقرونة بالصبر والتحمل والمواجهة والتضحيات وهو عمل استثنائي ونوعي.
ففي سورة الشعراء تحدثت خمس آيات عن خمسة مواقف لخمسة من الأنبياء العظام وهم: نوح وهود وصالح ولوط وشعيب في الآيات (١٠٩- ١٢٧- ١٤٥- ١٦٤- ١٨٠) في قوله تعالى على لسانهم عليهم السلام:
﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. [سورة الشعراء: 109]
لقد استطاع الأنبياء قهر كل الظروف الضاغطة والأحداث المؤلمة بروح التحدِّي وامتلاك الروح الإيجابية المنفتحة والفاعلة والمؤثِّرة في مواجهة الواقع الفاسد بكل ما يمتلكون من قوة وطاقة وحيوية، كما أن عملهم لم يكن مساومة أو متاجرة بمنطق الربح والخسارة؛ لأن المبلّغ لا يتاجر بجهده وجده واجتهاده وعطائه أبدًا، بل كانوا عليهم السلام يعيشون همَّ المسؤولية بروح الإخلاص والذوبان الكامل في الأهداف.
وفي رحلة التبليغ للشيخ الصفار نجد روح الاستمرارية في نهجه التبليغي تجاوزت حاجز الخمسة والخمسين عامًا في حركة عطاء وعمل دؤوب مستمر بلا مؤشرات للتراجع فيها ولا للسأم أو الملل، بل همَّة عالية تُحلِّق صوب السماء، وطاقة إيمانية لا تتزلزل بحجم الجبال الرواسي!
يقول المفكر الإسلامي الأستاذ محمد المحفوظ:
«يتميَّز الشيخ الصفار بخطاباته الدينية الجريئة والمتميِّزة. وقد مارس الخطابة من عام ١٣٨٨ هجري الموافق ١٩٦٨م وعمره إحدى عشرة سنة، واستضافته العديد من المحافل الدينية والثقافية والاجتماعية لإحياء المناسبات الدينية، والمشاركة في المواسم الثقافية في القطيف والأحساء والبحرين والكويت وسلطنة عمان وقطر ودبي ودمشق وقم وطهران. ولديه مئات المحاضرات الدينية المسجلة والمبثوثة في بعض وسائل الإعلام المختلفة.
ومنذ استقراره في مدينة القطيف في عام ١٩٩٤ م، بعد هجرة دامت عقدًا ونصف العقد من الزمن، انشغل فيها الشيخ الصفار بأنشطة ثقافية واجتماعية وسياسية، وتحوَّل مجلسه العامر إلى منبر لإلقاء الدروس والمحاضرات والاجتماعات الثقافية والاجتماعية والوطنية.
ولا زال الشيخ يواصل دوره الديني والاجتماعي والثقافي والوطني، وينشط على أكثر من صعيد، وذلك من أجل زيادة الوعي الديني في المجتمع، وترقيته ثقافيًّا وسياسيًّا وتنشيط مؤسسات المجتمع المدني»[1] .
فالشيخ الصفار ماضٍ في منهجه الإصلاحي ودوره التبليغي برغم كل المُثبِّطات والعوائق والتحدّيات، فهو لازال صامدًا ثابتًا، فكما سخَّر كل إمكاناته وطاقاته لرحلة التبليغ الديني وهو ابن العشرين ربيعًا، وهو اليوم يحمل نفس الهاجس والدور والمسؤولية كذلك وعمره فوق الستين عامًا، ويتحرَّك بإرادته الفولاذية الجبارة وبنفس الفاعلية والهمة والعزيمة.
يقول العلامة الدكتور الشيخ عبدالهادي الفضلي في تقديمه لسلسلة كتاب (أحاديث في الدين والثقافة والاجتماع) لمؤلفه سماحة الشيخ حسن الصفار:
«إن التبليغ الديني هو أهم واجب من واجبات العالم الديني والخطيب الديني، فعن طريقه ينشدّ المسلم عاطفيًّا بدينه ويرتفع إلى مستوى رسالته في هذه الحياة.
وقد أثبتت تجارب التثقيف والتبليغ أن نجاح من يقوم بذلك مرهون بمدى قدرته على ربط الفكرة بالواقع، ومقدار معرفته بنفسيات مستمعيه ودرجات وعيهم الثقافي.
وهذا ما نستطيع أن نلمسه في شخصية الشيخ الصفار، فهو من القلَّة الذين جمعوا بين رسالتي المسجد والمنبر، فقد تخرَّج من الحوزة العلمية بعد إتمام دراسته للعلوم الإسلامية، وشغل منصب العالم الديني في بلده القطيف.
وهو من أنشط العاملين في هذا المجال وبخاصة أولئكم النفر القليل الذين جمعوا بين الأصالة والمعاصرة، وقد أفاد هذا بالإضافة إلى دراسته الحوزوية من قراءاته المتنوِّعة والمتعدِّدة، وإنك لتلمس هذا واضحًا في مؤلفاته ومحاضراته.
ويعدُّ في خطابته من الموهوبين، فهو يمتلك أدوات التأثير المنبري، ولديه آليات النفوذ إلى ذهنيات مستمعيه عن طريق مخاطبة عواطفهم.
إنه في أحاديثه هذه يدفع الفكرة دفعًا لتلمس واقع الناس، فتعمل على تغييره لما هو أفضل»[2] .
الأبجدية الثانية: تجاوز حالات الانفعال ومواجهة الواقع بروح الأمل وعدم اليأس»
يمرُّ المُبلغ بمحطات قاسية في مسيرته العملية، وقد يولّد لديه أزمة نفسية خانقة تدفعه للشعور بالضيق والألم، وقد تقوده للانسحاب بسبب شعوره بالإحباط وعدم الجدوائية والألم، لكن ما نراه في حياة المُبلغين على العكس من ذلك، إذ لا تزيدهم المثبطات والنكبات إلَّا تألقًا وشموخًا وعنفوانًا، إنها تعصرهم عصرًا لِتُخرج أروع ما في أرواحهم وقلوبهم، فالمشاكل تعجن طينتهم، وتخرج أجمل ما لديهم من إمكانات وطاقات وقدرات.
والشيخ الصفار واجه في مسيرته الكثير من حالات الإحباط والانفعال والألم والمرارة في سنوات الهجرة وما بعدها، فلم يشعره ذلك بالخيبة، ولم يستسلم للحالات العاطفية التي يُشعل فتيلها بعض المغرضين والحاقدين والحاسدين والناقمين عليه. لقد كان ينظر إلى الواقع بعينين مفتوحتين تتطلَّعان إلى الأمور من جميع الزوايا والأبعاد، وكانت مواقفه وتصريحاته وخطاباته تدعو إلى مواجهة الواقع بروح التفاؤل والأمل، وعدم اليأس والقنوط وتجاوز السلبية والسلبيين. وكان ما يميّزه امتلاكه مهارة قانون الجذب والعمل على جذب الناس إلى الدين. لقد دأب الشيخ الصفار في حياته الاجتماعية وعمله التبليغي إلى بناء جسر بينه وبين الناس، وتلمّس مشاكلهم وهمومهم وآلامهم بامتلاكه قاعدة الحب ودخوله إلى قلوب الناس.
لقد كان يعيش مع الناس ومع مشاعرهم، يتفاعل معهم في شعوره وفكره؛ لأنه كان يعيش حسَّ المسؤولية، ولم يعش عالمه الخاص وحياته الخاصة المترفة، بل كان بقاعدة الحب الكبير التي تملأ قلبه وعقله يتلاقى مع الناس في الأوساط الاجتماعية داخل المنطقة وخارجها، وفي داخل حدود الوطن وخارج أسواره، وحول العالم في رحلات مكوكية لا سيما في العالمين الإسلامي والعربي، يجالس العلماء والفقهاء والحكماء وأهل الرأي والمبلغين والدعاة إلى اللَّه، والمراجع والكتّاب والمفكّرين. لقد كان يخدم الكبير والصغير، ويعود المرضى والمكسورين، ويخاطب الشباب والأطفال والكهول، ويتحدث بلغة الإنصاف الى الرجل والمرأة، ويلتقي مع اللاعبين في النوادي الرياضية، ومع حملة القرآن في أمسياتهم القرآنية وفي المحافل والبرامج والنشاطات في كل وقت وفي كل مكان، لا يشغله شاغل، ولا يحجبه شيء عن واجبه ومسؤولياته التبليغية والاجتماعية
لقد لعب الشيخ الصفار دورًا رياديًّا في مجتمعه، وذلك بقاعدة الحب في قلبه لمجتمعه، ووضوح الرؤية بدراسة الواقع ومعطياته والخروج برؤية شرعية مُتَّزنة، وليس منهجية مترهِّلة تحمل في طياتها التراجع والانزواء والسلبية، بل منهجية واضحة تدرس الواقع الاجتماعي، وتدرس الظواهر والممارسات الاجتماعية المختلفة، ليعرف أين يقف من مستوى الكلمة ومستوى المسؤولية.
الأبجدية الثالثة: التجديد الديني والتطوير في لغة الخطاب:
يقول الشيخ حسن الصفار: إن تطوُّر الخطاب الديني ليكون بمستوى قيم الدين الرفيعة، وليستجيب لتحدِّيات العصر الضاغطة، وليتمكَّن من استنهاض الأمة، بحاجة إلى تكاتف القوى وتضافر الجهود من قبل المرجعيات والقيادات الدينية والعناصر الواعية المهتمَّة بمستقبل الدين والأمة، من أجل وضع خطة منهجية شاملة.
وإلى أن يتحقَّق هذا الطموح، فإن على كل من له دور في ساحة التوجيه الديني أن يجتهد في تطوير مستوى أدائه، وأن ينطلق من موقع الشعور بالمسؤولية تجاه الدين والمجتمع، وأن يدرك عمق التحدِّيات المعاصرة ليرتقي بخطابه إلى الأفق المطلوب والمناسب.
ويتحدَّث الشيخ عن نفسه قائلًا:
«لقد كنت مهتمًّا بتلمّس مشاكل المجتمع وقضاياه، مجتهدًا في تقديم ما يمكن من الحلول والمعالجات، ساعيًا إلى تطوير محتوى الخطاب وأسلوبه حسب إمكاناتي وقدراتي المحدودة».[3]).
لقد كان الشيخ الصفار يُصرِّح بأن التجديد قضيته ويقول:
«بالنسبة لي فإن قضية التجديد هي منطلق نشاطي وتحرُّكي، فقد نشأت في بيئة دينية محافظة، ورأيت أقراني من الشباب مُعرضين عن الدين وعن الحالة الدينية، وهناك من استقطبته الاتجاهات المادية الوافدة، فانضموا إلى الأحزاب اليسارية من شيوعية وبعثية وقومية مختلفة، ومن عاشوا حياة اللامبالاة.
وفي مثل هذه الأجواء، بدأت أفكر أنه لا يمكن أن يكون الخلل في الدين ذاته، كما لا يمكن أن نتَّهم هؤلاء الشباب بأن لديهم خبثًا أو مرضًا أو انحرافًا طبيعيًّا ذاتيًّا، فليست المشكلة في الدين ذاته ولا في الناس ذاتها والشباب ذاتهم، إنما المشكلة فيما يُعرض من الدين ومن طريقة عرض الدين.
لذلك بدأت أتوجَّه إلى التجديد في طرح الدين والتجديد في فهم الناس للدين، وبدأت بنفسي وبعد الاطِّلاع والتأمُّل استطعت أن أتوصَّل إلى حقيقة أن يكون لي دور في دفع ودعم حركة التجديد الديني في المجتمع من أجل أن يعرف الناس حقيقة دينهم، ومن أجل إعادة هؤلاء الناس إلى دينهم، وبدأنا نمارس دورنا في هذا المجال عبر الكتابة والخطابة وعبر اللقاء المباشر».