الشيخ الصفار: مناجاة الله فرصة للمراجعة وتعزيز الثقة والاطمئنان
قال سماحة الشيخ حسن الصفار: إن مناجاة الله تعالى، تعيد التوازن لنفس الإنسان، وتلهمه الثقة والاطمئنان، وتربيه على المراجعة والمحاسبة لذاته.
وتابع: علينا أن نهتم بالعلاقة مع الله تعالى، والإقبال عليه، وأن نخلو بأنفسنا بعض الأوقات والساعات لمراجعة أنفسنا ومحاسبتها، وللحديث مع الله تعالى بشوق وإخلاص وخضوع.
جاء ذلك في خطبة الجمعة 27 محرم 1446هـ الموافق 2 أغسطس 2024م بمسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: أدب المناجاة في أدعية الإمام زين العابدين .
وأوضح سماحته أن المناجاة من النجوى، وهي المكالمة سرًا بعيدًا عن أسماع الآخرين.
وتابع: وقد اعتمد أولياء الله هذه الطريقة والأسلوب في علاقتهم مع الله تعالى. حيث يخصصون وقتًا يختلون فيه بأنفسهم، بعيدًا عن الناس، وعن انشغالات الحياة واهتماماتها، للإقبال على الله تعالى.
وأضاف: ويتحدثون إليه بشوق وثقة وإخلاص وخضوع، عمًا يختلج في صدورهم، وما يدور في مشاعرهم تجاه ربهم، وعمّا يعانونه في هذه الحياة، وما يتطلعون إليه من فضل الله ورحمته وعفوه ورضاه.
وأبان أن الله سبحانه وتعالى عند الأولياء العارفين ليس مجرد فكرة يعتقدون ويؤمنون بها في أذهانهم وعقولهم، بل هو حقيقة حاضرة في وجودهم ووعيهم، وأمام بصيرتهم، يعيشون بمحضره وذكره كل لحظة وآن.
وتابع: إن الأولياء في مناجاتهم يتحدثون إلى من يراهم ويسمعهم، ويجدون أنفسهم في محضره كأنهم يرونه ويسمعونه، ببصيرة قلوبهم لا بجوارحهم.
وبمناسبة ذكرى وفاة الإمام زين العابدين قال سماحته: إن في طليعة الأولياء المداومين على مناجاة الله، إمامنا زين العابدين علي بن الحسين ، حيث تناقلت الأجيال المؤمنة روائع من تراثه الروحي في الدعاء والمناجاة، ضمن الصحيفة السجادية، وما ورد في سائر المصادر.
وتابع: حين نتأمل في أدعية الإمام ومناجياته، نجدها مدرسة روحية تربوية أخلاقية متميزة.
وتحدث عن بعض ملامح هذه المدرسة كترسيخ محبة الله، والتذكير بنعمه وقدرته، وعظيم صفاته. مستشهدًا ببعض النصوص والفقرات من تراث الإمام .
وتابع: إن الإنسان قد ينشغل قلبه بحب من حوله وما حوله، وقد يغفل الإنسان عن نعم الله السابغة عليه، وعن عظيم قدرة الله وصفاته، فيحتاج إلى التنبيه والتذكير.
وأشار إلى أن من ملامح هذه المدرسة، محاسبة الذات أمام الله، والاعتراف بالنقص والتقصير والذنب.
وتابع: ما أحوج الإنسان لوقفات المراجعة والمحاسبة لذاته، حتى لا يظل مسترسلًا في الغفلة، ومستمرًا على الخطأ.
وأضاف: إن المناجاة تمثل أفضل فرصة يفتح الإنسان فيها ملفات شخصيته وسيرته بين يدي خالقه، ليستعين به على اتخاذ قرارات التوبة والتغيير.
وبين أن من ملامح مدرسة الإمام زين العابدين في المناجاة الدخول في حوار مع الله ومطالبته بما تقتضيه سعة رحمته، وعظيم عفوه وفضله.
وتابع: إننا نجد في مناجاته ، أروع المضامين لمشاهد من الحوار الصريح مع الله سبحانه.
واستشهد بما ورد عنه في إحدى مناجاته: «إِلَهِي وَسَيِّدِي، وَعِزَّتِكَ وَجَلَالِكَ، لَئِنْ طَالَبْتَنِي بِذُنُوبِي لَأُطَالِبَنَّكَ بِعَفْوِكَ، وَلَئِنْ طَالَبْتَنِي بِلُؤْمِي لَأُطَالِبَنَّكَ بِكَرَمِكَ، وَلَئِنْ أَدْخَلْتَنِي النَّارَ لَأُخْبِرَنَّ أَهْلَ النَّارِ بِحُبِّي لَكَ، إِلَهِي وَسَيِّدِي، إِنْ كُنْتَ لَا تَغْفِرُ إِلَّا لِأَوْلِيَائِكَ، وَأَهْلِ طَاعَتِكَ، فَإِلَى مَنْ يَفْزَعُ الْمُذْنِبُونَ؟ وَإِنْ كُنْتَ لَا تُكَرِّمُ إِلَّا أَهْلَ الْوَفَاءِ بِكَ فَبِمَنْ يَسْتَغِيثُ الْمُسِيئُونَ؟».
وبين أن من ملامح هذه المدرسة الإقرار بالعجز والضعف بين يدي الله تعالى، وتجاه التحديات، وعناء الدنيا والآخرة.
وتابع: ما أكثر التحديات والأخطار التي يواجهها الإنسان في هذه الحياة، وما أخطر ما ينتظره في الآخرة من حساب شديد، ولا قدرة ولا طاقة للإنسان على مواجهة هذه التحديات والأخطار، إلا بعون من الله، وسعة فضله ورحمته.