الشيخ الصفار الحج مدرسة روحية تربي النفوس على الالتزام بطاعة الله

 

قال سماحة الشيخ حسن الصفار: إن مناسك الحج برنامج إلهي متكامل لترويض النفس وتدريبها على طاعة الله والانقياد لأوامره في كل شؤون الحياة.

وتابع: إن رسالة الحج لا تقتصر على الحجاج، بل تشمل كل مسلم يسعى لنيل السعادة في الدنيا والآخرة، بالالتزام بطاعة الله تعالى، والحذر من الاستجابة للأهواء والشهوات.

جاء ذلك ضمن خطبة الجمعة 10 ذو الحجة 1446هـ الموافق 6 يونية 2025م، في مسجد الرسالة بالقطيف شرقي السعودية بعنوان: رسالة الحج الالتزام بطاعة الله.

وأوضح سماحته أن الرسالة الأساس لفريضة الحج، هي الالتزام بطاعة الله، فهي رحلة تربوية تدريبية، وورشة عمل تأهيلية، تعزز في نفس الإنسان الانقياد لأوامر الله تعالى، بأشكالها وألوانها المختلفة، دون تردد أو نقاش، بل بطاعة وتسليم.

وتابع: إن أمكنة أداء مناسك الحج محدّدة من قبل الله تعالى، بدءًا من مواقيت الاحرام، إلى حدود الطواف والسعي، ومكان أداء صلاة الطواف، إلى الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة، وأعمال منى والمبيت فيها، ورمي الجمرات، كل عمل يؤدى في مكانه المحدد بدقة عالية.

وأضاف: كما أن زمن أداء المناسك محدد أيضًا من قبل الله تعالى، فلا يقع الحج إلا في الوقت المحدّد، ولا يكون الوقوف بعرفة إلا في الزمن المحدّد، وهكذا بقية المناسك لابد أن تؤدى في أوقاتها المقررة، وبالترتيب المقرر، فلا يصح تقديم نسك على آخر، خارج التعاليم الشرعية المقررة.

وأبان أن على الحاج أن يؤدي مناسك الحج بلباس خاص هو الإحرام، ويجب عليه اجتناب حوالي (25) أمرًا حال الإحرام.

ومضى يقول: حين يتأمل الإنسان محظورات الإحرام، يدرك أهمية هذا التدريب على الانقياد لطاعة الله تعالى دون تردد ونقاش.

وتابع: كذلك حين نتأمل سائر مناسك الحج كرمي الجمرات، لماذا تؤخذ هذه الحجارة من مكان معيّن، وبصفات معيّنة، وترمى في وقت معيّن، على هذه الاسطوانات المحدّدة؟

وأضاف: إن كل هذه المناسك والأعمال عبادات تؤدى استجابة لأمر الله تعالى، ليتدرب الحاج على ترويض نفسه للانقياد لله تعالى فيما يأمره في مختلف جوانب حياته.

وقال: إلى جانب هذا التدريب العملي والترويض النفسي في مناسك الحج على الالتزام بطاعة الله، هناك برامج التحصين والتعبئة الروحية، المتمثلة في الاكثار من ذكر الله، والاستغفار من الذنوب، وذروتها في يوم عرفة.

وتابع: حيث ينبغي أن يقضي الإنسان وقته في التضرع إلى الله، وسؤال مغفرته وعفوه عن ذنوبه وأخطائه.

مستشهدًا بما وورد عن الإمام محمد الباقر : «إِنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ يَوْمُ دُعَاءٍ وَمَسْأَلَةٍ».

وأشار إلى أن الإنسان حين يؤمن بالله خالقًا منعمًا حكيمًا مدبرًا، فإنه ملزم عقلًا بطاعة الله تعالى فيما يأمره وينهاه. وذلك؛ للاعتراف بحقيقة العبودية والخضوع لله تعالى.

وتابع: كما أن الإنسان ملزم بأداء واجب الشكر نحوه تعالى، حيث يجب عقلًا شكر المنعم، وقد أنعم الله على الإنسان بنعمة الوجود، وأفاض عليه من النعم ما لا يعد ولا يحصى، فهو تعالى المستحق للشكر، والطاعة مظهر وتجسيد للشكر لله تعالى.

وأضاف: إن عدم الطاعة يعرّض الإنسان لسخط الله وغضبه، ويدرك العقل ضرورة اجتناب الخطر وأسباب الهلاك. مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ.

وبيّن إن الله تعالى لا يأمر الإنسان إلا بما فيه مصلحة له، ولا ينهاه إلا عما يضره، مما يرتبط بدنياه وآخرته، وجوانب حياته المادية والمعنوية، والفردية والاجتماعية. ففي طاعة الله تعالى مصلحة للإنسان، وليس لله، فإن الله غني عن العالمين.