الشيخ الصفار يدعوا للانفتاح الواعي على تجارب الآخرين

دعا سماحة الشيخ حسن الصفار للاستفادة الواعية من تجارب الآخرين، بدراستها وأخذ المفيد منها، واجتناب ما يخالف القيم والمبادئ، وما لا يتناسب مع ظروف المجتمع ومصالحه.
وتابع: هناك مشاعر عنصرية توهم بعض الجماعات بالاكتفاء بما لديها، وأنها أفضل وأعلى من الجماعات الأخرى، وأنها أولى منها بالمصالح والمكاسب، وهذا لا ينسجم مع التفكير العقلي المنطقي للإنسان.
جاء ذلك ضمن خطبة الجمعة 23 محرم 1447هـ الموافق 18 يوليو 2025م، في مسجد الرسالة بالقطيف شرقي السعودية بعنوان: تبادل الخبرات والتجارب بين المجتمعات.
وأوضح سماحته أن من أغراض الدعوة الإلهية للتعارف بين الجماعات والمجتمعات البشرية، في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ اطّلاع كل مجتمع على خبرات وتجارب المجتمعات الأخرى، من أجل الاستفادة المتبادلة فيما بينها.
وأبان أنّ حكمة الله تعالى اقتضت تنوع البشر، حيث انتشروا في ربوع الأرض، ضمن جماعات كبيرة يطلق عليها شعوب، وصغيرة يطلق عليها قبائل.
وتابع: ونظرًا لاختلاف الأجواء والظروف الطبيعية التي عاشوها في انحاء الأرض، فقد أفرزت حالات من الاختلاف في المظاهر والاشكال بين الجماعات البشرية، وتشكّلت لكل جماعة خبراتها وتجاربها.
وأضاف: لكن هذا التنوع بين المجتمعات لا ينبغي أن يدفعهم للصدام والتّنازع، ولا أن يخلق الحواجز بينهم، فتنغلق كل جماعة على نفسها، وينعزل كل شعب عن الشعوب الأخرى.
وأكّد سماحته: المطلوب أن يكون التنوع حافزًا للتعارف، بأن تتعرف كل أمة أو شعب أو مجتمع، على ما لدى الآخرين من خبرات وتجارب، وتأخذ بما يفيدها منها. وذلك لمصلحة الحياة الإنسانية بشكل عام.
ولفت إلى أن رصد مواقف الأمم والمجتمعات تجاه تجارب الآخرين وخبراتهم، يُظهر ثلاثة ألوان من المواقف، حيث يدعو الموقف الأول للانغلاق على الذات، والاكتفاء بمخزون التراث، والتمسّك بالأعراف والتقاليد السائدة. ضمن المنطق الذي نقله القرآن الكريم عن المجتمعات التي رفضت رسالات الأنبياء، ﴿قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾.
وتابع: إنّ بعض المجتمعات قد ترفض أو تتردد في الاستفادة من تجارب ناجحة لمجتمعات مجاورة لها، أو شريكة لها في الانتماء الديني، لصعوبة التغيير والتطوير لديها.
وأشار إلى أن الموقف الثاني هو فقدان الثقة بالذات، والانبهار بالآخر، خاصة حينما يكون في موقع التفوق والتقدم، واتباعه حتى في نقاط الضعف، والأمور السلبية.
وتابع: والموقف الثالث الاستفادة الواعية من تجارب الآخرين، بدراستها وأخذ المفيد منها، واجتناب ما يخالف القيم والمبادئ، وما لا يتناسب مع ظروف المجتمع ومصالحه.
ومضى يقول: وهو ما تدل عليه النصوص الدينية التي دعت إلى أخذ الحكمة من أي مصدر كانت، كالحديث الوارد عن النبي : «الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا».
وتابع: أنّ الحكمة التي هي ضالة المؤمن هي ما يرتبط بإدارة الحياة، فيمكن استفادتها وأخذ النافع منها من تجارب البشر وخبراتهم، بغض النظر عن توجهاتهم الدينية والسلوكية.
وأوضح أننا في هذا العصر نعيش في ظل حضارة مادية متقدمة، تقودها المجتمعات الغربية، وعلينا أن نستفيد من نقاط القوة في هذه المجتمعات، ونأخذ من تجاربهم وخبراتهم في المجال العلمي والإداري وسائر ما يساعدنا على تطوير أوطاننا ومجتمعاتنا.
وأضاف: لكن هذه المجتمعات فيها نقاط ضعف واضحة يعترف بها مفكرون وباحثون منهم، فيما يرتبط بالجانب القيمي والروحي والأخلاقي، فلا ينبغي أن نستوردها ونأخذها منهم، تحت تأثير حالة الانبهار وفقد الثقة بالذات الحضارية. والانسياق ضمن إغراءات الدعاية والإعلام.
وأشار إلى أن هيمنة النزعة المادية الأنانية، والفراغ الروحي، وانحسار القيم الأخلاقية في العلاقات الاجتماعية، وشياع الابتذال الجنسي والميوعة الأخلاقية، تمثل نقاط ضعف في حضارتهم، فلماذا نقتبسها ونستوردها بدل أن نقتبس من نقاط القوة لديهم؟