الحوار للمعرفة والسلام
أمّ سماحة الشيخ حسن موسى الصفار "حفظه الله" جموع المصلين يوم الجمعة الموافق 16 شوال 1423هـ في مسجد سماحة الشيخ علي المرهون حفظه الله بالقطيف. وقد افتتح سماحته كلمته بقوله تعالى: ﴿قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعى هدىً أو في ضلالٍ مبين، قل لا تُسألون عما أجرمنا ولا نُسأل عما تعملون.﴾وقد بدأ سماحته الحديث بقوله: آيات القرآن في الوقت الذي تحمل حقائق ومعارف فهي تحمل منهجاً تربوياً للإنسان. ثم تحدجث سماحة الشيخ بحديث مفصل حول الآيات التي تصدرت البحث وكان من ضمن الأفكار والآراء التي طرحها سماحة الشيخ:
- الرسول الأكرم اعتمد طريقة الحوار من كفار قريش بأمر الله مع علمه المسبق بأن قريش لن تستجيب للدعوة من أول يومٍ واول وهلة، وذلك لأسبابٍ عدة منها:
o إن كفار قريش يجهلون رسالة الأنبياء.
o وهم يعيشون وضعاً مألوفاً لديهم ومن الصعب تغييره بسرعة.
o إن في كفار قريش مراكز قوى، وهي تسعى لعرقلة انفتاح الناس واستجابتهم لهذه الدعوة.
- الأنبياء لا يحملون أي خصومة ولا عداوة مسبقة للآخرين، وإنما جاؤو من أجل تبيين الرسالة والحقيقة للناس.
- ينبغي أن يكون الحوار مبنياً على أساس البحث عن الحقيقة، كما قال تعالى: وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلالٍ مبين.
- مهمة المصلحين توضيح الآراء الحقة، وليس عليهم تغيير آراء وأفكار الآخرين بالجبر والارهاب.
- وأخيراً فإن الأنبياء يحملون أرقى أنواع النبل في التعامل مع المخالفين، ويؤكد ذلك قوله تعالى: ﴿قل لا تُسألون عما أجرمنا، ولا نُسأل عما تعملون﴾. فهنا وصف النبي توجهه بقوله: ﴿عما أجرمنا﴾، ولكنه وصف اتجاه الآخرين بقوله: ﴿عما تعملون﴾.
واختتم سماحة الشيخ حديث حول الآيات بهذه النتيجة: إن هذه الآيات وآياتٌ أخرى عديدة في القرآن الحكيم تؤكد على أنه ينبغي أن يكون التعامل مع الآخرين -وخصوصاً المخالفين- على أساس الحوار والاقناع.
والحوار يعني: المراجعة والتجاوب في الكلام.
ثم تساءل سماحة الشيخ: لماذا ينبغي للإنسان أن يتحاور مع الآخرين؟
وأجاب سماحته: للمعرفة أولاً وللسلام ثانياً.
أولاً- للمعرفة.
حينما يتحاور الإنسان مع المخالفين له تتضح له وجة نظرهم ومعتقداتهم، ويتعرف على آرائهم بدقة وبصورة واضحة دون غموض، بعكس ما إذا كانت معرفته بآراء الآخرين من طرقٍ مختلفة إذ قد تكون خطأ أو فيها مبالغة غير حقيقية.
ثانياً- للسلام.
بالحوار الهادف، ذي المنهج السليم لا مكان للعدواة ولا للخصومة لأن الأمور الغامضة التي تُسبب كل ذلك ستنتفي بمجرد اللقاء والحوار.
بعد ذلك أكد سماحة الشيخ أن الأمة الإسلامية والعربية بأمس الحاجة في وقتها الحاضر لاتخاذ منهج الحوار منهجاً أساسياً في حياتها في مخمتلف المجالات، وتحدث في هذا الإطار عن مجالين:
أولاً- في الحياة العائلية.
ما أحوج العائلة لمنهج الحوار بين الزوج وزوجته، وبين الأب وأولاده، في كل أمرٍ من أمور العائلة، وفي كل شأنٍ من شؤونها.
ثانياً- بين الحاكم والمحكوم.
إن الأمة الإسلامية والعربية بأمس الحاجة لمنهج الحوار في الإطار السياسي، في العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وذلك ليفهم الحاكم وجهة نظر رعيته، ويتمكن المحكوم من إيصال رأيه للحاكم. والأحاديث تؤكد أهمية هذا الجانب، ففي الحديث: «من احتجب عن رعيته احتجب الله عنه يوم القيامة.»
وكذلك أمير المؤمنين علي في عهده لمالك الأشتر يؤكد على ذلك فيقول: «فإن احتجاب الوالي عن رعيته شُعبةٌ من الضيق، وجهلٌ بالأمور.»
وفي ختام الكلمة أكد سماحة الشيخ على أن أوضاع الأمة لا يُمكن أن تتغير حتى تتغيرطريقة التعامل بين أبناء الأمة، وحتى يتبدل أسلوب العداوة والعنجهية والقطيعة والاستبداد بأسلوب الحوار الممنهج والهادف. كما أكد سماحته أن حياة الرسول الأكرم والأئمة الأطهار كان مشعلاً وضّاءً في هذا الجانب، وقال سماحة الشيخ إن الأمة ليست أحرص على الدين من نبي الإسلام وأهل البيت ، ولذا فعليهم أن ينهلو من منهجهم الطريقة المثلى في التعامل مع الآخرين.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمدٍ وآله الطاهرين.