عن خصائص الإمام علي - عليه السلام
وقد افتتح سماحته الكلمة برواية الغدير المشهورة وقال إنه قد اتفق جمهور علماء المسلمين على صحة هذه الرواية وهي «أن رسول الله بعد انتهائه من حجة الوداع وفي منطقة يقال لها غدير خم وقال للمسلمين: ألست أولى بكم من أنفسكم، قالوا بلى يا رسول الله، قال: من كنت مولاه فعليٌ مولاه، اللهم والي من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله.»
طرق اختيار القيادة للأمة
وأشار سماحته في بداية حديثه إلى طرق اختيار القيادة في الأمة، وأنها يمكن أن تكون بإحدى طرق ثلاث:
الطريق الأول: وجود نص ديني على شخص القائد والإمام، من قبل الله تعالى وعبر رسوله .
الطريق الثاني: أن يختار الناس من يرونه الأكفأ ومن تتوفر فيه خصائص التفوق والتميز بحيث يكون هو الأفضل بين الأصحاب.
الطريق الثالث: أن يكون الاختيار على أساس مصلحة الظرف المعاش.
وقال سماحته إن أتباع أهل البيت يرون أن الطريقين الأوليين هما الطريقان المعتمدان لاختيار الإمام . أما بقية المسلمين فيعتمدون الطريق الثالث، لأنه لا أحد يدعي بوجود نص على الخلفاء الثلاثة، وفي أفضليتهم على الصحابة هناك اختلاف بين علماء السنة أيضاً. لكنهم يرون أن الظرف الزمني بعد رحيل المصطفى اقتضى أن يكون الخليفة أبو بكر هو الخليفة بعد الرسول .
سؤالٌ مهم
ثم بعد ذلك أجاب سماحة الشيخ على تساؤل مهم يتكرر على أذهان الكثير وهو: لماذا لم يكن هناك نص صريح واضح في خلافة علي ؟
يقول سماحة الشيخ: أي صراحة أكثر من هذه الصراحة التي نجدها في الروايات التي تتحدث عن خلافة علي .
ويُضيف سماحته إنه مهما كان النص صريحاً فإن ذلك لن يمنع وجود رأي آخر وإتجاه آخر، لقد صدر أمرٌ صريح من رسول الله بإنفاذ جيش أسامة مثلاً وحينما تباطأ الناس خرج متحاملاً على مرضه ليؤكد أمره بضرورة إنفاذ جيش أسامة، ولكن الجيش لم يغادر مكانه بحجة أنه يصعب على بعض الأصحاب أن يتركوا المدينة والرسول في تلك الحالة المرضية.
ونحن نجد الاختلاف في صفة الصلاة وبعض تفاصيلها بين المسلمين مع أن الرسول كان يُصلي بالمسلمين علانيةً حوالي عشر سنوات وهم يصلون خلفه وقد أمرهم: «صلوا كما رأيتموني أصلي.»
أفضلية علي على الأصحاب
هذا من ناحية النص، ومن ناحية الأفضلية فهل هناك أحدٌ من الأصحاب يُداني علياً في الفضل فضلاً عن أن يتفوق عليه.
وضرب سماحة الشيخ في ذلك مثالاً من كتب أهل السنة عنوانه: خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، للإمام الحافظ أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (215 – 303)، وهو مطبوع عدة طبعات، ويُباع في المكتبات العامة في المملكة. يحتوي الكتاب على 198 حديثاً كلها تبين تميز وتفوّق علي على بقية أصحاب رسول الله ، وقد قام أكثر من عالم بتحقيق أحاديثه ومنهم محدّثون سلفيون.
وذكر سماحة الشيخ جملةً من تلك الأحاديث.
ولاية علي حقيقة لا يُمكن التنكر لها
واختتم سماحة الشيخ كلمته بقوله: إن مسألة النص واضحة، والأفضلية كذلك، وإضافةً إلى ذلك سيرة أمير المؤمنين خير شاهدٍ على أحقيته للإمامة والخلافة فليس من أشجع ولا أعلم من علي بين الأصحاب، فمواقفه في الحروب ورجوع الخلفاء إليه في المعضلات يكشف عن ذلك.
ولذا من خلال النص الواضح، والأفضلية التي لا غبار عليها ومن خلال الخصائص التي تميز بها نحن نُقر بإمامته ونُدين الله تعالى بولايته.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله الطاهرين.