الإمام الحسين (ع) وكمال الشخصية
يُتابع سماحة الشيخ محاضراته في حسينية العوامي بالقطيف خلال هذا الموسم العظيم، وفي الليلة الثانية تحدث سماحة الشيخ عن: الإمام الحسين وكمال الشخصية، وكان حديثه من خلال ثلاثة محاور:المحور الأول: المعصومون كيف نقرؤهم.
وقد مهّد سماحته لهذا المحور بالحديث عن تأثير الحضارة المنتصرة على باقي الحضارات، وقال: إن الحضارة الإسلامية لما كانت منتصرة كان لها أبلغ التأثير، وفي عصرنا اليوم نجد أن الحضارة المنتصرة هي الحضارة الغربية المادية، ولذا نجد أن تأثيرها بات ينتشر إلى المجتمعات الإسلامية.
وتطرق سماحته إلى كيفية نظرة الغربيين إلى مفكريهم وأنهم لا ينظرون إلى أفكارهم كنصوص مقدسة، وأنها تحمل الحقيقة المطلقة، بعكس ما ننظر نحن إلى الأنبياء والأئمة، على أنهم معصومون ويحملون الحقيقة المطلقة.
وقال إن التفكير الغربي بدأ ينتشر في المجتمعات الإسلامية.
المحور الثاني: نماذج الكمال البشري.
ضمن هذا المحور تحدث سماحة الشيخ عن مصطلح: المخلَص، وقال إنه يختلف عن مصطلح: المخلِص. وعرّف مصطلح المخلِص على أنه: سعي الإنسان لكي يكون عمله خالصاً لوجه الله تعالى.
أما مصطلح المخلَص، فقال إنه يعني: أن الشخص مُصفى، خالص لله تعالى، بمعنى أن الله أخلص نفوسهم صفّاهم من أي شيء عداه. فهم وصلوا إلى أعلى درجات الإخلاص.
وقال سماحته إن هذه الصفة تعني العصمة إذ أن الشيطان –كما تؤكد آيات القرآن- لا يصل إليهم، والعصمة تعني عدم الوقوع في الذنب.
وأضاف سماحته: إن العصمة لا تعني سلب الاختيار، وإنما تعني وجود وضوح في الحقائق والرؤيا عند المعصوم، فيرى الأشياء القبيحة على حقيقتها من الخطأ فيبتعد عنها، تماماً لو كان أمامك سمٌّ قاتل فإنك تبتعد عنه دون أدنى شك.
وطرح بعد ذلك سؤلاً: لماذا ينبغي أن يكون الأنبياء والأئمة معصومين؟
1- لأنهم يُبلغون عن الله فلابد أن يثق البشر بتبليغهم، ولذا وجب أن يكونوا معصومين.
2- إنهم نماذج وقدواتٍ للناس. فكيف يُمكن أن يُطلب من أحد تزكيةَ الناس وهو غير قادر على تزكية نفسه.
وأكد سماحة الشيخ على صفتين ملازمتين للمعصوم، هما:
1- أن الآخرة نصب أعينهم دائماً وأبداً: ﴿﴿إنا أخلصناهم بخالصةٍ ذكرى الدار﴾﴾.
2- عظمة الخالق متجليةً في نفوسهم، يقول الإمام علي عنهم: ((«عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم»)).
والمجال مفتوحٌ للبشر فبمقدار ما تكون عظمة الخالق، والآخرة حاضرةً في نفس الإنسان فإنه لا يقع في المعصية.
المحور الثالث: الحسين نموذجاً ومصداقاً.
في هذا المحور أكد سماحة الشيخ على أن الإمام الحسين هو نموذج ومصداق للفئة التي أخلصها الله تعالى، بدليل قوله تعالى: ﴿﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً﴾﴾، والآية وكما يؤكد ابن تيمية في رسالته (حقوق أهل البيت) أن رسول الله بعد نزولها أدار رداءه على عليٍّ وفاطمة والحسنين، وقال: اللهم هؤلاء هم أهل بيتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
وأضاف سماحة الشيخ: إن سيرة الإمام الحياتية تؤكد خلوصه لله تعالى، فعلاقته مع الله، وحلمه، وزهده، وكرمه، وشجاعته، شواهد على ذلك، ومن يقرأ التاريخ لا يجد شبهةً في هذا الأمر.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله الطاهرين.