الشباب في عالم التحديات
بين حين وآخر تقوم بعض الفئات والمجاميع من الشباب بممارسات وتصرفات مزعجة تعكر صفو الأمن الاجتماعي، وتخالف النظام الأخلاقي والقيمي للمجتمع، كما حصل أيام عيد الفطر الماضي في كورنيش جدة، وقبله في شارع الأمير عبد الله في الرياض، وما حدث من تصرفات عبثية طالت بعض المصالح العامة والممتلكات الخاصة خلال الأسبوع الماضي في القطيف.
إن مثل هذه الممارسات لا يمكن قبولها ولا تبريرها، ذلك أن حماية الأعراض والممتلكات الخاصة والعامة، هي من أولويات المبادئ والقيم الدينية، وأجلى مصاديق الأمن والاستقرار الاجتماعي.
والمواطن الصالح هو من يشعر بالمسؤولية تجاه مصالح وطنه وأبناء مجتمعه، ويحرص على حمايتها من أي عبث أو اعتداء. لكن مجرد الإدانة والرفض لهذه التصرفات الخاطئة لا يكفي لاحتوائها، ولا يمنع من تكرارها، بل يجب أن نتعامل معها كجرس إنذار، ومؤشر خطر، على ما يعتمل في أوساط الجيل الناشئ من أبنائنا وشبابنا.
هذا الجيل الذي نشأ في عالم مليء بالتحديات، مزدحم بالمؤثرات الإعلامية والثقافية، يكاد يعيش نوعاً من الاغتراب والازدواجية، بين ما يسمعه من موروث ديني، وقيم اجتماعية، وبين ما يشاهده من وضع خارجي، بانفتاحه على العالم، عبر وسائل الاتصالات، وقنوات الإعلام والبث المباشر.
كما أن لصعوبات الحياة ومشاكلها في الظروف المعاصرة أثراً واضحاً في تأزم نفسيات أبناء هذا الجيل من الشباب.
وذلك يستدعي دراسة جادة، واهتماماً عميقاً، من قبل الجهات المعنية والواعية في المجتمع، لمساعدة هذا الجيل من أبنائنا على مواجهة تحديات الحياة.
طبيعة مرحلة الشباب
لكل مرحلة في عمر الإنسان طبيعتها وسماتها، وينبغي النظر إليها من خلال تلك الطبيعة والسمات، لا عبر منظار مرحلة أخرى، فلا يصح التعامل مع مرحلة الطفولة على أساس معادلات مرحلة الشباب، ولا مقايسة فترة الشباب بمرحلة الشيخوخة.
إن مرحلة الشباب هي فترة التطلعات والآمال عند الإنسان، فهو في مرحلة الطفولة لم يكتشف ما حوله بعد، ولا يمتلك القدرة النفسية والذهنية للتفكير المستقبلي، واستهداف طموحات معينة، فشعوره بذاته يكون في مرحلة بدائية، وتطلعاته بسيطة محدودة. . وكذلك في مرحلة الشيخوخة والكبر، حيث تخبو آمال الإنسان وتطلعاته غالباً، بسبب ما واجهه في حياته من مشاكل وإخفاقات، تجعله أكثر واقعية ورضاً بما هو فيه، وأبعد عن الآمال والتخيلات. . أما مرحلة الشباب فهي فترة انبعاث الآمال والتطلعات، حيث تتوهج طموحات الإنسان نحو بناء مستقبله وحياته، ويفكِّر في تأمين متطلبات معيشته، وتكوين شخصيته وموقعيته في المجتمع.
وهنا يحتاج الشباب إلى أفق مفتوح أمام طموحاتهم، بأن تتوفر لهم فرص التقدم العلمي والعملي، وأن تتيسر لهم سبل تحقيق مطالب الحياة، وبناء المستقبل. كما يحتاجون إلى التوجيه السليم الذي يدفعهم لتفجير طاقاتهم وكفاءاتهم، وتحّمل المسؤوليات والتحديات، فبالجد والاجتهاد تتحقق الآمال والتطلعات.
إن شعور الشباب بانسداد الأفق أمام طموحاتهم، وتعذر تحقيق رغباتهم المشروعة، في بناء كفاءتهم، ومستقبل حياتهم، ينتج حالة من القلق والاضطراب الذهني والنفسي، قد يتحول إلى حالة من الإحباط، وحسب تأكيد علماء النفس: فإن ظاهرة قبول الإحباط والرضا به أكثر قوة عند الشباب.
والإحباط حالة مرضية، لها آثار خطيرة على نفس المصاب بها، قد تدفعه إلى العدوان والتمرد على واقعه الاجتماعي. وتشير العديد من الدراسات الاجتماعية إلى أن قلة فرص العمل، وارتفاع مستوى البطالة في صفوف الشباب، هو من أهم أسباب ظاهرة الانحراف والتمرد عند هذا الجيل.
بين العاطفة والعقل
في مرحلة الشباب تتوهج مشاعر الإنسان، وتقوى عواطفه وأحاسيسه، كأثر من آثار نموه الجسمي، وتفتق غريزته الجنسية. وهنا غالباً ما يقع الشاب تحت ضغط عواطفه وأحاسيسه، فيستجيب لإثارات الشهوة، وتسيطر عليه حالات الحماس والاندفاع، ويتخذ مواقف وقرارات غير ناضجة، قد تسبب له ضرراً بالغاً في مستقبل حياته. وتشير بعض النصوص الدينية إلى تغلب العاطفة على العقل في مرحلة الشباب لدى الكثيرين، مما يجعل بعض تصرفاتهم وممارساتهم تشبه أعمال المجانين فاقدي نعمة العقل، أو المخمورين الواقعين تحت نشوة السكر. كما ورد في حديث عن رسول الله أنه قال: «الشباب شعبة من الجنون»[1] .
ويقول الإمام علي : «ينبغي للعاقل أن يحترس من سكر المال وسكر القدرة وسكر الشباب فإن لكل ذلك رياحاً خبيثة تسلب العقل وتستخف الوقار»[2] .
وإذا كان عنفوان العاطفة قوياً عند الشاب، فيجب استثارة العقل لديه، والتأكيد على مرجعيته، لتتوازن توجهات الشاب وتصرفاته بين عقله وعاطفته، فلا ينساق خلف أهوائه وشهواته، ولا يخضع للمشاعر والأحاسيس على حساب العقل والمنطق.
وهو بهذا يحتاج إلى التذكير بدور العقل، والى التحذير من الغفلة عنه، ويحتاج إلى مرافقة العقلاء الناضجين، والاستفادة من نصائح المرشدين.
ومن أهم ما يعانيه شباب هذا العصر، تأثير وسائل الإعلام، التي تحرّض فيهم عواطفهم، وتذكي مشاعرهم وأحاسيسهم، فأغلب البرامج والأفلام في القنوات الفضائية، تستثير الشهوة والغريزة، وتدفع نحو المغامرة والعنف، وتشجع على التمرد والانفلات من القيم والأعراف، تحت شعار الحرية والاستمتاع بالحياة.
ثلة الأقران
من جانب آخر نلحظ تكريساً في الانفصال بين جيل الأبناء الشباب، وجيل الآباء الكبار، حيث يعيش الشباب مع بعضهم كأقران وشلل وتجمعات، وتضعف لديهم حالة التواصل مع آبائهم وعوائلهم.
إن انجذاب الشباب نحو أقرانهم وأندادهم شيء طبيعي، لكن الأقران قد يكرسون ويؤكدون فيما بينهم التوجهات السلبية، إن لم تتوفر لهم الأجواء الصالحة.
يشير الدكتور عزت حجازي في كتابه ( الشباب العربي ومشكلاته) إلى دور ثلة الأقران في حياة الشاب إيجاباً وسلباً، ويقول ما خلاصته:
إن وجود الشاب الاجتماعي يتوزع بين عوالم ثلاثة: الأسرة، ورفاق الدراسة، والأصدقاء أو ثلة الأقران. وتنفرد ثلة الأقران بتأثير خاص في حياة الشاب، فهي جماعته المرجعية التي تسبق في أهميتها غيرها، ويستمد الشاب منها قيمه وعاداته وأساليب تصرفاته، ومعايير الحكم على الذات والآخرين.
وترجع أهمية ثلة الأقران في حياة معظم الشباب إلى عدة عوامل من أهمها:
ما توفره لأعضائها من صحبة دافئة وتقبل، وصداقة حقيقية، تزودهم بطاقات متجددة لتحمل متاعب الحياة، ومشكلات مرحلة السن. وما تقدمه لهم من فرص تصريف التوترات التي يعانون منها في حياتهم. كما تتيح لهم الاستفادة من خبرات ومهارات بعضهم البعض، وتبعث فيهم الشعور بالأهمية الشخصية.
غير أن لثلة الأقران وجهاً آخر تمثله بعض أبعادها السلبية، التي من أهمها:
1- التسلط على الأعضاء، وقهر فرديتهم، وإلغاء استقلالهم، ومن ثم يعيش الشاب تسلط الرفاق، وخاصة العناصر القوية التي تهيمن على سائر الأعضاء.
2-ليس من النادر أن تتسبب ثلة الأقران في زيادة حدة الصراع بين الشاب وأسرته ومربيه والكبار الآخرين، بما توفره له من دعم في تحديه لهم وثورته عليهم.
3- قد تدفع الجماعة أفرادها إلى التورط في ألوان من السلوك اللا اجتماعي، أو المضاد للمجتمع، لم يكونوا ليقدموا عليه وحدهم.
4- غالباً ما يكون النشاط داخلها عشوائياً، لا هدف موضوعياً له، وغالباً ما تنغلق الثلة على نفسها، وتصنع لها عالمها الخاص، مما يعزلها عن الواقع الاجتماعي ويدمر علاقاتها به[3] .
إن على الآباء أن يحرصوا على الصداقة مع أبنائهم، وإشراكهم معهم في أجوائهم، بما يستلزم ذلك من إظهار الاحترام لهم، والاستماع لآرائهم. لأن تواصل الشباب مع جيل الكبار، يساعدهم في تجاوز ضغوط العاطفة والأحاسيس، ويجعلهم أقرب إلى العقلانية والاعتدال.
توجيه الطاقة والنشاط
النضج الجسمي، والتوهج العاطفي في مرحلة الشباب، يبعث لدى الشاب طاقة هائلة من القوة والنشاط، تحتاج إلى تصريف وتفعيل، فمرحلة الشباب هي منطقة القوة في حياة الإنسان، التي تعقب ضعف الطفولة، وتسبق عجز الشيخوخة. كما تشير إلى ذلك الآية المباركة: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً﴾[4] .
إن هذه القدرات والطاقات الهائلة من النشاط لدى جيل الشباب، تشكل رصيداً هاماً للتنمية في المجتمع، ولتحقيق قفزات التقدم في مستواه العلمي والعملي، إذا ما أتاح المجتمع للشباب فرص العمل والحركة، وفتح أمامهم أبواب الفاعلية والإنتاج، في الميادين المختلفة.
وقد كان للشباب في تاريخنا الإسلامي، دور بارز في بناء الحضارة الإسلامية، وصنع المكاسب والإنجازات، حين كانت قيادة المجتمع تدفع بالشباب الكفء إلى الواجهة، وتمنحه الفرصة لإبراز مواهبه وقدراته القيادية.
فحينما أراد رسول الله أن يختار أميراً لمكة، وحاكماً عليها بعد الفتح، اختار من دون كبار صحابته شاباً في حوالي الثالثة والعشرين من عمره، يقال له: (عَتّاب بن أسيد) مع حداثة عهده بالإسلام، حيث لم يسلم إلا يوم الفتح، وعينه أميراً لمكة، المدينة الأهم قداسة ومكانة في الجزيرة العربية.
كما أن آخر مهمة عسكرية أمر بها رسول الله ، كانت بعث فرقة من الجيش لغزو الروم، تضم كبار الصحابة من وجوه المهاجرين والأنصار، كأبي بكر، وعمر بن الخطاب، وأبي عبيدة بن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، وقتادة بن النعمان، وأمثالهم، تحت إمرة شاب لم يبلغ العشرين من العمر، هو (أسامة بن زيد بن حارثة) وحينما اعترض بعض المسلمين على ذلك، وقال أحدهم وهو عيّاش بن أبي ربيعة المخزومي: يستعمل هذا الغلام على المهاجرين؟ وبلغ ذلك رسول الله غضب غضباً شديداً، وتحامل على مرضه، وخرج إلى المسجد، وخطب الناس قائلاً: «أما بعد أيها الناس فما مقالة قد بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة؟! ولئن طعنتم في إمارتي أسامة لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله، وأيمُ الله كان للإمارة لخليقا وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة. . . . »، وكرر وهو على فراش مرضه عدة مرات: «أنفذوا جيش أسامة»[5] .
إن طاقات الشباب تأبى على الكبت، وترفض الجمود، وإذا لم تجد أمامها قنوات سليمة للتصريف والتفعيل، وإذا لم تفتح أمامها الخيارات المناسبة لممارسة الحركة والنشاط، فستتفجر في الاتجاهات الخاطئة، وعبر الطرق المخالفة للقانون والنظام.
وما اهتمام دول العالم اليوم برعاية الأنشطة والفعاليات الشبابية وتشجيعها، كالنشاط الرياضي، إلا من أجل احتواء هذه الطاقات الفائضة لدى جيل الشباب.
إن الأندية الرياضية، وسائر المؤسسات التي تعنى باستيعاب قدرات الشباب ومهاراتهم العلمية والفنية والاجتماعية، أصبحت من الضرورات في عالم اليوم. والمجتمع الأرقى هو الأكثر اهتماماً بطاقات أبنائه وشبابه.
الانفتاح على الشباب
لا يصح لنا أن نترك أبناءنا وشبابنا فريسة لوسائل الإعلام والاتصالات، وقنوات البث الفضائي، وهي تبشّر بثقافة مادية استهلاكية، وأنماط سلوك غريبة، مخالفة لقيمنا وأمن مجتمعنا. ولا ينبغي أن ننفر منهم ونبتعد عنهم حينما تزعجنا بعض تصرفاتهم الطائشة، فهم ضحايا بيئة تعاني من خلل في أساليبها التربوية، وأجوائها الاجتماعية.
كما لا يمكن المراهنة على القمع والردع وحده، فقد يدفعهم إلى المزيد من التحدي، ويدخلنا في دوامة الفعل ورد الفعل، إننا نحتاج إلى الردع والتأديب، ضمن حدود معينه، لكن المراهنة يجب أن تكون على الاقتراب من الشباب أكثر، وفهم ظروفهم ومعاناتهم، وتوفير الأجواء الصالحة لهم.
إن الحاجة ماسة في مجتمعاتنا إلى الانفتاح على الشباب وتجسير العلاقة معهم، من قبل العائلة، وعلماء الدين، والمسؤولين، لمساعدتهم على تجاوز هذه المرحلة الحرجة التي يمرون بها، والظروف الصعبة التي يعاني منها بعضهم في تسيير أمور حياته، ولتطمينهم ومعالجة ما يساورهم من قلق على بناء مستقبلهم، وتأمين متطلبات الحياة.
وهنا لابد من الإشارة إلى ضرورة تطوير الخطاب التربوي والديني مع الشباب، بحيث يكون أقدر على التأثير فيهم، فشباب اليوم منفتحون على لغة وسائل الإعلام الجذابة، ومطلعون على كثير من المعارف والعلوم المعاصرة، وهم يشاهدون أساليب التخاطب الوجداني والعاطفي، وإتاحة الفرصة للنقاش والحوار، وتفهم الرأي الآخر.
وبهذا لا يستقطبهم التخاطب الفوقي بأسلوب الأمر والنهي، والردع والزجر، والاسترسال في ذكر النصوص والأقوال، ومصادرة حق الاعتراض والتساؤل.
ولنا في منهج رسول الله خير قدوة وأسوة، فقد جاءه غلام شاب، فقال: يا رسول الله اِئذن لي في الزنا! فصاح به الناس وقالوا: مه. فدنا منه وأقبل عليه يحاوره بهدوء، وقال له: أتحب الزنا لأمك؟
أجاب الغلام: لا
قال : وكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم. أتحبه لأختك؟
قال: لا
قال : وكذلك الناس لا يحبونه لأخواتهم. أتحبه لابنتك؟
قال: لا
قال : وكذلك الناس لا يحبونه لبناتهم. فاكره لهم ما تكره لنفسك، وأحب لهم ما تحب لنفسك. ثم وضع رسول الله يده على صدر الغلام الشاب، ودعا له قائلاً: اللهم كفّر ذنبه، وطهّر قلبه، وحصّن فرجه[6] .
البرامج والمؤسسات
مرحلة الشباب هي مرحلة صقل الشخصية، وبلورة الطاقات والمواهب، وذلك لا يتم إلا عبر برامج ومؤسسات تستوعب الشباب، وتنمي قدراتهم ومهاراتهم، بما ينفع مستقبلهم ومستقبل الوطن، ويتيح لهم مجال تصريف فائض القوة والنشاط، والاستفادة من أوقات الفراغ.
وكلما توفرت البرامج والمؤسسات لاحتضان الشباب، كانت ضمانة أكبر لصلاحهم وتقدمهم. بينما الضعف والفراغ في هذا المجال يعني توقع بروز توجهات سلبية، في وسط هذا الجيل.
لذلك تهتم كل دولة بإنشاء مؤسسة خاصة تعنى بشؤون الشباب، بمسمى وزارة أو وكالة أو مديرية، حسب اختلاف التنظيمات الحكومية في البلدان.
وقبل نصف قرن من الزمان استحدثت في المملكة العربية السعودية إدارة لرعاية الشباب، تابعة لوزارة الداخلية سنة 1372هـ. ثم انتقلت إلى وزارة المعارف سنة 1380هـ. ثم أصبحت ضمن مهام وزارة العمل والشؤون الاجتماعية سنة 1382هـ. وحتى صدور قرار مجلس الوزراء سنة 1394هـ بأن تصبح جهازاً مستقلاً باسم (الرئاسة العامة لرعاية الشباب) والتي ترعى الآن أكثر من اثنين وسبعين منشأة رياضية وثقافية في مختلف مناطق المملكة.
إن مجتمعنا السعودي يعتبر في طليعة المجتمعات الشابة، حيث تصل نسبة الفئة التي تقل عن 25سنة إلى 55% من عدد السكان. ويواجه شباب المملكة اليوم تحدياً كبيراً في الحفاظ على قيم دينهم، وتقاليد مجتمعهم، في ظل العولمة الثقافية، والانفتاح الإعلامي الهائل. كما أن سنوات الطفرة الاقتصادية أوجدت تغييراً في بعض أنماط السلوك والعادات الاجتماعية، أضعفت التماسك العائلي والعلاقات الأسرية.
و بعض الصعوبات الحادثة في مجال التعليم، وخاصة لجهة قدرة الجامعات على استيعاب الراغبين في الالتحاق، أو في مجال تأمين فرص العمل والوظائف للخريجين،أو لزيادة التعقيد في متطلبات بناء الحياة من زواج وسكن. . كل هذه الصعوبات تشكل ضغوطاً على من يتعرض لها من جيل الشباب.
وليس بعيداً أن يكون مجتمعنا مستهدفاً من قبل جهات معادية، تسعى لتشجيع حالات الميوعة والانفلات في أوساط أجيالنا الناشئة.
من هنا يجب النظر بعمق واهتمام لما يواجه شبابنا من تحديات، وأن نتعامل مع ما يطفو على السطح من تصرفات خاطئة، تصدر من بعض فئات الشباب، على أنها جرس إنذار، وعلامة خطر. فلا ننشغل بتلك الظواهر عن الجذور والخلفيات، حيث لا تفيد معالجة أعراض المرض الخارجية إن لم يتم تشخيصه ومداواته.
إن العائلة والجهات الحكومية، والمؤسسات الأهلية، وعلماء الدين المرشدين، وكل واع في المجتمع، مطالبون جميعاً بمضاعفة الجهد والاهتمام، لرعاية هذا الجيل الشاب، ومساعدته على مواجهة تحديات عالم اليوم.