تنمية العلاقات الاجتماعية
ملحوظ أن مستوى العلاقات الاجتماعية قد سجل تراجعاً وانخفاضاً عما كان عليه قبل زمن ليس ببعيد في مجتمعاتنا.
فقد كان الناس أقرب إلى بعضهم، وأكثر اهتماماً ببعضهم بعضا، حيث بساطة الحياة، وتداخل المصالح، ومحدودية الاهتمامات، والأجواء الدينية الدافعة إلى التواصل والتراحم.
أما الآن فقد أوجبت ظروف الحياة نوعاً من التباعد، حتى بين أبناء الأسرة الواحدة، في سكناهم ومواقع أعمالهم، واستقلّ كل فرد بمصالحه وترتيب أمور حياته.
كما تعددت الاهتمامات، وزادت الانشغالات، فمتطلبات الحياة كثيرة، وجهات الاستقطاب والاجتذاب متعددة، من إغراءات مصلحية، ووسائل إعلامية، ومجالات ترفيه.
ثم إن الأجواء الدينية والأعراف والتقاليد، التي كانت تشدّ الناس إلى بعضهم بعضا، وتشعرهم بالمسؤولية والالتزام المتبادل في علاقاتهم الاجتماعية، قد تقلصت وتضاءل تأثيرها، بسبب هيمنة النوازع المصلحية، والاهتمامات الذاتية، حتى أصبحنا نواجه ظواهر غريبة، من الجفاء والقطيعة حتى بين الأقارب والأرحام، وتُتناقل بعض القصص المثيرة عن تنكّر أبناء لآبائهم وأمهاتهم، يودعونهم دور رعاية المسنين، أو يتركونهم في المستشفيات، ولا يقومون حتى بزيارتهم أو تفقّد أوضاعهم!!
قبل فترة نشرت جريدة (الوطن) الخبر التالي:
أمضت امرأة مسنة في الرياض عيد الأضحى المبارك وحيدة ودون زيارة، ليمر عليها العيد الثاني عشر وحيدة وبعيدة عن أسرتها. . وكانت السيدة (ن . ف) وعمرها 70 عاماً قد دخلت المستشفى عام 1996م بسبب جلطة في الرأس وضغط وسكر، وظلت في العناية المركزة منذ ذلك الحين، مع أن حالتها لا تستدعي سوى الرعاية المنزلية، لكن عدم مراجعة ابنها وأسرتها حال دون خروجها، وقد أصيبت من جراء مكوثها الطويل في المستشفى بداء المستشفات جرثومة (كـْ) وأنها تحتاج إلى التقليب كل ساعتين، حتى لا يسبب لها السرير والنوم على الظهر تقرحات في الجسم، وعلم أن ابنها الذي يعمل موظفاً في إحدى الإدارات الحكومية وكذلك أسرتها لم يراجعوها أو يزوروها منذ دخولها المستشفى، ولا حتى الأعياد. . وتشهد دور الرعاية الاجتماعية حالات مشابهة من إهمال الأسرة والأهل لمسنين فقدوا الأمل في أبنائهم وأسرهم[1] .
وفي تقرير لجريدة (اليوم) حول هذا الموضوع يذكر مراسلها عن طبيب في أحد مستشفيات الأحساء أن مريضاً مسناً يرقد في المستشفى لسنوات طويلة، ولا يزوره أحد، أو حتى يسأل عنه، وذات مرة فوجئنا بمعاملة إدارية، يطلب فيها أحد أبناء المريض ولاية على والده، ليتصرف في بعض أملاكه!! [2]
ونشرت مجلة (الشرق) تحقيقاً عن المجمع الصحي التابع لجمعية سيهات للخدمات الاجتماعية، تحت عنوان: (في مجمع النسيان) تحدثت فيه عن حالات عديدة لمرضى ومسنين ومعوقين، تمزق نفوسهم الحسرات على لقاء أحد من أهاليهم وأقاربهم، فأحد نزلاء قسم النفسية بالمجمع مضى عليه 18 عاماً لم يشاهد فيها أحداً من أهله، وامرأة مسنة توفيت بالحسرة لعدم زيارة أهلها لها، بعد رميها من قبلهم في المجمع، وحتى بعد وفاتها لم يأتوا لاستلام جثتها إلا بعد ثلاثة أيام !!، وتكثر مثل هذه الحالات في قسم النساء بالمجمع[3] .
وفي نفس السياق هناك حالات مرعبة من إهمال بعض العوائل لأبنائها ومن حدوث وتصاعد في جرائم العنف العائلي.
أما العداوات والنزاعات وحالات القطيعة بين الإخوة والأقارب، فضلاً عن الآخرين، فهي في زيادة مطردة، وأغلبها لأسباب ومبررات بسيطة غير مهمة. إن مثل هذه الظواهر، مؤشرات خطيرة على تراجع مستوى العلاقات، وانخفاض درجة الحسّ الإنساني في مجتمعاتنا. كما أن العلاقات بين التيارات والتجمعات والعناصر الفاعلة في المجتمع، ليست على ما يرام، بل تكتنفها غالباً حالات من التباعد والخصام.
العلاقات وحركة المجتمع
إن مستوى العلاقات داخل أي مجتمع من المجتمعات ليس مسألة كمالية جانبية، بل هي عنصر أساس في تقرير وضع المجتمع، وتحديد مكانته وحركة مساره. فإذا كانت شبكة العلاقات الاجتماعية سليمة صحيحة، كان المجتمع مهيأً للتقدم والانطلاق. وعندما تسوء حالة العلاقات داخل المجتمع، فستنعكس على مجمل أوضاعه تخلفاً وانحطاطاً.
لذلك فإن أي حركة نهوض لا يمكنها أن تغفل شأن العلاقات الاجتماعية، فهي أرضية الانطلاق، ومحفِّز الإنتاجية والتقدم.
وحينما انبثقت دعوة الإسلام في أرض الجزيرة العربية، فإنها ركزّت على إعادة صياغة العلاقات داخل المجتمع العربي، لانتشاله من حالة الصراعات القبلية، والنزاعات المصلحية، ونمط العلاقات الجاهلية المتخلفة.
وفي حديث القرآن الكريم عن عملية التحول الحضاري الإسلامي في المجتمع العربي، يتناول التغيير في شكل العلاقات الاجتماعية، كأهم إنجاز حققته الدعوة، وكان مقدمة لنجاة العرب وخلاصهم من الجاهلية والتخلف، يقول تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا﴾[4] .
فالآية الكريمة تذكّر المسلمين بأهم نعمة أسبغها الله عليهم، وهي تغيير نمط علاقاتهم، من حالة التنافر والعداء، إلى مستوى الأُلفة والأخوة، فتمكنوا بذلك من تجاوز واقع السقوط والانحطاط، وأصبحوا أمة ذات رسالة وحضارة.
ويتكرر الحديث في الآية الكريمة عن تلك النعمة مرتين: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ . . فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾. كما ينسب الله تعالى إلى نفسه إنجاز مهمة التأليف بين قلوبهم ﴿فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ﴾ لتعظيم هذه المهمة، ولأن برامج الوحي الإلهي وتوجيهاته، هي التي رفعتهم ونقلتهم إلى هذا المستوى المتقدم من الارتباط، والعلاقات الإيجابية.
وكانت المؤاخاة التي عقدها رسول الله بين المهاجرين والأنصار، نقطة انطلاق للمجتمع الإسلامي الجديد في المدينة المنورة بعد الهجرة، فقد جاء المهاجرون المسلمون من مكة إلى المدينة كضيوف غرباء، تخلوا عن عشائرهم وأهاليهم وأموالهم، وهاجروا في سبيل الله لخدمة الدين الحنيف، فاستقبلهم الأنصار أهل المدينة بحفاوة وترحيب، انطلاقاً من هدي الإيمان، وحب الرسول ، ولتوثيق عرى الارتباط والتماسك في هذا المجتمع الجديد، أعلن الرسول مبدأ الأخوة الإيمانية، ثم وضع صيغة عملية تتمثل في المؤاخاة بين كل واحد من المهاجرين وآخر من الأنصار.
قال ابن إسحاق: «وآخى رسول الله بين أصحابه من المهاجرين والأنصار، فقال: تآخوا في الله أخوين أخوين، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فقال: هذا أخي. فكان رسول الله سيد المرسلين، وأمام المتقين، ورسول رب العالمين، الذي ليس له خطير ولا نظير من العباد، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، أخوين، وكان حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله ، وعم رسول الله ، وزيد بن حارثة، مولى رسول الله أخوين. . . وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه وخارجة بن زهير، أخوين. وعمر بن الخطاب رضي الله عنه وعتبان بن مالك أخوين. . . »[5] .
وروى البخاري عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جده، قال: لما قدموا المدينة آخى رسول الله بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع، قال لعبد الرحمن: إني أكثر الأنصار مالاً، فأقسم مالي نصفين، ولي امرأتان، فانظر أعجبهما إليك فسمّها لي أُطلقها، فإذا انقضت عدتها فتزوجها. قال: بارك الله لك في أهلك ومالك، أين سوقكم؟ فدلُّوه على سوق بني قينقاع. . [6] .
وحينما نقرأ الثورة الفرنسية، كطليعة للتغيير في أوروبا، نجد أن مسألة العلاقات داخل المجتمع، كانت في الصميم من اهتماماتها، ومن أولويات برامجها، ويتجلى ذلك في وثيقة حقوق الإنسان، التي أقرتها الجمعية الوطنية الفرنسية، أثناء الثورة الفرنسية، في 26 أغسطس 1789م.
ومجتمعاتنا اليوم، وهي تتطلع للنهوض والتقدم، في حاجة ماسّة للاهتمام بإصلاح شبكة علاقاتها الاجتماعية، بعدما أصابها الكثير من العوارض، مع تطورات الحياة المعاصرة.
إن سلامة العلاقات الداخلية، تنعكس إيجاباً على مختلف جوانب حياة المجتمع، فحركة المعرفة والفكر، تتقدم في ظل أجواء الحرية والتسامح، وأخلاقيات الحوار، واحترام الرأي.
والنشاط الاقتصادي يترعرع وينمو على أرضية التعاون وتظافر القوى والقدرات.
ومكانة المجتمع تتعزز في أنظار الآخرين حينما يكون أكثر تماسكاً وانسجاماً.
والحالة النفسية لأبناء المجتمع، تكون أبعد عن الأزمات والعقد والأمراض، حين تصفو العلاقات، وتتقارب النفوس.
وهكذا تكون سلامة العلاقات هي الطريق إلى مجتمع أفضل.
ومن هنا تبرز أهمية السعي، وبذل الجهد، من أجل تنمية العلاقات الاجتماعية.
ثقافة التسامح والتقارب
في أجواء التخلف والركود الاجتماعي، تسود بعض الأفكار والثقافات السلبية، التي تخلق عزوفاً عند الناس عن بعضهم البعض، وتقيم بينهم الحواجز والسدود، وتعبّئ كل طرف ضد الآخر.
ومن أجلى مصاديق تلك الأفكار: النظريات العنصرية، التي تزعم تفوق عنصر من البشر على غيره، فتزرع عند أبنائه الشعور بالرفعة والتعالي، وتدفعهم نحو الهيمنة والسيطرة على الآخرين، أو انتقاصهم وازدرائهم، مما ينتج وبشكل طبيعي رد فعل رافض عند الطرف الآخر. فيعيش الطرفان حالة عداء ونزاع لا تنتج إلا المآسي والدمار.
ومن قبيلها ثقافة التعصب القومي، التي تستبطن الغض من شأن سائر القوميات، أو التنكر لشيء من حقوقهم وأدوارهم.
وكذلك ثقافة التعصب الديني والمذهبي، التي تدفع أصحابها نحو فرض توجهاتهم ووصايتهم على الآخرين، أو ممارسة العدوان تجاههم، وتجاهل حق الحرية والاختيار الذي منحه الله تعالى لبني البشر، في متبنياتهم الدينية والفكرية، قال تعالى: ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ وقال تعالى: ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾.
وهكذا كل أنواع العصبيات من قبلية وحزبية وغيرها.
إن من حق كل إنسان أن يعتز بانتمائه وهويته، ومقتضى ذلك أن يعترف للآخرين بنفس الحق، مع الاحترام المتبادل للحقوق وعدم العدوان.
وما أحوج مجتمعاتنا إلى ثقافة التأكيد على حقوق الإنسان، والتي تحتل مساحة واسعة من الفكر الإسلامي، والتعاليم الدينية، بيد أن خضوع مجتمعاتنا لحالات من الاستبداد الديني والسياسي والاجتماعي، أضعفت حضور هذا الجانب الهام من ثقافتنا الإسلامية، إلى حد التغييب والإلغاء، حتى أصبح يُنظر إلى موضوع حقوق الإنسان، وكأنه طرح دخيل جاءنا من الغرب، ومن مفردات الغزو الثقافي.
من ناحية أخرى فإن استغراق الإنسان المعاصر في مشاكل الحياة ومتطلباتها وإغراءاتها، يجعله أقل ميلاً واهتماماً بالاقتراب من الآخرين والتواصل معهم. فلا بد من ثقافة تلفت الإنسان إلى عضويته في المجتمع، ومسؤوليته تجاهه، وأن تواصله الاجتماعي مظهر لإنسانيته، ونافع له في دنياه وآخرته.
المفاهيم الدينية الاجتماعية
كل متأمل لمفاهيم الدين وتشريعاته، يدرك موقعية الجانب الاجتماعي وأولويته، فعلاقة الإنسان مع أبناء جنسه ومجتمعه، ليست مسألة هامشية جانبية، بل هي أصل أساس في أهداف الدين وغاياته، ولو استقرأنا آيات القرآن الكريم، لوجدنا القسط الأكبر منها متعلقاً بهذا الجانب.
وفي آيات عديدة من القرآن الكريم، يأتي الأمر بحسن العلاقة مع الآخرين رديفاً للأمر بعبادة الله تعالى. يقول تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا﴾[7] .
ويقول تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾[8] .
ويقول تعالى: ﴿يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ﴾[9] .
وفي النصوص والأحاديث، نجد عدداً هائلاً منها يربط بين الإيمان والعلاقة الإيجابية مع الآخرين.
كما روي عنه أنه قال: «المؤمن من آمنه الناس على دمائهم وأموالهم»[10] .
وعنه : «المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس»[11] .
وعنه : «المسلم من سلم الناس من يده ولسانه»[12] .
ونجد في المفاهيم والتعاليم الدينية مفردات كثيرة ترتبط بالجانب الاجتماعي، كصلة الرحم، والبر بالوالدين، وحسن الجوار، وإصلاح ذات البين، وقضاء الحوائج، وحسن الأخلاق، وأداء الأمانة، والوفاء بالعهد، وعيادة المريض. . .
إن هذه المفاهيم والتعاليم بحاجة إلى إثارة وتفعيل أكثر في واقع الحياة الاجتماعية، وإلى تقديم برامج عملية لتجسيدها وممارستها بصيغ جديدة ومناسبة.
مؤسسات للتنمية
مصطلح التنمية أصبح محوراً في جميع العلوم الإنسانية وتطبيقاتها فهناك تنمية اقتصادية وتنمية ثقافية وتنمية سياسية. . ويقصد بالتنمية وجود خطط تشق طريقها للتنفيذ من أجل تحقيق تطور وتقدم في ذلك المجال.
والعلاقات الاجتماعية بما لها من أهمية كبيرة، وما يعترضها من عوائق وعقبات، ويعتريها من تصدعات، تستحق أن تخصص لها إمكانيات وجهود، ضمن مؤسسات ترصد حال العلاقات في المجتمع، وتشخص أوضاعها وتطوراتها، وتضع الخطط والبرامج لتنميتها وتطورها.
ففي المجتمعات المتقدمة تقوم مؤسسات تعنى بالدراسات والأبحاث الاجتماعية، وتتابع الظواهر المستجدة عبر لغة الأرقام والبيانات، وتصدر تقاريرها وتوصياتها، التي يهتم بها المعنيون بالشأن الاجتماعي.
بينما لا زلنا نعتمد في تقويمنا للأوضاع الاجتماعية على الملاحظات العابرة، والتقديرات العامة، التي تتأثر بالنظرات الشخصية، والأجواء المحيطة. ولعل ذلك هو سبب ما نسمعه من تضخيم لبعض القضايا، وإهمال للبعض الآخر، كما أن التوجيه الديني والثقافي عندنا لا يتوفر على دراسات ومعلومات ينطلق منها في تحديد الأولويات، ومعالجة المسائل. فيبقى ضمن دائرة الجهود الفردية، والطروحات العمومية.
إن الرصد العلمي للأوضاع الاجتماعية، مهم جداً، لتقدير حجم كل ظاهرة أو مشكلة، ولمعرفة مؤشرات حركة المجتمع، ودلالاتها السلبية والإيجابية.
فكيف هي حال العلاقات الأسرية في ظل متغيرات الحياة؟
وما هو مستوى العلاقة بين الفئات والجماعات المتمايزة في انتماءاتها الفكرية أو السياسية؟
وما هو مدى انفتاح المجتمع على المجتمعات المحيطة به؟
وما هي درجة الاهتمام بالشرائح الضعيفة من المجتمع كالفقراء والأيتام والمعوقين؟
إن الإجابة على هذه التساؤلات وأمثالها، هي من مهام مراكز المعلومات والبحوث والدراسات، التي لا يستغني عنها مجتمع معاصر.
وبعدها يأتي دور مراكز التوعية والتوجيه الثقافي التي تضع البرامج الفكرية والإعلامية حسبما تقتضيه خطط التنمية للعلاقات الاجتماعية.
وأخيراً لا بد من جهود عملية يقوم بها الخيّرون المصلحون لمعالجة أي خلل في العلاقة بين مختلف أطراف المجتمع.