الفكر بين الموضوعية والانحياز
من مصلحة الإنسان أن يرى الأشياء على حقيقتها، وبحجمها الواقعي، ليتعامل معها بشكل صحيح. فمن يقود السيارة – مثلاً – يحرص على أن يركز نظره، ويتجنب ما يعرقل الرؤية أو يشوشها، ليرى إشارات المرور، ومنعطفات الطريق، والمسافة بينه وبين السيارات الأخرى، فلا تختلط عليه الألوان، ولا تلتبس عليه المسافات الفاصلة، ليتمكن من القيادة السليمة.
أما إذا كان يعاني من خلل في النظر، أو تساهل في التركيز والانتباه، فرأى القريب بعيداً، أو البعيد قريباً، أو لم ينتبه لمنعطف أو ارتفاع في الطريق، فإن ذلك يعرضه للسوء والخطر.
كذلك في عالم الآراء والأفكار، فإن مصلحة الإنسان تقتضي حرصه على تمييز الأفكار، ومعرفة الصواب فيها من الخطأ، ليأخذ منها الموقف السليم.
لذلك يحتاج إلى تركيز الفكر، والحذر من المؤثرات التي تشوش الرؤية أو تنحرف بها، حتى يتسنى له إدراك الحقائق، والوصول إلى مواقع الصواب.
إن من أهم شرائط التفكير السليم، التزام الموضوعية في البحث، دون ميل وانحياز، ليرى الإنسان الحق حقاً فيتبعه، والباطل باطلاً فيجتنبه.
أما إذا ابتلي الإنسان بداء التعصب الفكري، فإنه يفوِّت على نفسه فرصة الإدراك الصحيح، والرؤية السليمة.
إن لداء التعصب الخطير مظاهراً وأعراضاً على مستوى الفكر، كما له انعكاسات على ساحة النفس، وميدان السلوك. ولعل من أبرز تجليات حالة التعصب الفكري، السمات التالية:
الارتباط العاطفي بالفكرة.
الانغلاق على الفكرة.
رفض المراجعة والحوار.
منهجية التفكير
النقطة الأساس في التعامل مع الأفكار والآراء، اعتماد منهجية سليمة في التفكير، بأن يفسح الإنسان المجال لعقله، لكي يمعن النظر في كل فكرة بموضوعية وتجرد، دون تأثير أو تشويش من العوامل العاطفية الذاتية، أو الضغوط الخارجية.
إن التزام المنهجية السليمة في التفكير قيمة عليا، وهدف مقصود، بغض النظر عما يوصل إليه من نتائج صائبة في الرأي، فحتى لو أدى اجتهاد الإنسان الفكري إلى نتيجة خاطئة، لسبب أو آخر، فإنه لا يؤاخذ بخطئه عقلاً وشرعاً، ما دام قد بذل جهده، ضمن منهجية سليمة، بينما لو أدرك نتيجة صائبة باعتماد منهجية خاطئة، فإنه يستحق اللوم والمؤاخذة. وفي مجال العلوم الشرعية، اتفق علماء الإسلام على أن المجتهد إذا اجتهد فأصاب فله أجران، وإذا أخطأ فله أجر واحد، وإنما استحق الأجر مع خطئه لما بذل من جهد ضمن منهجية صحيحة للاستنباط. أما لو سلك منهجية غير سليمة، كالاعتماد على طريق السحر والشعوذة، أو أطياف النوم، لأخذ الرأي الشرعي، فإنه محاسب على انتهاج هذا المسلك الخاطئ، ولو وصل عبره إلى ما يطابق رأي الشرع.
إن سلامة منهجية التفكير تعني تحرر العقل في بحثه ونظره من المؤثرات العاطفية، بأن يعطي الإنسان لعقله حرية العمل والحركة، ولا يقيده برغباته وانشداداته العاطفية والمصلحية، ليقوم العقل بدوره خير قيام، وليؤدي وظيفته على أحسن وجه، ويستطيع الإنسان بعد ذلك أن يعتمد على حكم عقله، وأن يثق بحصيلة فكره. فكما تثق برؤيتك البصرية السليمة، يمكنك الثقة بحكم عقلك المتحرر، لأن الله تعالى وهبك العقل للتفكير، كما منحك العين للإبصار.
لذلك تؤكد النصوص الدينية على مرجعية العقل، وعلى الثقة بدوره.
جاء في الحديث عن رسول الله : «إنما يدرك الخير كله بالعقل ولا دين لمن لا عقل له»[(1)]. وعنه : «استرشدوا العقل ترشدوا ولا تعصوه فتندموا»[(2)].
وروي عن الإمام على : «العقل رسول الحق»[(3)]. وعنه : «العقل يهدي وينجي»[(4)]. وعنه : «لا يغش العقل من استنصحه»[(5)].
لكن مشكلة الكثيرين من الناس هو التنكر لعقولهم وتجميدها، وتبني أفكاراً وأراء دون عرضها على العقل، ودون إعطائه الفرصة لفحصها ودراستها، وقد يقحم البعض من الناس عواطفهم وميولهم في ساحة عمل العقل، فيربكون حركته، ويشلّون فاعليته.
إن تركيبة العقل وآلية عمله تقتضي التماس الدليل والبرهان، لأي فكرة أو رأي، فإذا توفر الدليل الصادق والبرهان الصحيح، بارك العقل تلك الفكرة وزكاها، أما إذا انعدم الدليل، أو كانت الحجة واهية، فضح العقل زيف تلك الفكرة وأنكرها.
لذلك يؤكد القرآن الكريم على محورية الدليل والبرهان في اتخاذ موقف من أي قضية أو رأي.
ففي أربعة موارد من آيات القرآن تكرر قوله تعالى: ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾[(6)]، وفي آية أخرى يقول تعالى: ﴿قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا﴾[(7)].
وكما قال الشاعر:
نحن أتباع الدليل حيثما مال نميل
وقال شاعر آخر:
من ادعى شيئاً بلا شاهد لا بد أن تبطل دعواه
منهجية خاطئة
ولكن لماذا يتجاوز بعض الناس عقولهم، فيتمسكون بأفكار غير مدروسة، لا تستند إلى دليل وبرهان صحيح؟
هناك أسباب عديدة جذرها الانحياز العاطفي، على حساب الموضوعية العقلية:
1- فتقدير الإنسان لأسلافه، وحبه لعائلته، يجعله راغباً في وراثة أفكارهم، وقبول متبنياتهم، من غير أن يشعر بالحاجة إلى مراجعتها، وإعادة النظر فيها، على ضوء العقل، بل قد يهرب من المراجعة والدراسة، خشية أن تقوده إلى مخالفة السلف، وهو ما لا يريده، ولا يمتلك الجرأة عليه.
إن اكتشافه لأخطاء منهج آبائه وأسلافه، يعني في نظره انتقاصهم والحط من مكانتهم وشأنهم. وهذا ما لا يتقبله ولا يرضاه. هكذا يضع الإنسان نفسه أمام خيار إتباع الآباء والأسلاف، والتعصب لأرائهم وتوجهاتهم، ورفض ما يخالفها من الحق والصواب.
لقد كانت رسالات الأنبياء، دعوة صارخة لمجتمعاتهم، باستنهاض عقولهم، والخلاص من هيمنة أفكار الآباء والأسلاف، والتي كان الالتزام بها، والتعصب لها، مانعاً من قبول الهدي الإلهي، وإتباع منهج العقل السليم.
يقول تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ، قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾[(8)].
لقد نشأوا وتربوا على طريقة ومذهب آبائهم ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ﴾ والأمة هنا الطريقة والمذهب. فقرروا إتباع نهج آبائهم، وتقليدهم والإقتداء بهم، دون دراسة وبحث، ولا دليل وبرهان، وحينما يخاطبهم الرسول بلباقة وأدب: ﴿أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ﴾؟ وذلك بهدف دفعهم للتقويم والموازنة بين نهج الآباء ورسالة الحق، إنه لا يقول لهم: إن آباءكم ضالون منحرفون، مراعاة لمشاعرهم، بل يقول لهم: أعطوا لعقولكم الفرصة للمقارنة والبحث، فإن ثبت لكم أن نهج الآباء أفضل وأصوب، فلا لوم عليكم في إتباعه، أما إذا أتضح لكم أن ما أطرحه عليكم أهدى وأحق، فهل ترضون لأنفسكم مخالفة ما أقرت عقولكم أفضليته؟
لكن المؤسف أن جوابهم هو رفض التفكير والمراجعة، وأخذ موقف تعصبي: ﴿إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾. وفي آية أخرى ينقل عنهم القرآن الكريم شعورهم بالاكتفاء بنهج أسلافهم، وادعائهم عدم الحاجة إلى غيره، يقول تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًاوَلاَ يَهْتَدُونَ﴾[(9)].
هذا هو منطق كل المتعصبين بأنهم يمتلكون الحقيقة الكاملة، وأن أي فكرة أخرى لا تضيف لهم جديداً، لذلك لا يجدون داع لمراجعة أفكارهم، أو دراسة أي رأي مخالف.
الجانب المصلحي
2-وقد تصبح بعض الأفكار والآراء مصدراً لكسب ومصلحة مادية، من مال أو جاه أو منصب، فيتشبث بها المنتفع منها، لا لثبوت صحتها وأحقيتها عنده، بل لما تجلبه من مصلحة، ثم ومن ذات المنطلق يتحمس للدفاع عنها والترويج لها.
وفي بعض الأحيان يكون الجانب المصلحي في فكرة ما هو التبرير لواقع أو حالة يعيشها الفرد، ويرغب في استمرارها، فينشأ إنسجام بين رغبة الفرد وتلك الفكرة التبريرية.
3- وقد يتبنى الإنسان فكرة ما ضمن ظرف من الظروف، وعلى أساس مبررات معينة، ثم يتبين أنها فكرة خاطئة، إما لأنها خطأ من الأساس، أو لأن تطورات حصلت ألغت مبرراتها، أو لظهور ما هو أفضل منها، كما هو الحال في النظريات العلمية التي تتراكم وتتطور مع تقدم العلم، فتنسخ ما قبلها، أو تكون أكمل منها.
لكن البعض من الناس يصعب عليه التخلي عن فكرة آمن بها ردحاً من الزمن، لأنه يعدها جزءاً من شخصيته وتاريخه، فكأن تركها إدانة لتاريخه وماضيه، ولأنه قد ألفها، وبرمج تفكيره ومعادلاته على أساسها، فيستثقل تجاوزها والتخلي عنها. لذلك يتمسك بها ويصر عليها، ويتعصب للدفاع عنها.
رغبة التوافق الاجتماعي
4-ومن أسباب فقدان الموضوعية، في التعامل مع الأفكار، رغبة المحافظة على التوافق الاجتماعي، فإذا كانت البيئة الاجتماعية المحيطة بالإنسان، ذات اتجاه فكري معين، فإن الفرد يتهيب مخالفة مجتمعه، ويخشى العزلة عنه، وتشتد هذه الهيبة والخشية عندما تسود المجتمع أجواء ضاغطة، تقمع أي رأي مخالف، مما يخلق عزوفاً عند الفرد، من التفكير خارج ما هو سائد ومألوف، واستسلاماً لحالة العقل الجمعي، حسب نظرية (جوستاف لوبون) التي تنصهر في بوتقتها عقول الأفراد، وتفقد ثقتها بذاتها، وقدرتها على الاستقلال في الرأي والموقف.
ولعل في الآية الكريمة قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ﴾[(10)]، إشارة إلى هذه الحالة، فإن كثيراً من أبناء قريش، كانوا يرفضون الانفتاح على دعوة الإسلام، خضوعاً للجو السائد المضاد، الذي صنعه زعماؤهم تجاه الرسول ، واتهامه بأبشع الأوصاف كالجنون،لذلك كان الرسول يدعو أفرادهم للاستقلال بالرأي، والتفكير خارج هذا الجو الجمعي المضاد﴿أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ﴾.
كما أن آيات عديدة في القرآن الكريم تنبه الإنسان وتحذره من الخضوع للتيار العام، على حساب الحق، بأن يجمّد عقله، ويعطل فكره، وينساق مع الحالة السائدة.
إن أحد أسباب الهوي في نار جهنم هو هذه المنهجية الخاطئة، حيث أجاب الساقطون فيها على سؤال: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ﴾[(11)] بإجابات منها: ﴿كُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ﴾[(12)]. وفي آية أخرى يقول تعالى: ﴿وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾[(13)]، ويقول تعالى: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾[(14)]، تأتي هذه الآيات وأمثالها في سياق تصليب إرادة الفرد للبحث عن الحق، وامتلاك الجرأة على اتباعه، في مقابل ضغوط البيئة والمحيط الاجتماعي.
التقديس والانبهار
5- من الطبيعي أن تحظى بعض الشخصيات المتميزة بموقعية كبيرة في نفس الإنسان، وأن يمنحها الكثير من ثقته وولائه، لما يلحظه من إخلاصها الديني، أو إنجازها العلمي، أو دورها الاجتماعي، لكن ذلك لا يصح أن يتحول إلى تبعية عمياء، وتقديس مطلق، وانبهار يفقد الإنسان ثقته بعقله، ويسلبه القدرة على النظر والتفكير.
إن أي شخصية بشرية مهما عظمت – عدا المعصومين الذين منحهم الله مقام العصمة – لا تمتلك الكمال المطلق، فهي معرضة للخطأ، بقصد أو بغير قصد، وقد تتبنى فكرة أو موقفاً ضمن ظرف معين، أو مبررات خاصة، لكن ذلك يتحول في نظر الأتباع المنبهرين إلى صواب مطلق، وحق دائم.
ولن يجدي الإنسان يوم القيامة اعتذاره باتباع الزعامات، إن لم يكن ذلك وفق الضوابط الصحيحة. لذلك يتحدث القرآن عن هذا الموقف الخاطئ في قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ﴾[(15)].
وحينما جاء الحارث بن حوط مضطرباً حول موقف أصحاب الجمل، وطرح على الإمام علي سؤاله الصارخ قائلاً: أتراني أظن أصحاب الجمل كانوا على ضلالة؟ إنهم شخصيات عظيمة مقدسة في نظره، فكيف يمكن اتهامهم بالخطأ؟ أجابه الإمام علي بمنطق الإسلام والعقل: «يا حارث، إنك نظرت تحتك ولم تنظر فوقك فحرت. إنك لم تعرف الحق فتعرف من أتاه، ولم تعرف الباطل فتعرف من أتاه»[(16)].
أما موضوع تقليد الفقهاء المجتهدين فذلك في حدود الأحكام الشرعية الفقهية، باعتبار خبرتهم وتخصصهم، والعقل يرشد الإنسان إلى الأخذ برأي الخبراء في مجالات خبرتهم، مع اشتراط عدالة الفقيه. قال السيد اليزدي في العروة الوثقى: «محل التقليد ومورده هو الأحكام الفرعية العملية، فلا يجري في أصول الدين، ولا في مسائل أصول الفقه، ولا في مبادئ الاستنباط من النحو والصرف ونحوهما، ولافي الموضوعات المستنبطة العرفية أو اللغوية، ولا في الموضوعات الصرفة»[(17)].
احترام العقل
إن احترام العقل يستوجب عدم التدخل العاطفي في ميدان عمله، وعدم إرباك حركته الفكرية بالميول والانفعالات، وإذا كانت العواطف والأحاسيس تسعى لفرض هيمنتها على شخصية الإنسان، فإن عليه اليقظة والحذر حتى لا تتغلب عواطفه على عقله فتقوده إلى الخطأ والانحراف.
إن الموضوعية والتجرد في التفكير مهمة صعبة شاقة، لما للعواطف والأهواء من دور ضاغط، وتأثير عميق، لكن المطلوب من الإنسان الواعي، التسلح بالإرادة الكافية، للانتصار لعقله. ومن مهام الدين الأساسية رفع معنويات الإنسان، وتصليب إرادته، في مقابل الأهواء والعواطف. حتى يتعامل مع أي فكرة أو موقف بموضوعية وتجرد، دون انحياز مسبق.
ويسمي بعض المفكرين الغربيين الهوى بـ(التحيز) ويعرفون التحيزات بأنها: «طرائق في التفكير تقررها سلفاً قوى ودوافع انفعالية شديدة كالتي يكون مصدرها منافعنا الذاتية الخاصة، وارتباطاتنا الاجتماعية»[(18)].
ويقول جوزيف جاسترو: «إن الهوى هو الحكم على شيء مقدماً، وفي أثناء عملية الاستدلال يجعلنا نتجاهل بعض الوقائع، ونبالغ في تقدير بعضها الآخر ميلاً منا نحو نتيجة معينة في ذهننا منذ البداية»[(19)].