عاشوراء تأكيد الأصالة وتطلعات الإصلاح
أعودُ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمدٍ وآله الطاهرين، وصحبه الطيبين.
خطب سيدنا ومولانا أبو عبد الله الحسين يوم عاشوراء فقال مخاطبًا القوم: «أيها الناس إن الله تعالى قد خلق الدنيا فجعلها دار فناءٍ وزوال متقلبةً بأهلها حالاً بعد حال، فالمغرورُ من غرتهُ والشقيُ من فتنتهُ، فلا تغرنكم الدنيا فإنها تقطعُ رجاء من ركن إليها وتخيبُ طمع من طمع فيها. وآراكم قد اجتمعتم على أمرٍ أسخطتم الله فيه عليكم فأعرض بوجهه الكريم عنكم، وأحل بكم نقمة. أقررتم بالطاعة وآمنتم بالرسول محمد ثم زحفتم إلى عترته وذريته تريدون قتلهم، فتبًا لكم ولما تريدون، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
أيها الناس انسبوني من أنا ثم ارجعوا إلى أنفسكم وانظروا، هل يحل لكم قتلي وإنتهاك حرمتي؟ ألستُ أنا ابن بنت نبيكم وابن وصيه وابن عمه؟ أوليس حمزة سيد الشهداء عمّ أبي؟ أوليس جعفر الطيار في الجنة بجناحين عمي؟ أو لم يبلغكم قول رسول الله فيَّ وفي أخي الحسن (هذان سيدا شباب أهل الجنة)، فإن صدقتموني فيما أقول -وهو الحق- فو الله ما تعمدت الكذب مذ علمتُ أن الله يمقت عليه أهله ويضرُ به من اختلقه، وإن كذبتموني فإن فيكم إذا سألتموه أخبركم أنهُ سمع هذه المقالة من رسول الله فيَّ وفي أخي، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري، سلوا زيد بن أرقم، سلوا سهل بن سعد الساعدي، سلوا أنس بن مالك، كلهم يخبرونكم بذلك. وإن كنتم في شكٍ من ذلك أفستشكون في أني ابن بنت نبيكم؟ فو الله ما بين المشرق ما المغرب ابن بنت نبيِ غيري.»
هذه الليلة ليلةٌ عظيمة ليلةُ عاشوراء وما أدراك ما عاشوراء، ونحن إذ نتقدم بأحر التعازي لرسول الله لأنه هو المعزى بولده وحبيبه وفلذة كبده الحسين، وإلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وإلى سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء وإلى جميع الأمة المعصومين وخاصةً إلى إمامنا صاحب العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف).
نعيش هذه الليلة في رحاب أبي عبد الله الحسين ، وسيتناول بحثنا أربع نقاط من معاني عاشوراء وأهدافِ الاحتفاء بهذه المناسبة العظيمة:
النقطة الأولى: التأكيد على أصالة الأمة وارتباطها الوثيق بدينها ومبدئها.
النقطة الثانية: ممارسة النقد الذاتي لتاريخ الأمة السياسي منه بالذات.
النقطة الثالثة: قضية الحضور الجماهيري الفاعل والمؤثر في ساحة الأحداث.
النقطة الرابعة: استلهام دروس التضحية والفداء من ثورة أبى عبد الله الحسين .
مع هذه التحديات الكبيرة التي توجهها الأمة، هل هناك جدوى من الاهتمام بمناسبة تاريخية مضى عليها أكثر من أربعة عشر قرن من الزمن؟ سؤال يطرحه كثيرون كلما رأوا احتفاء شيعة أهل البيت (صلوات الله وسلامه عليهم) بهذه المناسبة العظيمة، وخاصةً في مثل هذه السنوات وقد أصبح الإحتفاء -بحمد الله- واضحًا وعلى مرأى ومسمع من العالم.
كان شيعة أهل البيت يحيون هذه المناسبة ولكن ضمن أفق محدود وضمن وضع محدود، لم تكن وسائل الإعلام ملتفتةً إليهم، ولا كانت الأضواء مسلطةً عليهم، ولم يكن لديهم شيءٌ من الإمكانيات الإعلامية والسياسية التي تمكنهم بأن يعكسوا نشاطهم وحضورهم في ساحة الفعل والتحرك. ولكن في هذه السنوات -بحمد الله- تغيرت الصورة وتغيرت المعادلة، ففي الجمهورية الإسلامية الإيرانية – على سبيل المثال – بثّت وسائل الإعلام الفضائية منها والإذاعية وبمختلف اللغات مشاهد احتفائية للمسلمين الشيعة في واقع كربلاء وأيام عاشوراء، كل ذلك من أجل أن يطّلع العالم ويتعرف على الثورة الحسينية التي لا تنفصل عن كل القيم الإنسانية والحضارية. ولم يكن هذا الحضور لوسائل الإعلام مقتصرا على بلد محدد بل تسنى لدول كثيرة بأن تتسق مع الحدث لتبدي استعدادها في تغطية هذه المشاهد الإحيائية؛ مما يحدو ببلد كلبنان ليتحشد الناس في مجاميع تنتظم ومعطيات الثورة الحسينية. كذلك العراق البلد الذي تتجه أنظار العالم إليه في ظل التطورات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط ليتم التركيز من خلال الزمان والمكان المناسبين حيث عاشوراء و كربلاء أبي عبد الله الحسين ، إذن تلعب وسائل الإعلام بمختلف أصنافها دورا كبير في تسهيل ونشر هذه المراسيم العاشورائية وذلك تخليدا لذكرى عظيمة ولقضية رائدة.
تبث مشاهد عاشوراء والإحتفاء بها على الفضائيات وبمختلف وسائل الإعلام وبمختلف اللغات لكي يشاهد العالم ذلك، وفي لبنان -منذ سنوات أيضًا- بدأت وسائل الإعلام تعكس هذا الإحتفاء وتتحدث عن ازدحام الحشود التي تحضر وتشارك في هذه المناسبة العظيمة. وفي هذا العام أصبحت الأضواء مسلطة ًعلى العراق وبالذات على كربلاء أبى عبد الله الحسين ، وسائل الإعلام بمقدارٍ أو بآخر تبث المشاهد ويرى العالم على الطبيعة كيف يحتفي هؤلاء الناس بهده المناسبة العظيمة الخالدة.
وبغض النظر عن الجزئيات وعن القضايا الجانبية، الحديث عن أصل الإحتفاء وعن أصل الإهتمام بهذه المناسبة، يطرح هذه التساؤلات: ما معنى هذا الاحتفاء؟ ولماذا هذا الإصرار بالاحتفاء لهذه المناسبة؟
نقول إننا نرى أن الاحتفاء بهذه المناسبة مظهرًا ومصداقًا من مصاديق المودة لعطرة رسول الله الذين أمر الله بمودتهم: ﴿قل لا أسألكم عليه أجرًا إن المودة في القربى﴾، هذا البيت النبوي الطاهر الذي نص الذكر الحكيم على طهارتهم: ﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا﴾، هذه العترة والذرية التي طالما كان رسول الله يحدث الأمة عن فضلها ومكانتها ويوصي الأمة بالإلتفات حول أهل بيته.
بالتأكيد الرسول وهو من قال عنه تعالى: ﴿وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى﴾، حينما يؤكد على فضل أهل بيته وعلى ضرورة الالتفاف حولهم، لابد وأن يكون ذلك بأمرٍ إلهي ولهدفٍ رسالي، والأحاديث في ذلك متواتر وكثيرة في مصادر المسلمين المعتمدة عند كل المذاهب الإسلامية كقوله : «إني مخلفٌ فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلو بعدي أبداً وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض»، وكقوله : «أهل بيتي فيكم كسفية نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق وهوى»، وكقوله : «أهل بيتي آمانٌ لأهل الأرض كما أن النجوم آمانٌ لأهل السماء». إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة المشهورة المتواترة، فضلاً عن الأحاديث التي هي حول أفراد هذه الأسرة، كالأحاديث الواردة حول أمير المؤمنين عليٍ بن أبي طالب أو حول الصديقة فاطمة الزهراء (عليها السلام) أو حول الحسنين (عليهما السلام).
هذا الاحتفاء نحن نعتبره مظهرًا من مظاهر المودة والولاء لأهل البيت( عليهم أفضل الصلاة والسلام )، وكذلك فهو مظهرٌ من مظاهر التعظيم لشعائر الله: ﴿ذلك من يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب﴾.
أما من لديه إشكالات على هذه الشعائر ويعتبرها غير موافقة للدين أو بعبارة أخرى يقول: إنها ضرب من البدع، ولا نود أن ندخل في مثل هذا الجدل العقيم، ذلك لأن هناك مدرسةً في الأمة تعتبر أن أي اجتهادٍ يخالف اجتهادها يعد خروجا عن إطار الدين، وتعتبره بدعة، وكأن الدين حصرٌ عليها، بادعائها حق الوصاية على فهمه، ولا تسمح بذلك لأي جهة كانت أو فئة للتكلم عنه، فهو الوحيدة التي تدرك آي الذكر الحكيم وأغراضها، وهي الجهة المستفردة تحقيقا في أحاديث السنة النبوية الشريفة، لذلك من خالفها – في أية مسألة - فهو قد ابتدع في الدين، وهو على ضلال بل هو على كفر وإشراك مع الله في العبادة، وبالتالي يوزعون تهم الشرك والكفر والإبتداع على جميع المسلمين. فلم يسلم أحدٌ من المسلمين من اتهاماتهم.
كل العالم الإسلامي في شهر ربيع الأول يحتفون بذكر ميلاد رسول الله وآله وسلم، لكن هذه المدرسة وحدها لهم رأيٌ آخر، إذ تعتبر هذا الاحتفاء بدعة، وفي كل عام عند هذه المناسبة يجرحون مشاعر المسلمين باتهام المسلمين في دينهم واتهامهم في عقيدتهم. إنهم أحرار في أن يكون لهم رأي حول هذه الممارسات ولكن ليس من حقهم أن يتهموا الناس في أديانهم حينما يختلفون معهم في الاجتهاد، فالمسلمون لديهم أئمة وفقهاء وعلماء ومدارس فكرية وفقهيه، فاعتبار أن كل هؤلاء في الشرك وكل هؤلاء في الكفر وكل هؤلاء في الإبتداع وكل هؤلاء في الضلال، فقط هذه الفئة هي التي على الحق وهي التي يحق لها الاجتهاد، فهذا الاحتكار والادعاء لا يمكن قبوله، لذلك أتباع هذه المدرسة من الصعوبة بمكان المناقشة معهم إذا كانوا يرون لأنفسهم هذه الموقعية وهذه الوصايا بالتالي العقل يكون مغلقاً محجوباً. فالمسألة مسألة تعصب وليست مسألة دليل أو برهان أو نقاش.
أما الكلام عن بعض الممارسات في الشعائر، في الواقع كلُ ممارسة من الممارسات إذا فُصلت عن سياقها وإذا لم يُنظر إليها ضمن سياقها تبدو غير واضحة. فلو أن أحدًا أخد لقطات من رمي الجمار في منى وعرض هذا المنظر لغير المسلمين، قائلاً لهم: انظروا إلى هؤلاء الناس كيف يتجمعون على اسطوانة من الحجر ويرمونها بالحجارة، وفي كل سنة تذهب منهم نفوس كما حصل في هذا العام، حوالي مائتين وستين شخصًا راحوا ضحايا في قضية رمي هذه الجمار. فمن هو خارج المنظومة الإسلاميه يبدو له هذا المنظر غير واضح.
بالنسبة للشعائر الحسينية، بعض الناس حينما ينظرون إلى مجالس العزاء ويرون هذا البكاء ويرون هذا التفاعل ويرون مواكب العزاء، ينظرون إلى هذه اللقطات بمفردها مفصولةً عن السياق العام فتبدوا لهم في بعض الأحيان غير واضحة.
إذن شيعة أهل البيت لهم منظومة فكرية فقهية متكاملة تقوم على أساس حجية قول الأمام المعصوم، وانطلاقًا من هذه المدرسة و ما وردنا من كلام أئمة الهدى (صلوات الله وسلامه عليهم) نحن نقوم بهذه الشعائر، إضافةً إلى أن هذه الشعائر لها معانٍ عظيمة، وإذا نظر إليها ضمن الإطار العام، وضمن السياق العام لمدرسة أهل البيت وتعاليمهم وتاريخهم فإنها تبدو واضحة جلية، أما حين تقطع من سياقها وعن أصولها وعن جذورها قد تكون هناك بعض التساؤلات حول بعض الممارسات.
يأتينا نقاش حول بعض المفردات في الشعائر الحسينية، حول هذه الممارسة أو تلك، من الطبيعي أن تكون هذه الممارسة باعتبارها نتيجة اجتهاد وباعتبارها نتيجة أعراف وتقاليد متوارثة بمرور الزمن من الوارد أن يكون هناك اختلاف في تقويم هذه المفردة أو تلك، وفي صحة هذا العمل أو ذاك، ولكن لا ينبغي أن يكون الاختلاف حول بعض مفردات هذه الشعائر سبباً في النزاع. فإذا كانت جهة تعجبها ممارسة معينه وجهة أخرى لديها ما لديها من التحفظ على هذه الممارسة فيمكن معالجة هذا الأمر بالنقاش وبالحوار وبحرية طرح الآراء، ولكن لا يصح أبدًا أن تتحول إلى سبب إلى النزاع، فذلك ما لا يرضاه أهل البيت (صلوات الله وسلامه عليهم). ولا يصب ذلك في صالح المجتمع، وبالتأكيد لا يمكن أن يكون في صالح مدرسة التابعين لأهل البيت (صلوات الله وسلامه عليهم).
وبمكاننا أن ندرك أول فائدة من فوائد هذا الإحتفاء هي: التأكيد أصالة هذه الأمة. في الوقت الذي تواجه هوية الأمة ووحدتها تحديات كبيرة، فالعالم قد سبقنا بمسافاتٍ بعيدة وكبيرة. هناك تطورات على مستوى الفكر، على مستوى المعرفة، على مستوى الإدارة السياسية، على مستوى الواقع الاجتماعي، على مستوى التكنولوجيا، تطور هائل وكبير تشهده الحضارة المادية المهيمنة على مقدرات شعوب الأرض، ونحن كمسلمين – لغاية اللحظة - لم نصل إلى حد التأهيل لمواكبة هذا التطور، والذي يحرمنا كأمة بين سائر أمم الأرض من الكثير من التمتع بأدوات القدرة والحضور الفاعلين، كل ذلك أدخلنا في دوامة اختلال التوازن على مختلف الصعد لا سيما قيمنا وثوابتنا الدينية والتي أصبحت على المحك \" التشكيكي \" ! . هل هذا التخلف الذي نعيشه له ارتباط بالقيم التي نؤمن بها؟ بعبارة أخرى: هل أن هذه المبادئ والقيم التي نؤمن بها هي التي تعوق تقدمنا والتحاقنا بركب الحضارة والتقدم أم ماذا؟ ومما لا شك فيه بأن الحضارة المادية هي ليست حضارة تكنولوجية فحسب، بل هي تحمل معها قيمًا، وتحمل معها أنماط سلوك، إنهم يبشرون بحضارتهم المادية، ويريدون أن يعمموا قيمها ويصدرون أنماط السلوك فيها لمختلف شعوب العالم. فالعولمة لها وجوه عدة أبرزها: إذابة الشعوب في بوتقة واحدة، بوتقة هذه الحضارة الغربية المادية حيث يصبح الناس في كل قطر من هذه الأرض نسخا كربونية للفكر الغربي والأمريكي حينئذ يصير لا وجه للفرق ما بين الأصل والصورة ! ، فهم بهذا وبأي شكل من أشكال الهيمنة؛ يريدون أن يفرضوا هذا السلوك على مختلف شعوب العالم، وقد كتبوا نظريات في هذا المجال كنظرية (نهاية التاريخ) والتي بشر بها فوكوياما والذي أكد هذه الهيمنة للحضارة الغربية قي صيغتها الأمريكية الحاضرة هي الذات العليا على كافة مستويات القدرة والسيطرة إذ يتعذر على سائر الحضارات بلوغها كأيدولوجيا وإستراتجية حضور! ، وبالتالي ينبغي التبشير بهذا النموذج، وهذه القيم، مستغلة بذلك انهيار جدر الوهم وتقليص الرقاع الجغرافية عبر وسائل الاتصال الحديثة والتي جعلت من هذا الكون قرية صغيرة يتدافع الناس بشكل مزدحم، كل ذلك يهيىء الفرصة لهم كطرف مهيمن للعمل بما يريدون وبما يخططون ! . إذ بهم يغزون عقولنا وبيوتنا؛ فهاهم أبناؤنا يستنشقون هذه الحضارة عبر الفضائيات ووسائل الاتصالات المتطورة وعبر مختلف السبل والطرق. إذا بشبابنا يدخل في متاهة لا ينفك الخروج منها إلا من الصعوبة بمكان !، وبالتالي أصبحت هويتنا وقيمنا مهددة بل هي على المحك.
من ناحية أخرى نحن أمة لدينا موقع استراتجي، لدينا ثروات وخبرات وإمكانيات، ومن الطبيعي أن تكون هناك مطامع للسيطرة على ثرواتنا وعلى خيراتنا وعلى أراضينا، ولن يتمكن من الهيمنة على بلادنا مادامت عندنا قيمٌ تصادم قيمهم، ما دامت عندنا مبادئ تعارض هيمنتهم، لذلك من الطبيعي أن تستهدف قيمنا ومبادئنا.
وساعد على ذلك أن فئة من المسلمين اعتمدت أساليب خاطئة، أساليب مسيئة بشعة، استخدمت العنف والإرهاب من أجل تحقيق بعض توجهاتها السياسية، أو من أجل نصرة بعض القضايا التي ترى نفسها تحملها. وحصلت أعمال عنف وإرهاب نالت من الأبرياء والمدنيين نسبت إلى هذه الفئة من المسلمين، وهم بخطابهم وبسلوكهم المتشدد يؤكدون هذه التهم لهم. وبالتالي أعطوا للحضارة الغربية فرصة دهبية لكي تشن هجومها وحربها على القيم الإسلامية وعلى المبادئ الإسلامية، وحيث أن الغرب قد مهدوا لذلك بمقوليتهم وبنظريتهم حول صدام الحضارات، لذلك نجد هناك هجومًا وحملة عنيفة على الإسلام والمسلمين، ولا يكاد يمر يوم، إلا وهناك كتابٌ أو خطابٌ أو تصريحٌ أو فيلمٌ أو وسيلة من وسائل الثقافة والإعلام تشوه صورة الإسلام وصورة المسلمين. ووصل بهم الأمر حتى صاروا يتحدثون رسول الله باعتباره إرهابياً، وأيضاً يتحدثون عن قرآننا باعتباره مدرسة الإرهاب، وديننا باعتباره منبع الإرهاب؛ فأصبح الدين متهم، والمسلمون كلهم متهمين.
بالطبع هناك أهداف وراء هذه الحالة، ولكن هناك من ساعدهم و أعانهم وقدم لهم الوسائل والذرائع، وهم هذه الفئات الحمقاء من الأمة التي استخدمت العنف والإرهاب والتشدد والتطرف. ويحاول الغرب توسيع كلمة الإرهاب لكي يعتبروا كل مقاومة مشروعة إرهابًا، ونحن نخالف هذا الأمر، إذ ندين استهداف الأبرياء والمدنيين، ومن جانب آخر نقدر مقاومة المحتلين والمعتدين ضمن ضوابط الإطار الشرعي، وهو أمرٌ تقبله حتى القوانين الدولية.
كل ذلك جعل هويتنا على المحك، وأجيالنا وأبناء مجتمعنا يحتاجون إلى أن يؤكدوا ارتباطهم بدينهم وتمسكهم بمبادئهم وبهويتهم فتأتي مناسبة عاشوراء، تأتي ذكرى أبي عبد الله الحسين فتصبح وكأنها حالة من الشحذ والتعبئة الروحية والفكرية والنفسية والعاطفية باتجاه القيم والمبادئ الإسلامية. والناس الذين يجتمعون في أيام عاشوراء من كل مكان إنما يجتمعون ليستمعوا إلى الخطب و الأحاديث التي فيها صورة أبي عبدالله الحسين ، حبيب رسول الله ، وفيها تفسير آيات القرآن الحكيم، وفيها تأكيد الولاء للدين.
إذن عاشوراء تأكيد لأصالة الأمة وارتباطها بقيمها وبمبادئها وبتاريخها. وقديمًا قال الشيوعيون في العراق أيام المد الأحمر: نحن نعمل طوال السنة من أجل أن نستقطب شرائح الشعب العراقي من الشباب وأن ننشر أفكارنا ودعايتنا وما أن تأتي مناسبة عاشوراء تطمس وتمحي وتلغي كل جهودنا التي عملناها طوال العام ببركة أبي عبد الله الحسين .
لم يكن للشيعة دولة، ولم تكن لهم وسائل إعلام، ولم تكن لهم إمكانيات، فكيف حافظوا على تشيعهم؟ كيف حافظوا على ولائهم؟ كيف حافظوا على ارتباطهم بتراثهم وبعقيدتهم؟ كل ذلك ببركة هذه الشعائر، كل ذلك ببركة هذه المجالس.
من أين جاء هذا الواقع المتخلف الذي تعيشه الأمة الإسلامية؟
مما لا يدع مجالا للشك بأن عقائد الإسلام وأفكاره ومبادئه وأحكامه بريئةٌ من هذا التخلف والانحطاط. هذا الواقع إنما هو نتيجةٌ طبيعية للواقع السياسية الذي عايشته الأمة في تاريخها، الانحراف السياسي هو الذي أوصل الأمة إلى هذا التخلف الحضاري الشامل. ونحن نشير باتجاه سلطات كان لها الأثر البالغ من انحراف مسار الأمة عن الجادة الصحيحة والحضارية!؛ وفي مقدمة هذه السلطات: سلطتي بني أمية وبني العباس ومن تبعهم وسار على نهجهم من سائر الحكومات، سلطات تصادر حريات الناس، وتسحق كرامتهم، وتستبد بالرأي العام دون الناس، وتلعب بثرواتهم، هذه السلطات هي التي قادت الأمة إلى هذا الواقع السيئ. هذه السلطات التي كانت تلتف على الحقيقة جهارا ظهارا، وتعتمد على أن يصعد (معاوية بن أبي سفيان)على المنبر وفي مدينة الرسول الأكرم وآله ويكون ابنه يزيد إلى جانبه ويدعو الناس إلى مبايعته من بعده، بل ويأمر السيّاف ينادي في الناس وهو شاهرٌ سيفه أمام جماهير المسلمين: \"الخليفة هذا -ويشير إلى معاوية-، فإن مضى فهذا -ويشير إلى يزيد-، فمن أبى فهذا -فيهز السيف- أمام الناس. هل ثمة انحراف سياسي أحلك من هذا الصنيع !؟، أيضا السلطة التي أمرت أن تؤول البيعة (ليزيد بن معاوية) من قبل الناس في مكة والمدينة في الواقعة المشهورة (واقعة الحرة) ولم يقتصر الأمر على ذلك بل عليهم أن يبايعوه على أنهم عبيد؛ وعلى أنهم أرقاء له!، السلطات التي جعلت من (الحجاج بن يوسف الثقفي)بأن يكون على الناس خليفة أو واليا وقد ملأ السجون بالناس الأبرياء !، وقد بلغ عدد السجناء ما يربو على والمئة والعشرين ألفا ولم تكن سجونه تضم الرجال فحسب بل كان للنساء النصيب الوافر من العذاب!، وقد كان يسمع أصواتهم مستصرخين ويأتي جوابه بكل عنجهية وجبروت: اخسأوا فيها ولا تكلمون..!. هذه السلطات المنحرفة للأسف كان لها أن تشكل واقع الأمة حسب مبتغاها وهواها.
من هذا المنطلق كل هذه الإشارات تجعلنا أن نقف على واقعنا السياسي بوعي وروية، وأن يكون للأمة مساعٍ من أجل الأخذ بالنقد الذاتي والموضوعي لتاريخ الأمة. فلا قداسة للتأريخ كما لا قداسة للأشخاص بقدر ما تكون القداسة للقيم والمبادىء الربانيّة.
مع هذا تأتي الظروف لتساير هذه الشطحات التاريخية لتعزز من مكانة من تلطخت يده بدماء الأبرياء، أو كان جل مساعيهم في دفع الأمور لتشويه منظومة القيم الربانية والتي تضع الموازين القسط ما بين الحاكم والمحكوم. ومن مفارقة الزمن ما تم عرضه في هذا العام من شهر رمضان عبر فلم درامي يتناول شخصية(الحجاج بن يوسف الثقفي) بأنه كان مثالا للعدل والإنصاف عبر سيرة مشوهة تعطيه من المكانة ما لا يستحقها!. إنه تشويه فاضح بل هي تآمر مشؤوم ساهم بشكل مباشر في إعاقة مسيرة الأمة باتجاه التغيير والتصحيح، فهاهو (يزيد بن معاوية) يسجل أحد الكتاب في بلادنا المملكة العربة السعودية في كتاب له يتناول الخصائص الشخصية ليزيد بن معاوية ويذكره بالقول التالي:\"إن يزيد خليفة مظلوم ينبغي أن تتضح حقيقة أمره لهذه الأمة\". ألا يعتبر هذا الأمر من أشد مظاهر التشويه للتأريخ السياسي في خلال واقع الأمة!؟ .
إذن مشكلة تخلف الأمة يكمن في واقعها التاريخي السياسي وكما قال أحد المفكرين العرب المعاصرين في مضامين حديثه: بأن الحضارة الإسلامية الضخمة الكبيرة تبدو في جانبها السياسي وكأنها جسم كبيرٌ ضخم برأس عصفورٍ صغير.. وهو يشير إلى الجانب السياسي من تاريخ الأمة والذي مما لا شك فيه كان جانبا ضحلا آل بالأمور للتخلف في واقعها، فالأمويون والعباسيون ومن تبعهم وسار على نهجهم، لم يكن ديدنهم السيطرة على الحكم فحسب، بل مارسوا كل أنواع التشويه والتغيب حين هيأوا المناخ لثقافة التبرير لأعمالهم في كونها ذات منطلق ديني وقيمي..! وهذا ما يجعلهم في صراع مع آل بيت النبي (صلوات الله عليهم أجمعين) الذين لم يألوا باذلين مهجهم في نصرة الدين ومحاربة هذا الزيف وهذا التشويه حيث كانت رؤاهم تدفع باتجاه فضح كل الأكاذيب والأضاليل التي كان يعتمدها هؤلاء الحكام وما تعود بالتزييف للحقائق في واقع الأمة وهو أمر منافٍ للقيم للقيم والمبادئ الإسلامية. فهم – أي آل بيت النبوة – يدفعون باتجاه أن يقوم الحكم على رضا الناس وعلى العدالة والحرية وعلى المساواة وأن يكون الحاكم خادمًا لبيت مال المسلمين وخادمًا للأمة وعاملاً لأجل مصلحتها، وليس مستبدًا، وليس مستأثرًا، وليس متلاعبًا بثروات الأمة. هذا ما أكد عليه أئمة أهل البيت في كلامهم، وفي سيرتهم، وفي مواقفهم، وفي رفضهم كل ممارسات الانحراف والتشويه لمسيرة الأمة.
نحن إتباعًا لأئمتنا حينما نحتفي بعاشوراء إنما نريد أن نأكد هذه الحقيقة على أن الواقع السياسي الذي مر على الأمة كان واقعًا سيئًا، وأن هذا الواقع السياسي المأزوم هو دفع بواقع الأمة إلى التخلف الحضاري والتنموي، هذا كله لا يجعلنا أن نرتمي في أحضان التأريخ متغافلين بدورنا عن الحاضر، كلا وإنما نريد بذلك التأكيد على المنهج و الطريقة التي ينبغي الأخذ بها في نقد مسيرة الأمة في الوقت الراهن، إذن التأكيد على ممارسة النقد لهو أمر في غاية الأهمية سواء كان للتاريخ الغابر أم لواقع الأمة الحاضر، مع كل ذلك ما يزال البعض يبدي انزعاجه جراء هذه الدعوة النقدية للحال السياسي في واقع الأمة زاعمين بالقدسية لهؤلاء الحكام والخلفاء! ، فنحن نأخذ بدعوتنا النقدية ملتزمين بأن تكون مقتفية اثر الموضوعية أي إنها ترتكز على إحداث تصحيح واقع الأمة ورفض كل ما يدعو لثقافة تبرير الزيف، بكلام آخر أن يكون تسليط الضوء حول استئصال شأفة الاستبداد والغطرسة التي كان وما يزال يعتمدها البعض ممن هم في هرم السلطة.
قضية عاشوراء قضية شعبية قضية جماهيرية لا صلة لها بالنسق السياسي، والواقع يبرهن على ذلك فهاهي الجماهير الحاشدة في مختلف البلاد الإسلامية والعربية تخرج احتفاءً بهذه المناسبة المهمة وكأنهم يترقبونها عند بداية كل عام يتفاعلون بها ومعها أي ما إن يأتي شهر المحرم حتى ترى الجماهير متهيئة وفي كل مكان، وفي كل بلد، وفي كل بقعة من بقاع العالم، كلٌ يحي هذه المناسبة حسب الظروف المتاحة لديه. ولا نعدو الصواب حين القول بأن العدد المقدر والمحتفي بهذه المناسبة في كل العالم ما يربو على الأربع مئة أو الخمس مئة مليونا؛كلهم يشتركون – رجالا ونساء وأطفالا، علماء وقادة وساسة - في تعظيم مشترك لشعائر هذه الذكرى العطرة؛ ذكرى شهادة الإمام الحسين وعلى مدار العشرة الأيام من شهر محرم من كل عام.
كل ذلك يؤكد على أن هذه المناسبة تتصل بشكل وثيق الصلة والواقع الاجتماعي، عطفا على أنها معززة لحضور الجماهير في ساحة الحدث والتواصل مع القيم الحضارية المتحركة، ولعلنا تابعنا عن كثب كيف أن وسائل الإعلام كفلت التغطية لمعظم الجماهير الضخمة والتي انتظمت بشكل هائل في بغداد وفي كربلاء والتي ما تزال هذه المدينة يتقاطر عليها الناس من كل أرجاء العراق بغية الاحتفاء بهذه الليلة المباركة. وكلنا عشنا ورأينا كيف أحيا العراقيون أربعينية الإمام الحسين في العام الماضي وبعد سقوط نظام الحكم البعثي في العراق، كيف كانت أرتال الناس تتدافع زرافات زرافات باتجاه كربلاء ورأيتم كيف اجتمع الناس فيها، ولا ريب بأن يتعجب العالم كله لمثل هذه المشاهد، فقد اجتمع ما يقارب على المليونين شخصٍ أكثر أو أقل إلا أن المؤشرات تؤكد على ضخامة العدد. كيف اجتمعوا؟ كيف أداروا أمورهم وشؤونهم؟ في الوقت الذي لا توجد في البلد دولة!، ولا توجد في البلد أجهزة ولا مؤسسات ولا إمكانيات.. ولكنها بركات أبى عبد الله الحسين.
كل ذلك يدفعنا بأن نتحدث ولو بشيئ قليل عن شيعة أهل البيت في الوقت الراهن وفي الوقت الذي تلجأ بعض الجهات أن تنفخ في رماد الطائفية، وأن تتحدث عن تقسيم المسلمين، وأن تدق أسافين الفتنة الطائفية مابين الشيعة والسنة، ما بين أتباع أهل البيت وبين غيرهم، وذلك باستغلال هذه المناسبة العظيمة في إحداث الضرر بأي شكل من الأشكال حتى لو اضطروا في استخدام العنف والإرهاب فلن يتورعوا من التخطيط والتدبير والتنفيذ لذلك غير مكترثين ما مقدار حجم الخسائر البشرية أو ما ستخلفه هذه الممارسات الشائنة من دمار وزرف للفرقة ما بين المسلمين بمختلف طوائفهم.
فكلنا قد قرأ وقد سمع كيف أن الحكومة الباكستانية أعلنت حالة من الإستنفار وقد فرضت عدم التحرك على بعض القيادات والشخصيات، لأن الناس في هذه البلاد وفي أيام عاشوراء تكون في حالة تجمهر، حيث يحتفي الشيعة فيها، وهنالك من الناس من لا يعجبهم هذا الأمر، وقد حدثت حوادث كثيرة في السنوات الماضية ما يشير على أن جذوة العنف سارية المفعول ففي السنة الماضية اندفع أحدهم بين الحشود ليفجر نفسه فيهم! ، مخلفا من سقوط أعدادا كثيرة من الشهداء والجرحى.
وفي العراق قد حصل أيضًا عملية تفجير عند مقام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الذي استشهد فيها آية الله السيد الحكيم (رحمة الله) لماذا كل هذا الحقد !؟ وهذا الاندفاع المقيت.. كل ذلك من أجل إلحاق الضرر بجماعة من المسلمين يحتفون بشعائر لهم يؤمنون بها وفق ما يرون من أدلة عليها.
لماذا يحاول البعض أن يستهدفهم إلى هذا الحد؟
مما لا شك فيه بأن السبب كامن في من هيأ المناخ لهؤلاء الشباب – الذين يقومون بهكذا أعمال متطرفة – فهم قد انطلقوا من تعبئة ثقافية وإعلامية تتهم الشيعة بأنهم أهل بدع وأنهم يبطنون على عكس ما يظهرون ! وقد جاءت نتائجها وخيمة على المسلمين كافة، فلم يكن الشيعة هم المتضررون جراء هذا الفعل بل الساحة كلها تحترق بفعل هذه التعبئة الظالمة وكما يقول الشاعر : .. إن الحرب أولها كلام.
الآن بعض السلطات تتخد إجراءات أمنية في مختلف البلدان من أجل أن تمر هذه المناسبة بسلام وإن شاء الله تمر بسلام وبخير نسأل الله أن يحفط جميع المؤمنين والمسلمين في كل مكان نسأل الله أن يحفظ جميع الزائرين حول قبر أبي عبد الله الحسين وأن نشركهم في جميع صالح أعمالهم ودعاياتهم ولكن أنتم الذين تتخدون الإجراءات الأمنية الولى والأحرى والأجدر بكم أن تملؤوا هذه الجواء المتشنجه التي هي ضد هذه الشعائر وفي كل سن يطبعون كتب وينشرون منشورات ويبثون فتاوا حول شعائر المحرم وينشرونها ويبثونها في المجتمعات الشيعية عندنا في المملكة العربة السعودية وفي بعض مناطق الخليج بعض هذه الفئات المتشددة في كل سنة في محرم يطبعون قبيلة محرم أيام عاشوراء يطبعون كتب وقد بلغني في هذا العام فعلوا نفس الشيئ يطبعون كتب ويوزعونها فيجلس المؤمنون عند مسجد أو حسينيه فيرون كرتونًا معبأ بهذ الكتب أو هذه المنشورات لماذا هذه التعبئة لماذا التحريض؟ لماذا خلق هذه الأجواء؟ هذا ليس في صالح أمن الوطن وليس في صالح أمن المواطنين وليس في صالح الأمة التي تواجه هذه التحديات الصعبة الكف عن هذه التعبأة الحكومات ليس فقط أن تقيم بعض الحواجز الأمنيه حول بعض المناطق الأمن لا يكون بهذه الطريقة عليها أن تمنع التعبئة أو التحريض عليها أن تمنع التعرض لشعائر الأخرين هناك من له رأي له رأيه لكن أن يجرح مشاعر الأخرين أن يعترض مشاعر الأخرين ستركونه يخطب كما يشاء يفتي كما يشاء يكتب كما يشاء ثم يعملون حواج اتياطات أمنيه بعد أن تعبأ النفوس ما تفيد هذه الحواجز ينبغي أن تمنع التعبأة ينبغي أن يجرم التحريض حتى يعيش الناس بسلام بستقرار وبوئال كلٌ يمارس شعائره وفق دينه وفق مذهبه وفق طريقته هذا الذي الذي يحفظ الآن وهذا الذي يأكد السلم الاجتماعي.
الحديث كثير خاصة في هذه الأيام وخاصة بعد التحولات التي حصلت في العراق هناك البعض يعزف على الزتر الطائفي ولكن الحمد لله الشعب العراق طمننا بوعيه ونضجه أنه فوق هذه المحاولات الشعب العراقي قياداته تعلن مراجع الدين يعلنون العلماء يعلونون الشخصيات القيادية تعلن أنه لامجال للفتنة الطائفية في الشعب العراقي ونرجوا أن يتحقق الوئام والوحدة لشعب العراقي وأن تفوت هذه الفرصة على الأعداء.
أهم شيء الآن العداء يحاولوا يسوه هي التفرق الطائفية، في العراق وفي كل المنطقة لذلك يجب أن يتعاون الواعون المصلحون من أجل مواجهة هذا الخطر.
ولكن كيف نواجه هذا الخطر؟ نواجه هذا الخطر بالإحترام المتبادل نواجه هذا الخطر بالتعاون بالإنفتاح على بعضنا البعض وأن نكف عن أساليب الدعاية المعرضة والتحريض. البعض من الناس لا زالوا يعزفون على وتر التشكيك في إسلام الأخرين لا زالوا يتكلمون عن الشيعة كرافضة كمبتدعة كمشركين. وهذا خلاف لدين أكبر بدعة بدعة التكفير ﴿لا تقولوا لمن ألقى عليكم السلام لست مؤمنا﴾ القرآن ينهى تكفير الناس، من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما هذا أكبر بدعة هو التكفير ومع الأسف حينما سكتوا عنهم وكفروا الشيعة لم يكتفوا بتكفير الشيعة. الآن بدأوا يكفر بعضهم بعض التكفير ليس لشيعة من هدية التكفير من هدية خاطئة لا ينبغي أن تكون بين المسلمين تارة يشككون في دين الشيعة تحت عنوان الشرك وعدم وجود العقيدة الصحيحة. يا ناس يا مسلمين ألا تسمعون ما يقرأه الشيعة مساء كل جمعة ليلة كل جمعة دعاء كميل في كل مكان يقرأونه هل هناك نص يجد الله ويوحد الله ويبرز عظمة الله أعلى وأرقى من هذا الدعاء: ((اللهم إني أسالك برحمتك التي وسعت كل شيئ وبقوتك التي قهرت بها كل شيئ وبعظمتك التي ملئت أركان كل شيئ وبنور وجهك الباقى بعد فناء كل شيئ يا نور يا قدوس يا أول الأولين ويا أخر الآخرين)) اقرأوا دعاء كميل، هل هذا الدعاء يقوله أناس مشركون أم هذا ينبع من قلب موحد خالص لله تعالى.
والبعض يحاولون التشكيك في ولاء الشيعة لأمتهة ولأوطانهم ويحاولون أن يدنسوا وأن يزيفوا بعض حقائق التاريخ أن الشيعة يتعاونون من أناس أجانب أن الشيعة ليس لهم الولاء لأوطانهم وليس لهم ولاء لأمتهم ويعزفون على مفتريات تاريخية، مثلاً يتحدثون عن موضوع ابن العلقم، ولعل البعض قرأ عنها في وسائل الإعلام أو على الإنترنت وخاصة بعد قضية التحول الذي حصل في العراق صاروا يتدثون: أن ما حصل في العراق الشيعة هم تواطئوا مع الإمريكان وأن هذا إعادة لما حصل لإبن العلقمي حينما سقطت الدولة العباسية تحت وطئة الزحف المغولي. ابن العلقم كان وزيراً في الدولة العباسية وهو شيعي فاتهم أنه تواطأ مع المغول ويسر لهم الدخول إلى بغداد وإسقاط الدولة العباسية، وهذه فرية وهذه كذبة اختلقوها ضد الشيعة وهم يصرون على تردادها وتكرارها مع أنها لا مستند لها في التاريخ.
انبرى أحد الأساتذة دكتور في جامعة الملك سعود في الرياض وهو ليس من الشيعة الدكتور سعد بن محمد خليفة الغامدي دكتور قسم التاريخ أستاذ قسم التاريخ في جامعة الملك سعود بالرياض ألف كتابًا تحت عنوان أسباب سقوط الدولة العباسية. وفي هذا الكتاب استعرض الأسباب تحدث عن الأسباب الداخليه وصل إلى هذه القضية قضية ابن العلقم يقول هذه قضية مشهورة وقد اردتُ دراستها حتى أعرف الحقيقة هل فعلًا ابن العلقمي له دور كان في سقوط الدولة العباسية وفي التواطء مع هولاكو يقول فقد بحثت في الموضوع من جميع جوانبه ووصل إلى نتيجة واضحة قاطعة دامغة أها فريه وأن ليس لها مصدر تاريخي ولكنها نتيجة للخصومة ضد الشيعة موقف متعصب ضد السيعة اتهموهم بهذه القضية دون سندٍ تاريخي وجاء بإحدى عشر وصفة ودليل لإثبات طذب هذه المقولة وكتابه نشر في الجامعات السعودية وأمن على قسم التارخ فيها. ولكن ما أن انتبهت بعض الجهات الدينية في المملكة للموضوع، كيف يريد أن يبرر ساحة الشيعة؟ كيف يريد أن يتحدث عن هذه الحقيقة فصدر قرار صدر أمر بالبحث عن الكتاب في كل المكتبات وإحراق الكتاب أمر رسمي صدر بإحراق الكتاب جمعوه من كل المكتبات وأحرقوه ومنع تداوله ومؤلفه موجود الآن في الرياض حيٌ يرزق وقد طبع الكتاب سنة 1401هـ وأعيدت طباعته سنة 1403هـ، والكتاب موجود وحتى في الجامعات مكتبت الجامعة في الرياض مجود نسخة من الكتاب لكن محظور الوصول لها، لا يمكن لأحد أن يطلع على النسخ وهي في مكتبة الجامعة.
لماذا الشيعة متهمون حتى واحد لما يطلع الحقيقة وهو منهم هكذا يتعاملون معها أنا هنا لا أدين جهة أنا أدين هذه الممارسات وأدعو إلى إعادة النظر في هذا الأمر يا جماعة التحديات إلي نواجها كبيرة القضية مو قضية شيعة ولا قضية سنة القضية قضية الأمة كلها القضية قضية أوطنا الإسلام كلها هي في معرض الخطر هي في معرض التحدي إما متى تستمر هذه العقليات الطائفية الضيقة.
نحن الآن على أعتاب مرحلة جديدة الغربيون يتحدثون عن برامجهم وعن مخططاتهم للشرق الأوسط، وكلكم سمعتم عن المشروع الأمريكي حول الأشرق الوسط الكبير وسيعقد اجتماع في جامعة الدول العربية من قبل وزراء خارجية الدول العربية وسيناقشون موضوع الشرق الأوسط. أمريكا عندها مشروع الدول الأوربية عندها مقترحات، وكما قال أمين عام الجامعة العربية قال مبادرات تمطر علينا من السماء حول أوضاع الشرق الأوسط. طيب فلنبادر نحن لإصلاح أوضاعنا، لماذا نترك الأخرين يتكلمون عن أوضاعنا؟ لماذا لا نتحرك نحن لإصلاح أوضاعنا؟ لماذا لا يكون هناك إصلاح داخلي؟ وأول نقطة وأول خطوة في الإصلاح الداخلي أن نعترف ببعضنا البعض وأن يحترم بعضنا بعضا ولا يمكن الإنكار أن أتباع أهل البيت جزء من الأمة وشريحة كبيرة من الأمة. هل أحد ينكر وجود الشيعة في العالم وضمن الأمة الإسلامية؟ فإلى متى يتجاهل هذا الوجود الشيعي؟ إلى متى يهمش؟
أنا لا أتكلم بمنطق طائفي أنا أتكلم بمنطق إنساني أنا أتكلم بمنطق موضوعي. أي فئة تهمش أي فئة تتجاهل فإن ذلك يكون منفذا للإطراب ولعدم الاستقرار، ولذلك يجب أن نتجاوز هذه الحالة. الشيعة هم جزء من أمتهم، الشيعة يعتبرون أنفسهم معنيين عن مستقبل الإسلام وأوطان المسلمين كبقية المسلمين. وتاريخ الشيعة حافل بالمواقف الصادقة في الدفاع عن مصلحة الإسلام وعن مصلحة الأمة. اقرأوا تاريخ الشيعة في إيران كيف وقفوا أمام محاولات الإستعمار البريطاني، وكيف وقفوا أمام محاولات الغزوا الروسي. اقرأوا تاريخ الشيعة في العراق الاستعمار البريطاني حينما جاء إلى العراق من الذي وقف أمامه؟ الم يكن الشيعة في المقدمة؟ ثورة العشرين في العراق، مراجع الشيعة علماء الشيعة عشائر الشيعة، طبعًا إلى جانبهم الشعب العراقي نحن لا نتجاهل دور أحد ولا ننكر مساهة أحد. وكذلك في لينان الآن هذه القضية الكبيرة المحورية للأمة قضية فلسطين أتباع علي، أبناء الحسين، أتباع أهل البيت هم في طليعة من يتصدى لخدمة القضية الفلسطينية وللدفاع عن قضية فلسطين وهذه مواقف المساهمة في لبنان واضحة جلية لا يستطيع أن يتنكر لها إلا مكابر أو جاحد، هذه المواقف البطولية الصامدة في الدفاع عن الأمة وعن قضيتها المركزية فلسطين، وهكذا في مختلف البلدان.
وفي العراق سيعرف الجميع وسيتضح للجميع أن شيعة أهل البيت هم الذي سينتزعون استقلال العراق إن شاء الله، بالتعاون مع بقية إخوانهم من العراقيين سيكونون في الطليعة، وهذه مرجعية الشيعة في العراق مواقفها واضحة جلية، إنها تدعوا إلى الرجوع إلى الشعب العراقي إلى الإنتخابات إلى أخذ رأي الشعب فرأي الشعب هو المرجعية في تقرير شؤونه ومستقبله.
إذن ينبغي أن نضع حدا للمزايدات، ينبغي أن يحترم بعضنا البعض هذه المناسبة مناسبة عاشوراء يجب أن تكون فرصة، شيعة أهل البيت يعرفون نفسهم بجلاء للعالم كما يحصل الآن وبقية الناس يتعرفون على شيعة أهل البيت على حقيقتهم.
من خلال إحيائنا لهذه الذكرى نستلهم الدروس والعبر من سيرة أبي عبد الله الحسين ، قضية عاشوراء مليئة بالعبر، مليئة بدروس التضحية والفداء.
الإمام الحسين ما جاء لطلب الحكم لطلب المنصب لطلب المكاسب، كلا وهو القائل: «إني لم أخرج لا أشرًا ولا بطراً ولا مفسدًا ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي أريد أن أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق من رد علي فهذا أصبر حتى يقضي الله بحكمه والله خير الحاكمين».
وفي يوم عاشوراء كانت خطب أبي عبد الله الحسين تبين هدفهه من ثورته من حركته المباركة قال عبيه السلام: «ألا ترون إلى الحق لا يعمل به وإلى الباطل لا يتناهى عنه فليرغب المؤمن إلى لقاء الله محقاً، فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما» وقال : «ألا وإن الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة وبين الذلة وهيهات من الذلة يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت ونفوس أبية وأنوفٌ حمية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام، وهل هو إلى الموت والقدوم على ربٍ كريم، ألا وإني زاحف بهذه الأسرة مع قلة العدد وخذلان الناصر فإن نهزم فهزامون قدمًا فإن نغلب فغير مغلبينا وما إن طبنا جبن ولكن منايانا ودولة آخرينا فقل لشامتين بنا أفيقوا سيلقى الشامتون كما لقينا.»
وسطر أروع دروس التضحية والفداء، هو وأصحابه البررة.