تقارب أم تنازل
احمد الاحسائي - الاحسـاء - 06/02/2009م
في البداية لم أكن التفت لمعنى توحيد المذاهب الإسلامية (ان صح التعبير) تحت راية واحدة, الا أنها شيء مستحيل الوصول إليه وبعيد المنال ومضيعة للوقت حينما نفكر به, وكنت جازماً بأن التفكير للوصول إليه يعني تنازل المذهب الأقل سيطرة أو الأقل سواداً عن معظم معتقداته أو التوقف اللحظي عن أدائها بغية التقرب من المذاهب الأخرى. وبعدما قرأت كتيب (الانفتاح بين المصالح والهواجس) لسماحتكم فهمت أن السعي لذلك أفضل من التفكير للوصول إليه أو كيفية الوصول إليه, واتضحت لي بأن تفكيري المتبلور على أساس التنازل بغية التواصل كان خطأ خصوصا بعدما وضّحت واستشهدت بواقعة صلح الحديبية وما جرى من تعامل وتصرف رسولنا العظيم لإنجاح الصلح. ولكن الا يتوجب على الطرف الآخر إعطاء مساحة جيدة للتقارب والتحدث بحرية وشفافية للوصول إلى نقطة التقاء لأني لا أرى الا العنصرية على كثير من الأصعدة ولا أرى اعتراف جلي بنا وهذا ما كان يشعرني بالتنازل حينما نتكلم عن تقارب الصفين.
وسؤالي كيف لي أن أفكر بالاقتراب من الطرف المقابل والطرف المقابل غير مُعترف بي وبديني وذلك ما يجعلني أفكر أن الطرف المقابل لن يعترف بي حتى أتنازل عن أموري التي لا يراها صحيحة تبعا لمعتقداته؟
الجواب

«بسم الله الرحمن الرحيم»

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

بداية أشكرك على اهتمامك بهذا الموضوع المركزي في حياة الأمة، فهو بحاجة إلى تبلور ثقافة سليمة تأخذ بعين الاعتبار مختلف جوانب المعادلة الاجتماعية و الأفكار الدينية.

تقف الأطراف المختلفة من مسألة التقارب والتعايش مواقف متباينة، وكل شخص داخل هذه الأطراف يحمل في نفسه درجة متفاوتة عن غيره، وبالتالي فإن العمل على صعيد التقريب والتقارب يعطي نتائجه بدرجات متفاوتة حسب الجهة والشخص المتلقي.

إن الشواهد العملية أثبتت جدوى السعي في هذا المضمار، مما يستدعي توسيع نطاق العمل والتحرك، مع العلم المسبق بأن بعض الجهات لن تتجاوب مع هذا التوجه.

من جهة أخرى فإن إغفال هذا الموضوع أو عدم السعي لإنجاحه يزيد من درجة حدة الخلاف، ويوسع دائرة الشقاق، وينشر ثقافة اليأس من التغيير، ويترتب على ذلك نتائج خطيرة على صعيد الوطن الواحد، والأمة بأجمعها.

بالطبع إن السعي للتقارب والتعايش لا يعني ـ أبداً ـ التنازل عن الثوابت والمعتقدات الرئيسة عند أي مذهب.

وفقكم الله لكل خير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حسن الصفار