وبدأ سماحة الشيخ حديثه بطرح التساؤل التالي: من أين يبدأ النهوض والتقدم لأي مجتمع من المجتمعات؟ هل يبدأ من الفكر والرأي؟
وكان من ضمن إجابته:
لا شك أن للفكرة والرأي دورٌ كبير في النهوض بالمجتمع، ولكن الفكرة بحاجة إلى من يتبناها، وبحاجة إلى تعاون وعمل جماعي من أجل إنجاحها وتحقيقها على أرض الواقع.
فكيف يمكن إذن لمجتمع أن ينهض وينطلق؟ إن أهم مقوم من مقومات النهوض هو: "/>

تنمية العلاقات الاجتماعية

مكتب الشيخ حسن الصفار محرر الموقع
أمَّ سماحة الشيخ حسن الصفار جموع المصلين بمسجد الشيخ علي المرهون "حفظه الله"، اليوم الجمعة 12/3/1423هـ. وكان حديث سماحته بعد الصلاة حول تنمية العلاقات الاجتماعية. وافتتح سماحة الشيخ كلمته بقوله تعالى: ﴿بسم الله الرحمن الرحيم، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم، فأصبحتم بنعمته إخوانا.
وبدأ سماحة الشيخ حديثه بطرح التساؤل التالي: من أين يبدأ النهوض والتقدم لأي مجتمع من المجتمعات؟ هل يبدأ من الفكر والرأي؟
وكان من ضمن إجابته:
لا شك أن للفكرة والرأي دورٌ كبير في النهوض بالمجتمع، ولكن الفكرة بحاجة إلى من يتبناها، وبحاجة إلى تعاون وعمل جماعي من أجل إنجاحها وتحقيقها على أرض الواقع.
فكيف يمكن إذن لمجتمع أن ينهض وينطلق؟ إن أهم مقوم من مقومات النهوض هو: إصلاح شبكة العلاقات الاجتماعية. ولتوضيح الفكرة أورد سماحته المثالين التاليين:

أولاً- المجتمع الإسلامي الأول إنما كان انطلاقه وتقدمه وسيادته بفضل الصياغة الجديدة للعلاقات الاجتماعية داخل المجتمع العربي، والتي سعى من أجل ديمومتها رسول الله ، ولذلك نجد أن الله تعالى في الآية الكريمة يؤكد على هذه النقطة ﴿فألَّف بين قلوبكم، ويعتبرها من أعظم نعمه تعالى على المجتمع الإسلامي.

ثانياً- نهضة أوروبا الحديثة، كيف تحقق لها النجاح؟ إن المتأمل في تاريخ الثورة الفرنسية يجد أن مشروع حقوق الإنسان كان من صميم هذه الثورة. ومشروع حقوق الإنسان يعني: صياغة سليمة للتعامل بين الناس.

ثم قال سماحة الشيخ: إن مجتمعنا بحاجةٍ ماسةٍ إلى جهدٍ عظيم يُبذل من أجل تنمية العلاقات الاجتماعية، إذ يلاحظ أن هناك انخفاضٌ شديد في هذا الجانب في المجتمع بعكس ما كان عليه في السابق من ترابط وتراحمٍ وتعاون بين أفراد المجتمع. تُرى ما أسباب ذلك؟

1- في الماضي كان الناس قريبين من بعضهم بحكم البساطة التي يعيشونها، أما الآن ومع تطور الحياة أصبح الناس متباعدين عن بعضهم، جغرافياً وعملياً، وأصبحت العلاقات الاجتماعية بحاجة إلى اندفاع ورغبة ذاتية.

2- تعدد الاهتمامات والمشاغل أكثر مما كان في السابق، وتجد ان لكل شخص همومه الخاصة ومصالحه الشخصية. وطبيعة الحياة المعاصرة تدفع الناس باتجاه المصالح المادية، مما يجعل العلاقات الاجتماعية بحاجة إلى رغبة ذاتية واندفاع شخصي.

3- في هذا العصر انخفض مستوى الدعوة إلى القيم الاجتماعية والتقارب الاجتماعي.
لكل ذلك أصبحت العلاقات الاجتماعية ضعيفة، وبحاجة إلى جهد كبير لإعادة صياغتها من جديد، ولتنميتها بما يتناسب مع ما تفرضه الحياة المعاصرة.

ومن أجل تنمية العلاقات الاجتماعية ذكر سماحة الشيخ أن المجتمع بحاجة إلى أمرين أساسيين:

الأمر الأول: إزالة الانسدادات والتشنجات والعوائق التي تمنع أو تحد من التقارب. تماما كما في الطب هناك مصطلح يسمى "القسطرة" ويُقصد بها إزالة الانسدادات التي قد تحصل في الشرايين بحيث لا ينساب الدم بسهولة وهذا خطر على على الإنسان، وعمليات القسطرة تقوم بتوسعة الشرايين.
في مجتمعنا نحن بحاجة إلى أطباء روح وفكر ودين يقومون بعمليات قسطرة للتشنجات الخطيرة التي ابتلي بها المجتمع.

الأمر الثاني: وجود برامج لتنمية التعاون العلاقات بين الناس. ربما الخطاب الديني وحده لا يكفي وإنما المجتمع بحاجة إلى برامج عمل تأخذ بعين الاعتبار التقدم الحضاري الذي تعيشه المجتمعات وتسعى هذه البرامج من أجل صياغة شبكة العلاقات الاجتماعية من جديد، وإزالة كل الرواسب التي تحول دون التقارب بين الناس، لأنه من الضروري جداً أن يتقارب الناس مع بعضهم البعض، وذلك لأن:

1- في مواجهة هموم الحياة والظروف المعاشة تفرض على الناس التقارب والتعايش.

2- من الناحية العملية إذ أن معالجة مشاكل الحياة وصعوباتها تكون أسهل وأيسر إذا كان هناك تقاربٌ وتعاون فيما بين أفراد المجتمع.

واختتم سماحة الشيخ كلمته بالتأكيد على أن أهم عمل ينبغي أن تُبذل الجهود حوله للنهوض بالمجتمع هو ما قام به رسول الله مع المسلمين الأوائل حيث بنى صياغة جديدة للمجتمع الإسلامي نمت من خلالها شبكة العلاقات الاجتماعية، حيث يقول تعالى مبيناً النتيجة لهذه الصياغة: ﴿فأصبحتم بنعمته إخوانا، وكانت هذه الصياغة الخطوة الأولى لتقدم المجتمع الإسلامي وانطلاقته.