الشيخ حسن الصفار للوطن الكويتية

 

 

دعا في حديث لـ الوطن إلى تطور اجتهادي للعلماء المسلمين لاستنباط المفاهيم والاحكام التي تستجيب للحاجات المستجدة

الشيخ الصفار: الخطاب الاسلامي يعيش ازمة معرفية واجتهادية تفوق في خطورتها الازمة الاعلامية لوقوفه عند حدود السلف

 

 

 


اجرى الحوار - محمد السلمان:

قال الشيخ حسن موسى الصفار ان الخطاب الاسلامي يعيش ازمة معرفية وازمة اجتهادية تفوق في خطورتها الازمة الاعلامية مشيرا الى ان الحالة الاسلامية في معظمها وقفت عند حدود فهم السلف وفهم الماضين للدين داعيا الى تطور اجتهادي للعلماء المسلمين حتى يستنبطوا المفاهيم والاحكام التي تستجيب للحاجات المستجدة وتواكب التطور المتصاعد.

وأشار الصفار وهو من الشيوخ المجتهدين من الطائقة الشيعية في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية في حديث خاص لـ «الوطن» الى وجود مدرسة تعتمد الفهم المبتور والمتطرف للاسلام والنصوص الاسلامية وهي مدرسة لها جذور في تاريخنا الاسلامي كما هي مدرسة الخوارج، لافتا الى ان ما يحصل الان ليس هو بذات العنوان «الخوارج» لكنه امتداد لهذه المدرسة التي تبتر بعض النصوص عن سياقاتها وتقف عند بعض الاقوال الاسلامية وتتجاهل المنظومة الاسلامية المتكاملة معتبرا الطريقة التي تتعاطى فيها هذه المدرسة مع النصوص وفهمها قادتها الى التشدد والتطرف.

واكد الصفار حاجة المناهج التعليمية الى تغيير وتعديل وضرورة مراجعتها كما يرى الكثير من العلماء المصلحين والمثقفين الى جانب الضغوط الدولية التي تطالب بهذا الاتجاه، مشيرا الى انه لا يصلح القول ما دامت الاطراف الاخرى طالبت فاذا نحن لا ينبغي ان نستجيب لان هذا مطلب داخلي حقيقي معتبرا مراجعة المناهج وتغييرها ضرورة تأخرنا في الاستجابة لها وفي الاقدام عليها.

وحول سؤال ان كان الشيعة في السعودية قد حصلوا على قسط من العدالة من قبل الدولة وضمان حقهم في ممارسة طقوسهم اكد الشيخ الصفار ان المواطنين الشيعة بالمنطقة الشرقية بالسعودية هم جزء من الوطن وجزء من الشعب لكن هناك مشاكل عامة يعيشها الشعب كمشكلة البطالة والفقر والتي لا تقتصر على منطقة دون اخرى مؤكدا انه لا يرغب ان تطرح قضية المواطنين الشيعة في السعودية كأنها قضية طائفية خاصة او معزولة عن السياق الوطني العام وان مشاكل المواطنين الشيعة يمكن حلها ضمن سياق الاصلاح السيايس العام.

وعن دعوات بعض المجتهدين والعلماء لاعادة بناء مقبرة البقيع في السعودية والسماح بزيارة اضرحة آل البيت قال الشيخ حسن الصفار ان هذه القضية حساسة لان المدرسة السلفية والمذهب الرسمي الموجود بالسعودية لديه رأي مخالف لهذا الاتجاه وهو ما يعني ان حكومة السعودية لا تستطيع ان تتخذ موقفا يغضب او يخالف المذهب الرسمي الموجود، مستدركا بان المسألة ترتبط بكل المسلمين وان قبور الائمة «البقيع» والصحابة لا تخص الموجودين بالمملكة وانما تهم سائر المسلمين،مشيراالى ان هذا الموضوع يمكن ان يعالج ويناقش على المستويات الشرعية والفقهية والسياسية وصولا الى المعالجة المناسبة.

وقال الشيخ الصفار انه ورغم ذلك الا انه لا يرى شخصيا اولوية لهذا الموضوع عند الشيعة في السعودية لانه قد يدخلهم في متاهات وجدل مذهبي طائفي لاينبعي ان ننشغل به حاليا وانما ينبغي ارساء علاقات ايجابية بين المذاهب الاسلامية وعلماء المسلمين بمختلف توجهاتهم.

وعن التواجد الامريكي في السعودية ومنطقة الخليج قال الشيخ الصفار ان لا احد من المواطنين والحكومات يرغب في هذا التواجد الامريكي والاجنبي ولكن الضرورات بررت هذا الوجود كما هو الحال عند غزو صدام حسين للكويت مبديا امله في ان تكون هذه الضرورات بحدودها وادانته لانتهاك القوانين الذي تمارسه الادارة الامريكية باحتجازها لابناء السعودية والمسلمين في جزيرة غوانتانامو وفي الوقت ذاته يدين الارهاب الذي يستهدف الابرياء والمدنيين.

وعن علاقة شيعة السعودية بالمنطقة الشرقية مع الشيعة في البحرين والكويت اكد الشيخ الصفار الايمان بالتواصل والانقتاح مع كل القوى الاسلامية الشيعية والسنية بما يتعدى الاطار المذهبي الطائفي نافيا ان يكون هناك تعاون مالي لان المجتمع السعودي الشيعي بالشرقية بخير وانشطته تمول داخليا.

وقال الشيخ الصفار ان الجمهورية الاسلامية في ايران تشكل ثقلا لكل المسلمين وعلى الصعيد المذهبي بالنسبة للشيعة ولكن على الصعيد السياسي فالشيعة هم جزء من معادلة اوطانهم ومجتمعاتهم.

كيف يمكن ايجاد خطوط ترابط بين الفكر الاسلامي في المنطقة بشكل عام وبين الفكر الاوربي؟ وهل يمكن تبسيط الخطاب الاسلامي ومرننته بمعنى ان يكون مرناً ويقبل من الطرف الآخر؟

ـ الفكر الموجود في اوربا وامريكا يمثل تطوراً للفكر البشري وفيه الكثير من الفائدة والايجابيات، ولا يصح ان نأخذ موقفاً عاماً وتعميماً تجاه الفكر والثقافة الغربية.

بل نحن مطالبون اولاً: بدراسة هذا الفكر والاطلاع عليه، فالقرآن الكريم يصف المؤمنين بأنهم (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه)، فهم (يستمعون) بما تعني من قصد الاستماع وارادته وليس (يسمعون) بشكل عفوي عابر.

وثانياً: ان ننقد هذا الفكر ونقومه ونأخذ منه المفيد ونتجنب السقيم لان الحكمة ضالة المؤمن يأخدها اين وجدها، كما ورد في الحديث الشريف.

ثالثاً: ان نتحاور مع هذا الفكر فديننا يدعونا الى التواصل والحوار والتعارف مع الآخرين، يقول تعالى: ( وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا)، والتعارف مفهوم شامل، من ابرز تجلياته التعارف الفكري الثقافي، بأن نتعرف على ثقافة الآخرين بما فيهم من افكار وعادات وتقاليد.

وبالنسبة للفكر الاسلامي علينا ان نفصل فيه بين جانبين:

النص الشرعي الموحى من قبل الله تعالى او الصادر من المعصوم، وبين تفسير هذا النص، وهو اجتهاد فقهاء ومفكري المسلمين، وهذا القسم من الفكر تجوزاً نطلق عليه فكراً اسلامياً، لانه يمثل فهم صاحبه للاسلام، وليس كل ما يستنبطه الفقيه، او يستنتجه العالم، هو حكم ورأي قطعي للاسلام، بل هو اجتهاد ظني يحتمل الخطأ والصواب.

بمعنى انه اجتهاد بشري؟

ـ نعم انه اجتهاد بشري، وعلينا ان نحسن تقديمه وعرضه للاخرين، وحسب المصطلح الاقتصادي، فإنهم يتحدثون عن التسويق الجيد للانتاج، فقد تكون لك بضاعة جيدة لكنك لا تجيد تسويقها فلا تشق طريقها الى السوق بشكل جيد.

هل تقصد ان الخطاب والقضية الاسلامية قضية ناجحة ومحاميها ليس ناجحاً؟

ـ في كثير من الاحيان لا يعرض خطابنا الاسلامي مفاهيم الاسلام بشكل جيد مما يعوق وصول هذا الفكر للطرف الآخر، او يمنع تقبله له.

هل هناك أزمة اعلامية للخطاب الاسلامي؟

ـ المسألة اعمق من كونها ازمة اعلامية، بل هي ازمة اجتهاد لان الحالة الاسلامية في معظمها وقفت عند حدود فهم السلف وفهم الماضين للدين. ويجب ان نعترف بأن هناك تطوراً كبيراً في واقع الحياة البشرية فكرياً وعلمياً وتقنياً، وهذا التطور يجب ان يواكبه تطور اجتهادي عند علماء المسلمين، حتى يستنبطوا المفاهيم والاحكام التي تستجيب للحاجات المستجدة، وتواكب التطور المتصاعد، اذاً هناك ازمة معرفية وهي اخطر من الازمة الاعلامية.

كيف ينتشر الخطاب الاسلامي والنهج الاسلامي في اوروبا؟ هل نستطيع غزو اوروبا بمنهجنا الاسلامي البسيط؟ لماذا الان اوروبا والغرب يعتبرون الاسلام هو الارهاب بحد ذاته؟

ـ بالدرجة الاولى علينا ان نفكر في ان نتعرف نحن على اسلامنا بصورة صحيحة، وعلينا ان نسأل انفسنا الى اي حد نحن نعرف الاسلام ونستوعب مبادئه، ثم اننا مطالبون بنقل ديننا الى ابنائنا بصورة سليمة حتى يتمسكوا به عن قناعة وايمان، لا عن وراثة وتقليد، فلا يصمدون امام التيارات المخالفة العاصفة.

ان من ابنائنا من فقد الثقة بدينه واتجه يميناً او شمالاً بسبب ضعف التوعية وسوء النماذج المحسوبة على الاسلام.

وفي درجة لاحقة علينا ان نقدم ديننا لسائر شعوب العالم، ويبدو ان فرص قبول الآخرين للاسلام فرص جيدة، فقد اشارت التقارير العالمية الى ان الاسلام هو اسرع الاديان نمواً وانتشاراً.

وهناك اقبال على الاسلام في امريكا واوروبا ومختلف بقاع العالم بحسب ما تتوفر امكانات للدعوة والتبليغ لكن الاحداث الاخيرة التي حصلت بعد واقعة 11 سبتمبر الاليمة اثارت الكثير من العوائق والتشويه لحركة الاسلام وصورته.

اوروبا وامريكا وصموا الاسلام بعد احداث 11 سبتمبر بأنه الارهاب بعينه وانه ينبغي محاربة هذا الدين لانه في رأيهم منبع للارهاب؟

لا اعتقد ان كل الامريكيين والاوروبيين يطرحون مثل هذا الطرح، هناك دوائر معينة وهناك لوبيات معينة مثل اللوبي الصهيوني، واللوبي اليميني المتطرف بأمريكا، وهناك جهات متأثرة بهذه اللوبيات لكن في المقابل يجب ان لا ننكر ان هناك منصفين ومفكرين ومثقفين وسياسيين بالغرب، وهناك بعض المواقف ظاهرها الايجابية تجاه الاسلام، فنحن لا يصح لنا ان نقف عند حدود وجه واحد ومواقف معينة.

أين الحلقة المفقودة بهذه المعادلة؟

ـ الحلقة المفقودة تتمثل في وضوح الرؤية امامنا، يجب ان تكون موضوعية وليست انفعالية، ان ما حصل في 11 سبتمبر في امريكا وما تلاه من تفجيرات بالي في اندنوسيا، وفي تركيا والمغرب، والتفجيرات التي حصلت في الرياض، والتهديدات التي تحصل في مناطق مختلفة، حينما تصدر هذه الممارسات الارهابية باسم الاسلام وتتبناها جهات محسوبة على الاسلام، لابد وان تترك اثراً سلبياً تجاه الاسلام والمسلمين لدى الاخرين.

ومن طبيعة البشر التعميم والتنميط وهي حالة عامة لا يتجاوزها الا الواعون العارفون.
واذا اضفنا الى ذلك وجود لوبيات ومراكز قوى كالصهاينة واليمين المسيحي المتطرف لديهم استهدافات ضد الاسلام والمسلمين، ولديهم اطماع في مناطق المسلمين وثرواتهم، فإن ذلك يفسر لنا ما نواجه من اشكالية في العلاقة مع امريكا والغرب بشكل عام.

من الملاحظ ان من قام بهذه الاعمال هم شريحة محسوبة على المسلمين فما هو السبب؟ هل هو غياب تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية مثلاً؟

ـ هناك مدرسة تعتمد الفهم المبتور والمتطرف للاسلام والنصوص الاسلامية، وهذه المدرسة لها جذور في تاريخنا الاسلامي، فالخوارج يشكلون مدرسة في التاريخ الاسلامي، وما يحصل الان ليس هو بذات العنوان (الخوارج)، لكنه امتداد لهذه المدرسة التي تبتر بعض النصوص عن سياقاتها، وتقف عند بعض الاقوال الاسلامية، وتتجاهل المنظومة الاسلامية المتكاملة، ولذلك هناك حديث للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) (وهذا الحديث موجود في كنز العمال ـ حديث رقم 5612 ورقم 28886 ـ وهو من المصادر الاسلامية السنية، وموجود ايضا في المصادر الاسلامية الشيعية)، يقول (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما روي عنه: ««لا يقوم بدين الله الا من حاطه من جميع جوانبه»»، وفي نص آخر عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): ««ان دين الله لن ينصره الا من حاطه من جميع جوانبه»»، بمعنى ان يكون مستوعباً منظومة المفاهيم والاحكام الاسلامية ولا يأخذ بضع آيات من القرآن وبضع احاديث ونصوص ويتجاهل بقية النصوص والاحكام والمفاهيم الشرعية الكبيرة العامة. وهذه المدرسة بسبب هذه الطريقة من التعاطي مع النصوص وفهمهما قادتها الى التشدد والتطرف، واضافة الى ذلك رد فعل الممارسات العدوانية على الاسلام والمسلمين وخاصة ما يحصل في فلسطين طبعاً لا نقصد بهذا ان نبرر لهذه الاعمال، لكن في مقام التحليل نقول هذه عوامل كان لها اثر في خلق مثل هذه التوجهات، كذلك فإن الكبت والاستبداد الموجود في الكثير من بلاد المسلمين التي لا تعطي فرصة للتعبير عن الرأي ولا تعطي مجالاً لتداول السلطة اوجد حالة من الاحتقان وحالة من الانسداد السياسي امام الناس، واذا اضفنا الى ذلك ايضا المشاكل والازمات المعيشية، فإن كثيراً من البلدان الاسلامية تعيش في وضع اقتصادي سيىء، لو نقرأ التقارير عن الوضع الاقتصادي في مصر، وعن الوضع الاقتصادي في كثير من البلدان العربية والاسلامية.

وحتى عندنا في دول الخليج والجزيرة العربية، وحتى الحكومات نفسها تتحدث عن مشاكل اقتصادية تعانيها، هناك نسبة عالية من البطالة، ونسبة عالية من وجود حالات للفقر، عندنا في المملكة في السنة الماضية ولي العهد الامير عبد الله بن عبد العزيز زار بعض الاحياء الفقيرة بالرياض، وتحدث عن وجود الفقر في المملكة ودعا الى الاهتمام بمشكلة الفقر بالمملكة، وهي مشكلة حقيقية موجودة.

وهل هناك تكافؤ للفرص؟

ـ قد تريد الدولة ان تكون هناك تكافؤ فرص ولكن هناك اسباب كثيرة تعوق مثل هذا الامر، وبالتالي هناك مشاكل وازمات معيشية حقيقية يعيشها المجتمع.

دور المساجد


ما الدور المطلوب من العبادة تحديداً في بلورة صورة اخرى مشرقة ومحاولة احتواء هؤلاء وبث نوع من الطمأنينة في نفوسهم لوقف مثل هذا الشيء، وخاصة دور المساجد تحديداً دور العبادة الاخرى، هل هناك دور ام ان هذا الدور مغيب؟

ـ دور العبادة والجهات الدينية والمساجد اعتقد ان لها دورين رئيسيين:

1ـ تبصير الناس في دينهم حتى لا يأخذوا هذه التوجهات الخاطئة.

2ـ توجيه الناس الى صرف فاعليتهم في التنمية والبناء والاشياء المفيدة، الشاب المسلم الذي يحضر في المسجد يجب ان يشجع على التقدم العلمي، على الدراسات العليا، والانتاج، والعمل، والفاعلية وبعبارة اخرى لا يصح ان نكتفي بخطابنا نحو التعبئة ضد الاخر سواء كان هذا الاخر النظام الحاكم او كان الآخر هو الدول الاخرى والكبرى وانما يجب ان يكون خطابنا موجها نحو البناء والتنمية، وهذا هو الطريق الصحيح لتغيير واقع مجتمعاتنا وشعوبنا. ولا يعني ذلك السكوت عن العدوان والظلم، ولكن ينبغي التوجيه الى النهج الصحيح في مقابل الظلم والعدوان.

ما رؤيتكم في تدخل بعض الاطراف الاخرى في تغيير بعض المناهج الدراسية؟هل المناهج الدراسية بالفعل بحاجة الى اعادة النظر لتكوين جيل ينشأ من الاساس معبأ بنفسية مختلفة وبشكل آخر؟

ـ بالتأكيد مناهجنا التعليمية بحاجة الى تغيير والى تعديل وسبق ان تحدثنا وتحدث الكثير من العلماء المصلحين والمثقفين بضرورة مراجعة المناهج، والان اصبحت هناك اطراف دولية تطالب وتضغط بهذا الاتجاه ولا يصح ان نقول ما دامت الاطراف الاخرى طالبت فإذاً نحن لا ينبغي ان نستجيب لانه هو مطلب داخلي وحقيقي، فمراجعة المناهج وتغييرها ضرورة تأخرنا في الاستجابة لها وفي الاقدام عليها.

طقوس الشيعة


منطقة شبه الجزيرة العربية وتحديداً المنطقة الشرقية هي منطقة تضم فئة وكوكبة من مواطني المملكة العربية السعودية لهم خصوصيتهم في ممارسات عقائدهم وما شابه ذلك، هل يشعر المواطنون في هذه المنطقة تحديداً بأنهم نالوا قسطا من العدالة من قبل الدولة؟ وهل يشعرون بأنهم يقومون بممارسة طقوسهم بحرية كاملة؟

ـ المواطنون الشيعة بالمنطقة الشرقية هم جزء من الوطن وجزء من الشعب، وهناك مشاكل عامة يعيشها الشعب فمشكلة البطالة لا تقتصر على منطقة دون منطقة، وان كانت نسبها تتفاوت، مشكلة الفقر لا تقتصر ايضا على منطقة دون منطقة وان كانت النسب ايضا تتفاوت، فهناك مشاكل عامة على المستوى الوطني، ونحن لا نرغب في ان تطرح قضية المواطنين الشيعة في المملكة كأنها قضية طائفية خاصة، وكأنها معزولة عن السياق الوطني العام، نحن جزء من هذا الوطن ونعتقد ان الاصلاح السياسي على مستوى الوطن يحل مشاكل الجميع ومشكلة المواطنين الشيعة ستحل ضمن سياق الاصلاح السياسي العام، نعم بعض المشاكل الخاصة التي يعاني منها المواطنون الشيعة ويشعرون ان هناك نوعاً من التمييز الذي يمارس اتجاههم بسبب انتمائهم المذهبي، المسؤولون في المملكة يؤكدون ان النظام بالمملكة ليس قائماً على التمييز وليس من منهجيتهم ممارسة التمييز وان التمييز الموجود قد يكون نتيجة ممارسات فردية او ممارسات ضمن مرحلة معينة حصلت بسبب الظروف المتشنجة التي مرت على المنطقة ونسمع كلاماً طيباً من الوعد بمعالجة ذيول هذه الحالة حالة التمييز الطائفي، اما بالنسبة الى العبادات والشعائر فالشيعة بالمنطقة الشرقية لهم مساجدهم وحسينياتهم، ولهم علماؤهم، وايضا قاضيهم الخاص للاحوال الشخصية، وان كانوا يعانون من مشاكل هم يريدون ان تكون المحكمة الشيعية بصلاحيات اوسع مما عليه الان، ويريدون ان يكون بناء الحسينيات بحرية كاملة، وكذلك بناء المساجد، فهناك بعض القيود والعوائق ولكن لا يعني انه ليست لهم حريات بالمطلق، هناك حرية لكنها ضمن حدود معينة وهم يطالبون بأن يمارسوا حريتهم كباقي المواطنين، دون ان تكون هناك حدود او قيود، الا ما تفرضه طبيعة النظام العام.

أضرحة آل البيت


هناك بعض التصريحات اطلقت من قبل مقتدى الصدر ومن بعض الشيوخ في منطقة الخليج في الآونة الاخيرة بشكل عام يتحدثون عن امكانية اعادة بناء ورعاية بعض الاضرحة لآل البيت في المملكة وتحديداً في مقبرة البقيع وفي مناطق اخرى وهذه كانت صيحات سابقة كانت تسمع بصوت خافت اليوم بدأت تظهر بشكل اكبر. هل بالامكان طرح مثل هذا الموضوع على القيادة السعودية وتتفهم هذا الموضوع؟

ـ هذه قضية حساسة لان المدرسة السلفية والمذهب الرسمي الموجود بالمملكة لديهم رأي مخالف لهذا الاتجاه وبالطبع حكومة المملكة لا تستطيع ان تتخذ موقفاً يغضب او يخالف المذهب الرسمي الموجود، وهذه هي المدرسة السائدة بالمملكة، ولكن المسألة ترتبط بكل المسلمين، وقبور الائمة (البقيع) والصحابة لا تخص الموجودين بالمملكة انما هي تهم جميع المسلمين، هذا الموضوع يمكن ان يعالج وان يناقش على المستوى الشرعي، والفقهي، وايضاً السياسي حتى يمكن الوصول الى معالجة لهذا الموضوع، لكنني شخصياً لا ارى اولوية هذا الموضوع للشيعة في المملكة لانه قد يدخلنا في متاهات وجدل مذهبي، طائفي، لا ينبغي ان ننشغل به حالياً وانما ينبغي ان نرسي علاقة ايجابية بين المذاهب الاسلامية وبين علماء المسلمين بمختلف توجهاتهم وينبغي ان يكون هناك اصلاح سياسي، واعتراف بالحقوق العامة للمجتمعات والشعوب ثم في اطار هذا الوضع الجديد يمكن معالجة مثل هذه الامور والقضايا.

هل تقصد انه لا تزال هناك جهود يجب ان تبذل لاثبات حسن نية الشيعة تجاه النظام؟

ـ لا، ليس المطلوب حسن نية الشيعة، الشيعة لم يفعلوا شيئاً يستوجب ان يصبحوا في موقع اتهام وان يطالبوا بابراز حسن نوايا. الشيعة بالمملكة طول تاريخهم كان ولاؤهم الوطني واضحاً وكان تعاطيهم مع الحكومة تعاطياً جيداً وسليماً، وهم كبقية المواطنين في تعاطيهم مع حكومتهم والسلطة الموجودة بالبلد وليس هناك شيء يجعلهم في قفص الاتهام وانهم مطالبون بأن يبدوا حسن نواياهم.

التواجد الامريكي


ما رأيكم في التواجد الامريكي في منطقة الخليج تحديداً، وشبه الجزيرة العربية، وفي المملكة السعودية، والكويت، ودول الخليج بشكل عام؟ كيف تقيسون هذا التواجد الامريكي؟ وهل لديكم تحفظات عليه؟

ـ مبدئياً، انا اعتقد ان كل المواطنين وكل الحكومات في الاصل لا ترغب في ان يكون هناك تواجد امريكي، واجنبي وانما قد تكون هناك ضرورات، ودواعي معينة بررت هذا الوجود، ونأمل ان تكون هذه الضرورات بحدودها مثلاً عند احتلال الكويت من قبل النظام العراقي البائد استدعى ان تكون هناك قوات اجنبية لصد هذا العدوان.

الشورى والديمقراطية


المملكة ما زالت تخطو في قضية الديمقراطية وممارسة العمل النيابي ومنطقة الخليج بدأت تتبلور لديها بعض الصور اقتفاء بالكويت، البحرين، قطر، والدول الاخرى، ما وجهة نظركم تجاه العمل الشورى، والديمقراطية في المملكة العربية السعودية؟ هل لديكم تطلعات في المرحلة المقبلة؟

ـ الشورى مبدأ اقره الاسلام حيث امر الله تعالى نبيه محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) بمشاورة المسلمين (وشاورهم في الامر) كما وصف الله تعالى مجتمع المسلمين بأنهم (وأمرهم شورى بينهم) واذا كانت آلية الشورى واسلوب تطبيقها ليس منصوصاً عليه شرعاً بل متروك لاختلاف الظروف وتطور المجتمعات فإن آلية الانتخاب تبدو هي الاسلوب الامثل لتحقيق المشاركة الشعبية في القرار والتي هي مضمون الشورى وجوهرها.
لذلك نتطلع الى اعتماد هذه الالية في اختيار اعضاء مجلس الشورى عن طريق الانتخاب وليس التعيين ونأمل ان يتبلور الرأي الرسمي بهذا الاتجاه ايضاً.

ألم يكن للشيعة اي تواجد بمجلس الشورى؟

ـ بلى يوجد في مجلس الشورى عضوان من الشيعة من الاحساء والقطيف.

هل في المرحلة القادمة سيكون لكم نصيب عند عقد انتخابات باعتباركم اقلية؟

ـ اذا كانت هناك انتخابات فإن كل فئة من المواطنين سوف يكون نصيبها في الانتخابات بحجم وجودها ومشاركتها.

بن لادن


لا يزال ابناء من المملكة العربية السعودية بغض النظر عن مذاهبهم ووجهاتهم محتزين في جزيرة غونتا نامو وبسبب ظروف ما يتعلق بأحداث 11 سبتمبر وما بعدها ولا تزال هناك اصابع اتهام توجه مباشرة الى اشخاص سعوديين في كل مكان انهم وراء بعض التفجيرات ولا تزال هناك شخصيات معينة مطلوبة للعدالة في المجتمع العالمي كله ومن بينهم ايضا شخصية بن لادن، ما تعليقكم على وجود مثل هذا الكم الهائل من السعوديين المطلوبين للعدالة الدولية؟

ـ الارهاب اصبح ظاهرة عالمية وما تعرضت له الامة الاسلامية من مآسي وويلات كالعدوان الصهيوني المتواصل وكالاحتلال السوفييتي السابق لافغانستان واخيراً الاحتلال الامريكي للعراق وامثال ذلك مما تعرضت وتتعرض له الامة يثير غضب وحماس ابناء الامة ويشعرون بالمسؤولية تجاه دينهم وامتهم. وقد تفاعل جمع من ابناء المملكة مع معاناة الشعب الافغاني حينما اصابهم القهر والاحتلال السوفييتي، وفي ذلك الوقت كان الامريكيون يشجعون هذا التوجه الجهادي ضد الروس لصالح صراعهم ضد المعسكر الشرقي.

وعاش هؤلاء الشباب بنوايا مخلصة ودوافع دينية اجواء الجهاد المسلح، وكسبوا الخبرة والتجربة العسكرية، ثم استغلتهم بعض الجهات لتدفع بهم نحو هذه الاتجاهات المتطرفة.

واستغلت التوجهات المغرضة في الادارة الامريكية هذه الاحداث لتكيل التهم جزافاً ولتقرر بعض الاجراءات التعسفية تجاه كل ابناء المملكة، بل وابناء مختلف الشعوب العربية والاسلامية، فكل سعودي وكل مسلم اصبح في دائرة الشبهة والاتهام.

لقد خرقوا وانتهزوا كل الشعارات التي كانوا يطرحونها حول حقوق الانسان في الاجراءات التي اتخذوها تجاه المسلمين في داخل امريكا وتجاه مؤسساتهم وشخصياتهم.

وكذلك في تعاملهم مع المعتقلين في جزيرة (غوانتامو) حيث جردوهم من اي حقوق تحفظ لهم ادنى متطلبات انسانيتهم.

اننا في الوقت الذي ندين فيه اي ممارسة ارهابية تستهدف الابرياء والمدنيين سواء صدرت من ابناء المملكة او المسلمين ام من غيرهم. ونأسف لما حصل فاننا ندين هذا التهويل وانتهاك القوانين الذي تمارسه الادارة الامريكية.

تقليد العلماء.


ما رؤيتكم في تقليد العلماء بعد انتقال معظم الحوزات من قم الى العراق والحال لم يستقر في العراق، فكيف وهل خطوط الترابط بينكم في المملكة العربية السعودية في المنطقة الشرقية تحديداً مع هذه المراجع؟ وهل هناك خطوط اتصال وكيف يمكن التواصل؟

ـ الحوزة العلمية في قم سوف تحافظ على وجودها وقوتها لان الاقبال على دراسة العلوم الدينية كبير في وسط الشعب الايراني، ولن يأتي الى حوزة النجف الا جزء بسيط منهم. كما ان الاوضاع في العراق ستحتاج الى وقت لتصل الى مرحلة الاستقرار واستتباب الامن.

وبالنسبة للمرجعية فإن اختيار المرجع يتم بناء على الاقتناع بجدارته واهليته سواء كان في حوزة النجف او حوزة قم او غيرها.
وعلاقة الشيعة في المملكة العربية السعودية بالمرجعية الدينية هي في المجال الديني ما يرتبط بالفتاوى والاحكام الشرعية، اما الشأن السياسي والاجتماعي فهو بيد القيادات الشيعية المحلية والتي تحظى بثقة المرجعية وتأييدها.

وكمثال بسيط فإن تحديد يوم عيد الفطر كان هذا العام عند الشيعة في المملكة يوم الثلاثاء متوافقين مع ما اعلن رسمياً في المملكة ودول الخليج بينما كان تحديد العيد عند المرجعية في النجف والقيادة الرسمية في ايران هو يوم الاربعاء.

لكن علماء الشيعة في المملكة حينما توفر لهم شهود معتمدون اعلنوا العيد ولم ينتظروا رأي النجف او قم.

هل لديكم تواصل كمجموعة شيعية مع نظرائكم في الكويت والبحرين والمنطقة؟ هل هناك بينكم خطوط ترابط لما يتعلق بتمويل بعض المشاريع الخيرية؟

ـ نحن نؤمن بضرورة التواصل مع كل القوى الاسلامية شيعة وسنة ولدينا علاقات وانفتاح مع الشخصيات والعلماء المسلمين في الكويت، البحرين، لبنان، العراق، ايران، وغيرها تتعدى الاطار المذهبي الطائفي وانما على اساس التعاون على البر والتقوى والتعاون بالجهود الثقافية المعرفية.

هل هناك تعاون مالي وتصلكم مساعدات من بعض الدول الاسلامية؟

ـ لا، ابداً مجتمعنا بخير وانشطتنا تمول داخلياً والحمد لله.

الثورة الايرانية


بداية انطلاق الثورة في ايران عام 1979 او 1980م هناك شعارات تصدير الثورة وهي التي حرضت المنطقة والانظمة وحرضت صدام حسين، فهل فعلا اسقاطات النظام الايراني ما زالت تؤثر على الشيعة بالخليج بشكل عام في رأيك؟

ـ اعتقد ان المنطقة تجاوزت هذه المشكلة وحصل انفتاح وعلاقات طيبة بين الجمهورية الاسلامية في ايران وبين دول المنطقة وفي الاساس ينبغي ان لا تؤثر العلاقات بين الانظمة على العلاقات بين الشعوب، وعلاقات الشعوب مع انظمتها وحكوماتها، ولو كانت هناك مشكلة بين اي حكومة من حكومات المنطقة وبين الجمهورية الاسلامية في ايران فهذا لا يرتبط بمواطنيها من الشيعة، المواطنون الشيعة في هذه البلدان جزء من اوطانهم وبالتالي الحكومات تتحمل رعاية هؤلاء المواطنين وان تؤمن لهم حقوقهم بالكامل، وتوفر لهم فرص المساواة مع بقية المواطنين بعيداً عن تأثير علاقتها مع الحكومة في ايران، فلا يصح لهذه المجتمعات الشيعة ان ترتبط بايران سياسياً ولا يصح للحكومات ان تعاقبها بسبب سوء علاقات الحكومات مع ايران او سوء علاقات ايران معها، هذا موضوع لا علاقة له بأوضاعها.

ألا تشكل جمهورية ايران ثقلا بالنسبة للشيعة في منطقة الخليج؟

ـ هي ثقل لكل المسلمين ولا شك انه بالنسبة للشيعة باعتبار الوحدة المذهبية بينهم وبين ايران، تعتبر ايران ثقلاً على الصعيد المذهبي، لكن على الصعيد السياسي فالشيعة هم جزء من معادلة اوطانهم ومجتمعاتهم.

سقوط صدام


☩ ما تعليقكم على زوال نظام صدام حسين ورحيله وهل بالفعل ان المنطقة بدأت تستقر أكثر؟

ـ لا شك ان رحيل النظام الصدامي امنية ومطلب للشعب العراقي ولشعوب المنطقة، وكلنا فرحنا لسقوط هذا النظام، وان كان كدر هذه الفرحة ان سقوطه بسبب تدخل واحتلال امريكي كنا نتمنى ان يكون سقوط هذا النظام بأيدي الشعب العراقي نفسه، ولكن بسبب الظروف وبسبب قمع النظام لم يتمكن الشعب العراقي من انجاز هذه المهمة وعلى العموم كيفما كانت طريقة اسقاط هذا النظام فإن اسقاطه مكسب للعراق وللمنطقة كلها. ونأمل ان تكتمل فرحتنا وفرحة الشعب العراقي بانتهاء الاحتلال الاجنبي وقيام حكم وطني ديمقراطي.