الشيخ الصفار يُشيد بشمولية وإستراتيجية الاهتمام الاجتماعي للشيخ عبد الله المطرود
أشاد الشيخ حسن الصفار بشصية الحاج عبد الله المطرود وأخيه إبراهيم وانطلاقتهما الوجدانية التي شملت الجميع، فكان عطاؤهما مبذولاً لجميع شرائح المجتمع بمختلف ميادين العطاء، مؤكداً أن هذا هو الفهم الصحيح للإسلام. مضيفا: إن عزوف الإنسان عن الانفتاح إنما يكشف عن وجود شيء من الغبش قد اعترى نفسيته، مشيراً أن البعض يعتقدون أنهم بعزوفهم ينطلقون من منطلق ديني، وهم بالتأكيد مخطئون في هذا الاعتقاد، لأن الدين يأمر بالانفتاح ويدعو له.
وعبر الشيخ الصفار عن مشاعره الإيجابية بإقامة الحفل التكريمي لذكراهما، مؤكداً أن أهم استفادة ينبغي التوجه لها هي أخذ الدروس والعبر من حياة هذه الشخصية المعطاءة لتقديم واجب الوفاء.
وأشار أن الناس يختلفون في تعاطيهم مع أوضاع مجتمعاتهم، فهناك أناس يعيشون اللامبالاة فلا يهتمون بمناطق الضعف ولا يرون أنفسهم معنيين بأوضاع مجتمعاتهم، فهم يعيشون لذواتهم فقط. وهناك أناسٌ يهتمون بالمشاكل التي تُمثّل حالة طارئة أو بجانب معين من القضايا الاجتماعية. وهناك أناس يُفكّرون بشكل استراتيجي مستقبلي، وينظرون في أوضاع مجتمعاتهم بشكل شمولي ويتحملون المسؤولية تجاه هذه الأوضاع.
مؤكداً أن هذا الاحتفاء التكريمي يُجدد ذكرى شخصيتين تُمثلان نموذجاً للطليعة الرائدة في المجتمع والتي تنطلق في خدمة المجتمع بتفكير استراتيجي.
وعن نشوء الحالة الواعية والتفكير الاستراتيجي للفرد، أوضح الشيخ الصفار ثلاثة روافد مهمة تُهيء الأرضية الخصبة لذلك:
أولاً- الامتداد التراكمي التاريخي، بحيث يكون الانطلاق من خلال التجارب والخبارات السابقة في المجتمع.
ثانياً- المستوى الثقافي والمعرفي، فيكون هو الدافع الأساس باتجاه تحمل المسؤولية الاجتماعية، فوعي الإنسان غالباً يقوده إلى استهاض طاقاته وتفعيلها في خدمة الرسالة التي يؤمن بها.
ثالثاً- الحالة العصامية، فينطلق الإنسان نحو تحمل المسؤولية من منطلق فطري وجداني، دون أن يكون هناك مخزون ثقافي معرفي، أو تجارب حاضرة في المجتمع لها جذورها.
وأضاف: حسب تقويمي لشخصية الحاج عبد الله المطرود وأخيه إبراهيم فإنهما ينتميان لهذه الفئة الثالثة، حيث لم تكن البئية الاجتماعية التي عاشا فيها تمتلك الخبرات والتجارب السابقة، بل كانا روّاداً في طريقة الخدمة الاجتماعية. وكذلك فإنهما لم ينطلقا من مخزون معرفي أكاديمي.
وأشار الشيخ الصفار إلى أبرز معالم التفكير الاستراتيجي المستقبلي الذي كان يتحلى به الحاج عبد الله المطرود، وهي:
أولاً- شمولية التفكير في قضايا المجتمع، حيث أنه كان يُفكّر في استيعاب أكبر قدر ممكن من قضايا المجتمع في مختلف المجالات، الدينية والاجتماعية والاقتصادية، بعكس البعض من الناس الذين يحصرون اهتمامهم بجانب واحد دون آخر، مع أهمية كل الجوانب. إلا أن شمولية التفكير عند الحاج المطرود جعلت منه شخصية رائدة. فقام بتأسيس ورعاية نادي الخليج، واهتم بقضايا الفقر والحاجة في المجتمع فرعى وأسس جمعية سيهات، وهي أول جمعية رسمية في المملكة، وكان له دوره البارز في بناء المساجد في مختلف مناطق الوطن، دون أن يكون لديه تميزٌ بين شرائح الوطن. فقد أسهم في بناء مساجد لإخواننا أهل السنة كما أشاد واسهم في بناء مساجد للشيعة وكان يساند ويدعم علماء الدين.
ثانياً- المأسسة، فكثيرون هم الذين يُقومون بأعمال الخير والبر في المجتمع، إلا أنهم بمجرد أن يموتوا تنقرض أعمالهم. والقلة من هؤلاء من يُمارسون أعمال الخير بأسلوب مؤسساتي. وهذه السمة مما يتميز بها الحاج المطرود.
ثالثاً- المبادرة والريادة، فقد كانت أعمال الحاج المطرود تتكلم نيابة عنه، حيث كان مبادراً ورائداً وسبّاقاً في أعمال الخير للمجتمع. وبذلك استحّق هذا التجاوب والتعاطف الكبير مع شخصيته المعطاءة.
وأشار الشيخ الصفار للانفتاحية التي كان يتحلى بها الحاج المطرود، مؤكداً أن ذلك نتيجة الانسجام الذي كان يعيشه مع نفسه ووجدانه، مما يؤهله لتبني الانفتاح والانطلاق من خلاله، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب يؤكد حقيقة هامة تدفع باتجاه الانفتاح، يقول : ((الناس صنفان: إما أخٌ لك في الدين، أو نظيرٌ لك في الخلق)).
وفي ختام مشاركته، أكد الشيخ الصفار بضرورة تقديم تجربة الحاج المطرود للأجيال القادمة، لكي يستفيدوا منها ويتتلمذوا عليها، فتكون لهم مناراً نحو مستقبلٍ واعد.
الجدير بالذكر أن الحفل التكريمي أقيم مساء السبت 13 شهر رمضان 1429هـ (13 سبتمبر 2008م) في مسجد الحمزة بن عبد المطلب بمدينة سيهات، وهو ثمرة من ثمار الحاج عبد الله المطرود وأخيه إبراهيم. وقد شارك في الحفل مع سماحة الشيخ حسن الصفار الدكتور إحسان بو حليقة، عضو مجلس الشورى. وأدار الحوار الأستاذ حبيب محيف. كما تخلل الحوار مشاركات متعددة لكلٍ من: الشيخ فوزي السيف، المهندس عباس الشماسي، الأستاذ أحمد المشرف.