الشيخ الصفار يطالب بإقالة إمام الحرم المكي إلا أن يعتذر عن منهجه التكفيري ضد الشيعة
طالب فضيلة الشيخ حسن الصفار بإقالة إمام الحرم المكي الشيخ عادل الكلباني إلا أن يعتذر رسمياً عن منهجه التكفيري ضدّ الشيعة، مؤكداً أن إمامة الحرم موقع رسمي ومعنوي ولا يصح أبداً أن يكون فيه من يُكفّر شريحة واسعة من المسلمين، هم الشيعة ويُشكك في سلامة دين شريحة أخرى، هم الصوفية مضيفاً أن هذا يضرّ بحكومة البلد بالدرجة الأولى، وبرعايتها للحرمين الشريفين، إذ كيف تُعيّن إماماً للحرم المكي ليأتم به جميع المسلمين في أقدس بقعة على وجه الأرض، وهو يجهر بمنهج التكفير الذي يتنافى مع سماحة الدين وسيرة الرسول العظيم الذي ينهي في أكثر من موضع من سيرته العطرة المباركة عن المنهج التكفيري بل ويُحذّر منه. وفي ذات الوقت يقف هذا المنهج على النقيض من موقف القيادة السياسية للبلاد في احتضانها للحوار الوطني ورعايتها للحوار الإسلامي وحوار الأديان.
وأكد الشيخ الصفار في خطبة الجمعة 13 جمادى الأول 1430هـ (8 مايو 2009م) أن النهج التكفيري إذا أُطلق له العنان لا يقف عند حد، مبدياً استغرابه من تبني المدرسة السلفية لهذا النهج على الرغم مما عانته المدرسة ذاتها حيث ارتدّ عليها سلاح التكفير، وظهرت جماعة من الذين تربّو في هذه المدرسة لتمارس التكفير ضد علماء المدرسة نفسها وضد الدولة أيضاً، وطبعت عدة كتب تحكي هذا الجانب منها: «الكواشف الجلية في تكفير الدولة السعودية»، و«التبيان في كفر من أعان الأمريكان». وبعد ذلك صدر بيان من هيئة كبار العلماء بتاريخ 2/4/1419هـ ضد منهج التكفير، إلا أن هذا المنهج عاد للظهور من جديد من قبل رموز من هذه المدرسة ليرسم صورة قاتمة عن الإسلام والبلاد وحكومته.
وتساءل الشيخ الصفار هل يرفض التكفير ويدان حينما يستهدف الحكام، ويُسكت عنه حينما يستهدف سائر المسلمين؟
ودعا الشيخ الصفار لضرورة العودة للمعايير الشرعية في الكتاب والسنة، وعلى أساسها يتم الحكم بإسلام أحد أو كفره، مؤكداً أنه ليس من حقٍّ أي جهةٍ فرض معايير في هذا السياق، وأن هذا الحق هو لله سبحانه وتعالى وحده وما جاء عن نبيه الأكرم ، مضيفاً: إن الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة تضع مقياساً أساساً للمسلم وهو إعلان الشهادتين أو ما يرمز إليها من إبداء السلام، يقول تعالى: ﴿ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً﴾، وقال رسول الله : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم».
وعن اختلاف المسلمين حول مكانة الصحابة وعدالتهم أكد الشيخ الصفار أنه جاء في مرحلة متأخرة بعد الصراع السياسي والعقدي، وأن الصحابة أنفسهم ما كانوا يُقدّسون بعضهم بعضاً، بل تقاتلوا وتلاعنوا وتسابو وتشاتموا. مضيفاً: وهذا لا يعني أننا مع موقف السب، فرأينا حوله واضح وأعلناه في أكثر من موضع بأننا ضد الإساءة لرموز ومقدّسات أي جهةٍ، فكما أن لنا رموزاً ومقدّسات نُريد احترامها فالآخرين أيضاً لهم ذلك.
وأكد الشيخ الصفار أن الأمة بحاجة إلى تجاوز الخلافات العقدية والمذهبية ليس بإلغائها وإنما بإبقائها ضمن دائرة الخلاف في الرأي دون إساءة من طرف إلى آخر لضمان التعايش والتعاون.
وبمناسبة ذكرى الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء أكد الشيخ الصفار أن النصوص الواردة في حقّها تُلفت النظر، وهي تؤكد على المكانة السامقة للسيدة الزهراء وأنها تُمثّل النموذج الرسالي للمرأة، وهذا يُشعرنا بالحاجة الماسة إلى شخصيّتها على الصعيد الإنساني.
وأشار إلى أن المرأة في عالم اليوم تعيش صراعاً بين إنسانيّتها وأنوثتها، مؤكداً أن ظلماً عنيفاً قد وقع بحقّ المرأة بتوجيهها للاهتمام بإبراز أنوثتها على حساب الأبعاد الأخرى من شخصيّتها التي تُعبّر عن إنسايتها كالجانب الروحي والفكري والاجتماعي، مضيفاً: إن واقع الرجل في هذا الجانب أفضل بكثير من واقع المرأة، وداعياً المرأة للأخذ بسيرة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء لتُحقق إنسانيتها على الأرض، وهذا لا يعني أن تتجاهل أنوثتها بل عليها أن تجتهد في إبرازها بإبداعٍ وتميز في إطارها السليم، كما أنه مطلوبٌ من الرجل ذلك.