الأحساء: الشيخ الصفار نجاح المجتمع في تعدد مشاريعه
دعا سماحة الشيخ حسن الصفار المجتمعات الإسلامية والعربية استنادًا إلى الآيات القرآنية والنصوص الإسلامية إلى السعي نحو تعزيز مكانتهم في العالم وتصحيح أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية ونشر ثقافة الوعي والتطوع، من خلال التأسي بالمجتمعات الأخرى التي تفوقت علينا عندما استفادوا من التعاليم الدينية التي أصبحت عندهم أنموذجاً وسلوكاً حينما حولوها إلى برنامج عمل ومشروع حياة.
فلا تكاد تجد بعد من الأبعاد أو شأن من الشؤون في المجتمعات الأخرى إلا وهناك جمعيات ومنظمات أهلية تهتم بالجوانب المختلفة في المجتمع، كمساعدة الفقراء والمساكين ونشر ثقافة الوعي والمعرفة وحماية البيئة والحد من الفساد الأخلاقي والاجتماعي ومعالجة مشاكل المرور والأمن. في مقابل ذلك تفتقر الساحة الإسلامية في الكثير من شؤونها إلى وجود تلك المنظمات والجمعيات مع الحاجة الملحة لها نظراً لكونهم الأولى في تطبيق تلك المفاهيم التي جاءت بها آيات القرآن الكريم والشريعة الإسلامية.
جاءت كلمة الشيخ الصفار بعنوان: نجاح العمل في تعدد مشاريعه وذلك في بلدة الحوطة بالأحساء ضمن برنامج الزواج الجماعي الميسر مساء يوم الجمعة الموافق لـ 23 من شهر شعبان الجاري 1430هـ الموافق 14/08/2009م بعد أن أم المصلين في مسجد المغيسل.
أفتتح كلمته بالآية القرآنية ﴿وتعاونوا على البر والتقوى﴾ وذكر بعض الأمثلة استشهادا مع المقارنة بينها وبين مشاكلنا نحن المسلمين من اجترارنا للمشاكل في مجالسنا وأعمالنا مع كثرة الكلام حولها دون القدرة على صناعة الحلول والمعالجات المناسبة لها، وكيف أن المجتمعات الأخرى عندما تبرز مشكلة من المشاكل يسارعون إلى حلها وعلاجها والحد من مدى انتشارها واستحداث الطرق والأفكار من أجل تجاوزها. بينما نبقى نحن نندب الآهات ونكثر الكلام حول المشاكل من دون القدرة على المعالجة الحقيقية لها.
وذكر الشيخ الصفار بعض الإحصائيات لبعض المنظمات والجمعيات المنتشرة في العالم، وذكر على سبيل المثال بأنه في أمريكا توجد مليون وخمسمائة وأربعة عشر ألف جمعية ومنظمة أهلية ترعى شؤونها وأوضاعها، وفي المانيا يوجد ثمانمائة ألف جمعية أهلية خيرية، وفي فرنسا يوجد ستمائة ألف جمعية تطوعية أهلية تهتم بمعالجة أوضاعها الاجتماعية والصحية، وفي بريطانيا يوجد ثلاثمائة وخمسون ألف جمعية، وفي اليابان يوجد مائة وعشرون ألف منظمة وجمعية أهلية، وفي إسرائيل هذهِ الدولة التي لا يتجاوز عدد سكانها أربعة ملايين نسمة يوجد فيها خمسة وثلاثون ألفَ جمعية تطوعية ترعى شؤونها وتنظم أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية.
وتعرض الشيخ الصفار في مجمل حديثة إلى ذكر بعض العادات الجديدة التي بدأت تنتشر في المجتمعات العربية والإسلامية إضافة إلى تلك العادات القديمة و بروز بعض الأعراف والعادات من غلاء المهور وحفلات عقد الزواج وما يصاحبها من مصاريف وتكاليف إلى المفاخرة في عمل الزينة الخاصة بسيارات المتزوجين وكثرة البذخ والإطعام في ليلة الزفاف، إضافة إلى ملابس النساء و مراسيم ليلة الدخلة.
كما تطرق الشيخ الصفار إلى ذكر بعض العادات المصاحبة لمراسيم الفواتح والعزاء من السلام على جميع الموجودين في المجلس وتعدد وجبات الإطعام من الصباح وحتى المساء ودعا إلى الاقتصار في السلام على أهل العزاء والحد من وجبات الإطعام، وصرف النظر في الأجر والثواب إلى أمور أخرى يستفيد منها المتوفى.
وتساءل الشيخ الصفار عن الأسباب التي تدفع في هذا الاتجاه وعن سرعة انتشارها مع غلاء الأسعار والحالة الاقتصادية السيئة التي يتورط في تبعاتها من يفكر في الزواج مستقبلاً، وعن مدى حاجة المجتمعات إلى هذه الأعراف والتقاليد.
وعلل الشيخ الصفار حديثه إلى أن كثير من مشاكلنا ناتجة من انغماس الكثير من أبناء المجتمع في العبادات الدينية الفردية وانشغالهم في قضاء حاجاتهم الشخصية، وعدم تلمس حاجات المجتمع الفعلية مع عدم السعي إلى قضاء حاجات الناس والمجتمع، بالإضافة إلى غياب البرامج والمنظمات الأهلية التطوعية التي تسعى إلى معالجة المشاكل وإيجاد الحلول المناسبة لها. كما قال العلامة جمال الدين الأفغاني حينما سافر إلى بعض الدول الغربية وشاهد ما عندهم فقال: (رأيت الإسلام هناك والمسلمين هنا) مشيراً من خلال ذلك إلى غياب الاهتمامات الاجتماعية في أوطاننا وبلداننا العربية والإسلامية. وكما قال الإمام علي : (الله الله في القرآن لا يسبقكم إلى العمل به غيركم).
كما شارك في اللقاء الذي حضره لفيف من العلماء والوجهاء والمثقفين بالإضافة إلى سماحة الشيخ الصفار، كلاً من: الأستاذ عبد الستار الرضي في قراءة آيات مباركات من القرآن الكريم, والأستاذ عباس الموسى بكلمة ترحيبية أشاد فيها بنشاط الشيخ الصفار وتحركاته الاجتماعية والوطنية، وتحدث فيها عن: الحثِّ على العملِ الاجتماعي والتواصلِ بين الناسِ والتعاونِ من أجلِ خدمةِ المجتمعِ المؤمن.
وقال: ينبغي على المجتمع أن لا ينسى ما قدمه القائمون على الزواج الميسر من نشاطاتٍ سابقةٍ خدمت المجتمعَ ونشرت روحَ الوعي والشعورَ بالمسؤوليةِ بين أفراد المجتمع وكان لهم الفضلُ في الكثيرِ من الأعمال إن لم أقل جميعِها فالشكر لله أولاً الذي جعل هؤلاء بيننا والشكر لهم على ما يقدموه من أعمال تخدم مجتمعهم.
وأضاف: وليس بعيداً عنهم ضيفُنا العزيزُ الذي تحمل عناء السفر من أجل خدمتكم، وهو رجلُ المجتمعِ بل هو روحُ المجتمعِ ونبضُهُ الذي كان وما زال أنموذجا فريدا في خدمةِ المجتمعِ بما يقدمه من خدماتٍ ومساعداتٍ كثيرةٍ وجليلةٍ أصبحت مضربَ مثلٍ يحتذى به، ومطمعاً يُسعى إليه، وعملاً يُغبط عليه، إنه الشيخُ العاملُ والاجتماعي المحنَّكُ والرجلُ الدؤوبُ الذي لا يفتأُ يتحركُ هنا وهناك من أجل المجتمع إنه سماحةُ الشيخِ حسنُ الصفار.
جدير بالذكر أن اللقاء جاء ضمن زيارة قام بها سماحة الشيخ الصفار للاحساء وكان في ضيافة المهندس سعيد الخرس في الهفوف، كما تضمن اللقاء جلسة خاصة بلجنة الزواج الميسر.