الشيخ أبو زيد مؤبِّنًا السيد فضل الله (ره): النزعة الحركية السمة الجامعة في شخصية المرجع الراحل
تأبينًا للمرجع الراحل العلاّمة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (ره) الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى صباح الأحد 22/ رجب/ 1431ﻫ = 4/ يوليو (تموز)/ 2010م أقام مكتب سماحة الشيخ حسن الصفّار ـ حفظه الله ـ مجلس فاتحة عل روحه الطاهرة يوم السبت ليلة الأحد 28/ رجب/ 1431ﻫ، وذلك بحضور حشد من المعزّين الذين استمعوا إلى تلاوة عطرة من آيات الذكر الحكيم تلاها القارئ حسين الربعان، وإلى كلمة تأبينية ألقاها فضيلة الشيخ عبد الودود أبو زيد، حيث بدأها ممهِّدًا بالإشارة إلى أن كتابة السيرة الذاتية قد تنحو منحيين، وذلك تبعًا للشخصية المدروسة أو المكتوب عنها، فتارةً تُتَناول الشخصية من جانب واحد، وذلك فيما إذا كانت ذات بعد واحد بارز فيها، وقد يكون من الإجحاف تناول بعض الشخصيات التاريخية من جانب واحد، وذلك لتعدّد الجوانب في هذه الشخصيات، عادًّا المرجع الراحل إحدى الشخصيات ذات الأبعاد المتعدّدة والمتنوّعة، ولذلك قد يكون من الصعب تناولها ـ بجوانبها المتعدّدة ـ في دراسة أو بحث واحد، متناولاً ثلاثة محاور تركّز على بعضٍ من سمات الراحل الكبير، وهي:
إذ أشار في هذا المحور إلى ما يشيد به علماء التفسير والمهتمّون بعلوم القرآن من مدح وثناء على تفسيره (من وحي القرآن)، حيث لا يمكن إغفال المدرسة التفسيرية التي تميّز بها العلاّمة السيد فضل الله في تفسيره، مستشهدًا في ذلك بحديث نقله عن الشيخ محمد هادي معرفة في كتابه (التفسير والمفسرون) الذي تناول فيه جميع المدارس التفسيرية وكتب التفسير القديمة والحديثة، فعدّ تفسير السيد فضل الله (من وحي القرآن) من أهم التفاسير التربوية التي تهتدي في الجوانب التربوية في القرآن من أحاديث أهل البيت ومن الروح الحركية التي تطبع شخصية السيد فضل الله، وهي الروح التي أثرت في حركته في لبنان وألهمت العديد من الحركات الإسلامية في لبنان وخارجه.
مما يتميّز به العلاّمة السيد محمد فضل الله ـ كما نبّه الخطيب أبو زيد ـ هو دراسته للأئمة من أهل البيت ، حيث كتب عنهم جميعًا، وفي دراسته لسيرتهم العطرة ما كان يركّز على السرد التاريخي الجاف، أو إثارة العواطف الولائية فقط، بل كان يستحضر ما تنقله كتب التاريخ في سرتهم ويسقطه على الواقع الاجتماعي المعاصر، بحيث يعيش المستمع والقارئ معه همومه المعاصرة ويعالجها وفق الرؤية الإسلامية المبدأية التي يمثّل أهل البيت فيها أروع النماذج والمثل.
وفي هذه النقطة يشير الشيخ أبو زيد إلى أن السيد الراحل كان يستحضر مواقف الأئمة، وبالإضافة إليها يستحضر مأثوراتهم الحديثية وأدعيتهم ذات المضامين الروحية والاجتماعية العالية وذلك ببراعة فائقة، بحيث كان (ره) يجذب الجمهور إلى قيمة هذا التراث القيّم الذي خلّفه أهل البيت لشيعتهم وللمسلمين عامّة.
وتحت هذا العنوان تحدّث الشيخ عبد الودود عن المشاريع التي كان سماحة السيد فضل الله يتبناها، مشيرًا إلى أن معظم هذه المشاريع كانت تركّز في جانبها الأهم على مشروع بناء الإنسان، وذلك من خلال البرامج التعليمية والمهنية التي كانت تقدّمة للملتحقين بها، إذ لم يركّز فقط على رعاية اليتيم من حيث توفير المال والغذاء فقط، بل ركّز بجانب ذلك على توفير التربية والتعليم والتنشأة الصحيحة لليتيم، وذلك من خلال ما يقدّم من برامج تصب في هذا الاتجاه في المبرّات الخيرية التي يرعاها، هذا بالإضافة إلى كثرة إطلالاته على الناس، من خلال المحاضرات واللقاءات الإعلامية واللقاءات العامّة في مجالسه الأسبوعية، حيث كان يرشد جمهوره ويوجههم إلى أهمية التمسك بقيم الإسلام وتطبيق هذه القيم في المجتمعات الإسلامية وبين أفرادها.
خاتمًا الحديث بالإشارة إلى معظم البيانات التي قيلت في تأبين المرجع الراحل ما كانت لتركّز على جانب واحد في شخصيته، وإنما على جوانب متعدّدة، وهذا يدلّ على الجوانب الكثيرة التي كان (ره) يتمتّع بها.