قراءة كتاب أبوالمكارم ظاهرة التقريظ والتقديم في الأدب العربي.. الشيخ الصفّار نموذجًا
- الكتاب: ظاهرة التقريظ والتقديم في الأدب العربي.. الشيخ الصفّار نموذجًا
- المؤلف: أديب أبو المكارم
- الناشر: أطياف للنشر والتوزيع
- الطبعة الأولى 2015 - 341 صفحة
”التعبير عن شيء بحسنه أو بسوئه صفة عامّة عند بني البشر. فإذا رأى الإنسان منظرًا طبيعيًّا خلابًا، فإن إعجابه به يبدو على محياه وقسمات وجهه، ويتحرك لسانه ليعبّر عن وصف حسنه وجماله، وإذا ما رأى ما يزعجه من مناظر كريهة ومواقف سيئة، بدت قسمات وجهه بالشحوب أو الازدراء، وتبدأ مشاعره المنفعلة بتحريك لسانه ليعبر عن سخطه“.
بهذه الكلمات، بدأ الكاتب والشاعر أديب أبو المكارم كتابه الجديد ”ظاهرة التقريظ والتقديم في الأدب العربي.. الشيخ الصفّار نموذجًا“. حيث يسلط الكاتب من خلاله على أسلوب الشيخ حسن الصفار في كتابة مقدمات الكتب، أو ما يسمى بالتقريظ.
هذه الدراسة التي تجمع ما كتبه الشيخ حسن بن موسى الصفار من تقديمات أو تقريظات لمؤلفين آخرين، تتناول في فصلها الأول دراسة حول هذا الفن الأدبي من حيث البداية، والنوع، والمنهجية، والتطور الذي واكب هذا الفن، واهتمام الكتاب به، مع تقديم بعض الأفكار والمقترحات التي قد تفيد في كتابة التقديم والتقريظ.
قسم الكتاب إلى فصول خمسة:
الأول: أدب كتابة التقديم والتقريظ للكتب والكتّاب، الثاني: الشيخ حسن الصفار الفكر والمسيرة، الثالث: منهجية الشيخ حسن الصفار في التقديم، الرابع: صدى الأفكار، الخامس: النصوص الكاملة لتقديمات الشيخ الصفار.
أهمية الكتاب:
الأولى: ”الكتابة حول هذا الأدب المغفول عنه، وتقديم دراسة حوله ولو كانت موجزة“.
الثانية: ”تقديم دراسة حول منهجية الشيخ حسن الصفّار في تقريظ الكتب والكتّاب. وهي أيضًا قد تكون دراسة بكر، حيث إن الكتب حسب المتوفر من المصادر التي ألفها مَن جَمعَ مقدماته وتقاريظه، أو جُمعت مقدماته وتقاريظه، كلها كانت عبارة عن جمع النصوص مع بعض، دون تقديم دراسة حول منهجيتهم“.
القسم الأول: أدب كتابة التقديم والتقريظ للكتب والكتّاب.
يعرض الكاتب في هذا القسم لادب التقريظ تاريخيا، ويستعرض التقريظ لدى الشعراء، كما يقدم أفكار حول كتابة التقريظ ومن أهمها: 1 إضاءات حول الكتاب، 2 نبذة عن المؤلف، 3 دعم الكتاب والكاتب، 4 تشجيع الآخرين، 5 طرح الأفكار والرؤى، 6 عدم المبالغة في المدح والثناء، 7 التقييم وإبداء الرأي، 8 الإشارة إلى أسباب الإعجاب أو النقد.
القسم الثاني: الشيخ حسن الصفار الفكر والمسيرة.
في الفصل الثاني يتحدث الشاعر أبو المكارم عن مسيرة الشيخ الصفار، متطرقا لابرز المفاصل في حياته. ويهدف هذا الفصل إلى إبراز محطات مهمّة تشير إلى تعدد أدوار الشيخ وكفاءته ومكانته. ”وقد تكون جديدة على القارئ، ومهمّة له ليعرف المزيد عن شخصية الصفار. وأثر هذه الأدوار والتحولات في سيرة الشيخ الصفار على تقديمه وتقريظه للكتب“.
القسم الثالث: منهجية الشيخ حسن الصفار في التقديم.
”هذا الفصل يعطي فكرة متكاملة عن منهجية الشيخ حسن الصفار في تقديماته وتقريظاته، ذلك أنه من خلال مطالعتنا لمجموع المقدمات التي كتبها للآخرين يمكننا رصد أسلوبه كما يلي“:
1 الحديث عن شخص المؤلِف. ولديه ثلاث مقدمات تحت هذا المنهج.
2 الحديث عن شخصية المؤلَف عنه. ولديه في هذا الجانب تسع مقدمات.
3 إعطاء رؤية حول موضوع الكتاب. ولديه حوالي 46 مقدمة في هذا الجانب.
4 إعطاء رؤية مستوحاة من طبيعة المؤلف: ولديه تقريبًا مقدمتان في هذا الجانب.
5 إعطاء رؤية مستوحاة من شخص المؤلف. ولديه في هذا الجانب 5 مقدمات.
6 إعطاء رؤية مستوحاة من بلد المؤلف. ولديه في هذا الجانب 8 مقدمات تقريبًا وتقريظ شعري.
7 كتابة تجربته الشخصية في جانب ما. ولديه قرابة 5 مقدمات في هذا المنهج.
8 كتابة ترجمة أو سيرة ذاتية للمؤلف عنه. ولديه حوالي 6 مقدمات في هذا الجانب.
9 دعوة شخصية لأمر ما.
10 رسائل تقريظية. وله في هذا الجانب مقدمتان.
11 إبداء تعليق أو رأي حول الكتاب والكاتب.
القسم الرابع: صدى الأفكار.
يشير الكاتب في هذا الفصل إلى أن الشيخ الصفار ”يهدف إلى بث أفكاره ورؤاه في كل مكان يمكنه ذلك، وبكل لباقة وأدب، وحسن عرض. يتجلى ذلك في حديثه الدائم في مجلسه العامر، فهو لا يترك المجلس للأحاديث العامّة دون هدف ودون توجيه. يفتتح مجلسه العام غالبًا بفكرة أو كلمة توجيهية ثم يطلب من الحضور المناقشة أو الخوض في حديث الشأن العام لمتابعة أوضاع البلد والناس. ولا يخفى على الجميع دوره الخطابي المتمثل في محاضرات محرم الحرام الذي يكثّف فيه جهده لعرض خلاصة فكره حول مجريات العام، وكذلك عبر منبر الجمعة، وعبر الندوات والمؤتمرات والمحاضرات المختلفة في المنتديات وفي محافل أهل البيت والشخصيات العلمية. وكذلك عبر كتبه المتنوعة الهادفة“.
وهنا ينتهز الشيخ ”فرصة بث أفكاره في كتب الآخرين أثناء التقديم لها، وهو يقتبس هنا الفكرة من مضمون الكتاب أو فكرته، أو من المؤلف شخصًا ونشاطًا كما أشرنا سابقًا. هذه الأفكار قد تكون جديدة وقد يكون الصفار قد سبق وتحدث عنها في أمكان مختلفة، لكنه هنا يعيد صياغتها بما يتناسب مع موضوع الكتاب، ولهذا سمي هذا الفصل «صدى الأفكار»“.
الفصل الخامس: النصوص الكاملة لتقديمات الشيخ الصفار.
الفصل الخامس والأخير من الكتاب، يضع المؤلف فيه النصوص الكاملة لمقدمات الشيخ حسن الصفار لكتب الآخرين، مرتبة حسب تاريخ التقديم، والذي ينتهي بعام 1433 هـ . ”والفائدة من جمع المقدمات حتى يسهل على القارئ تتبعها والاستفادة من محتواياتها، فجمعها في كتاب يعتبر كشكولًا ممتعًا للقراءه فيه من كل رَفٍّ كتاب، ومن كل كتاب معرفة وفكر“.
ومن خلال تتبع لمجموعة التقاريظ والمقدمات التي كتبها للآخرين أشار الكاتب أبو المكارم لأبرز الأساليب لدى الشيخ الصفار في صياغة تقاريظه ومقدماته كما يلي:
1 كتب في أدب التقديم لكتب الآخرين بنوعيه النثري والشعري، وإن كان الشعر لم يتعدّ قصيدتين.
2 يميل في تقديمه النثري إلى الأسلوب الأدبي في صياغة عباراته أيضًا، ولكن ليس على حساب فكرته ورؤيته وما يريد إيصاله للقارئ.
3 لا يعتمد قالبًا واحدًا في منهج التقديم، بل تعددت مناهجه وأساليبه، بناء على موضوع الكتاب، أو شخصية المؤلف أو بلده.
4 لا يعتمد موضوع الكتاب من حيث كونه أدبيًا أو دينيًا أو ثقافيًا أو ما شابه ليكتب تقديمه حوله، ويتخذ المنهجية المناسبة، بل يحاول أن يرى أهم علامة تشجعه على اتخاذ منهجيته في التقديم. فحين تأخذ مثلًا الكتب الأدبية التي قدّم لها تجد أساليبه مختلفة في كل منها، فأحيانًا يكتب عن الأدب، وأخرى عن الشباب إذا كان المؤلف شابًا، وعن تأثير مجاورة المراقد المقدسة على نفس الشاعر وقريحته، وعن أهمية استثمار قدرة البيان في التوجيه الاجتماعي، وأهمية التأكيد على القيم والمبادئ، وهكذا تجد نفس الأمر في مختلف المواضيع.
5 يركّز على اعطاء فكرة حول موضوع الكتاب.
6 يعرّف الكِتاب بشكل موجز.
7 يعرّف المؤلف ويقدمه للقرّاء بشكل مناسب بإعطاء فكرة عن شخصيته.
8 إذا قرّظ مؤلفًا فإنه يبين ما تميز به حتى يرسّخ فيه هذه المزايا ويشجع الآخرين على التحلي بها.
9 حين تعريفه بمؤلف فهو يكتب عن معرفة بالشخص الذي يقدّم إليه، وهو يشير إلى المحاسن التي يراها فيه حتى يرفع مشكلة المبالغة في المدح، ويبين أسباب المدح.
10 يُقيّم الكتاب في الغالب مشيرًا إلى ما يعجبه فيه كتعدد المصادر، والريادة في الموضوع، وحساسيته، وسعة الإطلاع وعمق البحث وغير ذلك.
11 لا يسهب كثيرًا في مقدماته إلا القليل فيما كَتب لأهمية الموضوع الذي يتناوله في التقديم. ولا يخفى أنه كلما زاد طول التقديم زادت تكلفة الطباعة لزيادة عدد الأوراق، ولعل هذا ما يأخذه وغيره من المقدمين بعين الأعتبار.
12 في كلماته تشجيع وتحفيز للكاتب وللقارئ. للكاتب بأن يسير على نفس الدرب وأن يتمسك بما أشار له المقدم من مزاياه، وللقارئ أيضًا بأن يسلك نفس المنهج وأن يسعى لكسب تلك السجايا التي هي محل تقدير وثناء. فهو يشير إلى ما يتميز به المؤلف من الجانب الشخصي كحسن الخلق، وخدمة المجتمع، وما شابه، ويشير أيضًا إلى تميزه في التأليف من حيث رشاقة القلم، وسعة الاطلاع، وعمق البحث مثلًا.
13 يعطي فكرة ونبذة في بعض الأحيان عن بلد المؤلف.
14 حين يدعم قراءة الكتاب ويشجع عليها فإنه يشير إلى ما يميزه.
15 قد لا يقرأ الكتاب بشكل دقيق وفاحص، ولكنه يطلع عليه اطلاعة توفي حق التقديم له، وهو يشير إلى هذا الجانب في التقديم أيضًا، فيذكر عبارة من قبيل ”اطلعت على الكتاب“.
16 يمدح، ولكنه لا يغالي في مدحه. وهو في ذات الوقت يشير إلى أفعال وليس إلى مجرد صفات قد تنطبق على هذا وذاك، أو تُطلق من غير برهان.
17 يتخلص من تبعات الثناء بأسلوب لبق لو استدعى الأمر ذلك. فحين يطلع على كتاب هو بحاجة إلى تدقيق ومراجعة لأهمية الموضوع، يمدح الكاتب في جانب ما، ويقول وبالرغم أني لم أقرأء الكتاب وأراجع ما جاء فيه، ولكني أثق بالكاتب ودقة بحثه. فهي من جانب تزكية للمؤلف، وتخلص من مسؤولية الأخطاء لو وردت.
18 يعمد إلى اتخاذ نمط غير معتاد منه ومن غيره غالبًا وهو الكتابة بصيغة رسالة، وذلك يبدو تأدبًا واحترامًا لمن هم أسبق وأكثر منه علمًا، كتقديمه لكتابي الشيخ السبحاني.