السهل الممتنع.. خطاب الاعتدال في مواجهة خطاب التطرف
تمر على المجتمعات البشرية متغيرات كثيرة، تستهدف مختلف الجوانب، وفي الغالب يرون أنفسهم مجبرين على التكيف معها أو التعامل معها بما يتوافق مع المصلحة العامة، ومن جانب آخر إذا كانت المتغيرات لا تتوافق مع الطبيعة البشرية، تصبح مواجهتها أمر حتمي يتطلب جهود مشتركة من قبل الجميع.
وفي كثير من الأحوال يتصور الإنسان صعوبة في القيام بعمل ما أو تجاوز مرحلة معينة، سواء في الأمور الخاصة التي ترجع للفرد نفسه، أو في ما يتعلق بأحوال الناس وما يرتبط بتنظيم حياتهم العامة.
ولعله اليوم من أهم الأمور التي يكثر الحديث حوالها في علاج المشاكل الاجتماعية، هي مسألة التعارف والتواصل بين مختلف الأديان والمذاهب والطوائف، وتجاوز حالات الكراهية والاحتراب، وقد أشبع هذا الجانب وما يتعلق به كثيرا من قبل العلماء وأصحاب الرأي.
لكن نظرة أصحاب كل دين أو مذهب أو طائفة تجاه الطرف الآخر بطريقة مريبة، وخلق جو من الكراهية والعداوة في العلاقات، ولد حالة من التطرف ساعد بمرور الوقت على ولادة جماعات عنفية قامت بأعمال مسلحة استهدفت الوجود الإنساني وتصفيته، ونتيجة لبروز هذه الحالة عانت الكثير من الدول في عصور مختلفة وحتى زمننا هذا من الخراب وسوء العلاقات بين المواطنين.
الليلة الماضية، ليلة السادس من محرم الحرام، وضمن سلسلة محاضراته العاشورائية تناول الشيخ الصفار جانباً مهماً أشار من خلاله إلى أنّ ظهور حركة إرهابية بحجم داعش تتبنى القتل والتدمير وتستهدف الكيانات المذهبية أمر مقلق فاق التصورات والتوقعات، مضيفاً بأنه ليس صحيحاً أن نسترسل فيما كنا عليه قبل ظاهرة داعش وكأن شيئاً لم يحدث.
حيث نبه الشيخ على ضرورة العودة إلى بحث العلاقات المذهبية من جديد في سبيل محاصرة مفاعيل هذا التوجه الداعشي.
داعياً مرجعيات العالم الإسلامي إلى عقد لقاء تاريخي يتجاوز حالة الخلاف ويضع حدا للصراع السني الشيعي.
ورغم الدعوات والخطابات والمؤتمرات التي تدعو للتواصل وتجاوز حالة التطرف، لكن للأسف لا يوجد إلى الآن في مجتمعاتنا مساحة واسعة من الإدراك لأهمية هذا الجانب. بل العجيب كما قال الشيخ الصفار وجود جهة معاكسة وصفهم بالممانعين للتقارب في كل طرف، يروق لهم إذكاء حالة التطرف والدفع إلى الاحتراب.
عليه مواجهة حالة التطرف أمر لا بد منه، وهذه الحالة يراها الشيخ الصفار متصلة بجمهور الناس وعوامهم، وليست فقط خطاباً نخبوياً يرتبط بجهة معينة كما يتصوره البعض، لأن الجمهور هو الخاسر الأكبر من استمرار الصراعات الطائفية.