الشيخ الصفار يدعو لاستثمار عاشوراء في تعزيز القيم الإيمانية الأخلاقية
دعا سماحة الشيخ حسن الصفار لاستثمار عاشوراء في تعزيز القيم الإيمانية الأخلاقية في النفوس، كقيمة العبودية لله تعالى والالتزام بأمره ونهيه، وقيمة الورع والأمانة والعفة واحترام حقوق الآخرين المادية والمعنوية.
وتابع: وعلى المستمعين والمشاركين في المجالس والمواكب الحسينية ان يفتحوا قلوبهم للموعظة والإرشاد، وان يقصدوا من مشاركتهم الاستفادة والانتفاع، ليكونوا أقرب الى الحسين، ولتشملهم شفاعته يوم القيامة.
جاء ذلك في خطبة الجمعة 29 ذو الحجة 1445هـ الموافق 5يوليو 2024م بمسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: عاشوراء موسم التعبئة للقيم.
وأوضح سماحته أن مجتمعات الأمة تواجه تحديات ومشاكل كثيرة على الصعيد الأخلاقي، وعلى مستوى العلاقات الأسرية والزوجية والنزاهة والذمة المالية تجاه المال العام والأموال الخاصة، كما في قضايا المنازعات في الإرث، والمماطلة في أداء الحقوق والديون.
وتابع: أملنا كبير في خطبائنا الحسينين أن يولوا هذه القضايا اهتمامًا أكبر، فلا شيء يسرّ الحسين وأهل البيت ، كإحياء الدين في النفوس وتعزيز القيم في سلوك محبيهم واتباعهم.
وأضاف: إذ نستقبل موسم عاشوراء ذكرى استشهاد سبط رسول الله الحسين بن علي فإن أفضل ما نستفيده ونكسبه من احياء هذه المناسبة العظيمة، هو التذكير بالقيم الايمانية الأخلاقية، لإحيائها في نفوسنا، واستحضارها في حياتنا وسلوكنا.
وأبان أن الإمام الحسين إنما ثار ونهض من اجل تعزيز هذه القيم في ساحة الامة، كما ورد عنه : «انما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي اريد ان آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر».
وأشار إلى وجود اتجاهين يتصارعان في أعماق نفس الانسان، من اجل السيطرة على شخصيته وتحديد مساره ومصيره، وهما اتجاه الهوى واتجاه الهدى.
وتابع: الهوى ينبعث من غرائز الانسان وشهواته، لتلبية رغباته الجسمية والعاطفية، بينما ينبعث الهدى من ضميره وعقله، للاستجابة للتطلعات المعنوية والروحية.
وذكر أن تلبية الرغبات الجسمية والعاطفية أمر ضروري لاستمرار وجود الانسان وأداء وظيفته في هذه الحياة، لذلك أودع الله في نفسه الغرائز والشهوات.
وتابع: كما أن الاستجابة للتطلعات المعنوية والروحية، هو ما يحقق إنسانية الانسان وتميزه عن سائر انواع الحيوان، التي يشاركها في مجال متطلبات الغريزة والشهوة، لكنه يفارقها في احساسه الوجداني وادراكه العقلي.
وأضاف: إن الامتحان الكبير الذي يواجهه الانسان هو قوة ضغط الهوى والشهوة للسيطرة على قراره، وتوجيه تصرفاته وسلوكه، بعيدًا عن هداية العقل والضمير، وعلى حساب التطلعات المعنوية والروحية.
وقال: حينئذٍ يصبح الانسان عبدًا تسيّره الشهوات، ويصبح الهوى بمثابة الإله الذي يخضع له ويطيعه، بدل ان يخضع لله الذي خلقه وانعم عليه، وسيكون مصيره اليه.
وتابع: حين يكون الانسان عبدًا لهواه، فانه لن يحسب أي حساب لأوامر الله تعالى، ولن يستجيب لنداء عقله، ولا يسمع لصوت ضميره، ولا مكان للقيم والمبادئ في نفسه.
وأضاف: بذلك يتنازل عن انسانيته، وينحدر الى مستوى البهائم والانعام، حيث لا تطلعات لها ولا اهتمامات تتجاوز اشباع الغرائز والرغبات الجسمية، بل انه حينئذٍ يكون أسوأ حالًا من الانعام.
ومضى يقول: لخطورة انزلاق الانسان الى عبودية الهوى والشهوة، جاءت الرسالات السماوية وبعث الله الأنبياء، وجعل لهم اوصياء، ليذكروا الانسان بإنسانيته، ويثيروا اهتمامه بالتطلعات المعنوية الروحية، ويوجهونه للالتزام بالقيم والمبادئ في سلوكه وحياته.
وأشار إلى شدّة الحاجة إلى التذكير بالقيم في العصر الحاضر، لان الحضارة المادية السائدة تسوق الناس سوقًا الى اتباع الأهواء والشهوات، عبر تعزيز الانانية في ذواتهم، وتحريض الرغبات والشهوات في نفوسهم، ودفعهم الى التنافس على المصالح المادية، والملذات والمتع الجسمية والعاطفية.
وتابع: قد تشيع في أوساط بعض الناس تعابير تنسجم مع مسلك عبادة الهوى من دون الله، ودون التزام بالقيم، وقد لا يقصدون ذلك، لكن استخدام مثل هذه التعابير، تطبّع هذا المسلك في نفس الانسان.
وأعطى مثالًا لذلك: حينما يأمر الإنسان أحدًا بالمعروف وينهاه عن المنكر، أو ينصحه أو يلفت نظره إلى موقف أو ممارسة تخالف الشرع والأدب، يجيب على الفور: أنا حر في تصرفاتي، أو على كيفي، أو هذا لا يعجبني.
مؤكدًا أن الإنسان حر أمام الآخرين، لكنه عبد لله تعالى، ولا يصح له أن يعصي الله استجابة لكيفه ورغبته. كما لا يصح له أن يخالف النظام العام بمثل هذه المبررات.