الشيخ محمد الصفّار: آباؤكم تعبوا لأجلكم فلا تبخلوا عليهم

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

دعا سماحة الشيخ محمد الصفّار إلى تعزيز ثقافة برّ الوالدين والاهتمام بهم مادّيًا ومعنويًا، مؤكدًا أن برّ الوالدين ليس خيارًا بل وصية إلهية.

وتابع: إن أعظم خسارة قد يتعرّض لها الإنسان في حياته ليست خسارة المال ولا ضياع الجهود، بل أن يخسر أبناءه حين يحتاج إليهم فلا يجدوهم.

جاء ذلك ضمن خطبة الجمعة 23 جمادى الأولى 1447هـ الموافق 14 نوفمبر 2025م، في مسجد الرسالة بالقطيف شرقي السعودية بعنوان: كما ربياني صغيرا.. أخلاق من ذهب.

وأوضح سماحته أن الإنسان بطبيعته يترقب نتيجة جهده، ويتألم عند خسارته في التجارة أو الزراعة، لكنه يستطيع تعويض الخسائر مع مرور الوقت، إلا أن الصدمة القاصمة للظهر حين يجد أبناءه مشغولين عنه، أو بعيدين عن مشاركته لحظات الأنس والحاجة.

وتوجّه الشيخ الصفّار بخطاب مباشر إلى الشباب من الأبناء والبنات، وقال: آباؤكم وأمهاتكم هم الجسر الذي عبرتم من خلاله إلى ما تنعمون به اليوم، فقد بذلوا أعمارهم في تربيتكم، وسهروا لجوعكم ومرضكم، وتحمّلوا المشقة لتعيشوا بعزّة وكرامة.

ولفت إلى أن القرآن الكريم رسم للإنسان منظومة قيمية واضحة في علاقته بوالديه، تقوم على البرّ والإحسان والرحمة، وحتى عند اختلاف العقيدة أوجب القرآن "الصحبة بالمعروف"، مستشهدًا بآيات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة في هذا المجال.

وشدد على ضرورة تحسّس الأبناء للوضع المالي لآبائهم دون انتظار طلب المساعدة، مبينًا أن كثيرًا من الآباء يشعرون بالحرج الشديد من طلب المال رغم حاجتهم.

ودعا الأبناء إلى التفكير في الطريق والسبيل الذي يمكن به أن يكونوا إلى جانب آبائهم في القضية المالية، إما بالمبادرة بتحويل مبلغ شهري "ولو بسيط" إلى حساب والدهم إدخالًا للطمأنينة إلى قلبه، أو بالمشاركة في النفقات الأساسية وسداد الديون إن وجدت أو أي مشاركة أخرى.

وساق مثالًا عن شاب كان يرسل مبالغ دورية لوالده تحت مسميات مختلفة كهدية شهر رمضان، وهدية العيد، أو للمشاركة في ثواب شهر محرم، كل ذلك حفاظًا على مشاعر والده ومكانته.

وفي موضوع متصل أشار سماحته إلى أن كبار السن قد يغفلون عن مظهرهم الخارجي، داعيًا الأبناء إلى مساعدتهم في اختيار اللباس المناسب، والمحافظة على نظافتهم وأناقتهم، كما كانوا يفعلون هم لأبنائهم في طفولتهم.

وبيّن أن مرافقة الأبناء لآبائهم في الزيارات والعزاء والمناسبات السعيدة تمنح الوالد شعورًا بالعزّة والاحترام. وقال إن الوالد رافق أبناءه في دروب الطفولة كلها، ومن الوفاء أن يرافقوه اليوم كما رافقهم بالأمس.

كما شدّد على أهمية وجود الأبناء في مجلس والدهم عند استقبال الضيوف. مؤكدًا إن حضورهم "يبهج قلب الأب ويزرع فيه السكينة".

وأعرب عن أسفه لرؤية كبار السن يستقبلون الضيوف وحدهم رغم تقدم العمر بهم، بينما يغيب الأبناء دون عذر.

وختم بالتأكيد على أن برّ الوالدين ليس مجرد سلوك اجتماعي، بل قيمة دينية رفيعة ووصية قرآنية لا يجوز التفريط فيها، وهي الطريق إلى بركة العمر ورضا الله تعالى.