في مدغشقر
شخصيات إسلامية ومسيحية تحتفي بإصدار كتاب للشيخ الصفار باللغة الفرنسية
شهدت مدينة (أنتاناناريفو) عاصمة جمهورية مدغشقر حدثًا ثقافيًا اجتماعيًا مميزًا، حيث اجتمع عدد من الشخصيات الإسلامية والمسيحية، ومن مختلف المذاهب والتوجهات، للاحتفاء بإصدار كتاب لسماحة الشيخ حسن الصفار عن (التنوع والتعايش) مترجمًا باللغة الفرنسية.
وقد أقيم الاحتفال في فندق (سنتل أنتانيمينا) مساء الثلاثاء 9 صفر 1446هـ الموافق 13 أغسطس 2024م بدعوة من مركز الرسول الأعظم الذي تبنى نشر الكتاب.
الشيخ حنيف
وتحدّث مدير المركز الشيخ حنيف مير أكبر علي في بداية الحفل مرحبًا بالضيوف الكرام، ومتحدّثًا عن شخصية الشيخ الصفار وأفكاره الإصلاحية التجديدية، ومواقفه الوحدوية الإنسانية.
وأبان أن الشيخ الصفار عالم دين بعيد عن التقليدية، فهو رجل اجتماعي مثقف واعي، يحاول بناء جسور التواصل مع الجميع.
وتابع: لقد نجح في بناء شبكة علاقات مع جميع المواطنين في المملكة العربية السعودية، بكل أطيافهم وتوجهاتهم الدينية وغير الدينية.
وأوضح أن الشيخ الصفار يتمتع بشخصيته كبيرة وله تأثير في دول الخليج وسوريا والعراق وغيرها. لذلك يسعى إلى تعزيز رابطة الأخوة بين جميع أفراد المجتمع في البلاد، وعلى الصعيد الدولي.
وأشار إلى مشاركة سماحته في مؤتمر الحوار الوطني في المملكة، وإلى تواصله مع المسؤولين في الحكومة السعودية، مشيدًا بحكمته ومعرفته بكيفية العيش المشترك.
وتحدّث في الحفل عدد من الشخصيات المشاركة، التي أشادت بفكرة كتاب (التنوع والتعايش).
حسين عبدالرسول
وفي كلمته أبان المسؤول عن الشؤون التعليمية لاتحاد الخوجة الأستاذ في جامعة تناناريف (حسين عبدالرسول) أنّ الكتاب يتحدث عن موضوع مهم في الوقت الحاضر، وسيظل مهمًا في المستقبل، إنها مسألة التعايش.
وتابع: أثناء قراءتي للكتاب اكتشفت نقطة أدهشتني وعلقت في ذهني، وهي الجانب الثقافي.
وأضاف: إنه كتاب رائع لأنه يشير بشكل خاص إلى آيات من القرآن الكريم، وأجده رسالة عالمية للجميع، تخص الإنسانية كلها، إنها رسالة إنسانية مهمة.
مدام هاينقو
وقالت المشرفة على قسم الطلبة والطالبات الجامعيين في مركز الرسول الاكرم (مدام هاينقو) في كلمتها: منذ سنوات عديدة والبشرية تواجه مشكلة التنوع والتعايش، والتي غالبًا ما تكون مصدرًا للخلاف، وانعدام الثقة والشك بين الناس، ومع ذلك، عدم المعرفة حول كيفية التعايش مع التنوع يمنع من تحقيق أفضل النتائج، ويعيق تحقيق الهدف المشترك.
وتابعت: يبين لنا الكتاب أنه من الضروري التعايش والتعامل مع التنوع العرقي والقومي، والتنوع اللغوي والتنوع الديني، فالاختلاف يجب أن يكون قوة للمجتمع.
ومضت تقول: كمسيحية كان لي شرف التعامل مع إخوة وأخوات من المسلمين، وأستطيع أن أؤكد لكم أن التنوع بين الأديان ليس مصدرًا للفشل في العالم المهني، ونتيجة لذلك دعونا نتكاتف ونتحمّل المسؤولية للقضاء على المشاكل الناتجة عن التنوع بالتعايش.
وأضافت: إن التعاون والتعايش المتناغم أكثر فائدة للبشرية.
نادين راندرياناسولو
وفي كلمتها أبانت السيدة (نادين راندرياناسولو) ممثلة محافظة ماناكارا في البرلمان، أنها لم تقرأ الكتاب، لكن ما سمعته من سماحة الشيخ الصفار ومن المتحدثين استطاعت أن ترى أن ما هو ضروري للإنسان كإنسان هو الحب والتعاطف والاحترام والمشاركة.
وتابعت: أنا مسيحية أعتقد أنه لو لم يكن العالم متنوعًا ولم يكن لدينا هذا التنوع لكنا نعيش الفراغ الفكري والنفسي، إنّ هذا التنوع هو ثروتنا وسبب تطورنا اليوم.
وأوضحت أن مدغشقر بلد علماني، والعلمانية تضمن أن تبقى الحكومة محايدة فيما يتعلق بجميع المعتقدات، وكل شخص يمكنه ممارسة عقديته بحرية تامة.
وتابعت: هذا المبدأ ضروري لمنع الصراع الديني وبناء مجتمع تُحترم فيه الحقوق المتساوية.
الشيخ عبدالعزيز
وفي كلمته أشار الشيخ الدكتور عبدالعزيز عبدالرزاق إلى سعادته بزيارة سماحة الشيخ الصفار، واصفًا إياه بالرجل المكافح من أجل نشر العلم والمعرفة منذ شبابه.
وأبان أن الكتب السماوية الثلاثة التوراة والإنجيل والقرآن تدعو للتعايش وهي نفس الرسالة التي يحملها كتاب الشيخ الصفار.
ولفت إلى أن البشر مختلفون من حيث اللون أو الثقافة أو الوضع الاجتماعي، لكن الأصل واحد آدم وحواء عليهما السلام.
وتابع: إذا لم نتجاوز هذه الاختلافات الصغيرة التي خلقها الله فإن الأشرار سيستغلونها لتفريقنا.
وأضاف: هناك مصطلح التبعية المتبادلة وهي أن يعتمد كل فرد على الآخر، فالبائع يحتاج إلى المشتري والمريض يحتاج إلى الطبيب، والطبيب يحتاج إلى الخبّاز وهكذا.
ومضى يقول: الشيخ الصفار معروف في المملكة العربية السعودية وفي الخليج بل في آسيا وكل العالم، وليس ذلك بسبب آراءه وأفكاره فقط، بل بسبب الأعمال الجليلة التي يقوم بها.
وتابع: لقد جعل الله منه شخصًا مقبولًا من الجميع، من أسر مسلمة وغير مسلمة، وذلك بسبب العمل الذي قام به والذي يهدف إلى إزالة الحواجز بين الناس.
ودعا لأخذ الفرصة واغتنام الوقت لقراءة هذا الكتاب، مؤكدًا أنه من الصدق القول أن هذا الكتاب محسوب جيدًا، ويعلّم دروس الحياة لاستخدامها حتى نتمكن من أن نصبح بشرًا أسوياء.
الشيخ الصفار
من جهته ألقى سماحة الشيخ حسن الصفار كلمة جاء فيها: إنّ الطريق الصحيح ليعيش الناس في سلام هو احترام الآخرين، والتعاون معهم، والاعتراف لهم بحقهم في أن يؤمنوا بما يريدون.
وتابع: إنّ من يحاولون أن يتدخلوا في أديان الآخرين ومذاهبهم، ويمارسون أساليب قمعية مسيئة للآخرين في أديانهم ومذاهبهم، إنما هم يسعون إلى تعكير صفو هذه الحياة بين أبناء البشر.
وأوضح سماحته أنّ الله سبحانه وتعالى هو خالق الإنسان، لكنه ترك للإنسان حرية الإيمان أو عدم الإيمان به، يقول تعالى: ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾.
وتابع: وبعث الأنبياء لهداية الإنسان إلى الإيمان به سبحانه. وتذكيرهم بما هو في وجدانهم وفطرتهم، لكنه لم يسمح لأنبيائه أن يُكرهوا الناس على الإيمان.
واستنكر قيام بعض الجهات بفرض إيمان معين، أو فكرة معينة على الناس.
وتابع: حتى لو استجاب الناس لهذا الدين أو الفكرة بسبب الفرض والقهر، فإنّ استجابتهم ستكون ظاهرية، لا تعبّر عمّا في داخل قلوبهم، لأنه لا تستطيع أيُّ قوة أن تفرض على القلب ما يرفضه.
وأضاف: نعم قد يتظاهر الناس بالإيمان، لكنهم في داخل قلوبهم، إذا لم يكونوا مقتنعين، فلن تستطيع أي قوة أن تفرض على قلوبهم ما يخالف إرادتها.
وأبان أن ما أراده الله تعالى للإنسان في هذه الحياة، أن يختار عقيدته بحرية، وعلى الإنسان الواعي أن يحترم هذا القرار، وهذه الإرادة الإلهية.
وتابع: إنّ من لا يحترم حريات الناس الدينية والفكرية، إنّما يخالف ما أراده الله سبحانه وتعالى.
ومضى يقول: إذا أردت أن تعرض دينك أو مذهبك على الآخرين، فينبغي أن تلتزم بأعلى درجةٍ من الأدب تجاههم، ولا يصح لك أبدًا أن تناقش أحدًا في المسألة الدينية إلا بأفضل أسلوب، وأفضل تعبير.
واستشهد بقوله تعالى: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾.
وأبان أن هذه هي رسالة هذا الكتاب (التنوع والتعايش)، أرجو أن يجد الإخوة الأعزاء والأخوات الكريمات فرصة للاطلاع عليه، وأن يفيدوني بملاحظاتهم وانتقاداتهم البناءة.
وتابع: لقد تعبت مجتمعاتنا من النزاعات والخلافات والحروب، بسبب الاختلافات العرقية والقومية، والدينية والمذهبية، وآن لنا أن نقرر أن نعيش بسلام كما يريده الله تعالى لنا.
وأضاف: سبق أن تُرجم الكتاب وطبع بلغات أخرى كاللغة الإنجليزية، ولغة الأوردو، واللغة الآذرية، واللغة السواحيلية، واللغة التايلاندية، وفي ذلك دلالة على أن هناك قبولًا وتأييدًا لهذه الفكرة في المجتمعات الإنسانية.
وفي ختام الكلمة شكر سماحته مركز الرسول الأعظم في مدغشقر لتبني إصدار الكتاب مترجمًا باللغة الفرنسية، ولإقامتهم هذا الحفل البهيج بهذه المناسبة.
هذا وقد حضر الحفل الذي بدأ بتلاوة عطرة من القرآن الكريم، ثم عرض مرئي للتعريف بسماحة الشيخ الصفار، شخصيات من الكنيسة المسيحية، ومن بعض المراكز الإسلامية السنية والشيعية، ومن طائفة البهرة الإسماعيلية، كما حضر بعض نواب البرلمان ومسؤولون حكوميون ورجال أعمال ومثقفون.
كما تم توزيع نسخ الكتاب باللغة الفرنسية على الحاضرين.
يشار على أن كتاب (التنوع والتعايش.. بحث في تأصيل الوحدة الاجتماعية والوطنية) لسماحة الشيخ الصفار، صدر باللغة الفرنسية بعنوان: (Diversité et Coexistence) وقد قام بمترجمته الشيخ أحمد جمال (الطبعة الأولى، 2024م، دار إكبريم، موروني - جزر القمر).