أثنى على جهود المملكة في رعاية ضيوف الرحمن
الشيخ الصفار: وجود الحرمين في وطننا شرف عظيم وعلينا أن نستفيد من بركاتهما

دعا سماحة الشيخ حسن الصفار: ألا نفوّت فرصة التشرّف بزيارة الحرمين والتعبد فيهما، لما لهما من بركات معنوية وروحية عظيمة، تجعل الإنسان أكثر التزامًا بالقيم الدينية، وأقرب إلى الله سبحانه وتعالى.
وأثنى على الجهود التي تبذلها المملكة في رعاية ضيوف الرحمن وخدمة الحرمين الشريفين، داعيًا إلى دعم تلك الجهود المباركة، ومواكبتها بالدعاء والتقدير.
جاء ذلك ضمن خطبة الجمعة 3 ذو الحجة 1446هـ الموافق 30 مايو 2025م، في مسجد الرسالة بالقطيف شرقي السعودية بعنوان: أول بيت وضع للناس.
وأوضح سماحته أن في هذه الأيام المباركة، تتجه الأنظار، وتنجذب القلوب والأرواح، إلى فضاء بيت الله الحرام.
وتابع: تزحف جموع الحجيج، ملبية لله تعالى، مجيبة لأذان أبي الأنبياء إبراهيم الخليل ، تطوف بالكعبة الغراء، وتصافح الحجر الأسود يمين الله في أرضه، وتؤدي مناسكها بشوق وخشوع.
وأضاف: يجب أن نحمد الله تعالى ونشكره لأننا في وطن باركه الله بوجود الحرمين الشريفين، وذلك موجب للاعتزاز والفخر.
وحول قوله تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ﴿٩٦﴾ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ أبان سماحته: إنه أول بيت أقيم على وجه الأرض لعبادة الله تعالى، فقبله لم يكن هناك مبنى مشيّد يقصده الناس للعبادة.
وأشار إلى أن المصادر الإسلامية والتاريخية تتحدث أن الكعبة تأسست على يدي آدم ، ثم تهدّمت بسبب الطوفان الذي وقع في عهد النبي نوح
، ثم جدد بناءها النبي العظيم إبراهيم الخليل
، فهي عريقة عراقة التاريخ البشري.
وعن جعله ﴿هُدًى لِّلْعَالَمِينَ﴾ أوضح سماحته أن أنوار الهداية تشع منه لجميع البشر، فهو هدى لعبادة الله وتوحيده، والقرب المعنوي الروحي إليه، وهو هدى للالتزام بالقيم والمبادئ السامية.
وتابع: إن الطواف حول الكعبة يوحي بأن تكون حركة الإنسان متمحورة حول القيم والمبادئ، وتقبيل واستلام الحجر الأسود، توحي بتقديم البيعة لله على طاعته، والصلاة عند مقام إبراهيم، تعزز الانتماء إلى خط النبوة ومسيرة الأنبياء.
وأضاف: هو هدى للتأكيد على وحدة الأمة، حيث تجتمع في رحابه من جميع البقاع والأصقاع، ومن مختلف الأعراق والأقوام، في هيئة موحدة، وتحت شعار واحد، وضمن نسك واحد.
وبيّن أن من الدلائل الواضحة لعظمة هذا البيت، أن الله جعله أرض أمنٍ وسلام، ﴿وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ على المستوى التشريعي، حيث لا يجوز لأحد أن يعتدي فيه على أحد، حتى لو كان غريمًا له في قتل أو مال أو عرض أو غير ذلك، بل ينتظر حتى يخرج، إلا إذا أجرم في الحرم أمكن معاقبته وردعه فيه.
وتابع: إن في ذلك تدريب وترويض للنفس الإنسانية على كظم الغيظ، والتحلي بأعلى درجات الصبر، والسيطرة على الانفعالات الغريزية، والنزعة الثأرية تجاه المسيئين والمعتدين.
وقال: من دلائل عظمة البيت الحرام أن الله تعالى أضافه إلى ذاته عز وجل، للتشريف والتمييز، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾.
ولفت إلى أن أمر الله تعالى باتخاذ مقام إبراهيم مصلى، إرشادًا لفضل تلك البقعة، وإشادة بدور نبيه إبراهيم في بناء البيت الحرام.
وتابع: لقد أثبت الله تعالى لنبيه إبراهيم هذا الإنجاز باسمه واسم ولده إسماعيل، قال تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.
وأضاف: ليعلمنا تعالى أنه يسجل أعمال المخلصين ويحفظها في التاريخ، كما يثيبهم عليها يوم القيامة. وفي ذلك تعليم للأجيال والمجتمعات أن لا تبخس حق العاملين والمنجزين من أبنائها، بل تشيد بهم وتحفظ منجزاتهم.
وختم بالدعاء كما دعا نبي الله إبراهيم : ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾، سائلًا الله أن يحفظ الوطن من كل مكروه، ويديم عليه نعمة الأمن والأمان.