العدوان الأمريكي وفتنة النظام العراقي
بعد صلاة الجماعة في مسجد الشيخ علي المرهون بالقطيف من يوم الجمعة الموافق للثاني من شهر صفر لعام 1424هـ، ألقى سماحة الشيخ كلمةً تحدث في بدايتها حول قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ * ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾، وقال سماحته: إن الآية تدعوا الإنسان للنظر إلى التاريخ من أجل تشخيص دوره بأخذ العبرة من التاريخ. ثم تحدث عن مفردات الآية الكريمة.بعد ذلك أكّد سماحة الشيخ على أن الأمة الإسلامية على أعتاب مرحلةٍ جديدة خطيرة فيجب على أبناء الجيل الجديد أن يدرسوا المرحلة السابقة لكي يأخذوا الدروس والعبر، ولكي لا يكرروا ما حدث في الماضي.
وأضاف سماحته أن ما يحدث في العراق الآن هو بوابة لهذه المرحلة الخطيرة التي ستدخلها الأمة الإسلامية.
واستعرض بعد ذلك المراحل التي مرّت بها الأمة الإسلامية بدءً بالمرحلة الشامخة التي أرسى قواعدها رسول الله والصفوة من أهل بيته والخيرة من أصحابه في القرن السادس الميلادي والتي استمرت حتى القرن الرابع عشر الميلادي.
وقارن هذه الفترة بما كانت عليه الأمم الأوروبية إذ أنها دخلت مرحلة مظلمةً خلال القرن الخامس الميلادي ولكنها بدأت تستيقظ مستفيدة من تجارب المسلمين ومعارفهم في الوقت الذي تعمّق الضعف وتضاعفت نقاط التمزق عند المسلمين، وبذلك دخلت أوروبا عصر الازدهار. وقبيل سقوط الدولة العثمانية التي كانت تمثّل الكيان الإسلامي عام 1343هـ انفتح الباب على مصراعيه أمام النفوذ الأوروبي، وبذلك دخلت الأمة الإسلامية مرحلة جديدة هي: مرحلة الاستعمار الأوروبي لأكثر البلاد العربية والإسلامية. إذ تم الاحتلال البريطاني للعراق عام 1917م، وكانت بدايته من البصرة سنة 1914م.
واستمر سماحته في الحديث قائلاً: انتفضت الأمة الإسلامية على الاستعمار وتحرك الشعب العراقي ضد الاستعمار البريطاني بقيادة العلماء وعلى رأسهم الميرزا محمد تقي الشيرازي قائد ثورة العشرين. ولكن الاستعمار وضع بصماته على الحكم في العراق إذ أصبح الحكم ملكياً تابعاً للاستعمار، واستمر الحكم الملكي في العراق من عام 1921م إلى عام 1958م، إذ فيه دخلت العراق مرحلة الانقلابات العسكرية وبداية العهد الجمهوري، الذي كان أسوء بكثير مما كان عليه الحكم الملكي.
وفي عام 1968م دخلت العراق نفقاً مظلماً بتولي حزب البعث للسلطة وقد عانى الشعب العراقي من حزب البعث العراقي أيما معاناة وخصوصاً عندما تولى صدام مقاليد الحكم لأنه مارس أبشع وأفظع أنواع الظلم والاستبداد بشكلٍ منقطع النظير.
وأكد سماحة الشيخ أن مشكلة هذا النظام هو مكره وخدعه فهو يرفع الشعارات البراقة حتى تنطلي خدعه على العالم العربي والإسلامي وبالفعل نجح في مآربه ومساعيه.
بعد ذلك أدان سماحة الشيخ الحرب الأمريكية على العراق وقال إن أمريكا هي مسؤولة عما يجري في العراق فهي مَن أعان صدام على ظلمه للشعب بإمداده بالقوة والعتاد، وأكد سماحته أنه في الوقت الذي يُدين فيه أمريكا على حربها ضد العراق فإنه يدين النظام العراقي المتمثل في صدام، وأكد أن النظام الصدامي لا يهمه الإسلام ولا العراق والشعب العراقي بأكمله، وإنما همه الحكم.
وأضاف سماحة الشيخ أيضاً إن أمريكا من خلال حربها على العراق لا تهدف منها مصلحة الشعب وإنما تهدف تحقيق مصالح ومآرب لها في العراق وفي العالم العربي والإسلامي.
وأشار سماحة الشيخ إلى الموقف المرجعي الديني في العراق وخارجها وقال إنه موقفٌ واضحٌ لأن المرجعية هي أكثر مَن عانى من نظام صدام وبطشه، وأكد على أن المرجعية في الوقت الذي لا تقبل بالاحتلال الأمريكي فهي لا تؤيد ما يصب في مصلحة نظام صدام.
واختتم سماحة الشيخ الكلمة بتأكيده على أن العراق يدخل الآن مرحلةً جديدة هي مرحلة الاحتلال الأمريكي، ويجب على الشعب العراقي أن يُرتب أوراقه للمرحلة الجديدة والخطيرة وأن يعي كيفية الاستفادة منها وكيفية المقاومة للاحتلال الأمريكي بعد سقوط النظام الصدامي.
بعد ذلك دعا سماحته الله تعالى أن يفرج عن الشعب العراقي هذه المحن، وأن يُعجّل في سقوط النظام الظالم في العراق، لكي يستعيد العراق حريته من جديد.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمدٍ وآله الطاهرين.