التعبير عن الذات وتوكيد الشخصية

بعد صلاة الظهرين لهذا اليوم الجمعة الموافق 6 ريع الثاني لعام 1424هـ، وفي مسجد الشيخ علي المرهون بالقطيف، ألقى سماحة الشيخ حسن الصفار كلمة تحدث فيها عن الفارق الجوهري والمائز الأساسي بين وضع الإنسان في المجتمعات المتقدمة ووضعه في المجتمعات المتخلفة، وقال إن هذا الفارق لا يكمن في الجوانب المادية فمهما تقدمت التقنية عند المجتمعات المتقدمة فإن بإمكان المجتمعات المتخلفة استيرادها من تلك المجتمعات، وحتى تلك التقنيات التي لا يُمكن استيرادها ممن الممكن السفر إليها والاستفادة منها. ولكن الفارق يكمن في ممارسة إنسان تلك المجتمعات لإنسانيته وفي تعبيره عن ذاته. فقد تميزت تلك المجتمعات بوسائل التربية المتطورة، وكذلك التقدم المتميز في المجال السياسي إذ بإمكان إنسان تلك المجتمعات أن يعبّر عن رأيه في أي قضية من قضايا مجتمعه. أما إنسان المجتمعات المتخلفة فإنه يعيش ضمن أسوار وسجون تقيد حركته وفكره فلا يتمكن حتى من التعبير عن رأيه وذاته؛ بدءً من العائلة، ومروراً بالمجتمع، وانتهاءً بالدولة.

وطرق سماحته مثالاً بارزاً يُوضح مدى القيود التي يعيشها إنسان المجتمعات المتخلفة، بينما إنسان المجتمعات المتقدمة قد تحرر منها. ذلك المثال هو ما نلحظه من إقبال بعض أبناء تلك المجتمعات على اعتناق الإسلام دون أن يُسبب لهم ذلك مشكلةً أو ضغوطاً من عوائلهم ومحيطهم الاجتماعي بل يعتبرون ذلك من صميم حقوق الإنسان. أما في المجتمعات المتخلفة إذا أراد أحدٌ أن ينتقل من مذهبٍ إسلامي إلى آخر بعد اقتناعه ضمن دائرة الإسلام فإنه يُواجه بضغوطٍ شديدة عائلية واجتماعية كذلك. وحتى ضمن الدائرة الضيقة ضمن دائرة المذهب الواحد إذا أراد أحدٌ أن يُغير المدرسة الفكرية التي ينتمي إليها فإنه كذلك يواجه موجةً عارمة من الضغوط بل وحتى ضمن حدود تغيير تقليده من مرجعٍ إلى مرجعٍ ديني آخر. وذلك يكشف مدى القيود التي يُكبّل بها إنسان المجتمعات المتخلفة.

وأضاف سماحة الشيخ أن الجانب السياسي أوضح ففي تلك المجتمعات المتقدمة يختار إنسانها حكومته وبإمكانه أن يُعبّر عن رأيه في أي شأنٍ سياسي، أما في المجتمعات المتخلفة فلا يستطيع الإنسان أن يتفوه بشيء يمس الجانب السياسي إلا ضمن حدودٍ ضيقة.

وأوضح سماحة الشيخ أن التعبير عن الذات يكون في بعدين:

البعد الأول: تفجير الكفاءات والطاقات.

إذ ينبغي على الإنسان أن يُفجر كفاءته وطاقته وأن يزيح حالة الكسل والخمول التي باتت مسيطرة على الكثيرين في المجتمعات المتخلفة.

وبمناسبة قرب الامتحانات النهائية دعا سماحة الشيخ جميع الطلاب والطالبات إلى الجد والاجتهاد وأن لا يُضخموا المواد التي يدرسونها وعليهم أن يتحلوا بالثقة والمعنويات العالية حتى يتجاوزوا الامتحانات بنجاح.

البعد الثاني: التعبير عن الرغبات والسعي لتحقيق التطلعات والطموحات.

فمن المهم جداً أن يُعلّم ويُدرّب الإنسان نفسه لمواجهة العوائق والعقبات حتى يصل لطموحه ويحقق تطلعاته.

من جهةٍ أخرى أكد سماحة الشيخ أن على المجتمعات أيضاً أن تفكّر كيف تعبّر عن رأيها وتُحقق طموحها بالأسلوب المناسب.

وفي ختام كلمته استعرض سماحة الشيخ مواقف خلّدها القرآن الحكيم في قصة نبي الله يوسف إذ كان قدوةً في التعبير عن الرأي والذات في كل ظرفٍ مرّ به في مسيرته التي تحدّث عنها القرآن الكريم بالتفصيل.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله الطاهرين.