الشيخ الصفار محاضراً في دمشق

مكتب الشيخ حسن الصفار
ألقى سماحة الشيخ حسن الصفار محاضرة ثقافية بعنوان: « زينب و التصدي للاستغلال الديني»
وذلك ضمن المهرجان الذي أقيم في المركز الثقافي العربي بالمزة «دمشق» بمناسبة ذكرى ولادة السيدة زينب وأختتم فعالياته مساء السبت الماضي بتاريخ 5 جمادى الأولى 1424هـ الموافق 5/ 7/ 2003م.

بداية, تحدث الشيخ الصفار حول المهمة الكبيرة التي أنجزتها زينب بالاشتراك مع أخيها الحسين, إذ أوضح سماحته: أنه ينبغي النظر إلى ثورة كربلاء باعتبارها ثورة تصحيح وتحرير للدين من الاستغلال. خاصة وأننا نعيش في هذه المرحلة فتنة ومشكلة عظيمة, تحمل من ورائها الإسلام والمسلمون أعباء وآلام ومخاطر جسيمة, هذه الفتنة هي استغلال وتشويه صورة الدين.

وأضاف العلامة الصفار أن هذا الدين الذي يمثل الرحمة والعدالة, والذي هو في جوهره أفضل منهج لتأمين حقوق الإنسان, طالما تعرض للاستغلال, وأصبح سيفاً مشهوراً, بأيدي الطغاة أو بعض الفئات الجاهلة أو المدفوعة المشكلة من بعض الطغاة أو الطامحة لبعض المكاسب والمصالح. وما يزيد بن معاوية؛ إلا مثالاً ونموذجاً قد يتكرر في كل عصر، (كان يتستر بالدين, فيزيد كان أمير المؤمنين, وصلاة الجمعة والجماعة تقام, وكتاب الله يتلى, الظاهرة الدينية موجودة, لكن الدين كان غطاءً وستاراً للجور و الانحراف, وهذا ما ثار عليه الإٌمام الحسين والسيدة زينب.

وأشار الشيخ الصفار إلى أننا لازلنا نواجه ذات المشكلة و الفتنة في هذا العصر أي التستر بالدين واستغلاله (إن فئات باسم الدين الإسلامي صارت تمارس أعمالاً يوجب الاضطراب الأمني, إن ثمة سفك للدماء, وانتهاك للحرمات وعمليات إجرام تمارس باسم الدين وتنسب إليه, ما أعطى مبرراً للأعداء والآخرين حتى ينفذو ما يريدون من مخططاتهم في بلاد الإسلام, كل هذا يجري باسم الدين والإسلام. كما يتحدث القرآن الكريم:﴿وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليه آبائنا والله أمرنا بها • قل إن الله لا يأمر بالفحشاء • أتقولون على الله مالا تعلمون • قل أمر ربي بالقسط.

يعقب العلامة الصفار على الآية الكريمة قائلاً: «إن الله لا يقبل أي درجة من درجات الظلم والاعتداء على حقوق الإنسان». فذلك هو الفحش الأكبر.
ولم يستبعد سماحته تورط الأعداء في مثل هذه التصرفات لتشويه صورة الإسلام الذي أخذ في الانتشار في المجتمعات الأخرى، وعاد إليه أبناؤه ملتفين حول رايته مطالبين بتطبيق شريعته.

كما تعرض الشيخ الصفار إلى الأحداث التي وقعت في الدار البيضاء والرياض وإلى ما أعلنت عنه الجهات الأمنية في المملكة العربية السعودية من ضبط نسخ من مصاحف القرآن الكريم ملغمة بالمتفجرات في شقة الخالدية بمكة المكرمة.

حول فلسفة الجهاد الحسيني رأى العلامة الصفار: إن الإمام الحسين أعلن رأيه المخالف لحكم يزيد بن معاوية ورفض بيعته لكنه لم يبادر إلى إعلان الحرب والقتال، بل سعى إلى تجنب أي مواجهة عسكرية، وطلب من الجيش الأموي مكرراً، أن يتركوا له حرية الانصراف إلى أي ثغر من ثغور الإسلام، أو جهة من حدوده، ورفض أن يبدأهم بالقتال، وتفاوض مع قائد الجيش عمر بن سعد، لتجنب المواجهة، وأن يعود الحسين من حيث أتى، وكاد الاتفاق أن يقع لولا تأليب شمر بن ذي الجوشن لعبيد الله بن زياد، والذي كتب رسالة شديدة لعمر بن سعد، بأن لا يقبل من الحسن إلا الخضوع الكامل أو القتل.

ثم أوضح الشيخ الصفار جانبا من جوانب عظمة السيدة زينب عليها السلام يتمثل في المهمة الكبيرة التي انجزتها في التصدي لحالة التستر بالدين وممارسة الظلم والفساد باسمه، ذلك عبر خطبها ومواقفها، في الكوفة والشام. وحتى مجالس بكائها في المدينة كانت ضمن دورها الرسالي.

إن بكاء زينب لم يكن حالة عاطفية انفعاليه، وإنما وظيفة ودور تؤديه من اجل لفت الأنظار، وتوجيه النفوس والقلوب إلى حقيقة ما حدث في كربلاء، حتى ان بعض المؤرخين تحدث عن اثر بكاء زينب في تأجيج وإشعال نار الثورة في المدينة المنورة، إبان الحكم الأموي هناك، وأنها أثارت حالة من الرفض والاستياء في الشام أيضاً.
ودعا الشيخ الصفار الحاضرين التمسك بمنهج زينب (أيها الأخوة والأخوات، إن منهج السيدة زينب يوجهنا إلى وظيفتنا، وهي التمسك بقيم الدين الحقيقية، وأن ندافع عنها في وجه المتنكرين للدين وقيمه، الذين غالبا ما يكون تنكرهم ناتجا عن الجهل بحقيقة مبادئ الإسلام وتعاليمه).(...ونحن في هذا الزمن نواجه موقف المدافعة عن قيم الدين، تجاه من يريد استغلال عناوين الدين، لكي يطرح الإسلام على انه تطرف وتخلف وإرهاب. وأضاف يجب علينا أن نكون واضحين في فضح أي استغلال للدين بأي صورة من الصور.

ثم انتقل سماحته إلى مسالة «المرأة واستغلال الدين لتهميش دورها» إذ يقول (إن هناك ظلماً وإجحافاً في حق المرأة باسم الدين، وكأن الدين يريد للمرأة أن تبقى جاهلة منكفئة على نفسها، مهمشة في مجتمعها ). يستعرض بعد ذلك مثالاً، قضية إقصاء المرأة الكويتية في الانتخابات، مذكراً بدور زينب الثوري السياسي في كربلاء والشام، وتحملها المهام والأعباء الكبيرة.

أخيرا يختم سماحته المحاضرة قائلاً: إن حياة السيدة زينب وآل البيت، هي الصورة الصحيحة لقيم الإسلام، والصوت البليغ للرسالة؛ ونحن حينما نحتفي بذكرى ميلاد السيدة زينب نقوم بذلك من أجل أن نستحضر هذه المواقف والقيم.

وقد شهد الحفل مشاركة وحضور دبلوماسيين وبرلمانيين وكتاب ومثقفين من مختلف البلاد العربية والإسلامية. يتقدمهم السفير الإيراني، وسفير دولة أفغانستان, وأعضاء من مجلس الشعب السوري، ورئيس اتحاد الكتاب العرب د. علي عقله عرسان، و د.أسعد علي مرشد الاتحاد العالمي للمؤلفين باللغة العربية خارج الوطن العربي. وبعض علماء الدين وحشداً من الجمهور رجالاً ونساءً.