الشيخ الصفار مؤبناً الخطيب العدناني

مكتب الشيخ حسن الصفار
الشيخ الصفار مؤبناً الخطيب العدناني

شارك سماحة الشيخ حسن الصفار في الحفل الذي أقيم في مأتم السنابس الجديد بمملكة البحرين بمناسبة أربعين العلامة الخطيب السيد محمد صالح السيد عدنان الموسوي رحمه الله.

كان ذلك مساء يوم الخميس ليلة الجمعة 5 صفر 1428هـ ـ 23 فبراير 2007م، بحضور حشد من العلماء والخطباء والأدباء وسائر الأهالي.

وقد تحدث سماحة الشيخ الصفار عن شخصية الفقيد الراحل تحت عنوان «موسوعية المعرفة وحرية الرأي» وفيما يلي ملخص حديثه:

موجز الكلمة

من بين السمات التي امتازت بها شخصية الفقيد الغالي الخطيب السيد محمد صالح الموسوي تبرز سمتان أرى أهميتهما وضرورة تسليط الأضواء عليهما:

الأولى: موسوعية المعرفة، فالرجل كان مولعاً بالعلم والمعرفة عاشقاً للثقافة بمختلف ألوانها وشتى ميادينها، من حداثة سنه ونعومة أظفاره، حضر دروس العلوم الأدبية والشرعية، وتوثقت علاقته بالقراءة والكتابة، وأصبح الكتاب صديقه الدائم الذي لا يفارقه في حضر أو سفر، وحليفه الثابت دون قيد أو شرط، حيث لا يهمل أي كتاب، ولا يتردد في قراءة أي بحث. كما يتابع الاطلاع على المجلات والجرائد.

ويهتم بأي معلومة تمر على سمعه من عالم أو خطيب أو إذاعة، أو حتى من شخص عاديّ، فهو كخطيب يدعى للخطابة في مختلف قرى البحرين والقطيف والأحساء، ويحلّ ضيفاً كريماً على أصحاب المجالس والمآتم، ويجالس المستمعين ويزروهم ويستجيب لدعواتهم، فيحدثهم كما يصغي إليهم ويسمع منهم، وقد حضرت معه بعض تلك الجلسات في الأحساء والقطيف، فلفت نظري إحياؤه تلك المجالس بالقصص والطرائف واللطائف، وأنه حين يسمع من أحد الحاضرين مهما كان مستواه قصة أو طريفة أو معلومة، فإنه يبادر إلى كتابتها وتسجيلها، مؤرخة بزمانها ومكانها، منسوبة إلى صاحبها، وغالباً ما يستشهد بها لاحقاً في بعض مجالسه أو كتاباته، كما هو واضح لمن يقرأ كتبه وأبحاثه.

واذكر أني قلت للحاضرين في أحد تلك المجالس، إن سماحة السيد عالم مثقف يحدثكم ولا أحد منكم يكتب شيئاً من حديثه ومعارفه التي ينثرها عليكم، بينما هو يكتب مما تذكرون وتتحدثون مع محدودية مستواكم وبعضكم أمي غير متعلم.

الخطيب العدناني
الخطيب العدناني

وقد رأيته حين يستمع بعض الخطباء أو العلماء وتلفت نظره فكرة أو معلومة جديدة، فإنه يبادر إلى كتابتها وتوثيقها، كما اطلعت في مكتبته سنة 1392هـ - 1972م تقريباً على عشرات الدفاتر التي أطلق عليها عنوان (المذكرات) والتي تحتوي على ما يسجله ويوثقه من معارف ومعلومات يقتبسها من مطالعاته أو سماعاته، وهي من مصادر مختلف مؤلفاته.

هذا الولع الثقافي، والعشق المعرفي، والانفتاح على مختلف مصادر الثقافة والمعرفة، قلّ أن تجده في شريحة العلماء والخطباء، والذين غالباً ما تنحصر اهتماماتهم المعرفية في مجال محدد ومن مصادر محدودة.

وقد انعكست هذه الموسوعية المعرفية على مؤلفاته وخطاباته، حيث كتب عشرات المؤلفات في مجالات متنوعة من العقائد والفقه والتاريخ والأدب والاجتماع والتراجم. كما يسلط الأضواء على موضوع بحثه من مختلف الجوانب والزوايا، مستدلاً بالآيات والأحاديث والروايات، مستشهداً بوقائع التاريخ وأحداثه، مشيراً إلى ما يرتبط بالموضوع من بعد كلامي أو جانب فقهي، مستدعياً لشواهد الأدب والشعر، مستطرداً في ذكر قصص غابرة أو حاضرة، وفكاهات وطرائف ومشاهدات وتجارب.

وذلك يعبر عن سعة أفق واطلاع، وثراء علم ومعرفة.

أما السمة الثانية فهي: حرية الرأي، حيث كان منفتحاً في شخصيته وثقافته، غير متكلف في سلوكه، يمارس حياته بعفوية، لا يتظاهر بالقداسة الزائفة، ولا يتكتم على آرائه وأفكاره. وقد سبب له ذلك بعض المشاكل والمصاعب، حيث لا تتحمل ساحتنا الدينية والاجتماعية ظهور رأي يخالف السائد والمألوف، أو خروج عالم الدين عن نمط السلوك المتعارف في شريحته.

إن ما كتبه عن قضايا المرأة والجنس في أكثر من كتاب خصصه لهذا الموضوع يعتبر تمرداً على النمط المألوف، وإن كانت له نظائر في كتابات علماء سابقين. وله آراء جريئة في بعض التفاصيل العقدية والتاريخية لكنه لا يطرحها بجدّية وإلزام ، بل كوجهة نظر قابلة للنقاش.

حقاً إنه شخصية متميزة جديرة بالدراسة والبحث، وإذا كان لم يأخذ حقه من الاهتمام والتقدير في حياته، كما هي العادة في تعامل مجتمعاتنا مع كفاءاتها غالباً، فليكن الشعور بالخسارة لفقده دافعاً للاهتمام بتراثه وعطائه احتراماً للتاريخ، وحفظاً لحق الأجيال، وتكريماً للثقافة والمعرفة.

والحمد لله رب العالمين.

موجز ترجمة الخطيب العدناني:

ـ السيد محمد صالح بن السيد عدنان الموسوي.

ـ ولد في قرية «بلاد القديم» بالبحرين في الخامس من ربيع الأول عام 1338هـ ـ 1918م.

ـ ابتعث من قبل حكومة البحرين ليكمل دراسته الدينية في مدينة لكنهؤ بالهند ليتسلم منصب أبيه في القضاء. وبعد أن أكمل دراسته وعاد للبحرين رفض تسلم القضاء تحرجاً من مزالقه، مقتنعاً بالاشتراك مع القاضي العلامة الشيخ عبد الحسين الحلي. وواصل دراسته الحوزوية في البحرين، متصدياً للخطابة والمهام الدينية.

ـ له ما يزيد على مائة مؤلف في الفقه والأدب والتاريخ والعقائد، وجلها بشكل موسوعي.

ـ توفي إثر مرض عضال في يوم الخميس 29 ذو الحجة 1427هـ ـ 18 يناير 2007م.

جانب من الحضور: