الشورى وتقدم المجتمع

مكتب الشيخ حسن الصفار
العلامة الشيخ حسن الصفار:

القرآن الكريم يدعونا إلى الشورى في أمور حياتنا الاجتماعية والسياسية
أكد سماحة العلامة الشيخ حسن الصفار على أن القرآن الكريم يدعو إلى ضرورة تطبيق نهج الشورى في الأمور التي ترتبط بالشأن العام وعدم التفرد في اتخاذ القرارات سواء تلك المرتبطة بالجانب الاجتماعي أو السياسي أو غير ذلك.
جاء ذلك في خطاب ألقاه العلامة الصفار بمسجد الشيخ علي المرهون بمدينة القطيف يوم الجمعة 21/8/1424هـ، حيث تناول في خطابه موضوع الشورى وأهمية الديمقراطية في حياة المجتمعات والشعوب. وبيَّن أن الإسلام ليس ديناً روحياً فحسب، بل مع كونه يهتم بعلاقة الإنسان مع ربه عز وجل، فإنهً ينظم علاقة الفرد مع مجتمعه، بمعنى أن الإسلام يضع قيماً ومبادئ لبناء المجتمع الإسلامي، فإن التزم بها أصبح مجتمعاً طيباً صالحاً، وإن لم يلتزم بتلك القيم فإنه سيصبح مجتمعاً سيئاً لا يأخذ بمنهج الله سبحانه.

فالله جل جلاله يقول في سورة الشورى: ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ، فسبحانه يقول: ﴿وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وهي إشارة إلى الارتباط بالرب عز وجل، كما أنه يقول بعد ذلك مباشرة: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وهذه دعوة قرآنية إلى تنظيم الأمر الاجتماعي من خلال الشورى، فاذا كان بإمكان الإنسان أن يقرر ما يرتبط به شخصياً، فليس من حقه -مطلقاً- التفرد والاستبداد فيما يتعلق بأمور الآخرين التي ترتبط بحياتهم الاجتماعية أو السياسية أو الثقافية أو...الخ.

وأكد العلامة الصفار في خطابه على أن من صفات المجتمع الإسلامي المؤمن؛ الشورى والمشاركة الجماعية في اتخاذ القرارات المتعلقة بالشأن العام. وطرح المجتمع الإسلامي بقيادة الرسول محمد بن عبدالله كمجتمع قدوة في هذا المجال، فعلى الرغم من أن النبي محمد هو الأكمل والأفضل في علمه وتفكيره، والمرتبط بالوحي حيث أن آراءه ليست من عنده كما قال تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى، كما أنه في موقع القيادة وعلى المسلمين طاعة قائدهم، وعلى الرغم من أن الوضع القبلي آنذاك يفرض نظام الحكم الفردي للرجل الأول في القبيلة إلا أنه لم ينفرد ويستبد في رأيه فيما يتعلق بالأمور العامة للمسلمين، لأن الله سبحانه وتعالى أمره بالشورى: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ، ولأنه الأكمل عقلاً، فطبيعة العقل تدفع إلى الشورى والرأي الجماعي، وكما قال الإمام علي بن أبي طالب : «حقٌّ على العاقل أن يضيف إلى رأيه رأي العقلاء ويضم إلى علمه علوم الحكماء»

ويؤكد العلامة الصفار على أن ثقافة تشرعن الاستبداد تسربت إلى المسلمين، مما جعلتهم يشعرون بأن الديكتاتورية هي طبيعة ملازمة لدينهم وحياتهم، والسبب في ذلك يرجع إلى إرث تاريخي ثقيل.

ورد العلامة الصفار على الفكرة القائلة بأن مجتمعاتنا الإسلامية ما زالت غير مهيأة للديمقراطية، فقال بأن مجتمعاتنا ليست أسوأ وأضعف من المجتمعات الأخرى التي مارست الديمقراطية، كما أنه من الأفضل -إن صح ذلك- أن نبدأ بتدريبهم بدل إضاعة الوقت في التذمر والكلام.

وأكد في خطابه أيضاً على أن الشورى -وهي مبدأ قرآني- لا ينبغي تطبيقها في الشأن السياسي فحسب، بل ينبغي تطبيقها في الشأن العائلي والاجتماعي، وكذلك الديني، حيث يقترح تشكيل لجان جماعية تتكفل بمتابعة وصرف الحقوق الشرعية، وأخرى تنظم كيفية تسيير الأوقاف الإسلامية والتصرف فيها بدل أن تكون في أيدي أشخاص كل يعمل على حدة.

وتوقف سماحته عند بعض التجارب الناجحة في المملكة العربية السعودية , كالانتخابات التي تجريها الجمعيات الخيرية , أو كتلك التي تجري في غرف التجارة والصناعة أو كتلك الخطوة التي بدأت بإصدار قرار الموافقة على إجراء انتخابات للمجالس البلدية , واعتبرها سماحته خطوة أولى من الواجب أن تتبعها خطوات حثيثة أخرى على نهج الشورى وتوسيع المشاركة الشعبية .