الشيخ الصفار: الوحدة الحقيقية لا تكون بالقهر، بل بالاحترام المتبادل

مكتب الشيخ حسن الصفار عبد الباري الدخيل

في ليلة 19/9/1428هـ تحدث سماحة الشيخ حسن الصفار، عن: أولوية الوحدة عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وذلك في حسينية البحارنة، الدوحة – قطر.

وقد كان حديث سماحته في المحور الأول عن تعدد الانتماءات في المجتمع البشرية، وطبيعية ذلك، فكل مجتمع في من المجتمعات يتكون من تنوع في الانتماءات وتنوع في الأعراق، وكذا بعض المجتمعات يوجد فيها تنوع في المذاهب والأديان.

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ - سورة الحجرات آية 13.

إذا علينا أن تتسع صدورنا للاختلافات الجانبية، فالتطابق في الآراء ليس مطلوبًا، بل علينا أن نقبل الرأي والرأي الآخر؛ لأن البعض ينزعج من مسألة الاختلاف.

وحول السؤال: ما معنى الوحدة؟ كان محور المحور الثاني: إذ أن الوحدة على صعيد الأمة إنما تكون بالتأكيد على المشتركات، وعلى احترام حق الإسلام لمن قال: «لا إله إلا الله محمد رسول الله »، فهو مسلم له حقوق الإسلام دون النظر لأي مذهب انتمى، فالوحدة لا تكون بصهر الناس في بوتقة مذهب واحد، أو أن جهة تقسر الآخرين على ما تريد.

الوحدة هي: الاحترام المتبادل.

وجاء المحول الثالث عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وإخلاصه لوحدة الأمة.


لقد  كان أمير المؤمنين رجل الوحدة ورائدها، ففي الوقت الذي يرى نفسه صاحب الحق في الخلافة والإمامة، ويعتقد في نفسه أنه الأجدر والأحق بالخلافة وإمامة المسلمين، وقد عبّر عن ذلك، فقال : «أَمَا واللهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا فُلانٌ وإِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ ولا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ»، وقد كان بإمكانه أن ينبري للدفاع عمَّا يعتقده أنه حق له، وقد كان يعلم أن في توليه الخلافة مصلحة للأمة والرسالة أيضًا، ولكنه وجد أن هذا التصدي وهذا الموقف يضر بالمصلحة العامّة في ذلك الظرف، ولذلك لم يطالب بحقه، حتى عندما جاء إليه أبو سفيان وصار يهتف: «يا بني عبد مناف فيما أبو بكر منكم؟ أين الأَذَلاَّنِ؟ أين المستضعفان علي والعباس؟ يا أبا حسن، ابسط يدك أبايعك فأنت الأولى بخلافة رسول الله», زجره علي بن أبي طالب وقال: «والله ما أردت بكلامك هذا إلا فتنة وشرًّا للإسلام والمسلمين», فلم يستجب له ولم يرحب به ولم يقع في الفخ الذي كان يريده له أعداء الأمة، وإنما أعلن: «ووَاللهِ لأسْلِمَنَّ مَا سَلِمَتْ أُمُورُ الْمُسْلِمِينَ ولَمْ يَكُنْ فِيهَا جَوْرٌ إِلا عَلَيَّ خَاصَّةً الْتِمَاساً لأَجْرِ ذَلِكَ وفَضْلِهِ وزُهْداً فِيمَا تَنَافَسْتُمُوهُ مِنْ زُخْرُفِهِ وزِبْرِجِهِ».

وفي كلمة أخرى يقول: «فَصَبَرْتُ وفِي الْعَيْنِ قَذًى وفِي الْحَلْقِ شَجًا أَرَى تُرَاثِي نَهْباً».

إن علي بن أبي طالب تحمل مسؤوليته، فكان مع الخلفاء ومع الأمة، يحضر المسجد, ويشارك في صلاة الجماعة, يُسْتَشَار, ويشير فيعطي رأيه, وينقذ الأمة، وينقذ الخلفاء في مواقف كثيرة، فكان من يُلتجأ به، ويستشار.