دورات تدريبية لمواجهة الطلاق

إذا قبلنا بقيادة السيارة في مجتمعنا دون الخضوع إلى برنامج تأهيل وتدريب للسائق على ما يؤهله للقيادة، فإننا سنكون أمام وضع صعب، وسنشاهد الضحايا تتساقط يوميا أمام أعيننا، كما سنرى مئات الحوادث التي تؤذي الناس وتخسرهم سعادتهم واستقرارهم.

وإذا قبلنا بمعلمين ومعلمات يؤخذون من تخصصاتهم التي لا علاقة لها بالمواد التي يدرسونها فنحن أمام عدد متكاثر من ضحايا الجهل، ناهيك عن أعداد من التائهين الذين لا يعرفون مما يتعلمونه الا التقاطيع والمفاصل التي لا رابط بينها يمكنه أن يجمعها كعلم ومعرفة، ليس لقصور في هؤلاء المعلمين، بل لأنهم لم يخضعوا لما يساعد امكاناتهم الذاتية على العطاء والابداع، عبر الدورات والكليات المختصة بتخريج الكادر المناسب.

لقد كتب الزميل الأستاذ هاني بن عبدالله الملحم عن تجربة الدولة الماليزية في تدريب الحجاج قبل أشهر من توجههم للحج، فأشار إلى مؤسسة ضخمة، تعرف بموسسة (طابون الحج)أو صندوق الحج، يبلغ عدد موظفيها المسجلين 1600 موظف.

هذه المؤسسة تعمل منذ ثلاثين عاما، ومهمتها الأساس هي تدريب الحجاج على مناسك الحج قبل ستة أشهر من الحج، مع الزام كل متدرب منهم أن يلبس الملابس الخاصة بالحجاج (الاحرام) حتى يألفوها، وهو السر كما أعتقد في حركة الحجاج الماليزيين الروحانية والهادئة والمنظمة.

مقابل هؤلاء نرى أعدادا غفيرة من ضيوف الرحمن الذين لا يعرفون من وإلى أين يتجهون في أداء مناسكهم الا بسؤال أي شخص رأوه، ليسرعوا إلى تنفيذ ما قاله دون تأكد، هذا بمعزل عن تصرفاتهم غير المحتملة أحيانا أثناء الطواف ورمي الجمار وغير ذلك من أعمال الحج ومناسكه.

مع اختلاف الحياة الأسرية عما حضرني من أمثلة الا أن هناك جهات تطابق بين الأمرين، والمعنى أننا لو استمر وضعنا على ما هو عليه وهو الزواج دون الالتزام والالزام بدورات تدريبية مجانية أو مدفوعة، معدة من قبل جهة رسمية، أو بالتوافق بين الجهات الرسمية والمؤسسات المدنية الاجتماعية التي تعتني بهذا الشأن، فإننا في الغالب سنكون أمام أسر تتفتت وتنحل عن طريق الطلاق أو تدابر الزوجين وعزوفهما عن بعضهما إذا تعسر الطلاق لأي سبب كان.

وسنلتقي بضحايا من الرجال والنساء والأطفال، وفي أحسن الفروض سنلتقي بمن نجا من الأزمات منهم لكنه مصاب بالكثير من العقد والأمراض النفسية.

لقد أعلن مصدر سعودي مسؤول أن نسبة وقوع الطلاق في المملكة ارتفعت حتى وصلت إلى 35% خلال العام الماضي (2007م).

وقال وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية للرعاية والتنمية عوض بن بنيه الردادي - في بيان له وزع أمس -: إن نسبة الطلاق في المجتمع السعودي بلغت 35% خلال العام الماضي، بينما لم تتجاوز هذه النسبة 19% خلال عام 2001م، بحسب إحصاءات وزارة العدل.

وكان إجمالي عدد حالات الطلاق في العام الماضي 18765 حالة بين 90983 حالة زواج، وسجلت أعلى معدلات الطلاق في الشريحة العمرية من 20 إلى 30 سنة، وانخفضت حالات الطلاق بالنسبة للإناث بعد 39 سنة، بينما تصل عند الرجال إلى معدلات مقاربة بعد سن الـ 50.

بينما أعلنت الدكتورة نورة الشملان أن معدلات الطلاق في السعودية ارتفعت من 25 في المائة إلى60 في المائة، كان هذا قبل قرابة العام تقريبا الـ 20 سنة الماضية».

أمام العدد المتكاثر لحالات الطلاق في بلادنا لا بد من قرار جريء يلزم المقبلين على الزواج بالانخراط في الدورات التأهيلية لاستقبال حياتهم الاسرية، ومسؤولياتهم الجديدة في بيئة تضم زوجة وأولادا.

ويمكن تحقيق ذلك من خلال ربط العقود في المحكمة بشهادة يقدمها الخاطب على إكماله دورة يعتد بها من حيث عدد الساعات وأماكن التدريب والمدربين الذين أشرفوا على الدورة، بحيث لا يتم العقد الا بهذه الشهادة الموثقة.

ويمكن ربط السلفة التي تعطى للزواج كذلك بمثل هذه الشهادة أو زيادة السلفة ومضاعفتها لمن تقدم لها وبيده شهادة تثبت أنه أنهى دورة تدريبية متكاملة حول الحياة الزوجية.

إن التصاريح التي تحدثت عن تضمين الكتب المدرسية لمثل هذه البحوث الاسرية والزوجية يجب ألا تثنينا عن قرار شجاع بهذا الاتجاه، لأن أغلب تلك الدروس ستأتي في فترة لم يتبلور الزواج فيها بعد في ذهنية الشاب أو الفتاة، كما أن الدراسة في المدارس يشوبها الكثير من دفع الشباب للنجاح، وعدم تعطيل مسيرتهم العلمية والبنائية بسبب مثل هذه المواد التي ستعتبر مواد اضافية.

msaffar45@hotmail.com

السبت 18/1/1429هـ الموافق 26/1/2008م - العدد 12643