الشيخ الصفار يدعو لدور مسؤول في زمن انتظار الإمام المهدي

مكتب الشيخ حسن الصفار القطيف: تركي مكي علي

دعا سماحة الشيخ حسن الصفار لدورٍ مسؤول في زمن انتظار المهدي الموعود، مشيراً إلى ثلاث مسؤوليات رئيسة: التزام الإنسان بخط العدل والاستقامة، ليكون مؤهلاً للمشاركة في حركة الإصلاح الموعود؛ المساهمة في إعداد الأمة والمجتمع للقيام بحركة الإصلاح؛ نشر ثقافة التطلع للعدل ورفض الظلم على مستوى العالم. منتقداً تلك الثقافة التي تدعو للاتكالية وتأجيل مسؤولية التغيير لحين ظهور الإمام المهدي (عج). وأكد أنه لا تكاد تخلو ثقافة من ثقافات المجتمعات البشرية من التطلع إلى عهدٍ يسود فيه العدل بين الناس، وينحسر فيه الظلم والجور. مضيفاً أن هذا الشعور النفسي والتطلع الإنساني يُحقق غايتين: يُعزز رفض الإنسان للظلم حتى وإن ساد الدنيا؛ ويُقوّي الأمل ويمنح الثقة.

وفي سياق آخر تحدث الشيخ الصفار عن فضل ليلة النصف من شهر شعبان، مؤكداً أن المسلمين جميعاً أجمعوا على فضل هذه الليلة ومكانتها العظيمة. وحول الاحتفاء بهذه الليلة ومراسيم البهجة والسرور، أكد على ضرورة الالتفات إلى نقطتين مهمتين: أن يُمثل هذا الاحتفاء الوجه المشرق لأتباع أهل البيت ، ولمناسباتهم العظيمة، بأن يُوضع حد لتلك الممارسات السلبية التي تشوّه صفو هذه الليلة المباركة؛ وثانياً استثمار هذه الليلة بإحيائها بالعبادة، والتوجه إلى الله تعالى، ودعا لتفعيل دور المساجد للقيام ببرنامج عبادي كما هو حال ليلة القدر.

الافتتاحية

الحمد لله الفاشي في الخلق حمده، والغالب جنده، والمتعالي جدّه، أحمده على نعمه التُؤام، وآلائه العظام.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الذي عظم حلمه فعفا، وعدل في كل ما قضى، وعلم بما يمضي وما مضى.

وأشهد أن محمداّ عبده ورسوله ابتعثه والناس يضربون في غَمرة، ويموجون في حيرة، فقادهم إل الهدى، وبصّرهم من العمى، وأنقذهم بالإسلام، وأنارهم به بعد الظلام.

صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الكرام، الأئمة الأعلام، وحجج الله على الأنام.

أوصيكم عباد الله بتقوى الله فإنها حق الله عليكم، والموجبة على الله حقّكم، وهي اليوم الحِرز والجُنّة، وفي غدٍ الطريق إلى الجنة. جعلنا الله وإياكم من أهل التقى، ومن المتمسكين بالعروة الوثقى.

الخطبة الأولى

أكد الشيخ الصفار في بداية خطبة الجمعة 13 شعبان 1429هـ (15 أغسطس 2008م) أنه لا تكاد تخلو ثقافة من ثقافات المجتمعات البشرية من التطلع إلى عهدٍ يسود فيه العدل بين الناس، وينحسر فيه الظلم والجور، وتعتقد المجتمعات الدينية كاليهود والمسيحيين والمسلمين أن هناك مصلحاً إلهياً يتحقق على يديه ذلك.

فاليهود يعتقدون أن الله تعالى سيرسل مسيحاً من ولد داود النبي لانقاذهم، وسيقيم لهم المملكة الموعودة التي يسود فيها العدل والسلام. كما أن المسيحيين يعتقدون بأن يسوع هو المسيح الموعود، وأنه سوف يأتي ويُقيم مملكة الله على الأرض ليُخلّص العالم من الظلم والجور والشرور.

ويعتقد المسلمون، إلا من شذّ منهم، بظهور مصلحٍ ومنقذٍ من ذرية رسول الله من ولد فاطمة الزهراء هو المهدي المنتظر، فقد ورد عن الرسول الأعظم أنه قال: ((المهدي من عترتي من ولد فاطمة)). ويختلفون في بعض التفاصيل، فهل هو من وُلد الإمام الحسن أو من وُلد الإمام الحسين ؟ وهل وُلدَ وغاب، كما يعتقد شيعة أهل البيت ، أم لا، كما بقية المسلمين من المذاهب الأخرى؟

وأضاف: حتى الثقافات المادية لم تخل من الحديث عن التطلع لعهد العدل والسلام، فالمادية الجدلية (الماركسية) التي فسّرت التاريخ على أساس التناقضات، آمنت بيوم موعود تصفى فيه كل تلك التناقضات ويسود فيه الوئام.

مشيراً أن هذه الاعتقادات تدل على أرضية وجدانية لفكرة ظهور المنقذ عند ابناء البشر، وعلى وجود تطلع إنساني لسيادة العدل والسلام، مؤكداً أن هذا الشعور النفسي والتطلع الإنساني يُحقق غايتين:

الأولى: يُعزز رفض الإنسان للظلم حتى وإن ساد الدنيا.

الثانية: يُقوّي الأمل ويمنح الثقة.

وبيّن الشيخ الصفار أن المسلمين يستقون ثقافتهم بهذه القضية (المهدي المنتظر) من خلال الأحاديث المتواترة عن رسول الله ، والتي تؤكد على هذه الحقيقة، فعنه أنه قال: ((لو لم يبق من الدهر إلا يومٌ، لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما ملئت جوراً))، مشيراً أن أكثر من (23) عالماً من كبار علماء السنة صححوا هذه الأحاديث واحتجوا بها، ومن أواخرهم الشيخ عبد العزيز بن باز، مفتي المملكة السابق، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني.

وعن الدور المطلوب في زمن الغيبة وزمن انتظار ظهور الإمام المهدي (عج) أكد الشيخ الصفّار أن النصوص الواردة تحمّل الإنسان المؤمن مسؤولية كبرى، فقد ورد عن الإمام الصادق أنه قال: ((من سرّه أن يكون من اصحاب القائم فلينتظر، وليعمل بالورع، ومحاسن الأخلاق، وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من ألأجر مثل أجر من أدركه، فجدّوا وانتظروا)). مبينناً أن هذه الرواية تؤكد على ضرورة التزام الورع واجتناب الظلم، والعمل بمحاسن الأخلاق، وتحمل المسؤولية الاجتماعية في زمن الغيبة الكبرى. بمعنى أن يكون للإنسان المؤمن دورٌ إيجابي يقوم به، بخلاف تلك القناعات التي تدعو للتواكل وتأجيل مسؤولية التغيير لحين ظهور الإمام المهدي (عج). وتزيد بعض الفئات على ذلك بأنها ترى أنه من الخطأ مقاومة الفساد والظلم في زمن الغيبة، بحجة أن ذلك يؤخر ظهور الإمام المهدي (عج)، إذ أن الأحاديث والروايات تؤكد أنه سيظهر بعد أن تُملئ الأرض ظلماً وجوراً.

وعلّق الشيخ الصفّار على هذه الفئات بأنها تنحرف بهذه العقيدة وهذا التطلع الإيماني والإنساني، مؤكداً أن هذا التوجه يتناقض مع تعاليم الإسلام التي تدعو للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتدعو لرفض الظلم، ومقاومة العدوان.

وأشار الشيخ الصفار إلى ثلاث مسؤوليات، أكد أنها تُمثّل معنى الانتظار الصحيح لظهور الإمام المهدي (عج):

أولاً- التزام الإنسان بخط العدل والاستقامة، ليكون مؤهلاً للمشاركة في حركة الإصلاح الموعود.

ثانياً- المساهمة في إعداد الأمة والمجتمع للقيام بحركة الإصلاح.

ثالثاً- نشر ثقافة التطلع للعدل ورفض الظلم على مستوى العالم.

مختتماً الخطبة بالتأكيد على أن هذا الدور الكبير هو المطلوب ممن يؤمنون بعقيدة الإنتظار لظهور الإمام المهدي المنتظر (عج) لأنهم بذلك يُحققون الغاية التي من أجلها شاءت حكمة الله تعالى أن يعيش المؤمنون في زمن الغيبة انتظاراً للفرج الموعود الذي أراده الله تعالى أن يتحقق على يدي قائم آل محمد (صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه الطاهرين).

الخطبة الثانية

تحدث الشيخ الصفار عن فضل ليلة النصف من شهر شعبان، والتي تُصادف ميلاد منقذ البشرية، قائم آل محمد، الإمام المهدي المنتظر (عج)، كما يعتقد بذلك شيعة أهل البيت . مؤكداً أن المسلمين جميعاً أجمعوا على فضل هذه الليلة ومكانتها العظيمة. مشيراً إلى رأي ابن تيمية حول ليلة النصف من شعبان، حيث ذكر في فضلها: أما ليلة النصف فقد روي في فضلها أحاديث وآثار، ونقل عن طائفة من السلف أنهم كانوا يُصلّون فيها، فصلاة الرجل فيها وحده قد تقدّمه فيه سلف وله فيه حجة، فلا يُنكر مثل هذا. كذا ورد في مجموع فتاوى الشيخ ابن تيمية ج23 ص132.

وأضاف الشيخ الصفار: وقد صحح الألباني بعض الروايات الواردة في فضلها وفضل العبادة فيها في كتابه (صحيح ابن ماجة)، وقد ورد عن أم المؤمنين عائشة عنه : ((أن الله يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان، فيغفر للمستغفرين، ويرحم المسترحمين، ويؤخر أهل الحقد كما هم فيه)).

أما في ثقافة شيعة أهل البيت فليلة النصف من شعبان لها خصوصيتها، فهي تُصادف ميلاد الإمام المهدي المنتظر (عج)، ويحتفي فيها أتباع مذهب أهل البيت بمظاهر من البهجة والسرور التي لا يقومون بمثلها إلا فيها، وفي ليلة النصف من شهر رمضان.

وحول هذه الاحتفالات ومراسيم البهجة والسرور بليلة النصف من شعبان، أكد الشيخ الصفار على ضرورة الالتفات إلى نقطتين مهمتين:

الأولى: أن يُمثل هذا الاحتفاء الوجه المشرق لأتباع أهل البيت ، ولمناسباتهم العظيمة، مما يؤكد على ضرورة منع حدوث ما يشوّه هذه المناسبة من أمثال الممارسات السلبية التي يقوم بها بعض الشباب الذين ينقصهم الوعي بأهمية هذه المناسبات، وضرورة إبدائها بأجلى صورها.

ودعا الشيخ الصفار إلى تحمل مسؤولية الوقوف أمام هذه الممارسات السلبية، باللتي هي أحسن، عبر النصح والإرشاد، ومن خلال التعاون مع الجهات الرسمية. مشيداً بالجهود التي بذلها الشباب الطيبون خلال العام الماضي للحد من هذه الممارسات، ودافعاً باتجاه المزيد من الإصرار حتى تنتهي كل المظاهر السلبية التي تُشوّه إحياء هذه المناسبات.

الثانية: استثمار هذه اليلة بإحيائها بالعبادة، والتوجه إلى الله تعالى، فقد ورد عن أئمة أهل البيت ما يؤكد عظمة هذه الليلة وفضلها من بين ليالي السنة، فعن الإمام الصادق أنه قال: ((سئل الباقر عن فضل ليلة النصف من شعبان؟ فقال: هي أفضل ليلةٍ بعد ليلة القدر، فيها يمنح الله تعالى العباد فضله، ويغفر لهم بمنه، فاجتهدوا في القربة إلى الله فيها، فإنها ليلة آلى الله على نفسه أن لا يرد سائلاً له فيها ما لم يسأل معصية)). وعن زيد بن علي الشهيد قال: كان علي بن الحسين يجمعنا جميعاً ليلة النصف من شعبان، ثم يُجزئ الليل أجزاء ثلاثة، فيُصلّي بنا جزءً، ثم يدعو فنؤمن على دعائه، ثم يستغفر الله ونستغفره، ونسأله الجنة حتى ينفجر الفجر)). وروي أن أمير المؤمنين لم يكن ينام فيها محيياً لعبادة الله بالصلاة والدعاء وتلاوة القرآن.

واستعرض بعض الأعمال العبادية المنصوص عليها في هذه الليلة المباركة، وأهمها: صلاة جعفر الطيّار، ودعاء كميل، وزيارة الإمام الحسين. وبالطبع فإن لتلاوة القرآن والصدقة والغسل في هذه الليلة فضلاً عظيماً، وثواباً كبيراً.

ودعا الشيخ الصفار في ختام الخطبة إلى سنّ سنة حسنة في هذه اليلة العظيمة، بأن يُحيي الناس ليلة النصف من شعبان بالعبادة والدعاء في المساجد، كما هي العادة في ليلة القدر، مؤكداً أن هذه البرامج العبادية تُعطي أثراً كبيراً في احترام أبناء المجتمع لهذه الليلة، ومن شأنها أن تُحوّلها من ليلةٍ قد يستغلها البعض لممارسات سلبية، إلى ليلةٍ ذات تقديس أكبر، يجعل الجميع يعيش فيها بأجواء روحية خاصة، مما يُضفي على الليلة حرمة، وبذلك تنتفي كل المظاهر السلبية منها، فيُحقق أتباع أهل البيت فيها مزيجاً بين البهجة والفرحة والسرور، وبين التوجه لله تعالى والخضوع له بالعبادة والتهجّد والدعاء.

والحمد لله رب العالمين.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
فاطمه مهدي
[ المملكه العربيه السعوديه - القطيف ]: 15 / 8 / 2008م - 1:04 م
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد وعجل فرجهم يا كريم
اولاً أهنئ سماحتكم والعالم أجمع بمولد مولانا منقذ البشريه عجل الله تعالى فرجه الشريف
وشرفنا الله وأياكم برؤية محياه العظيم
اعاد الله علينا هذه الايام بالخير والبركه وبلغنا شهر رمضان بأتم الصحه والعافيه
وعلينا جميعا أن نتوحد لبنا دوله قائم آل محمد لأستقبال المولى في أي زمان ومكان وشكراً