سماحة الشيخ الصفار شرَّفَ قصيدتي

قبل يومين فقط عادت بي ذاكرتي للوراء. عادت لأربعين سنة مضت تقريبا عندما فرشت لنا بعض قطع من الحصر إن صح التعبير جمع (حصير) في أحد بساتين أم الحمام الملاصقة للديرة القديمة وقاموا بتعليق (الفوانيس) على جذوع النخل إن لم تخني الذاكرة حيث دعي حينها الخطيب الطفل المعجزة (الشيخ حسن الصفار) فتجمعنا من كل حدب وصوب للإستماع لهذا الخطيب الجديد. لا أتذكر موضوع محاضرته في ذلك الوقت لكن لا يزال في ذاكرتي حديثه عن (أسنان الذهب) التي يستخدمها الرجال تلبيسا على أسنانهم من أجل الزينة هذا كل ما أتذكر.

ثم بدأت أتذكر أننا في العام 1399هـ كنا نحرص على الاستماع له في شهر رمضان حيث كان يحاضر في أحد الحسينيات بسيهات.

وبدأت أفكر في سني هجرته في الخارج ثم عودته بعد ما يقارب من 15عام قضاها مع ثلة مؤمنة من صحبه وجهادهم المرير.

بعدها بدأت تأتيني إيحاءات هذه القصيدة والتي قررت أن أكتبها لاحقا له علماً بأنه لا تربطني بالرجل أي علاقة أو معرفة شخصية.

كان السبب الكامن وراء كتابتي هو بث روح التكريم في نفوسنا لرموزنا وهم أحياء. فنحن وللأسف الشديد قليلا ما نقول للمحسن أحسنت حال حياته وإذا ما فقدناه هرعنا لكتابة المقالات والقصائد وغير ذلك. 

 

لــــي يــــراعٌ فــــي الـذكـريــات تـفـكّــرْ
كــلــمــا هــــــمَّ بـالــســطــور تــحــيـــرْ
أي بــحــر مـــــن الـمـشـاعــر أذكـــــى
سـاحــلاَ مـــن مـفـاتـن الـشـعـر أقــفــر
أي بـــحـــر يــمــتــدُ هــــــذا أمـــامــــي
ومــجـــاديـــف مــركـــبـــي تــتــكــســرْ
ســحــرتْ زرقـــــة الـمــيــاه عـيــونــي
والأحــاســيـــس خــلــتــهــا تـتـبــعــثــرْ
فـــوق حـلــو الـضـفـاف حــتــى كــأنــي
نــــــورسٌ تــــــاه عـــنــــده وتــســمّـــرْ
ذاكَ شــيــخُ الـقـطـيـف وابــــن ربــاهــا
نـجـمـهـا الــلامــعُ الــســريُ الـمـظـفـرْ
«حــســنٌ» تـخـجــلُ الـمــدائــحُ مــنـــهُ
أبــتــغــيــهـــا لــكـــنـــهـــا تـــتــــكــــورْ
عـــالـــمٌ أشـــبـــعَ الـمـنــابــر وعـــيـــاً
وعــلــى نــهـــج أحــمـــدٍ مـــــا تـغــيــرْ
سـاح فـي الأرضِ حامـلاً قلـبَ «خَــطٍ»
وســنــيــنُ الــعــنــاءِ تـــذكـــرُ أكـــثـــرْ
بـيــن جنـبـيـهِ خـافــقٌ نــبــضُ عــشــقٍ
وطـــــنٌ ســامـــقٌ وحــلـــمٌ ومــهــجــرْ
ذادَ عـــــن حـقــنــا بــعـــزمٍ وأضــحـــى
قـمــراً فـــي الـبــروج يـسـطــع أنــــورْ
كــــم ســعــى والـهـمــومُ بــيــن يــديــهِ
خــلــفــهُ فـــوقـــهُ تـــحــــومُ وتـــــــزأرْ
والــلــيــالــي ظـــلامـــهـــا يــعــتــريـــهِ
والفـراق الممـضُ فـي الـصـدر مجـمـرْ
تـتــمــنــى بـــــــأنْ تـــخــــور قــــــــواهُ
قـــبـــل تـحـقــيــق مــــــأربٍ يـتـقـهـقــرْ
وهــــو الــطــودُ مــــذْ عـرفــنــاه فـــــذاً
شـامــخــاً شـــــدَّ لـلـمـهـمـات مـــئـــزر
شــــقَّ دربَ الـجـهــادِ كــافــحَ أزجـــــى
لـلــبــلاد الـســحــاب أبـــــرقَ أمـــطـــرْ
فـقـطـفـنـا الـثــمــار والـــزهْـــرَ لـــمـــا
عــــادَ فــخــراً لــنــا ونــصــراً مــــؤزر
مــعـــه كــانـــتِ الـكــواكــبُ تـــســـري
فـــــــي طـــريــــقٍ بــفــكـــرهِ تــتــنـــورْ
ذلـلــوا فـــي مـسـيـرهـم كــــلَّ صــعْــبٍ
صــادِقـــو الـعــهــدِ والـمــآثــر تُـــذكـــرْ
شـدنــي نـحــو شـخـصـهِ طِــيــبُ قــلــبٍ
ورؤاهُ ، إخــلاصــهُ ، صــفــوُ جــوهـــر
شـــدنـــي أنــــــه تــســامـــى عـــلــــواً
هــــو رمــــزٌ مــــن الـخـلافــات أكــبــرْ
هــمــزة الــوصــلِ بـيـنـنــا إنْ قـطـعـنــا
حـــبــــلَ ودٍ ولــلــمــؤاخــاة مــــصــــدرْ
نـــســـج الــشــيــخُ لـلــتــوحــدِ بــيــتـــاً
مــــــن مـفـاهـيـمــهِ أبــــــان وحــــــرر
هــمــهُ كــسْــرُ حــاجــز فــــي نــفــوس
بــيــن كــــلِّ الـجـهــاتِ قـــــال وقـــــررْ
وأدار الـــخــــلاف بــالــوعـــي لـــمــــا
جــعـــل الــديـــن قـاســمــاً وتــمــحــور
فـأتــتــه الـــوفـــود تـــتـــرى وأبــــــدى
لــلــتـــلاقـــي ثـــقــــافــــة تـــتــــجــــذر
هــــوَ عــنــدي الـصــفــاءُ حــيـــن أراهُ
هـــو عـنــدي مـــن الـطـهــارة أطــهــرْ
هـــو أنــقــى مــــن الــــزلال وأصــفــى
هــــو نــهـــرٌ مـــــن الــلآلـــئ كــوثـــرْ
قال لي الشعر أنت تعني «ابن موسى»
هـــو فـــي القـافـيـات كالـمـسـك أذفـــر
ذاك لـحــن الـحــروف عـنــد التـمـاهـي
ذكـــرهُ فـــي الـشـفــاه شــهــدٌ وسُــكــرْ
يــــا بــــلادي ويـــــا رمـــــوز بـــــلادي
ســـوف ابـنــي بـداخـلـي ألــــف مـنـبــر
أنـــتـــمُ عـــزنـــا وكـــهــــف حــمــانـــا
أنـــتـــمُ لــلــدفــاع أقــــــوى وأجـــــــدر
لا تـلـومـونــنــي أقــيــلـــوا ضــعــيــفــاً
إن شـعـري فــي جعـبـتـي قـــد تجـمـهـرْ
يــــا قـطـيــف الــــولاء هــــذا وفــائـــي
فـاعــذري الـحــرف إن كـبــا أو تـعـثــرْ
شـــــاء أن يُــخـــرج الـقـصـيــدة لــمـــا
مــلَّ مــنْ سهـدهـا عـلـى سـطـر دفـتــر
مـن جنـونـي إذن «تسسـتـنَ» شـعـري
وإذا مـــــا «تـشــيــرز» الله أكـــبـــر..!
فـخــذيــه مـــــن جـعـبــتــي وانــثــريــهِ
بــحــنــان ٍ لأنــــــه قــــــد «تــصــفّــر»

07/03/2009م
تسستن: نسبة للسيد السيستاني دام ظله الوارف.
تشيرز: نسبة للسيد الشيرازي حفظه الله والمدرسة الشيرازية.
تصفر: نسبة لسماحة الشيخ حسن الصفار حفظه الله.