مشاركا في مؤتمر "نحو جيل ناشئ برؤى إسلامية" في البحرين

الشيخ الصفار: الشاب الذي لا نحسن التعامل معه سيتمرد

مكتب الشيخ حسن الصفار عبد الباري الدخيل – تصوير: أبو مارية

بدعوة من مكتبة الغدير الإسلامية (قرية سند/ البحرين) شارك سماحة الشيخ حسن الصفار في المؤتمر الافتتاحي للبرنامج الصيفي الثالث الذي أقيم في مسجد الغدير بعنوان: نحو جيل ناشئ برؤى إسلامية المقام مساء يوم السبت 27/6/1430هـ الموافق 20/6/2009م.

وقد جاءت كلمة سماحة الشيخ الصفار بعنوان (التأثير النفسي للتطوع على المتطوع) بدأها بشكر القائمين على البرنامج الذي يعتبر مظهرا من مظاهر الخدمة الاجتماعية و"اختيار العناوين يدل على وعي القائمين على البرنامج بالمرحلة وأهميتها"، ثم تحدث سماحة الشيخ عن العمل التطوعي وأثره على الإنسان والمجتمع، فـ "حينما يعمل الإنسان لأجل الغير فهو الكاسب الأول، لماذا؟ لأنه يعطي للآخرين ويقطف ثمار ذلك بنفسه، والقرآن يثبت ذلك في آيات كثيرة منها:

﴿إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا
﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ
﴿ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا

وقال سماحته: الرؤى التي نأخذها من الآيات الكريمة هي أن كل فعل خير يكون له مردود على صاحب العمل أولا فـ ﴿إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم معادلة واضحة يضعها القرآن بين أيدينا.

وأضاف: إننا نعيش في حياة متطورة ونفرح بهذا التطور لما يفتحه من آفاق أمام البشر، لكن يجب أن نعلم أن لكل تطور سلبياته ومضاعفاته.

إننا بفرحنا بالتطور نكون كالشاب الذي يفكر في الزواج لما في الزواج من سعادة، لكنه يفاجئ بعد ذلك بتبعات الزواج من مسئوليات وأبناء.

وضرب سماحة الشيخ عدة أمثلة على ارتباط التطور بسلبيات تحدثها كوجود وسائل المواصلات التي قلصت المسافات لكن الحوادث تعكر صفوها، وكالتطور التكنولوجي الذي سهل الكثير من الأعمال إلا أن من مشاكلها البطالة ، وكذا وجود المصانع التي تنتج التلوث، والجوالات والفضائيات والإنترنت، وفوائدها كبيرة لكن هناك استخداماً سيئاً لها.

وتساءل: إذا كان لكل تطور في الحياة مضاعفات هل نتمنى أن يقف التطور؟ هل نتمنى العودة إلى العهد القديم لكي ننجو من الحوادث والتلوث والبطالة والمواقع الإباحية والبلوتوث؟

لا أعتقد أن بيننا من يقبل ذلك، لكن السؤال الذي يجب أن يدور بيننا: كيف يمكننا التقليل من مشاكل هذا التطور؟ وكيف نسيطر على سلبياته ومضاعفاته؟

إن جلوسنا وذكرنا للمشكلة والاستغراق في ذلك لا يحلها بل لعله يزيد في التأزيم النفسي تجاهها، والخطب والمواعظ وإن كان لها دور ايجابي إلا أنها ليست كل الحل.

وقال سماحته: إن العقلاء في المجتمعات الواعية تفكر في الحلول للمشاكل ولا تنشغل بالتوصيف، إن الشاب الذي يعيش اليوم مع كثرة المؤثرات والمثيرات إن لم نجد له برنامجا فاعلا فإنه سيتمرد، فالقابض على دينه كالقابض على الجمر كما جاء في حديث شريف، إذاً نحن بحاجة إلى أنظمة وتقنينات وجهود تبدل من أجل حل هذه المشاكل وهذه المضاعفات، وهنا يأتي دور المؤسسات، إننا بحاجة إلى مؤسسات ترعى أبناءنا وبناتنا، توجههم للخير والصلاح، تعرّفهم كيف يتعاملون مع الانترنت، وماذا يفعلون عندما يتعرضون لمضايقات أو تحرشات، ومؤسسات تهتم بالبيئة، والصحة، وتيسير الزواج وهكذا، نحن بحاجة إلى من يتصدى ويصرف شيئا من وقته وجهده وماله في العمل التطوعي من أجل إنقاذ الآخرين.

وتساءل سماحته: لماذا يقبل الفرنسي أو الألماني أو الأمريكي على العمل التطوعي أكثر منا؟ ونحن أبناء هذا الدين العظيم الذي يقول: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ويقول: «خصلتان ليس فوقهما شيء, الإيمان بالله، والنفع لعباد الله».

أين نحن من العمل التطوعي؟

رجل أمريكي يذهب إلى إفريقيا فيجد ان الناس هناك لا ينتعلون أحذية، فيعود ويقرر ان يشكل جمعية لتوفير الأحذية للفقراء هناك، وآخر في أمريكا يقرر أن ينشئ لجنة لمكافحة التدخين عن طريق الاتصال التليفوني واقناع المتصل به فتنجح بإقناع 70% من الذين اتصلوا بهم بترك التدخين، ومؤسسة أنشئت من أجل الكشف على الموتى للتأكد من موتهم فتنقذ آلاف الحالات، أين نحن من كل ذلك؟ والقرآن يتلى علينا ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ؟

ثم تحدث سماحة الشيخ الصفار عن المردود الذي يستفيده الفرد من العمل التطوعي ملخصا ذلك في أمور خمسة:

1- الثواب العظم من عند الله سبحانه.
2- إثراء الحالة الإنسانية وتوفير الراحة النفسية.
3- الوعي والخبرة الاجتماعية.
4- صقل مواهب الفرد وقدراته.
5- يوفر المكانة الاجتماعية (المرء حيث وضع نفسه).
6- الانتماء إلى مجتمع القوة.

وختم الشيخ حديثه بطلب وجهه للجميع: لكل هذه الأمور أهيب بكل المجتمع وبالخصوص الشباب ذكورا وإناثا، أن يبحثوا عن مواقع لخدمة المجتمع، وأن يتصدوا لسد أي ثغر من الثغور الاجتماعية، وأن يتكلوا على الله فهو حسبهم.

ثم أجمل سماحة الشيخ إجابات السائلين في مداخلة واحدة تحدث فيها عن تجربته في الانفتاح على من عرفهم الإعلام بالمهمشين وهم مجموعة من المفحطين ذهب لهم سماحة الشيخ الصفار وتحدث معهم وسمع مشاكلهم، كما تحدث الشيخ الصفار عن مصطلح (العمل التطوعي) وطالب بعدم الأخذ بحرفيته، فالتطوع هنا لا يقصد به ما زاد عن الواجب ومنه النافلة، لكنه على الصعيد الاجتماعي يقصد به الجهد الذي يقوم به الإنسان وهو غير ملزم به، ومن دون مقابل مادي، انه نوع من التوجه للعمل في خدمة المجتمع دون أي مقابل، ونستطيع ان نسميه بلغة اليوم مؤسسات المجتمع المدني، كما استنكر سماحته قلة الكتب التي تعالج الشأن التربوي وما هو موجود لا يفي بالحاجة، كما أننا محتاجون إلى غير ذلك من الموجهات، من أفلام ومسلسلات وكتب تخاطب الناشئة بلغتهم.

وفي ختام الحفل قدم الشيخ محمد علي السندي دروع تذكارية للمشاركين ثم تناول الجميع العشاء.

شارك في المؤتمر كل من سماحة الشيخ محمد عمير (السعودية) والأستاذ محمد جواد مرهون رئيس مركز التوعية الأسري (البحرين) وأداره الأستاذ حسين ماجد سهوان.

صور من المؤتمر: