القطيف... منارة الابداع

دعيت من قبل إخوة كرام للمشاركة فى الحفل التكريمى الثالث الذى تقيمه كل عام لجنة التكريم الأهلية بمدينة القطيف وقد كانت إحتفالية رائعة اثارت كوامن النفس والهمت الفكر فكانت هذه الخواطر:

1- ان سمو الإنسان يتحقق عندما يرقى بنفسه ويسمو فوق جراحه وتتحول حركته فى الحياة من مجرد صدى انفعالات لافعال غير متزنة الى اعمال جميلة ابداعية تساهم في تجديد وتطوير مسيرة الحياة بشكل مستمر ولقد شهدت فى قطيف الخير نماذجا راقية للابداع حيث يجدد افراد المجتمع في حالة تجديد وانتاج معرفي وتقني واجتماعي بل وسياسي ايضا وينظم المجتمع جهوده ويرص صفوفه في مواجهة اعداء التغيير باسلوب سلمي ممتع يتيح الفرصة امام الاخر لتغيير الموقف والقبول بمواطنه مهما كانت الصعاب والتحديات والاعتراف بالتغيير الذى يحدثونه فى الثقافة المجتمعية السائدة..

ومن هذا النهج ما شهدناه من تكريم 42 مؤسسة أهلية تعنى بتقديم خدمات متعددة ومتنوعة كالخدمات الدينية وكالخدمات المجتمعية العامة مثل المؤسسات التى تعنى بالانسجام الأسري والمؤسسات التى ترعى ذوى الاحتياجات الخاصة وغيرها من الخدمات، ولا ريب أن رعاية هذه الاعمال تعبر عن سمو النفوس فى المجتمع القطيفى الذي يتسم بجو بهيج من التراحم والتواد لا سيما حين نكتشف ان هذه المؤسسات تقوم على جهود فردية ومبادرات خاصة وان ذلك لم يقلل من تالقها ونجاحها المتميز، انه مجتمع حي واع ذاك الذي يأبى الا أن يكافئي مبدعيه بنفسه انه مجتمع الابداع الصامت الذي يتجلى فيه اتحاد العمل والاخلاص وانكار الذات انها تجربة مدهشة حقا.

2-  جمعت لجنة التكريم الاهلية مع الشكر والتقدير لافرادها المتالقين علماء ومثقفين من جميع المذاهب والاتجاهات على مائدة واحدة فلقد كان هناك الإمامي والزيدي والصوفى والسلفى وغيرهم ولقد كانت لقاءات مليئة بالفائدة يسودها الصفاء والمحبة وتلاشت فيها المجاملات الاواعية، ولقد التقيت بالاخ العزيز الدكتور الشيخ عبدالرحمن المحرج وهو من علماء الرياض الذين يمثلون الفكر السلفي المتنور الذي يقرأ الاخر ويعترف به ويحترمه وكانت له كلمة رائعة في الدعوة إلى الوحدة الإسلامية وقد أثنى فيها على اخوانه الشيعه بعد أن أكد على ضرورة الانفتاح على الآخر والاستماع إليه والقبول منه دون إتهامه واساءة الظن به، ولقد كان حديثه جميلاً صادقاً صدر من قلب محب وفكر راسخ ولم يخش في الحق لومة لائم، ورغم علمه بعواقب ذلك الموقف الا ان ذلك لم يحل بينه وبين التواصل مع اهله المسلمين فى القطيف وهذا ما نحتاجه من جميع علماء المذاهب الإسلامية فى هذه المنطقة بالذات التى يستغلها لنشر الفتن والتفرقة بين ابناء الامة الواحدة.

3- لا ريب ان لكل مجتمع انساني رائد ترتضيه القلوب ولعل لأخى الكبيرالشيخ حسن الصفار النصيب الكبير في ذلك ورائد المجتمع هو الصورة المثلى لقيم ذاك المجتمع والشيخ وفقه الله من صناع القيم وحماتها بامتياز منقطع النظير وشجاعته المنقطعة النظير لها دور بارز في تحقق السلم الاهلي وتنامي الوعي الثقافي في القطيف ولا ريب ان مجتمع القطيف زاخر بشخصياته البارزة الفعالة الا ان الحب الذي حصده الصفار من اهله قد افاض على جيران القطيف فسمى وتعالى، لقد امتاز بالسمو على حب الذات وباخلاص الولاء لطموحات مجتمعه وحسب ولذلك تحول في سنوات قليلة الى ظاهرة عصامية مبدعة احبت الناس فاحبها كل الناس، لقد اعطى الشيخ درسا حقيقيا لنا في تبني طموح المجتمع فقط والتخلص من الذاتية والبراجماتية التي اهلكتنا ودمرت كثيرا من الطاقات والمشاريع، ومن هنا اسجل للشيخ نجاحه باقتدار في خلق مجتمع الابداع الخالد الذي يسمو على الان والانية.

4- يمتاز المجتمع القطيفي بانه مجتمع منتج لقمم ثقافية معاصرة لا سيما في مجال الشعر العربي ولا زلت اذكر الشاعر المجيد الاستاذ عبدالله الجشي الذي تغنى بحب الوطن اذ يقول:

اود لنفسي ان تصـان كرامتـي      وما حيلتي ان اهدرتها يد الغبا
حملت بلادي كلها في جوانحي      وعشت واياها شعاعا وكوكبـا

16/6/2009م
الكويت