عبد الغني السنان ثروة المشاعر الإنسانية

 تظهر آثار الثروة المادية على رجال المال رفاهية وبذخاً، وبما يدور على ألسنتهم عن فرص الاستثمار، وأحوال الأرصدة، وحسابات الأسهم والبنوك.

 كما تعكس أحاديث العلماء والأدباء درجات مستوياتهم المعرفية، واهتماماتهم العلمية والأدبية.

 أما في محضر أبي عادل فإنك ترى على قسمات وجهه، وفي ثنايا حديثه، وأجواء مجلسه، آثار ثروة عظيمة هائلة انطوت عليها شخصيته، وتراكمت في وجدانه، هي ثروة المشاعر الإنسانية.

 أبو عادل نال طرفاً من ثروة المال بجده وكفاءته، إنه ليس من أصحاب رؤوس الأموال، لكن الله قد أنعم عليه بخير.

 وهو ليس بعيداً عن أجواء الثقافة والأدب، فقد شارك في المناسبات والمنتديات الأدبية من نعومة أظفاره، وكان حريصاً على القراءة، ومواكبة تطور المعرفة والأدب، في جميع مراحل حياته.

 لكن ما يمتاز به أبو عادل هو ما حباه الله تعالى به من عمق المشاعر الإنسانية الفياضة.

وقلّ أن تجد مثله في مستوى وحجم ثروته الإنسانية.

 إنه يحب الناس من أعماق قلبه، ويغدق حبه على الصغير والكبير، والغني والفقير.

وتشعر بصدق محبته للآخرين، حيث لا يشوبها طمع ولا رجاء.

 يفيض أدباً واحتراماً لكل من يقابله، وخاصة إذا زاره في مجلسه، يعرب لكل زائر عن سروره بزيارته، وأنه يشعر بسعادة بالغة للقائه، وهو بذلك لا يتكلف ولا يتملق، وإنما يعكس مشاعر حقيقية تجيش في نفسه.

إنه لا يذكر أحداً بسوء، ويتلمّس الأعذار لمن يرى منه خطأ، ويشيد بكل فاعل خير من الناس، ويتحدث عن مآثر الآخرين ومبادراتهم بفخر واعتزاز.

 يدافع دموعه حين يسمع حاجة فقير، أو معاناة صاحب مشكلة، يقصده الفقراء والمحتاجون فلا يردّ سائلاً ما وجد إلى ذلك سبيلاً.

 ويطلب من أصدقائه بإلحاح أن يخبروه عن أي فرصة للمشاركة في عمل خير.

 يبذل جاهه لأبناء مجتمعه ولكل الناس، وسيرته يوم كان على رأس عمله في أرامكو، تشع بسطور الإحسان والخدمة لكل من تعرف عليه وتعاطى معه، وحتى بعد أن تقاعد عن العمل، كان يستثمر ماله من محبة وتقدير في أوساط مسؤولي شركة أرامكو، لمساعدة من يطلب منه أي دعم ومساندة، للحصول على فرصة عمل، أو لنيل ترقية، أو لحلّ مشكلة.

 لقد تعرفت في حياتي على كثيرين من أهل الخير والعطاء، لكني لم أجد ـ إلا نادراً ـ مثل هذا الرجل، في غنى مشاعره الإنسانية، التي كانت تتجلى في صدق حبه للناس، واحترامه لهم، وسعادته بخدمة أي احد منهم.

 رحمك الله يا أبا عادل، ولن أنسى ما حييت إن شاء الله ذكرك الطيب، ولن تغيب عن مخيلتي صور فضلك ومشاهد إحسانك، وسأعود بين وقت وآخر لقراءة رسائلك الرقيقة، التي كانت تلهمني الكثير من معاني الوفاء والإخلاص، وتعينني على مواجهة حالات الجفاء والجفاف. وهنيئاً لك ما قدمت عليه من نتائج عملك الصالح عند الله تعالى.

 أسأل الله أن يجمعني معك يوم القيامة في زمرة محمد وآله الطاهرين.