الشيخ الصفار للجنة التمثيل بأم الحمام: المنتمي للنشاط الحسيني يكون صالحاً مصلحا

مكتب الشيخ حسن الصفار عبد الباري الدخيل

بدعوة من لجنة التمثيل بأم الحمام شارك سماحة الشيخ حسن الصفار في الحفل التكريمي الذي أقامته اللجنة للمثلين والداعمين مساء السبت 15/9/1430هـ.

بدأ الحفل بتلاوة آيات من الذكر الحكيم تلاها المقرئ السيد عدنان الحجي، ثم أبيات مديح صدح بها علي محمد العاقول، وكلمة اللجنة ألقاها الأستاذ علي راضي الطلالوة، تلا ذلك عرض لأعمال اللجنة، وكلمة لسماحة الشيخ الصفار، وكلمة قناة المعارف ألقاها الأستاذ علي آل زريع، وختم الحفل بمشاركة مساحة الشيخ الصفار ورئيس اللجنة الأستاذ علي راضي الطلالوة في تكريم الممثلين والداعمين.

بدأ سماحة الشيخ حسن الصفار كلمته بتهنئة الحضور بالشهر الفضيل "أبارك لكم هذه الليالي الطيبة في هذا الشهر الفضيل" وهنأ اللجنة على جهودها الرائعة فـ "هذه الجهود نفخر بها ونفخر بمن ينتجها".

ثم وجه سماحته كلمة لأفراد اللجنة مرحبا بهم ومشجعا لعملهم، قال: مرحبا بكم أيها الشباب الحسينيون، مرحبا بكم أيها الـمرحومون، لأن الإمام الرضا كان يكرر (رحم الله من أحيا أمرنا)، وأنتم - إن شاء الله - مصداق لإحياء أمر أهل البيت، هنيئا لكم هذه الجهود، ومرحبا بهذه الروح الحسينية الوثابة.

ثم تساءل الشيخ الصفار عن سبب فشل جهود سلطات البغي والظلم طوال القرون الماضية في محو ذكر أهل البيت ؟ وفي التعتيم على سيرتهم.

وأضاف: ما الذي جعل كل تلك المحاولات تتبخر وتصبح هباء منثورا؟ كم عملوا؟ وكم خططوا؟ وكم بذلوا من جهود لمحو فكر أهل البيت ولحصار مذهبهم ومدرستهم؟ لكن تلك الجهود كلها باءت بالفشل، والعصر اليوم يقدم شهادة حسية واضحة، حيث ظهرت صورة أهل البيت وظهر ذكر أهل البيت عاليا مجلجلا في جميع الآفاق.

مرجعا ذلك إلى: إصرار المؤمنين طوال عصورهم وتاريخهم على أن يحيوا هذه الذكرى، وقد دفع المؤمنون الثمن غاليا، من أرواحهم ودمائهم وأموالهم ومصالحهم، كل ذلك من أجل تخليد هذه النهضة الحسينية العظيمة، ولا يزال المؤمنون ثابتين على العهد، سائرين على الطريق، متمسكين بولائهم، مصرين على إحياء هذه الذكرى العظيمة الأليمة.

عاشوراء رفض للظلم

ثم عاد سماحته وتساءل: لماذا نحيي ذكرى عاشوراء؟ ولماذا نهتم بتخليد حادثة كربلاء؟

وأجاب: إنها إدانة ورفض للظلم والاستبداد، فمأساة كربلاء إنما هي نتاج للاستبداد الذي تسلط على الأمة، وللظلم الذي هيمن عليها، ونحن حينما نحيي ذكرى عاشوراء إنما نعلن إدانتنا لسياسة الظلم والاستبداد في كل زمان ومكان، الاستبداد والظلم الذي تجلى بأبشع صوره فيما وقع على أهل البيت في كربلاء، نحن بإحيائنا لهذه المناسبة، نعلن رفضنا للظلم، وعدائنا للجور، ومقاومتنا للاستبداد في كل زمان، وبأي شكل من الأشكال.

عاشوراء مدرسة

وهي تذكير لنا بالسيرة الوضاءة، والقيم المشرقة التي مثلها أهل البيت ، وخطوها بدمائهم وآلامهم، وبما سكب من أرواحهم وحياتهم، في يوم عاشوراء، من هنا فإننا نحرص على احيائها لكي تتعزز وتتأكد القيم الإنسانية في نفوسنا، ولكي نقتدي بأهل البيت ونتمسك بولائهم ، ولولا إحياء عاشوراء لما استمر خط التشيع، ولما استمرت مسيرة الولاء، ولما تعزز هذا الخط الإيماني ألولائي في تاريخ الأمة، إن كل ذلك ببركة إحياء عاشوراء، وكلما كان الإحياء أكبر وأعظم، كانت نتائجه للأجيال المقبلة أضخم، من هنا يأتي إصرارنا على إحياء هذه الذكرى، هذا الإصرار الذي دفع أسلافنا ثمنا باهظا من أجله ولازال أبناؤهم مستعدين لدفع أي ثمن.

واستشهد سماحة الشيخ الصفار على إصرار الشيعة على التمسك بقضية الإمام الحسين بما يحصل اليوم في العراق، وكيف أن المواكب تجاهلوا كل الاحتمالات الخطرة، مع وجود فئات تفجيرية إرهابية تستهدف المواكب والمناسبات الولائية، ولكن المؤمنين يزدادون في كل عام إقداما وتوافدا واستجابة لنداء هذه المناسبات العظيمة، لا يبالون بالأخطار، ولا يفكرون في الاحتمالات، وإنما يدفعهم إيمانهم وولاؤهم للسير في هذا الطريق.

واستدل الشيخ على كون هذا المجتمع جزء من هذه الحالة الإيمانية الحسينية، بما شاهده من أعمال هذه اللجنة (لجنة التمثيل بأم الحمام) وما سمعه من نشاطها، وكيف أنها استطاعت أن تجمع الناس، وأن تحيي هذه المناسبة بالصورة والتمثيل، وبالتجسيد الذي يترك أثره البالغ في النفوس، وخاصة في نفوس الناشئة والأطفال.

وقال: إنكم بهذا الإحياء تمثلون الوفاء للأحضان التي احتضنتكم، وللصدور التي أرضعتكم، فبارك الله فيكم، وبارك الله في جهودكم.

المجتمع المتجاوب

ثم طالب سماحة الشيخ الصفار المجتمع: أن يتجاوب مع هذه اللجنة ونظائرها من اللجان التي تحيي هذه المناسبة، وتخلدها بهذه الصورة المتطورة، والمعبرة، بل البالغة التأثير، إننا لا يصح أن نقف عند مستوى الأساليب والبرامج التقليدية المألوفة، وإنما علينا ان نبدع في كل زمن الوسائل التي تمكننا نقل هذه القيم للأجيال الناشئة باللغة التي تفهمها، وباللغة التي تؤثر في نفوسها، نحن نعيش في عالم الإعلام، وعالم الصورة، لا يمكننا أن نتحدث عن أحداث تاريخية بمجرد الحديث الشفهي، إننا بحاجة إلى الصورة المساعدة المعبرة، وهذا ما تسعى له هذه اللجنة الموقرة الكريمة، فعلى المجتمع أن يتجاوب، وأن يدعم ويقف إلى جانب هذا الجهد الجبار.

مسئولية العاملين

ثم توجه الشيخ إلى الشباب العاملين ضمن اللجنة، والمتعاطفين معها، موضحا لهم أن انتماؤهم لهذه اللجنة يحملهم مسئولية إضافية، مسئولية الالتزام أكثر بقيم الحسين : فمادمت تعمل في الشأن الحسيني فعليك دائما وأن تضع القيم والسيرة الحسينية نصب عينيك، وأن تكون بعيدا عن الظلم والذنوب والمعاصي، حينما تنتمي إلى هذه اللجنة فهذا يعني أنك انتميت إلى معسكر الحسين، وأصبحت ضمن محيط أنصار الحسين، وعليك حينما تتعرض لوساوس الشيطان وإغراء الشهوات، أن تذكر أنك عضو في فريق الحسين، ومعسكر الحسين، وأنك شريك في إحياء ذكر الإمام الحسين، إن الشيطان يعمل أكثر على إغواء المؤمنين، كما ورد من قول الإمام الباقر لزرارة: يا زرارة إنما صمد لك ـ الشيطان ـ ولأصحابك، فأما الآخرين فقد فرغ منهم[1] ، الشباب الذين يعملون في مثل هذه الأعمال والأنشطة يسعى الشيطان بجهد مضاعف لإغوائهم، حتى يحبط عملهم، ولكي يفرغ نشاطهم من محتواه، عليكم ألا تغفلوا، ففي كل لحظة، وأمام كل موقف، تذكر أنك عضو في هذا الفريق الحسيني، حتى تكون أنموذجا وقدوة للآخرين.

أوقاف للأنشطة المستجدة

ثم اقترح سماحته على اللجنة وأبناء المجتمع: أن يسعوا إلى إنجاز وقف دائم لتخليد هذه الذكرى من خلال التمثيل، فدلينا أوقاف كثيرة لقراءة المأتم، وأوقاف كثيرة للإطعام في أيام عاشوراء، ولكننا بحاجة إلى أوقاف إلى مثل هذه الأنشطة الضرورية المستجدة، أوقاف من أجل تمثيل قضية كربلاء، لنحمي هذه اللجنة وأمثالها من الضائقة المالية، والحاجة إلى طلب الدعم، بإمكانكم أن تجعلوها على شكل أسهم، كل سهم بألف ريال مثلاً، اسعوا من أجل أن يكون هناك وقف دائم للجنة التمثيل، هذا الوقف سيصبح دعما دائما لهذا المشروع إن شاء الله.

من لجنة إلى مؤسسة

وطالب الشيخ القائمين على اللجنة أن يسعوا لتتحول اللجنة إلى مؤسسة توعوية اجتماعية، كل من يشترك في هذه اللجنة، ينبغي أن يتواصلوا مع بعضهم البعض، وأن يتواصوا بالحق ويتواصوا بالصبر، على طريق الحسين ، نريد من الشباب الذين يحتشدون في يوم عاشوراء، أن نراهم أيضا في يوم الجمعة في المساجد، وأن نراهم في صلاة الجماعة، وأن نراهم متطوعين في الجمعية الخيرية، وعاملين مصلحين في أوساط شباب النادي، نريد أن نراهم في خدمة مجتمعهم، وعلينا أن نسعى أن تكون هذه الحالة عامة لكل الشباب.

صور:

[1]  بحار الأنوار ج65 ص94.