الشيخ الصفار نجم المنبر الحسيني

تمكن الخطيب القديرالعلامة الصفار من اجتذاب جمهور كثيف وطبقة النخبة المثقفة على امتداد ثلاث عشرة ليلة في ذكرى عاشوراء سيد الشهداء الحسين . يتميز خطاب سماحة الشيخ حسن بالوضوح والجرأة والشفافية والعمق وترابط الأفكار والتسلسل وسلاسة الأسلوب والفصاحة وسهولة المفردات ودقتها مما يتيح للمتلقي والمستمع سواء المثقف أوالبسيط على استيعاب الفكرة بسهولة ويسر.

ناقش سماحة الشيخ قضايا مهمة وحساسة تتعلق بأوضاع وأحوال المجتمع ومايرتبط بواقعهم الراهن والمعاش بدءا من أمور المرأة مرورا بظواهر العنف وحقوق الأنسان الى الوحدة الوطنية. وفي كل ذلك وظف سماحته بامتياز النصوص الدينية والتراث الأسلامي في مناقشاته الهادئة ومعالجاته الجادة لتلك القضايا لاقناع المتلقي بصوابية وجهات النظر والرؤى التي يطرحها،ونظن انه حقق نجاحا مؤكدا في الوصول الى مبتغاه وذلك نظرا لعقلانية حججه ومنطقية أدلته وقبل ذلك لما يعرف عن الشيخ من صدق واخلاص وتجربة طويلة ونضال مستمر واحاطة هائلة بالقضايا التي كانت مكان النقاش.

نعتقد ان الشيخ يوظف المنبر بفعالية في عملية تنويرية لقيادة المجتمع للوعي والانتباه وفهم التحولات لمواكبة العصر والدعوة للخروج من شرنقة الماضي وارهاصاته وعدم الاستغراق في الاجترار والشكوى والتذمر والأستجابة لسياسات التهميش والاقصاء، وأن على المجتمع أن يتجاوز الشعور بعقدة الظلم والغبن وانه قد حان الآوان للسعي للمطالبة بالحقوق والاندماج في الوطن والتفاعل الايجابي مع كافة أبناء الوطن دون ان يعني ذلك التنازل عن خصوصية أو معتقد.

ان سماحة العلامة قد طرح وناقش أفكارا وأهدافا ورؤى ونحن نجادل على الرغم من الصعوبات والتحديات الحقيقية أمام انجاز تلك الأهداف والمهمات الا اننا نرى انها اهدافا واقعية وقابلة للتطبيق وذلك اذا ما تمكنت النخب جميعا من التكاتف والتعاون وشحذ هممها وتفعيل طاقاتها والشعور بمسئوليتها والمبادرة بالعمل على وضع استراتيجيات مناسبة وبرامج مدروسة لتحقيق تلك الأفكار والأهداف على أرض الواقع سواء فيما يتعلق بالتصدي لظاهرة العنف أو تمكين المرأة من نيل حقوقها أو العمل على المطالبة بتحقيق العدل والمساواة في الحقوق والواجبات الوطنية او فيما يختص بالسعي وراء تخفيف حالة الأحتقان والتشنجات المذهبية وفتح قنوات التواصل مع كافة شرائح وأبناء الوطن لتعزيز الوحدة الوطنية وترسيخ الأمن ووأد الفتن.

وبالأمكان تلخيص خطاب سماحة الشيخ في ثلاث نقاط رئيسة وهي فيما نظن تختصر جوهر مشروع الشيخ المطروح:

1. رسالة للمجتمع الشيعي في الداخل «ولربما في الخارج كذلك» بضرورة اعادة المجتمع التفكير في نظرته الى ذاته وسلوكه وممارساته بلحاظ شركائه الآخرين في الوطن وماتستوجبه المتغيرات المتعددة. ويستنهض خطابه المجتمع للقيام بتطويرالمستوى العلمي والمنسوب المعرفي ورعاية واحتضان الكفاءات ولاسيما الشبابية.

2. التركيز المستمر على الحقوق للمواطنين الشيعة ومساواتهم باخوانهم في مختلف مناطق المملكة ورفض التمييز ضدهم والتأكيد الدائم على أن انتماء واخلاص للشيعة لوطنهم، وأن الدعاوى والتحريض ضدهم من فئة بقصد الابتزاز لايصح أن يقف حائلا دون المطالبة لنيل حقوقهم المشروعة والمساهمة في أداء واجبهم الوطني.

3. أن وجود فئات أومجموعات متشنجة سنية كانت أوشيعية لاينبغي أن يثني أو يعيق النخب الخيرة من الطرفين في الأنفتاح على الآخر ومد الأيدي وتجسير الهوة بين كل الأطراف بغية التعارف والتقارب والعمل على المشتركات والتسامح في مسائل الأختلاف وكل ذلك لينعم المواطنين بالأمن والطمأنينة فيما بينهم لما لذلك من انعكاسات ايجابية على تعزيز اللحمة الوطنية وترسيخ الوحدة والتصدي لاطماع المتربصين من الخارج.

اننا هنا نتحدث عن مدرسة الصفار والتي تمتلك خطابا منبريا متفردا ومتميزا وليس خطابا كلاسيكيا تقليديا ينغمس في مناقشة التراث والتاريخ والظلامات ويعيش في الماضي دون رؤية للحاضر والمستقبل، في ظني أننا اليوم نجد أنفسنا وجها لوجه امام مفكرا شيعيا مسلما وثروة وطنية عظيمة.

الخبر