الرميلة: الشيخ الصفار يدعو المجتمع إلى مد جسور التواصل والتعاطي مع شريحة الشباب

مكتب الشيخ حسن الصفار تقرير ومتابعة: صادق العلي - تصوير: حسين الهاشم

شارك الشيخ محمد بن موسى الصفار مساء يوم الأربعاء ليلة الخميس 17/03/1431هـ بكلمة في الحفل السنوي بمناسبة ذكرى ميلاد الرسول الأكرم في مأتم الرسول الأعظم ببلدة الرميلة بالأحساء، بحضور شخصيات دينية واجتماعية وحضور جماهيري كثيف اكتظّت بهم ساحة الحفل في كرنفالية احتفالية جميلة اكتست بها البلدة.

قدم للحفل الأستاذ محمد الشقاق ثم أنصت الجميع لآيات من الذكر الحكيم تلاها المقرئ الشاب علي الجعفر ثم المولد الشريف بصوت الأستاذ حمزة الشقاقيق بعدها كلمة الشيخ الصفار ثم ختام المسك بقصيدة شعرية جميلة قدّمها الأستاذ الشاعر باسم العيثان.

ابرز ما تناوله الشيخ الصفار في كلمته:

من منطلق الآية الكريمة ﴿وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين قال سماحته في بداية حديثه أن الرسول جاء في مجتمع جاهلي يفتقد الكثير من القيم الإنسانية والحياتية وفي وقت كان الناس فيه مشغولون بعبادة الأصنام وشراء العبيد وتسلّط الأقوياء على الضعفاء وبظروف وطريقة غير مقبولة في مجتمع لا أمان له يسرق وينهب ويقتل ويؤذي، واستطاع بجهوده وجهود الصحابة المخلصين الذين رفعوا لواء التغيير إلى تحويل ذلك المجتمع إلى مجتمع متعاون يهتم بالقيم الإنسانية ويسعى إلى نشر ثقافة المحبة والرحمة بين الناس حيث جسّد الرسول بسلوكه وبمنطقه مع الجميع القيم الروحية المرتبطة بالسماء كما قام ببناء البرنامج العملي والقاعدة الأساسية المرتبطة بالحياة الاجتماعية والمشاركة الفاعلة مع الناس.

ثم وجّه سماحة الشيخ الصفار حديثه للشباب في ثلاث محاور كانت على النحو التالي:

1- تركيز الخطاب على الشباب:

أكّد الشيخ الصفار في هذهِ النقطة على معاناة الشباب وعن تطلّعات الشباب وما ينبقي فعله تجاههم في هذا العصر وكان من ابرز ما قاله أن الرسول جاء بخطاب مركّز على جيل الشباب وكان يهتم ويعتمد في معالجة المشاكل الاجتماعية والقيم الأخلاقية بواسطة شريحة الشباب وهذهِ هي سيرة الأنبياء والمصلحين في كل العصور فكل رسول جاء واعتنى بأمرين أساسيين بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى وبتركيز الدعوة إلى حل معضلة ما كان يعاني منها ذلك المجتمع فلم يكن حديث النبي يقتصر فقط على العبادة وبالعلاقة مع الله سبحانه وتعالى وهذهِ هي سيرة كل الأنبياء والمصلحين فعندما نقرأ عن نبي الله لوط كيف أنه جاء في مجتمع يعيش في بلاء من قضيّة المثليّة – الشذوذ الجنسي – فهل بدء يدعوهم إلى الصلاة والصيام فقط بعيداً عن هذهِ القضية؟! كلاّ فقد حمل لواء الدعوة إلى الله وقام أيضاً بتوجيه المجتمع إلى هذهِ المشكلة فقد قال الله سبحانه وتعالى ﴿وإذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون، إني لكم رسول أمين ثم يقول ﴿أتأتون الذكران من العالمين، وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون فنجد أن النبي لوط من خلال هذهِ الآيات المباركة ركّز على الدعوة إلى الله كما قام أيضاً بالعمل على حل المشاكل التي يواجهها ذلك المجتمع، وهذهِ هي سيرة كل الأنبياء نجدهم في قبال الدعوة إلى الله يقومون بعلاج الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والتربوي الذي يواجه الناس والقضايا التي يعيشونها.

وهنا تسائل سماحته عن الحديث والقضية والمشكلة الأساسية التي نعيشها نحن كمجتمع في داخلنا وفي أوساطنا والتي يجب التركيز عليها باهتمام كبير نظراً لأهميتها، وهى التركيز على معانات وتطلعات الشباب في هذا العصر، وذلك بسبب ما نعانيه وتعانيه مجتمعاتنا من جرائم وسرقات متفشيّة ومنتشرة في أوساطنا والتي يستطيع كل واحد منا متابعتها من خلال الصحف اليوميّة والمجلات المختلفة فالقتل اليوم أصبح أمراً عادياً والمخدرات منتشرة ولا أحد في مأمن منها والخمور والمصانع التي تُكتشف بين فترة وأخرى وهذهِ مشكلة سلوكية ومعضلة كبيرة يجب أن نواجهها بكثير من التركيز والمتابعة.

2- التواصل مع شريحة الشباب:

في هذهِ النقطة وجّه الشيخ الصفار حديثه إلى الخطباء والعلماء والمثقفين وطالبهم بالقيام بأعباء الرسالة وتوجيه الخطاب إلى شريحة الشباب والحديث عن ما يواجهونه من مشاكل وقضايا كثيرة على المستوى التربوي والأسري والاجتماعي، وذلك من خلال الخطب والمحاضرات والتجمّعات والبرامج المختلفة خصوصاً في أيام عاشوراء وخطب الجمع ومناسبات أهل البيت وطالبهم بعدم التركيز في خطاباتهم على المسائل العقائدية والعبادية فقط بالرغم من أهمية هذهِ الجوانب في ربط الشباب بالدين والقيم الإسلامية وتعريفهم بمكانة وكرامة أهل البيت .
 
وهنا دعا الشيخ الصفار الجميع إلى مد جسور التواصل والتعاطي مع شريحة الشباب ومحاولة علاج المشاكل التي يواجهونها والقضايا التي يعانون منها وشدد على عدم تركهم فريسة للمفسدين ولوسائل الإعلام المختلفة وأن لا ننشغل نحن المحسوبين على الدين ببعضنا البعض ونترك هؤلاء الشباب لوحدهم، فعندما نراهم يشاركون في مواكب العزاء وفي برامج أهل البيت المختلفة يتبقى أن لا نتركهم لوحدهم وإنما يجب أن نقترب منهم أكثر وأن ندعوهم إلى مشاركتنا برامجنا وفعالياتنا وأن لا ننظر إليهم باستغراب وبنظرة دونية ومنها نستطيع التأثير عليهم وهدايتهم إلى الطريق الصحيح.

3- البرامج والمؤسسات الحاضنة للشباب:

أشار الشيخ الصفار في هذهِ النقطة إلى أهمية السعي في إنشاء برامج جاذبة للشباب فكلما توفرت البرامج والمؤسسات الحاضنة للشباب كانت هي الأقدر وهي الضمانة الأكبر في صلاحهم وتقدمهم خصوصاً في أوقات الفراغ والعطل الصيفية والمناسبات المختلفة، كما أعرب الشيخ الصفار عن أسفه من أن البرامج الدينية الموجودة حالياً عندنا لا تلبي تطلعات وهموم الشباب فهي تركز بشكل كبير على العبادات كالوضوء والصلاة والدروس العقائدية بالرغم من أهميتها في الارتباط بالدين وتوثيق العلاقة مع الله سبحانه وتعالى، ولكن نحن بحاجة ماسة إلى التنوّع في برامجنا ومجالاتنا التي تتحدث عن مشاكل الشباب ومعاناتهم وما يعيشونه من تصرفات خاطئة تعود عليهم وعلى المجتمع بالضرر.

وفي نهاية حديثه وجهه الشيخ الصفار رسالة للآباء والأمهات من خلال دعوتهم إلى الاقتراب من أبنائهم أكثر فأكثر وخصوصاً في مرحلة الشباب ومرحلة المراهقة والتركيز على الحديث معهم عن الأمور الحرجة التي يعانون منها في هذهِ المرحلة وعدم ترك ذلك لجهات أخرى من مهامها تحريك الجانب الغرائزي لدى هؤلاء الأبناء، كما شدد على أهمية المبادرة في ذلك من الوالدين أو من يرونه مناسباً في الحديث معهم لأنه الضمان الوحيد في صلاح الأولاد ومعرفتهم بأمورهم الشخصية وعدم رميهم فريسة للأفلام والمسلسلات ووسائل الإعلام المختلفة التي تدغدق عواطفهم وتزرع الشرور في أذهانهم.

صور من اللقاء: