السياسة النبوية ودولة اللاعنف: آخر إصدارات سماحة الشيخ حسن الصفار

مكتب الشيخ حسن الصفار

تعريف بالكتاب


اسم الكتاب: السياسة النبوية ودولة اللاعنف

اسم المؤلف: سماحة الشيخ حسن موسى الصفار

دار النشر: دار المحجة البيضاء - بيروت

الطبعة: الأولى – 1425هـ - 2004م

عدد الصفحات: 163 صفحة، من الحجم المتوسط
 

* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *

 


صدر عن دار المحجة البيضاء – بيروت، الطبعة الأولى من كتاب السياسة النبوية ودولة اللاعنف لسماحة الشيخ حسن موسى الصفار، ويحمل إشارات وقبسات من السيرة النبوية في نهج التعامل مع الأمة وإدارة شؤونها، كتبها وألقاها في بعض مناسبات الاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف، ثم جمعها لتقديمها للقارئ العزيز عسى أن يكون فيها ما يسهم في إنارة الطريق وإثارة الوعي.

مدخل: الأمة وتحدي الإصلاح الداخلي


أشار سماحة الشيخ في مقدمة الكتاب إلى الوضع المأساوي الذي تعيشه الأمة العربية والإسلامية مما جعلها الساحة التي تتبارى مختلف القوى العالمية لإبداء الرأي حولها، وطرح المشاريع لتغيير واقعها، وصياغة مستقبلها. مستعرضاً جانباً من الإحصائيات التي قدمها تقرير التنمية الإنسانية العربية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعامي 2002/2003م، والتي تكشف الواقع المتخلف الذي يعيشه العالم العربي على مختلف الأصعدة: المعرفية والسياسية والاقتصادية. مؤكداً أن هذا الواقع المتخلف الذي تعيشه المجتمعات العربية والإسلامية قد أصبح مصدر قلق وإزعاج على المستوى العالمي، لما يفرز من بؤر توتر واضطراب.

واستعرض في المقدمة بعض الظواهر التي تجاوزتها البشرية بعد أن كانت سائدةً في العالم، كظاهرة الرق والاستعباد، وظاهرة الاستعمار التي لم يبق منها سوى الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، مؤكداً أن البشرية كما تجاوزت هذه الظواهر بعد كفاحٍ ونضالٍ عالمي، فإنها ستتجاوز ظاهرة الاستبداد في هذه الحقبة من الزمن، مشيراً أن القراءة الواعية للسيرة النبوية الشريفة في إدارة الأمة وتسيير أمورها، يمكنها أن تساعد الأمة في تجاوز آثار تاريخ الاستبداد، وفي مواجهة الآراء المحافظة المتزمتة، كما تؤصل لتوجهات الإصلاح والتطوير.

الفصل الأول: دولة اللاعنف


تطرق الفصل الأول من هذا الكتاب إلى منهج رسول الله في التعاطي مع حالات المعارضة والخلاف، سواء كانت ناتجة عن توجه عدائي مناوئ للدعوة، كما هو حال المنافقين، أو عن خطأ وسوء تصرف من قبل بعض المسلمين.

المنافقون والدور الخطير

وأشار سماحة الشيخ إلى الدور الخطير الذي لعبه المنافقون في عهد رسول الله مستفيدين من ثرائهم ونفوذهم ومكانتهم القبلية وتسترهم بالإسلام. مستعرضاً بعض الأدوار الخطيرة التي لعبها المنافقون والتي تحدثت عنها آيات القرآن الكريم وسلطت الأضواء على مواقفهم وصفاتهم، حتى لا تكاد تخلو منها سورة مدنية، لتكشف عن مستوى الخطورة التي كانوا يمثلونها.

1. فقد لعبوا دور الطابور الخامس داخل المجتمع لصالح مخططات الأعداء الخارجيين، كاليهود والمشركين، حيث كانوا يتواصلون معهم، ويشجعونهم على محاربة الإسلام، وينسقون معهم الجهود والمواقف.

2. وهناك دور أخطر يتمثل في سعيهم المحموم لإضعاف الجبهة الداخلية، ببث الشكوك تجاه الدين وقيادة الرسول .

3. كانوا يسخرون من شخصية رسول الله بصورة مؤذية، ويصفونه بالسذاجة والبساطة، وأنه يسمع ويقبل كل ما يقال له دون وعي وتمييز.

4. ووصل بهم الأمر إلى الطعن في عرض رسول الله واتهام عفة زوجاته، وذلك في حادثة (الإفك) التي ذكرها القرآن الكريم.

5. كانت لهم لقاءات واجتماعات للتآمر ووضع الخطط الكيدية، واكتشفهم الرسول ونهاهم وحذرهم، لكنهم لم يتوقفوا عن ذلك الدور التآمري.

6. كانوا يقومون بدور الإرباك وتثبيط العزائم، وعرقلة أوامر القيادة، وإفشال البرامج والسياسات.

7. وقد تجرؤوا على التخطيط لتصفية رسول الله واغتياله، عند رجوعه من غزوة تبوك.

سياسة الاستيعاب

وأشار سماحة الشيخ أن رسول الله تعامل مع المنافقين بنفس طويل، وصبر عميق، ومارس معهم سياسة الاحتواء والاستيعاب، والتي يمكن قراءتها ضمن البنود التالية:

أولاً: عدم اللجوء إلى القوة والقمع، رغم استفزازاتهم وجرائمهم.

ثالثاً: وأكثر من ذلك كان رسول الله يبذل لهم الإحسان، ويحوطهم بمداراته، ويشملهم بكريم أخلاقه.

ثانياً: لم يصادر أي حق من حقوقهم المدنية، فكانوا يتمتعون بحقوق المواطنة كاملة كسائر المسلمين.

ومن أجل توثيق بنود هذه السياسة النبوية، وتوضيح معالمها، استعرض سماحة الشيخ بعض الصور من السجلات النبوية الشريفة.

احتواء المواقف السيئة

وأضاف أن رسول الله واجه لوناً آخر من الإساءات لشخصيته وموقعه القيادي، ومن المخالفات لقراراته وأوامره الدينية والسياسية، كانت تصدر من أفراد غير منتمين لتيار مناوئ كالمنافقين، وإنما هي نابعة من الجهل، أو الانفعال، أو الأغراض الشخصية، وبعض تلك الإساءات كانت شديدة تنال من مقام رسول الله ، وتشكك في نزاهته، كما أن بعض المخالفات كانت ترقى إلى مستوى الخيانة العظمى، لكن رسول الله استقبل كل تلك الإساءات والمخالفات بسعة صدر مذهلة، واستوعب أصحابها بحلم وأناة لا مثيل لها من قائد في التاريخ.

ولم يستخدم القمع والعنف في أية حالة من تلك الحالات، رغم توفر الأسباب والمبررات، ورغم إلحاح بعض من حوله من الأصحاب على ذلك، إلا أنه التزم نهج السلم، ورجّح سياسة العفو.

ونقل بعض النماذج والشواهد على ذلك.

من أجل السلم والاستقرار

واختتم سماحة الشيخ الفصل الأول من الكتاب بالتأكيد على أن السيرة النبوية العطرة ليست مجرد فضائل باهرة تزيدنا فخراً وإعجاباً برسول الله ، ولا مجرد مواقف وصفات أخلاقية تتميز بها شخصيته الكريمة، بل يجب أن نقرأها كنهج لحياتنا الاجتماعية، وبرنامج لنظامنا السياسي. مؤكداً أن التحديات الكبيرة التي تواجهها الأمة لا تسمح لنا بالاسترسال في دوامة الصراعات الداخلية، فلا بد من التوافق والتراضي، ونبذ العنف وسيلة لحل الخلافات، واعتماد الحوار والنهج الديمقراطي السليم.

الفصل الثاني: بناء الوحدة والشراكة الاجتماعية


منطلقاً من أهمية تحقيق الوحدة السياسية والاجتماعية في مجتمع يعيش انقسامات حادة على أساس قومي أو ديني ـ مذهبي، أو مناطقي أو قبلي، ومؤكداً أن ذلك لا يتم بالمراهنة على تذويب الهوّيات وإلغاء مشاعر الانتماء الخاص، ولا بغلبة طرف وإخضاعه لسائر الأطراف، وإنما هناك أساليب وخيارات أصوب، استعرض سماحة الشيخ الأساليب التي اعتمدها رسول الله لتوحيد ذلك المجتمع المتناثر الأشلاء، وهي:

1- تركيز الهويّة المشتركة، وهي الإسلام، لتكون فوق سائر الهويّات والانتماءات، والتي لم يتنكر الإسلام لوجودها، كالقبيلة والوطن والقوم، وإنما حارب التوجهات السلبية فيها.

2- ضخّ في المجتمع الجديد ثقافة وحدوية، تعالج آثار المفاصلة القبلية السائدة.

3- الحرص على تحقيق الشراكة الاجتماعية بين مختلف الأطراف في البناء واتخاذ القرار وإدارة الأمور.

مؤكداً أن النهج هو ما يؤدي إلى الوحدة الحقيقية، وهو ما يؤهل المجتمع للرقي الحضاري.

ومشيراً إلى أن ما تنتهجه الآن المجتمعات الغربية المتقدمة، من اعتماد الوطن كهويّة مشتركة، ومن احترام التنوع في مجتمعاتها، وتجريم الطروحات العنصرية، والممارسات التمييزية بين المواطنين، وتحقيق الشراكة والمشاركة عبر النظام الديمقراطي، إنما يمثل إدراكاً لأفضل سبل التقدم والحضارة التي سبق إليها الإسلام بقرون، ومع تلافي الكثير من الثغرات والسلبيات التي تعاني منها الحضارة الغربية.

والمسلمون اليوم هم الأولى بمثل هذا النهج السليم، النابع من تعاليم دينهم، والمنسجم مع تاريخهم وثقافتهم الأصيلة.

الفصل الثالث: الحوار والإقناع .. مشاهد من السيرة النبوية


أكد سماحة الشيخ في هذا الفصل على مبدأ رصين من المبادئ الإسلامية وهو الحوار، منطلقاً من أن الإنسان إنما يؤمن بفكرةٍ إذا اقتنع بها، أو توفّر في نفسه انشداد إليها، أما الفرض والإكراه، فأثره معدوم في مجال تثبيت الأفكار والقناعات.

وكذلك لا يندفع الإنسان إلى عمل أو حركة، إلا إذا امتلك الرغبة في ذلك، ورأى فيه مصلحة وكسباً لذاته، معنوياً أو مادياً.

ومن يسعى لنشر فكرته في أوساط الآخرين، ويهمه استجابتهم لدعوته، عليه أن يبحث عن منافذ التأثير على نفوسهم، وطرق الوصول إلى عقولهم، ليضمن اقتناعهم وقبولهم بفكرته ودعوته.

ولأن الله سبحانه وتعالى يريد من عباده إيماناً صادقاً، فقد ترك لهم حرية الاختيار، ومنحهم العقل والإرادة، وجعل وظيفة أنبيائه التذكير والتبليغ، ولم يسمح لهم بممارسة أي لون من ألوان الفرض والإكراه.

وأشار إلى أن أنبياء الله تعالى يمتازون بالقدرة على طرح دعوتهم الإلهية، ببيان واضح، يخاطب العقل، ويوافق الفطرة، ويحرّك النوازع الخيّرة في النفس. وهو البلاغ المبين.

كما يتحلّون بسعة الصدر، ورحابة الأخلاق، وصدق المحبة للناس، فيصبرون على الأذى، ولا ينفعلون أمام الإساءات، ويتحملون جهل الجاهلين، وتصرفات المعاندين. وتلك صفات مساعدة على النجاح في الدعوة.

ونبينا محمد هو في القمة من هذه الخصائص والصفات، فهو أفضل الأنبياء، وسيد المرسلين، قام بأعباء الدعوة إلى الله تعالى في مجتمع غارق في الوثنية والشرك، خاضع للعصبيات القبلية، نشأ أبناؤه على الاعتزاز بالذات والقبيلة، مما جعلهم صعبي المراس، يستعصون على الإخضاع والانقياد.

لكن جهود النبي ، وكفاءته العظيمة، نجحت في استقطابهم للدعوة الإلهية، وخلقت منهم أمة إسلامية رائدة، تحمل رسالة الله إلى شعوب الأرض.

وأكد أن رسول الله لم يُحقق ذلك من خلال قوة عسكرية أو ثروة مالية، لأنه لم يكن يمتلك من ذلك شيئاً، لكنه نجح في استمالة النفوس بعظيم أخلاقه، واستطاع كسب العقول بفصاحة بيانه، وقوة حجته، وحسن منطقه.

إذ سلك رسول الله طريق البلاغ المبين، وأسلوب الحوار الهادئ، ونهج الإقناع الصادق. ومن يقرأ سيرته الكريمة، ويتأمل تخاطبه وتعامله مع الناس، في طرح دعوته ورسالته، يندهش لتلك القدرة الفائقة، والأدب الرفيع، وكما وصفه الله تعالى بقوله: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ.

والتقط سماحة الشيخ من سيرته العطرة بعض الصور والمشاهد، عن حواراته، ومنهجه في إقناع الآخرين برسالته ومواقفه الشرعية، لتكون نبراساً لنا في طريق الدعوة إلى الله، والتعامل مع الآخرين.

الفصل الرابع: معاناة الرسول في تبليغ الرسالة


قدّم سماحة الشيخ في هذا الفصل مفارقة بين حياة رسول الله قبل البعثة وحياته بعدها، فقد كان قبل البعثة يعيش حياة راحة ودعة، فهو ينتمي إلى أفضل أسرة في قريش، ويحظى بحب شيوخ أسرته واحترامهم، فقد ولد يتيماً. وزواجه من خديجة بنت خويلد (عليها السلام) وفّر له أجواءً هانئة، وعيشة مستقرة وادعة.

وما أن صدع محمد برسالة ربه، وأعلن ثورته الإلهية على واقع الوثنية والشرك، حتى انقلبت أوضاع حياته رأساً على عقب، «وقد روي عن السيدة خديجة أم المؤمنين (عليها السلام): أن رسول الله لما نزل عليه الوحي، ترك كل راحة، وكان يدأب ليل نهار في العبادة والعمل، فقلت له: يا رسول الله ألا تستريح ألا تنام؟ فقال: لقد مضى عهد النوم يا خديجة.»

وأضاف سماحته من أصعب ألوان المعاناة على الإنسان، إذا كان محترماً عزيزاً وصاحب سمعة في مجتمعه، أن تتعرض صورته للتشويه، وأن تتحطم سمعته ومكانته عند من حوله، وهذا ما واجهه رسول الله من المشركين، فقد صبوا عليه صنوف الأذى والإهانة، فتحملها في سبيل الله صابراً محتسباً، حتى قال - ما روى عنه أنس بن مالك -: ما أوذي أحد مثل ما أوذيتُ في الله.

وقدّم بعضاً من صور المعاناة التي تحملها رسول الله في تبليغ الدعوة.

وأكد في نهاية هذا الفصل على ضرورة التأسي برسول الله والإقتداء به في تحمل مسؤولية الدعوة إلى الله تعالى. خصوصاً وأن مجتمعاتنا تواجه الآن أخطاراً بالغة تتمثل في تسلل أفكار الانحراف، وثقافة الفساد، وأنماط السلوك الإجرامي. مشيراً إلى بعض ظواهر ذلك المتمثلة في تورط العديد من أبناء وبنات المجتمع في مشكلة تعاطي المخدرات والإدمان عليها، مستعرضاً بعض الإحصائيات المذهلة في ذلك. كما أن للانفتاح الإعلامي الكبير تأثيرٌ على واقع المجتمع.

وأكد أن الجميع مطالبون بواجب الدعوة إلى الله تعالى، والقيام بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. داعياً المساجد والمؤسسات الدينية والاجتماعية إلى تنشيط دورها وتكثيف فاعليتها وخصوصاً في فترة العطلة الصيفية، وإن علماء الدين والواعين من أبناء المجتمع عليهم أن يعلنوا حالة الطوارئ التربوية الثقافية لمواجهة هذه الأخطار الجارفة، ورجال المال والثروة لا بد أن يبذلوا أموالهم في سبيل الدعوة إلى الله.

وإذا كان رسول الله قد أعطى كل وجوده وحياته، وتحمّل ضروب الأذى والمشاق في سبيل الدعوة إلى الله، فهل نبخل نحن بأنفسنا وأموالنا وأوقاتنا وسمعتنا وجاهنا؟

الفصل الخامس: رسالات الأنبياء إيمانٌ وتطبيق


تساؤل يطرحه الإنسان المعاصر كما كان مطروحاً في الماضي، وهو: مادام الإنسان يملك عقلاً يعطيه القدرة على التمييز بين الخير والشر، وإدراك النافع من الضار، والحسن من القبيح.فهل هو بحاجة إلى الأنبياء؟!

يقول سماحة الشيخ: الجواب على هذا التساؤل والتشكيك، هو نفسه الجواب الذي طرحه الإلهيون والموحدون على الماديين والمنكرين للنبوة، فالسؤال لم يتغير بل ازداد إلحاحاً، والجواب أيضاً لم يتغير بل ازداد وضوحاً.

فالبشرية تحتاج إلى الاتصال بالسماء والهدي الإلهي في مجالات ثلاث:

أولاً- الحاجة المعرفية.

ثانياً- الحاجة الاجتماعية.

ثالثاً- الحاجة الأخلاقية.


وبعد تفصيل في هذه المجالات الثلاثة، يقول سماحته: أن يتساءل الإنسان عن مدى الحاجة إلى الأنبياء، فذلك تساؤل طبيعي، يقوده إلى الإيمان بالأنبياء، إن استخدم عقله وتفكيره بشكل موضوعي ومنطقي.

أما أن يتساءل المسلم، والمؤمن بالرسول، والمقر برسالته، عن الحاجة إلى تطبيق الشريعة التي جاء بها الرسول من عند ربه، فذلك تساؤل غريب عجيب!!

ويستعرض أهم الأسباب التي تجعل بعض الناس يرفضون فكرة تطبيق الشريعة، وهي:

السبب الأول: عدم وضوح الشريعة ونظامها بالشكل الكافي، وما هو النظام الإسلامي الذي نريد أن نطبقه؟ ما هي معالمه ومرتكزاته؟ وما هي حدوده وقيوده؟

السبب الثاني: التطبيقات المشوهة للإسلام في عهود تاريخية سابقة، حيث استغل الإسلام كغطاء لممارسات منافية لحقوق الإنسان، وللعدالة الاجتماعية، بل وبعض التطبيقات المعاصرة التي مورست باسم الإسلام ألحقت بصورته أذىً وتشويهاً كبيراً، كما يحصل في أفغانستان.

السبب الثالث: الانهزام أمام الفكر المادي والغربي، فذلك الفكر متسلح بالعلم والتكنولوجيا، والتطور المدني، أما المسلمون فيعيشون حالة متخلفة، وعندما يفكر بعض الناس في واقع التخلف الذي يعيشه المسلمون، يتصور واهماً، أن الحل هو في التخلي عن الدين والشريعة!!

وقدّم سماحته بعضاً من الحلول الناجعة لهذه الأسباب، وهي كما يلي:

أولاً: لا بد من فتح باب الاجتهاد، من أجل اكتشاف وكشف أنظمة الإسلام وبرامجه، وتجاوز هذا الركام من التصورات المشوهة الخاطئة، وتوضيح مفاهيم الإسلام، وتبيين الأنظمة والمناهج الإسلامية، في مختلف مجالات الحياة.

ثانياً: ينبغي أن نقوّم تجاربنا التاريخية والحالية بكل جرأة وشجاعة وتجرد، وأن نوضح للعالم وللأجيال، الجوانب المضيئة منها، والتي تمثل الإسلام، ونعترف بالجوانب المظلمة فيها والتي هي مخالفة للإسلام ولا يرضاها، وأن لا نتبنى كامل التجارب السابقة وننسبها للإسلام.

ثالثاً: أن نتسلح بمعنوياتنا الرفيعة، وأن لا ننهزم أمام أي تشويه، ونتخلى عن مبادئنا مع أبسط مواجهة وتحد.

وفي ختام الكتاب يؤكد سماحة الشيخ أن علينا أن نستعيد قوتنا المعنوية الكبيرة، وأن ندرك أن سبب تخلفنا ليس هو تطبيق الإسلام، وإنما على العكس من ذلك.. إن سبب تخلفنا هو ترك العمل بالإسلام!!

وإلا فديننا هو دين الحق وهو سبيل الخلاص للبشرية، لإنقاذها من الويلات والمآسي.